خبر جيش الشعب المصري -معاريف

الساعة 08:47 ص|03 يوليو 2013

بقلم: العميد احتياط د. داني آشر

مؤرخ مختص في تاريخ الجيوش العربية

        (المضمون: مع أن الجنرالات المصريون لا يسارعون للدخول الى السياسة الا انهم كفيلون بان يمسكوا بلجام الحكم، او على الاقل يقفوا خلف زعمائه الجدد، اذا ما وعندما يتغير النظام الحالي. فالجيش المصري هو الوحيد القادر على احداث تحسن في الوضع الاقتصادي- المصدر).

        الدراما الجارية هذه الايام في مصر تتيح لنا أن ننظر الى ظاهرة مشوقة: توجد قيادة عسكرية يمكنها أن تطيح بالحكم المدني – وامكانية الحلول محله ليس في بالها. ان الوقفة الصلبة للجنرالات المصريين خلف الشعب هي وقفة اصيلة، فهم يفهمون بان الازمنة تغيرت وان الانقلابات العسكرية لم تعد السبيل المفضل لتغيير الحكم. وقادة الجيش واعون لمشاعر الشارع المصري، والتي تجد تعبيرها في الميادين وفي الشبكات الاجتماعية. وهم سيغيرون ولاءهم وسيقفون خلف كل منظومة بديلة تلبي ارادة الجماهير شريطة أن تؤدي بسرعة الى استقرار أمني واقتصادي ووقف الفوضى.

وعلم أمس مرة اخرى بموافقة اسرائيلية على دخول قوات عسكرية مصرية الى شرق سيناء ومنطقة الحدود مع قطاع غزة، بسبب حساسية الوضع في الدولة. وبالتوازي يبدو ملموسا في قلب المصريين الحضور الظاهر للجيش على الارض وفي الجو. وذلك الى جانب هذه الجهود للمساعدة في استقرار الامن الداخلي وحماية المواطنين في الشارع يعمل الجيش على تغيير النظام، وقائده، الجنرال السيسي طرح انذارا وطلب من رئيس مصر القانوني، محمد مرسي، الاستقالة.

يتبين مرة اخرى ان أداة التغيير الاساسية في مصر، وكذا أداة استقرار الوضع، هي التنظيم العسكري. فالتاريخ المصري في الزمن المعاصر مليء بالاحداث التي كان فيها الجيش هو الجهة المركزية للتغيير، وفي معظمها كانت موجهة للحكم القائم. ففي العام 1948، فضل قادة الجيش المصري عدم المشاركة في اجتياح الجيوش العربية لاراضي اسرائيل. ولكن في ذاك الوقت لم يواجهوا بتصميم ضغوط الملك فاروق الذي أمر بالمشاركة في الجهد العربي العام حفاظا على مكانة مصر في رأس الهيمنة للدول العربية. وكانت المشاركة في الاجتياح، الاخفاقات وقضايا الفساد التي رافقتها، أدت في 1952 بثورة "الضباط الاحرار" الى الاطاحة بالنظام الملكي. وأدى صعود جمال عبد الناصر الى الحكم بمصر الى القمة من حيث صورتها والى سنوات عديدة من الاستقرار النسبي الذي استمر حتى بعد وفاته، حين وقف على رأسها الرئيسان السادات ومبارك، واللذان كانا الاثنان هما ايضا من خريجي المنظومة العسكرية.

وقد جاء صعود الاخوان المسلمين الى الحكم في 2011 دون معارضة الجيش، الذي أحس قادته بمشاعر الشعب. كما أن اقالة الموالين للحكم السابق تركت الجيش تحت قيادة ضباط واعين يفهمون مكانه الخاص في المنظومة المصرية المعقدة التي مشكلتها المركزية هي الاقتصاد. فالى جانب توفير الامن في الخارج والداخل، فان الجيش هو التنظيم المؤسساتي الاكثر استقرارا وكفاءة في مصر. وهو الوحيد القادر على أن يبطىء بل وربما يمنع التدهور الاقتصادي الذي يعزى لنظام مرسي.

ومع أن الجنرالات المصريون لا يسارعون للدخول الى السياسة الا انهم كفيلون بان يمسكوا بلجام الحكم، او على الاقل يقفوا خلف زعمائه الجدد، اذا ما وعندما يتغير النظام الحالي. فالجيش المصري هو الوحيد القادر على احداث تحسن في الوضع الاقتصادي. وفي الطريق الى هذا الهدف من واجب محافل الجيش ان تضمن الابحار الدولي في قناة السويس (التي هي من مصادر الدخل الاساس للمالية المصرية). واستقرار الوضع الامني ورفع اعداد السياح (الذين هم أيضا مصادر دخل حيوية)؛ وضمان استمرار المساعدات الامنية – الاقتصادية من الولايات المتحدة؛ ونقل واحيانا حتى انتاج توريد منتظم للمنتجات الاساسية لسد جوع ملايين المصريين.

وبالتوازي مع العمل في قلب مصر يعمل الجيش المصري ايضا على ضمان جناحه الشرقي. فالمصلحة المشتركة مع اسرائيل تسمح بدخول قواته المعززة الى المناطق الشرقية من شبه جزيرة سيناء والى الحدود المصرية مع قطاع غزة. وهنا ستعمل هذه الوحدات على قمع محاولات منظمات متطرفة رفع الرأس واستغلال الاضطرابات وضعف الحكم في صالح اعمال ارهاية، بما في ذلك الاعمال التي تدعمها حماس من غزة ومنظمات اسلامية اخرى تعمل داخل سيناء.