خبر « خليل أعمر » يروي خروجه الأخير من الخيرية ومذبحتها

الساعة 05:43 ص|15 مايو 2013

رام الله (خاص)

يبدو شهر أيار للاجئ "خليل عبد الله أعمر" ثقيلا على القلب والذاكرة ...لم ينس يوما أن بدايته ذات عام كانت نهاية وجوده في قريته في فلسطين المحتلة عام 1948 والتي هجروا منها قسرا بعد هجوم العصابات الصهيونية عليها وإخراجهم منها بقوة السلام وتحت أزيز الرصاص.

قرية "الخيرية" الواقعة إلى الشرق من مدينة يافا، كان احتلالها في 25 من نيسان حيث هجمت الجماعات الصهيونية عليها من كل اتجاه مساءا فخرج الأهالي إلى الأراضي المجاورة وقضوا ليلتهم بين الحقول، وفي الصباح عندما حاولوا العودة من جديد إلى البلدة، كانت المنازل قد احتلت بالكامل بالمسلحين ومن يقترب تكون الرصاصة نصيبه.

يقول خليل أعمر، والذي خرج منها وعمره 9 سنوات فقط:" قضينا الليل في الحقول "كان سبل القمع مسبل وأخضر" وحينما عدنا للقرية فجرا لم نستطيع الدخول إليها كانوا قد احتلوا أسطح المنازل بالكامل ولم نتمكن من الاقتراب، أستشهد خلال ذلك عدد كبير من أبناء القرية، حوالي 20، ومن بينهم محمد زاهي أبن عمي وكان في العشرينات من عمره".

ويتابع:" خرج كل أبناء القرية لم يبق منهم أحدا، هربنا إلى مدينة اللد القريبة مشيا على الاقدام، كانت قريتنا القرية الأولى التي تهجر سكانها من القرى المحيطة بنا على الخط الشرقي من يافا "سلمه، كفر عانة، ساقبة والعباسية".

هرب أهالي الخيرية، وخليل وعائلته المكونة في حينها من أشقائه الأربعة" محمد، موسى، عمر، عبد الكريم" وشقيقته عائشة وأمه وأبيه، إلى مدينة اللد بقوا فيها حتى أشرفت على السقوط فخرجوا منها إلى قرية نعلين ومنها إلى القرية القريبة المدية، الواقعة إلى الغرب من رام الله.

"صيفنا في المدّية" قال خليل أعمر، " ومع حلول فصل الشتاء كانت مبادرة الملك عبد الله بن الحسين الأردني ببناء مخيم في عقبة جبر فخرجنا إلى هنا وقضينا الشتاء بالكامل، ولكن الأجواء في أريحا لم ترق لوالدي، فخرجنا إلى قرية دورا القرع القريبة من رام الله".

كل هذه الرحلة كانت خلال عامين فقط من النكبة، ومع إعلان الصليب الأحمر بناء المخيم انتقلت عائلة "خليل" للعيش فيه وكانوا الوحيدين من عائلته، فأعمامه وأخواله اختاروا الخروج إلى الأردن او البقاء في أريحا في مخيم " عقبة جبر".

في المخيم بدت الحياة أصعب وأصعب، وزع الصليب الأحمر في حينها على اللاجئين خيما مشتركة، كانت نصيب العائلة خيمة كبيرة تقاسمتها مع عائلة الشرقاوي حينها، لم يكن أي نوع من الخدمات لا مياه ولا حمامات، حتى بدء عمل الوكالة في العام 1952.

يقول الحاج خليل:" في العام الذي انتقلنا فيه إلى المخيم كان الشتاء باردا للغاية وسقط الثلج ثلاث مرات، كانت الخيام تسقط على رؤوس ساكنيها والبرد ينخر عظامنا، كنا ننام على الحجارة لا بطانيات ولا فراش يكفي للأطفال الذين كانوا يصرخون من البرد".

بدأت الأمور في المخيم تتحسن مع بناء الخيم من قبل الوكالة ولتي نبت مرافق عامة بجانبها، كان لكل عائلة خيمة ولكل "حارة" حمام للرجال وآخر للنساء، وبدأ اللاجئين يعتادون على الحياة فيه ويعملون في جمع "النتش" من الجبال المحيطة وبيعها ب "3 قروش".

عائلة الحاج خليل كانت أفضل من غيرها فقد أفتتح اباه فرنا كما كان في "الخيرية" وعمل خليل وكان أكبر أشقائه مع والده في الفرن:" في البلد كنا نملك فرنا قريبا من المنزل وكانت صنعتنا من أيام الأجداد".

زار الحاج خليل قريته بعد احتلال إسرائيل لكامل البلاد بعد العام 1967، لم يعرف ملامحها فقد سوت بالأرض كل بيوت ومباني القرية، سوى منزل في الجهة الشمالية سكنته عائلة يهودية.

ويستذكر أيضا مدرسته التي دمرت بالكامل أيضا:" درست حتى الصف الثالث في القرية، كانت حكومية وكنا ندرس اللغة الإنجليزية أيضا، ولكن في المخيم لم يكن بالإمكان العودة للمدرسة حيث كنت أكبر اشقائي وكنت أساعد أبي في كل شيء".