خبر البرغوثي: تجربة السلام الاقتصادي فشلت فشلا ذريعا

الساعة 07:02 م|09 يونيو 2013

وكالات - شينخو

 اعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مروان البرغوثي المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ 11 عاما، أن الولايات المتحدة الأمريكية " وسيط غير نزيه" في المفاوضات مع "إسرائيل".

وحمل البرغوثي من داخل سجن (هداريم) الإسرائيلي في رد على أسئلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) نقلها له محاميه إلياس صباغ، الولايات المتحدة فشل عملية التسوية خلال الأعوام الماضية بسبب الانحياز التام لإسرائيل والاهتمام بإدارة الأزمة أكثر من تحقيق السلام.

وقال إن "الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان مخيبا لآمال كثيرة في العالم وحتى الآن على قاعدة القياس بالنتائج فقد فشل في إجبار "إسرائيل" على الالتزام بمتطلبات نجاح علمية السلام ولم يظهر إرادة حقيقية حتى اللحظة في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية".

واعتبر أن أوباما " هو الذي عطل حق فلسطين في الانضمام للوكالات الدولية بعد الحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة في نوفمبر الماضي، وهو من عطل الحصول على العضوية الكاملة في المنظمة الدولية".

وأضاف أن أوباما وإدارته "يقدمون لإسرائيل كل أنواع الدعم السياسي والعسكري الذي وصل إلى ذروته في عهده"، معتبرا أن أمامه "فرصة في تحقيق السلام خلال ولايته الثانية إذا أظهر عزما وإرادة لمواجهة التطرف الإسرائيلي أولا".

وقال البرغوثي إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي يخوض محادثات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، عليه أن "يطلب من إسرائيل إنهاء الاحتلال وإقامة دولة كاملة السيادة"، معتبرا أن "هذا هو مفتاح السلام وإن لم يفعل فإن الفشل حليفه بالتأكيد".

وأضاف أن على كيري الإدراك بأن الفلسطينيين لا يطالبون ولا ينتظرون حسن نوايا من قبل إسرائيل، وإنما حقوقا وطنية مقدسة وثابتة ولا يقبلوا بمشروع السلام الاقتصادي على حساب الحرية والعودة والاستقلال، معتبرا أن "تجربة السلام الاقتصادي فشلت فشلا ذريعا في الأعوام الماضية لأنه من الوهم الاعتقاد بإمكانية التنمية وبناء اقتصاد وطني في ظل الاحتلال والاستيطان".

ورأى البرغوثي أنه "إذا قررت القيادة الفلسطينية الذهاب للمفاوضات قبل التزام إسرائيل بوقف واضح وصريح بإنهاء الاحتلال والانسحاب لحدود 1967، وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وبلادهم طبقا للقرار الدولي 194، وتحرير كافة الأسرى والمعتقلين، فإن ذلك سيلحق ضررا بالغا بالمصالح الوطنية العليا".

 

 المبادرة العربية ودر قطر

وانتقد البرغوثي إعلان وفد عربي برئاسة رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم ال ثانى، في واشنطن أخيرا، أن اتفاق السلام مع إسرائيل ينبغي أن يستند إلى حل الدولتين على أساس خط الرابع من يونيو 1967 مع إمكانية تبادل طفيف متفق عليه، مساو ومتبادل للأراضي.

 وقال إن الوفد العربي الذي ذهب إلى واشنطن "ليس مخولا وليس من حقه تقديم التنازلات"، معتبرا أن مسألة تعديل الحدود وتبادل الأراضي "أمر مرفوض ويمس بالثوابت الفلسطينية والعربية، ويفتح شهية إسرائيل على مزيد من التنازلات العربية".

 وأضاف أن ذلك يمثل "محاولة لتشريع الاستيطان الذي يرفضه القانون الدولي جملة وتفصيلا، على اعتبار أن ليس للاستيطان ولا لأي مستوطن مكان على الأراضي الفلسطينية".

 وأعرب عن تشاؤمه حيال الوصول إلى حل سلمي مع إسرائيل في ظل حكم اليمين فيها بزعامة بنيامين نتنياهو، معتبرا أن المفاوضات مع إسرائيل "لن تجدي نفعا في غياب فعل مقاوم على الأرض، وفي ظل الخلل في موازين القوى، وفي ظل حكومة إسرائيلية متطرفة معادية للسلام".

 وقال إن رهان الرئيس الفلسطيني محمود عباس "الذي يعمل مخلصا من أجل السلام منذ توليه قيادة الشعب الفلسطيني قبل ثمانية أعوام على المفاوضات مع إسرائيل وصل إلى طريق مسدودة بسبب الموقف الإسرائيلي المتطرف وغياب الشريك".

 ورأى البرغوثي أن المطلوب من القيادة الفلسطينية هو "العودة للأمم المتحدة للحصول على عضوية كاملة لفلسطين والتوقيع على كافة المواثيق والاتفاقات الدولية والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية، والعمل مع المجتمع الدولي على عزل إسرائيل ومقاطعتها وفرض عقوبات عليها حتى تنسحب إلى حدود 1967".

وأضاف أن المطلوب كذلك "مقاطعة فلسطينية للاحتلال اقتصاديا وأمنيا وإداريا وتفاوضيا وسياسيا، والعمل على تصعيد المقاومة الشعبية وتوسيع دائرتها على أوسع نطاق، وانخراط جميع الفصائل والقيادات فيها والمستندة إلى خطة للمقاومة الشاملة للاحتلال".

 ويجري كيري مباحثات منذ 20 مارس الماضي لاستئناف مفاوضات السلام المتوقفة بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ أكتوبر 2010 بسبب الخلاف على البناء الاستيطاني.

 

ملف المصالحة

وفي الشأن الفلسطيني الداخلي، رأى البرغوثي أنه ليس هناك إرادة حقيقية للمصالحة الفلسطينية حتى الآن، معتبرا أنه "لو توفرت الإرادة لتحققت المصالحة والوحدة الوطنية التي نعتبرها قانون الانتصار لحركات التحرر وللشعوب المقهورة".

 ودعا البرغوثي حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) وفتح، إلى أن يتحولا لشريكين حقيقيين في قيادة الشعب الفلسطيني بمشاركة الفصائل والشخصيات والفعاليات والمؤسسات، معتبرا أنه "مخطئ من يعتقد أن بإمكانه التفرد بمصير الشعب الفلسطيني".

 وقال إن شراكة حماس على قاعدة التفاهم والاتفاق الاستراتيجي هي "خشبة" الإنقاذ للوضع الفلسطيني مع مشاركة كافة القوى والأحزاب تحت شعار الوطن للجميع والجميع للوطن مع احترام إرادة الشعب بالعودة إلى انتخابات حرة ونزيهة مع اتفاق مسبق على تمثيل الجميع في اللجنة التنفيذية والحكومة وباقي الهيئات المنتخبة.

 وسبق أن توصلت فتح وحماس لاتفاقيتين للمصالحة الأولى في مايو 2011 برعاية مصرية، والثانية في فبراير 2012 برعاية قطرية لتشكيل حكومة موحدة مستقلة تتولى التحضير للانتخابات العامة، غير أن معظم بنودهما ظلت حبرا على ورق.

 وبشأن اتفاق التهدئة في 21 نوفمبر الماضي بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع بوساطة مصرية ما أنهى ثمانية أيام من العنف بين الجانبين أدت إلى مقتل 184 فلسطينيا و6 إسرائيليين، اتهم البرغوثي إسرائيل بأنها "لم تحترم اتفاق التهدئة وهي تخترقه بشتى الأشكال وفي كل يوم".

 وأعرب عن اعتقاده بأن ما وصفها "بالتهدئة الجزئية لن تصمد طويلا"، معتبرا أن "إسرائيل" "بحكومتها المتطرفة تتحين الفرصة لتوجيه ضربة وشن عدوان على غزة بعد فشل عدوانها الأخير".

ودعا البرغوثي بهذا الصدد جميع الفصائل والحركات الفلسطينية إلى "العمل من أجل توحيد طاقاتها وتطوير قدراتها لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل".

 

قضية الاسرى

وحول قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية، اتهم البرغوثي القيادة والفصائل الفلسطينية بعدم "إيلائها الاهتمام الذي تستحقه ما يفسر وجود هذا العدد الكبير في السجون ممن قضوا سنوات طويلة".

 واعتبر أن القيادة الفلسطينية "ارتكبت خطئا قاتلا عندما وقعت اتفاق أوسلو مع إسرائيل للسلام المرحلي عام 1993 وتركت آلاف الأسرى في سجون الاحتلال".

 وقال إن القيادة الفلسطينية "فاوضت عشرين عاما دون اشتراط الإفراج عن الأسرى، ولا أعتقد أن هذا النهج قد تغير"، مثمنا في المقابل الحملات الشعبية لإطلاق سراحه وكافة الأسرى.

 وأعرب عن شكره لجميع العاملين والمتطوعين فيها (الحملات الشعبية) ، "وعلى رأسهم زوجتي ورفيقة دربي الأستاذة المحامية فدوى البرغوثي التي تقود هذه الحملة فلسطينيا وعربيا ودوليا".

 وبخصوص إضراب عدد من الأسرى عن الطعام في السجون الإسرائيلية، رأى البرغوثي أنه "سلاح يستخدمه الأسير للدفاع عن حقوقه"، معتبرا أنه "حقق نتائج جيدة".

 واعتبر أن إبعاد إسرائيل بعض الأسرى من مسقط رأسهم في الضفة الغربية إلى قطاع غزة مقابل الإفراج عنهم "قرار خاص بهم مع التأكيد أن غزة هي جزء لا يتجزأ وجزء أصيل من الوطن".

 وفيما يتعلق بتأثير الانقسام الفلسطيني على الأسرى في السجون الإسرائيلية، قال البرغوثي إنه "ترك أثره على كل الفلسطينيين سلبا في كل مكان بما في ذلك السجن"، لكنه أشار إلى أن القيادات الفلسطينية داخل السجون "نجت إلى حد كبير في تجنيب الأسرى تأثيراته وأصبح هناك تعاون وحوار دائم وخطوات متفق عليها".

 وأوضح أن الأسرى هم الذين صاغوا وأصدروا وثيقة الأسرى للوفاق الوطني عام 2006، التي مهدت لأول حكومة وحدة وطنية في تاريخ الشعب الفلسطيني، معربا عن "أسفه لانهيارها بعد قرار حماس فرض السيطرة العسكرية على قطاع غزة عام 2007".

 وأضاف البرغوثي "مع ذلك فالحوار بين قيادات الفصائل في السجون متواصل من أجل المساعدة في انجاز المصالحة والوحدة"، مشيرا إلى أنه "أمام الحركة الأسيرة مجموعة من التحديات أولها تعزيز وحدتها وقيادتها وبرنامجها، واتخاذ قرارات مشتركة لحماية مكتسبات الحركة الأسيرة، ووقف سياسية الإهمال الطبي من قبل مصلحة السجون، والوقوف أمام سياسة التعذيب الممنهج داخل السجون".

 وقال إن " هناك دراسة وحوار في السجون حول خطوات مستقبلية من أجل إجبار سلطات الاحتلال على معاملة الأسرى الفلسطينيين معاملة أسرى حرب ومقاتلين من أجل الحرية".

 وتعتقل إسرائيل زهاء 4600 أسير فلسطيني موزعين على 25 سجن ومركز توقيف وتحظى قضيتهم بفعاليات شعبية شبه يومية في الضفة الغربية وقطاع غزة للتضامن معهم.

 وبشأن وضع حركة فتح، انتقد البرغوثي عمل اللجنة المركزية طيلة الأربعة أعوام الأخيرة، معتبرا أنه "غير مرضي وجاء مخيبا للآمال ودون التوقعات.

 واعتبر أن الحركة "تعرضت لانتكاسات وضربات كبيرة في غياب الرئيس الراحل ياسر عرفات في ظل عجز قيادتها وترهلها بسبب غياب الحياة التنظيمية وغياب التجديد".

ودعا البرغوثي حركة فتح إلى "تركيز الجهود على مقاومة الاحتلال، والخروج من حالة الاتكال على عكازة المفاوضات، ومواجهة تحدي الانقسام الأسود وإنجاز المصالحة والوحدة الوطنية والانتخابات، وتعزيز قوة وعنفوان الحركة".

واعتقل البرغوثي الذي يعتبر من قادة حركة فتح وتم انتخابه ليكون عضوا في لجنتها المركزية عام 2008 وهو داخل سجنه، في 15 ابريل عام 2002 من منزله في رام الله عندما كان يشغل منصب أمين سر الحركة في الضفة الغربية وقدم لمحكمة ادانته بتهم القتل والشروع بالقتل، وحكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات.

المصدر: وكالة الانباء الصينية 'شينخو'