خبر بماذا نتفاخر – بقلم : رأفت حمدونة

الساعة 08:23 م|18 يوليو 2013

إنتابنى شعور عميق من الألم والحسرة والغيرة أثناء محادثة كانت لى مع صديق مقيم فى مدينة lille شمال فرنسا بالقرب من بلجيكا ، تحدث لى صديقى بالإسهاب والإعجاب عن الحريات والانفتاح العقلى والذهنى وسعة الأفق وتقبل الآخر ، وتطرق لحرية الحركة فى أوروبا التى لا تتعدى تغيير لوحة السيارة فقط عند دخولك لحدود دولة أخرى ، وعن تداول السلطة والديمقراطية ومفهوم المواطنة والعلاقة بين الأحزاب السياسية .

شعرت بالخجل ولم أستطع الرد ، بماذا أتفاخر له ومن أين أبدأ الوصف عن واقع العالم العربى هل أبدأ له بغلق الحدود بالحواجز والسدود ؟؟ أو عن ثقافة الكراهية والأحقاد الحزبية فى الوطن الواحد والقومية العربية بكاملها ؟؟ عن الشمولية والمركزية ؟؟ عن الاعتقالات السياسية ؟؟ عن اقصاء الآخر بالكامل بل ومحاربته  ؟؟ عن الانقسامات على شتى المستويات ؟؟ عن إرهاب القوى المتصارعة والمختلفة ؟؟ عن التبعية السياسية والاقتصادية وعدم الاستقلالية فى القرار ؟؟ عن التخلف الاقتصادى والاجتماعى والثقافى والفكرى ؟؟ عن شرنقة الاعلام الحزبى المقيت الذى يؤسس للمزيد من سفك الدم ؟؟ عن التحريض على الكراهية والعنف والتخوين و تأجيج المشاعر الطائفية والمذهبية والعرقية ؟؟ وعن التكفير والحرب المذهبية والحروب الأهلية فى معظم البلدان العربية ؟؟ وغير ذلك من القضايا وبلا حرج .

وحينما أنهيت محادثتى معه سرحت فى واقعنا وأحوالنا وأسباب ما توصلنا اليه فتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  " الرضا عن النفس رأس كل خطيئة " فأن تقنع نفسك وحزبك وشعبك أنك الأصلح والأصوب وتمثل الوطنية الحقيقية أو أن تمثل النخبة المختارة لدى رب العالمين وما دونك مجموعة من الرجعيين أو المتخلفين أو الآثمين والخونة والحاقدين والمجرمين والمتآمرين جميعها قولبة وأسباب مغذية وبشراهة للانقسام السياسى ، والمزيد من التفسخ والتشرذم الاجتماعى ، واللهو عن القضايا المصيرية الكبرى والهموم القومية العليا ، وفى نفس الوقت نثلج بها صدور قوم آخرين .  

وأعتقد أن الحزبية المقيتة والتعصب على غير حق ، وعدم تغليب الوطن على الحزب ، والقومية على الوطنية ، والعام على الخاص ، والاستخفاف بالآخر وتغليب المصالح الحزبية على المصالح الوطنية والقومية ، جميعها أمراض تنخر فى الجسد الوطنى والقومى حتى تقويضه وإنهاكه واستنزافه فى معارك وهمية مخططة ومصطنعة ومحبوكة من الغير على غير وعى ولا دراية منا .

ومن أجل مستقبل أفضل أناشد السياسيين أولا بألا يكونوا أحجار على رقعة الشطرنج تتحرك بفعل المغريات والتهديدات فالوطن بحاجة لتضحيات والاستقلال الحقيقى يحتاج لارادة وطنية ذاتية بلا ضغوطات خارجية .

وأناشد قيادات الأحزاب السياسية بتغليب المصالح الوطنية على الحزبية ، وبقبول الآخر والحوار المتبادل والتعاون من أجل بناء يضمن حياة كريمة للشعوب بلا ثقافة أحقاد ، ووقف الانجراف نحو هاوية تهديد السلاح والمزيد من القتل على غير غاية نظيفة .

وأناشد المواطن العربى بالوعى وعدم التعصب وحب الآخر والتماسك الاجتماعي ، والهون فى الانتماء الحزبى والاستكفاء بالقناعة الفكرية والمشروع السياسى المطروح منه كبديل سلمى عن الآخر بلا تعنت وتأيييد أعمى يصل الحال به للدمار، وأتمنى النظر لمحاسن الآخرين والاعجاب به وعدم محاربته ، واعلم أن الأحزاب وسيلة من أجل مصلحة وطن وليس كل الوطن وسيلة من أجل مصلحة الحزب حينها تفتح القلوب لتتسع للآخرين ولا تضيق بمتطرفيها ، وتفتح الحواجز لنتمتع بأنعم الله التى منحنا الله اياها ، ونتعاون من أجل وحدة وطنية واتحاد عربى أقوى يبنى نفسه ثقافياً واقتصادياً وسياسياً فى وجه تحالفات دولية متآمرة أوجدت الفوضى التى خططت لها وتعمل على تقسيم المقسم وتجزىء المجزأ من جديد وتلهينا عن الاستقلال القومى والوطنى الحقيقى بكل مقوماته وتفاصيله ، وتلهينا عن القدس وما يحدث فيها من تدمير للمسجد الأقصى المبارك ، وعن القضايا المركزية للعالم العربى وعلى رأسها القضية الفلسطينية التى بدأنا المشوار بها منذ ما قبل النكبة وفى تراجع مستمر لصالح يهودية الدولة العبرية ، وأنهى بسؤال أتمنى الاجابة عليه " ما سبب هزيمة 340 مليون عربى أمام 6 مليون يهودى فى فلسطين التاريخية ؟؟ .