خبر قواتنا عادت بسلام - هآرتس

الساعة 03:17 م|31 مايو 2013

ترجمة خاصة

قواتنا عادت بسلام - هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: قصة تنكيل بعائلة شهيد بحجة اعتقال مشبوه برشق الحجارة تسفر عن جرحى واصابات لعائلة آمنة في ظلمة الليل في  قرية بدرس قضاء رام الله - المصدر).

نجلاء عوض تستلقي على فرشة رقيقة على الارضية في زاوية الغرفة وتتغطى بلحاف، تجذبه فوق رأسها الجريح والمضمد وتتلوى بآلامها. هي شابة ابنة 26 اصابتها قنبلة صوت في رأسها، واحدة من قنابل كثيرة رشقها الجنود داخل بيتها. ونقلت هي وثلاثة من شقيقاتها جرحى الى المستشفى في رام الله، حيث احتاجت الى ثماني قطب في جبينها.

هكذا انتهى هذا الاسبوع اعتقال آخر قام به الجيش الاسرائيلي، وهكذا انتهى اعتداء صغير آخر قام به الجنود ممن سيطروا على احد المنازل في قرية بدرس في منطقة رام الله على مدى نحو ساعتين في ظلمة الليل، يركلون، يضربون ويهدمون. هذه المرة بالغوا في الفعل: المنزل الذي اقتحموه هو منزل عائلة فلسطينية ثكلى. ابنها، سمير، ابن 16 عند موته، قتله جنود قبل أربعة اشهر فقط، بثلاثة عيارات حية اطلقوها عليه من مسافة قصيرة في خاصرته، في رأسه وفي ظهره، حين حاول الهرب من كمين لهم قرب جدار الفصل، بعد أن رشق الحجارة على الجدار على ما يبدو. "واضح ان هذا حدث سيء"، اعترف في حينه ضابط في قيادة المنطقة الوسطى امام "هآرتس". وهذا الاسبوع تسبب الجيش الاسرائيلي بـ "حدث سيء" آخر، جد سيء، ضحاياه هم بنات وابناء ذات العائلة الثكلى.

من توقع قدرا من الحساسية في منزل عائلة لم تنتعش بعد من قتل ابنها، لا يعرف كيف يتصرف الجيش الاسرائيلي عندما يأتي بتنفيذ اعتقالات في الضفة، كأمر اعتيادي. من يريد أن يصدق رواية الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي بان الجنود اصطدموا بمقاومة عنيفة يجب أن يعرف بان في هذا المنزل كان في تلك الليلة نساء واطفال اساسا. وان جارا سمع احد القادة يأمر جنوده، حتى قبل اقتحام المنزل فيقول: "هذا هو منزل سمير، في هذا المنزل – بدون رحمة".  وقد تصرف الجنود بموجب ذلك. كل شيء يوجد في احداث الليلة اياها في بدرس، الا الرحمة او على الاقل قدرا من الانسانية.

لقد وصلوا في قوة كبيرة – 11 جيب، نحو 30 جندي وبضعة كلاب، في الليلة التي بين السبت والاحد، في حوالي الساعة الثانية قبل الفجر. في البداية نشروا باب المنزل واقتحموه بالقوة. وفور ذلك بدأوا يرشقون على المتواجدين فيه قنابل صوت من النوافذ ومن داخل المنزل.

كانن في المنزل في تلك الساعة ام العائلة، صدقية، زوجها أحمد، ثماني من بناتها، بينهم ليندا ابنة التاسعة، الابن محمود، ابن العاشرة والابن عبد في العشرينيات من عمره. وقد استيقظ الجميع مذهولين بضجيج نشر قفل الباب والقاء قنابل الصوت. واقتحم الجنود المنزل دون ان يقولوا شيئا او يشرحوا لنزلائه ماذا يريدون. "جعلوا في المنزل الآخرة"، تقول الان بالعبرية صدقية، التي اصيبت في يدها بعد أن جرها الجنود بشعرها وأوقعوها. وعلى حد قولها اضافوا كلمة "يا شرموطة" وهي تروي لنا ذلك بهمس كي لا يسمعها اطفالها.

والد العائلة، الذي يعاني من انزلاق غضروفي، وجد صعوبة في الوقوف على قدميه فركله الجنود، حسب الشهادات، ورشوا وجهه وجسده بغاز الفلفل الذي لا يزال يلذعه حتى هذا الاسبوع. وهو رجل متواضع، مبتسم وبشوش، يتحدث العبرية الطلقة بصوت أجشه الصراخ أو الغاز. التقيناه لاول مرة حين كنا هنا في شهر كانون الثاني، غداة مقتل ابنه، يجلس على سطح منزله ويشكو. وعندما ارادت احدى بناته اعطائه ماء في الاقتحام هذا الاسبوع، رشق الجنود الكأس من يدها وضربوها. الكثير من الضربات والركلات كانت في تلك الليلة في هذا المنزل في بدرس.

على سطح المنزل كان ينام الابن عبد. في معظم ايام الاسبوع يسكن في بلعين المجاورة حيث يعمل كنادل في بركة السباحة المحلية، ولكن في تلك الليلة نام في منزله. الجنود صعدوا الى السطح، ضربوه وبعد ذلك القوا به عن الدرج من السطح. وفي النهاية جروه جريحا وشبه فاقد الوعي الى غرفة المراحيض والقوا بها قنبلة صوت علائمها المسودة لا تزال تبدو على ارضية الغرفة.

المنزل بكامله مليء بلطخات من السواد، دليل على دزينة قنابل الصوت التي القيت فيه. الزجاج المحطم أصلحوه، ولكنهم يحتفظون بأدلة مصورة عن التخريب.

عبد، وهو يرتدي لباسا داخليا فقط، جروه الى احدى سيارات الجيب التي وقفت في الخارج واخذوه الى المعتقل. علامات دمه لا تزال على سيارة سوبارو أبيه التي كانت تقف في الخارج هي ايضا. احد لم يكلف نفسه ان يشرح لابناء العائلة لماذا اخذ عبد وما هي الشبهات ضده.

عندما وصلنا الى القرية يوم الاثنين من هذا الاسبوع لم يعرف ابناء العائلة اين يوجد عزيزهم. كانت شائعات بانه معتقل في المسكوبية في القدس أو في سجن في بئر السبع أو ينزل في مستشفى هداسا عين كارم. وكالمعتاد لم يكلف نفسه احد عناء اطلاعهم ماذا كان مصير ابنهم المخطوف – فلا توجد كلمة اخرى لوصف الظروف الوحشية التي اخذ فيها من منزله.

نحو ساعتين بقي الجنود في المنزل، حتى الساعة الرابعة صباحا، اجروا تفتيشات واقتلعوا بعضا من الابواب. وبدأ ابناء القرية الذين ايقظهم الضجيج يتجمعون في الشارع وفرقهم الجنود بالغاز المسيل للدموع. صدقي، شقيق الام صدقية وصل الى المكان، قلقا على سلامة شقيقته، فدفعه الجنود بالقوة. الابنة، لينا، وصلت هي ايضا، وكسر الجنود يدها.

سيارة اسعاف فلسطينية استدعيت الى المكان لم يسمح لها بالاقتراب لاخلاء بنات العائلة الجريحات. والد العائلة أحمد كان يستلقي كل هذا الوقت شبه فاقد الوعي على الارضية. بعد أن غادر الجنود، نقل أربعة من بنات العائلة على عجل، اميمة، نجلاء، نجوى ولينا الى المستشفى في رام  الله لتلقي العلاج الطبي. 

عبد لم يعتقل من قبل ابدا. يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع جيء به لتمدي اعتقاله في المحكمة العسكرية في عوفر. المحامي الذي مثله، نري رمتي، من مكتب المحامي غابي ليسكي، لاحظ الرضوض الشديدة في كل اجزاء جسده. وارسل عبد الى فحص "سي.تي" في رأسه ولكنه النيابة لم تجد من السليم ان تضم المادة الطبية الى ملفه، وذلك على ما يبدو كي لا تتمكن المحكمة والدفاع من أخذ الانطباع عن خطورة حالته.

يتبين أنه مشبوه بخرق النظام ورشق الحجارة. وطلبت النيابة العسكرية تمديد اعتقاله بـ 14 يوما. المحكمة، في خطوة نادرة نسبيا، اكتشفت بثمانية أيام اعتقال، ولكن محاميه، رمتي، قرر الاستئناف على مجرد تمديد الاعتقال.

وافاد الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي "هآرتس" هذا الاسبوع بانه "من فحص أولي يتبين أنه في اثناء اعتقال مطلوب يوم السبت في ساعات الليل في منزله في قرية بدرس، قاوم ابناء العائلة الاعتقال بالعنف. وتضمنت المقاومة استخدام سكاكين وكسور زجاج. وبهدف ابعاد التهديد، استخدمت القوة في رد بالحد الادنى، تضمن رش بغاز الفلفل وقنبلة صوت لتنفيذ الاعتقال كما ينبغي في ظل التقليص للخطر على الجنود. وفي الحدث اصيب جنديان بجراح طفيفة وعولجا في المكان. ولا يزال الفحص لظروف الحدث متواصلا.

صور سمير، الابن الميت، معلقة في كل مكان في المنزل تقريبا: على حيطان الصالون، على الثلاجة في المطبخ وفي كل غرفة. خاله، صدقي، سأل هذا الاسبوع: "على ماذا يتربى، جنودكم؟ لنفترض ان طفلا رشق حجارة على الجدار، فأي رأس يدفعهم لان يطلقوا النار الحية عليه؟". أسئلته بقيت معلقة في فضاء المنزل. دون جواب، تصدح وتؤلم جدا.