خبر أول مدينة اشكنازية ... يديعوت

الساعة 11:04 ص|17 مايو 2013

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: مدينة روابي تشبه في الظاهر والباطن مدينة لليهود الغربيين ستسكنها نخبة من الفلسطينيين - المصدر).

من بين جميع مشروعات البناء التي تُسوق اليوم بين الاردن والبحر فان مدينة روابي هي الأكثر اشكنازية، وهي المدينة التي أخذت تُبنى في قلب الضفة. تبدو من الخارج كأنها بيتار العليا – فهي جماع مباني متعددة الطبقات تُبنى في حضن الجبل؛ وهي في القلب والفانتازيا تجمع سكني للنخبة. إن من يأتي الى مركز الزائرين الفخم يُقَدْ في سبيل يُثبت له بمساعدة جميع الوسائل الحديثة جدا كيف ستجري حياته في المدينة الجديدة. إن العائلات مكونة من ابنين ولد وبنت يلبسون أفضل الماركات؛ فالرجل في نحو الثلاثين من عمره، وقد أصبح أصلع قبل الأوان وهو يلبس قميصا قصير الكُمين على الموضة؛ والزوجة نحيلة وطويلة القامة وشقراء الشعر. إن كل شيء أشقر محجوب عما حوله غربي حتى المسجد. فلو أن شركة بناء اسرائيلية روجت لمشروعها الجديد على هذا النحو لعلا صراخ يقول: أين الشرقيون؛ لكن روابي مدينة للفلسطينيين.

تقودنا شادية وهي شابة حسناء من سعير وهي قرية قرب حلحول، في الطرق الملتوية. قلت لها قد أكون من المشترين فبيعيني شقة. وقد قامت بعملها بصورة جيدة وبلغة انجليزية ممتازة، بعينين لوزيتين رائعتين وقالت: "اشتريت شقة لي. في الطابق التاسع مساحتها 180 مترا". وسألتها: لماذا هي كبيرة بهذا القدر. هل من اجل الاولاد؟ فقالت في فخر: "أنا عزباء". "لا من اجل الاولاد بل من اجل الاحتفالات".

ستكلفها الشقة 100 ألف دولار. وهي تدفع ثمنها بدفعات تُقتطع كل شهر من راتبها في الشركة. وستدخل قُبيل نهاية السنة للسكن مع الـ 650 ساكنا الأولين من المشترين في المرحلة الاولى.

حينما أُثيرت الفكرة أول مرة، أمر وزير الدفاع اهود باراك الادارة المدنية بالبحث عن موقع للمدينة الجديدة، بشرط ألا يقتطع من المنطقة ج التي تخضع لسلطة اسرائيل. وحدد قسم التخطيط في المديرية ثلاث مناطق – غرب رام الله وفي منحدرات نابلس وشمالي بير زيت. ورفض صاحب المشروع، بشار المصري، الأولين لاسباب تقنية واختار الثالث.

وفي ذات يوم تجول في المنطقة عدد من كبار مسؤولي "الشباك" وقالوا بخبرة: "هذه مؤامرة فلسطينية. فهم يريدون ان يطلقوا من هنا قذائف صاروخية على مسارات الطيران في مطار بن غوريون". وزار المكان بعدهم مسؤولون كبار من الموساد فقالوا: "هذا واضح. إنها مؤامرة فلسطينية". ولم يساعد ناس الادارة المدنية زعمهم أنهم هم المسؤولون عن اختيار المكان لا الفلسطينيون.

ترى من الشرفات في روابي في يوم صاف الشريط الساحلي من الخضيرة الى ريشون لتسيون. ويقول صاحب المشروع، المصري "أنا أبيعهم منظر محيط". لكن المحيط ليس محيطا بالضبط لكن المنظر جميل. وعند طرفها توجد مستوطنة اسمها عتيرت حمراء الأسطح ومعادية. وسألت المصري: ماذا تقول لهم عن عتيرت.

فضحك وقال: "ما عتيرت وأين عتيرت. لست أرى أي عتيرت".   

قامت جماعة ضغط المستوطنين بحرب لا هوادة فيها للمشروع. وأُجيز في جملة ذلك قانون في الكنيست هو قانون روابي الذي يحظر على شركات اسرائيلية أن توقع على الالتزام بألا تُنتج المنتوجات التي يزودون المدينة بها في المستوطنات. ومنذ ذلك الحين تتم المشتريات في اسرائيل بغمز وتفاهمات شفهية.

إن قطعة صغيرة أقل من 100 متر في الطريق الى المدينة موجودة في المنطقة ج. وقد نجح المستوطنون بتعويق تعبيدها بذرائع مختلفة. فناسهم موجودون في الادارة المدنية وفي وزارة الدفاع وفي المكاتب القضائية وهم يعرفون كيف يعملون. وقد مُنع القادمون عند المفترق الاتجاه الى اليسار الى رام الله ونابلس. وكان من المسموح به الاتجاه يمينا فقط الى المستوطنات. وأراد المصري أن يبني ميدانا على حسابه فرفضت وزارة الدفاع بضغط من المستوطنين. وأُعطيت التراخيص في شباط فقط من العام الماضي. ويزعم المصري أن وزير حماية البيئة السابق جلعاد أردان فرض على المدينة واجبات غير موجودة في أي مكان آخر، ويقول في سخرية: "إن هذه المدينة بفضله أكثر المدن حفاظا على البيئة في العالم.

"قلت لرئيس ادارتكم المدنية: إن شيئا ما مختل عندنا نحن الفلسطينيين. عندكم جيشان أحدهما ذكي والآخر غبي. فلماذا نصر نحن الفلسطينيين على ان نعيش تحت احتلال الجيش الغبي".

سيُنفق على البناء أكثر من مليار دولار. وقد جند المصري 700 مليون دولار منها في يوم واحد بزيارة لقطر. فروابي مدينة (من الدين) بوجودها لايرادات النفط.

إشترت 540 عائلة شققا هذا الاسبوع. وقد أراد المصري مدينة للشباب المنعمين الفلسطينيين وحصل على سكان مختلفين أكبر سناً وأوسع ثراءً. "فكرنا في رب عائلة في الخامسة والثلاثين"، يقول. "وحصلنا على 42. وأردنا دخلا عائليا يبدأ بـ 1200 دولار كل شهر. وحصلنا على ما بين 2000 الى 4000 دولار، فقد خشي الشباب المخاطرة. ونأمل أن نتلقاهم بعد ذلك".

وسألته: ماذا سيحدث اذا تجدد الارهاب في الضفة.

فقال المصري: "أوضحنا منذ اللحظة الاولى أنه اذا بقيت الامور كما هي فسنرتب أمورنا؛ واذا تحسن الوضع فسيكون ذلك رائعا؛ لكن اذا ساء الوضع فسنضيع".

وقلت: لا يريد المقاولون في اسرائيل سوى عمال صينيين، لا بلغاريين ولا رومانيين ولا فلسطينيين – بل صينيين فقط – فكيف تُرتب أمورك من غيرهم؟.

فقال المصري: "عرضوا علي صينيين. ووعدوني بأن تكون كلفتهم أقل بـ 15 في المائة، فقلت لن يكون ذلك ألبتة فلن يكون سوى عمل فلسطيني. ويهرب منا بين آن وآخر مقاولون ثانويون الى سوق العمل في اسرائيل. وهذه مشكلات حسنة لأننا نُعد عمالا جددا ونرى الامر على ما يرام".

مال أو سجن

جئت الى روابي مع أورن شاحور الذي كان منسق الاعمال في المناطق في تسعينيات القرن الماضي. وشاحور هو رئيس الفرع الاسرائيلي من المكتب التجاري الدولي. وقد انشأ مع مجموعة من رجال الاعمال الفلسطينيين مؤسسة مشتركة للتقاضي التجاري. ويبلغ الاتجار بين اسرائيل وفلسطين نحوا من 5 مليارات دولار كل سنة – من اعمال كبيرة وصغيرة. وحينما ينشأ اختلاف في الرأي لا يوجد من يتم التوجه اليه. ويأمل شاحور ان توجد في كل عقد يوقع عليه بين رجال اعمال من الطرفين مادة توجه الى مؤسسة التقاضي. ومنيب المصري، عم بشار، وهو أغنى فلسطيني في العالم عضو في هذا الجسم. ومن الاعضاء فيه ايضا مديرو مصارف وأصحاب مشروعات عقارية كبار.

قال بشار: "كان الجيش هو الحاكم في زمن الانتفاضة. وقد كان الجندي يدخل بيت الفلسطيني وكان يقول أنت مدين بمال لاسرائيلي فادفع وإلا ذُهب بك الى السجن. لكن الفلسطيني كان يشتكي قائلا: "لكنني لم أحصل على السلعة، فكان الجندي يجيب: لا يهمني ذلك، إما المال وإما السجن. وقد جئنا لنصلح ذلك".