خبر مساء أكاذيب- هآرتس

الساعة 08:44 ص|20 يونيو 2013

بقلم: جدعون ليفي

كان الاحتفال بيوم ميلاد شمعون بيرس احتفالا غير اخلاقي. فلو أننا تجاهلنا ايضا التظاهر وفجاجة الذوق وعبادة الشخص والابتذال – وكانت كلها بمقادير تحرج نيكولاي تشاوتشيسكو – لكان ذلك احتفال أكاذيب. إن قنوات التلفاز التي اتحدت لبث عرض التملق كان يجب ان تُحذر المشاهدين على الأقل من أنه غير مخصص للفتيان لئلا تفسد نفوسهم.

لم يكن هذا الاحتفال اخلاقيا لأنه كان فيه كل شيء عدا الحقيقة التي كُنست تحت بساط مباني الأمة. كانت أكاذيب أكاذيب وأضاليل أضاليل ملفوفة بسولفان شارون ستون وبيل كلينتون بنصف مليون دولار.

لنبدأ بعنوان "مؤتمر الرئيس" الذي تم الحفل تحت ردائه: "نتجه الى الغد". إن دولة لا تعلم الى أين تتجه ولا تعرف ماذا سيحدث لها في غضون عقد وماذا تريد وكيف تنوي احراز أهدافها غير الواضحة تعقد مؤتمر رئيس يتناول الغد. إن غد المؤتمر كغد عروسه، هو غد النانو تكنولوجيا والبقاء وبحوث الدماغ.

وهذا حسن، لكن يجب قبل التأثر بهذا الحلم البراق بلحظة أن نتذكر المسائل الوجودية التي هي أكثر إقلاقا ولا ذكر لها. هل تريد هذه الدولة "المتجهة الى الغد" أن تكون علمانية أو دينية، وهل تريد ان تكون غربية أو شرق اوسطية، ومحتلة أو عادلة، ويهودية أو ديمقراطية؟ وهل تريد الاستمرار في الاحتلال الى الأبد، وهل تنوي ان تمنح رعاياها حقوق مواطنة؟ لا أحد يعلم. حسبُنا أغنية "بيبول" لبربارة سترايساند وبالتحية المحرجة من ضابطة الجيش الاسرائيلي وهي حفيدة ناجيين من المحرقة بالطبع كي تُنسيا كل ذلك.

عُرض عريس الفرح على أنه رجل الرؤيا والسلام. وهذا ايضا حسن لكن ماذا عن الحقيقة؟ لكن رجل السلام الذي حضر الاحتفال بيوم ميلاده زعماء المعمورة وفيهم رئيسا ألبانيا ورواندة لم يحضره سياسي عربي واحد حتى ولا فلسطيني واحد للطب ما عدا ولدا لطيفا عولج بنجاح في مستشفى اسرائيلي على أن ذلك تفضل على آلاف الاولاد الفلسطينيين الذين قتلتهم أو جرحتهم دولة اسرائيل وهي دولة بيرس ايضا.

قال بيرس في خطبته "لندعو الله معا من اجل غد سلام"، وقد أصاب قلب الحقيقة لحظة واحدة لأن إسهامه في السلام تلخص في الحقيقة بالأدعية (والخطب). بل إنه أنشد أنشودة للسلام في المسيرة التي قُتل فيها اسحق رابين و"أعطوا السلام فرصة" في الاحتفال بيوم ميلاده. وهو الشخص الذي كان في كل مفترقات القرارات الحاسمة يتحمل مسؤولية ثقيلة عن وضع الدولة اليوم. وأضرت قدرته على التضليل وعرضه للدولة بموهبة فنان على أنها باحثة عن السلام باسرائيل بقدر لا يقل عن مشروع الاستيطان الذي هو مسؤول عن انشائه ايضا.

كان يجب على من ذكروا طول ايامه واعماله التي لا تُحصى والذين ماهوه مع الدولة وجعلوا الدولة هي هو كان يجب عليهم ان يحاسبوه على وضعها في سنتها الـ 65 ولا يقل الكُره لها عن الكُره لكوريا الشمالية وايران.

وتكمن هنا ايضا أكذوبة اخرى: فقد كان يُخيل إلينا لمساء واحد ان اسرائيل ليست فقط الأكثر عدلا في المعمورة بل الأكثر تأييدا لها في المعمورة ايضا. ويكفي عدد من نجوم السينما الامريكيين بالطبع وعدد من زعماء الماضي للطمس على حقيقة أن اسرائيل لها من الذين يقاطعونها اليوم أكثر من كل دولة اخرى تقريبا. وليس هذا التضليل اخلاقيا. وكذلك ايضا من عرض بيرس على أنه حبيب الشعب وأن أكثر الذين يتأثرون الآن بعمره وحكمته لم يصوتوا له قط. فليس من الاخلاقي الكذب في الوقت المستعار.

في أواخر الألفية الماضية اجتمع اصدقاء لبيرس للاحتفال بيوم ميلاده الخامس والسبعين. وتم الحفل المتواضع في بيت صاحب دار النشر المحب للكتاب أهاد زمورة. ولم تحضر "حبيبة حياة" بيرس سونيا كعادتها وجلس في مرج في القرية الزراعية نير تسفي آنذاك عدد من المثقفين والأدباء وقليل من الساسة. كان بيرس يُصور آنذاك على أنه سياسي في نهاية طريقه وبقي ذلك المساء لا يُنسى لأنه كان مساء حقيقة.