خبر هل سيطرد سفير « إسرائيل » من عمّان..!

الساعة 06:12 ص|09 مايو 2013

رام الله

البرلمان الأردني يتخذ قراراً نوعيًّا بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ طرد سفير (إسرائيل) من عمّان وسحب سفير الأردن فورًا، تضجُّ معه قبة البرلمان، ثم تخرج الدعوات لـ"إعلان الحرب" على الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان يتلذّذ في ذات الوقت بتدنيس حرمة المسجد الأقصى، بـ"رعاية" اتفاقيّة وادي عربة، و"الحق الحصري" بانتهاك القوانين الدولية.

 

أما في أروقة السياسة والدبلوماسية، فالأمر مختلفٌ تمامًا، تستدعي الحكومة الأردنية السفير الإسرائيلي، لـ"الاحتجاج" على اجتياح آلاف المستوطنين، ولا تكاد العلاقات بين الجانبين تهتزُّ عند أي درجة، على الأقل تناغمًا مع الإرادة الشعبية الساخطة على (إسرائيل)؛ فيمرُّ "الاستدعاء" مرور الكرام، ويواصل المتطرفون الإسرائيليون تلذذهم بتدنيس القدس.

 

هذا ما حدث، أمس، ومع أنّ نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، زكي بن أرشيد يقول لـ صحيفة"فلسطين":" إن الوضع الطبيعي أن يتخذ البرلمان هذا القرار، والاستثناء هو أن يكون للكيان الصهيوني سفير وعلاقات مع الأردن"، فإنّه لا يعتقد أنّ الحكومة ستنفذُّ قرارًا كهذا.

 

دوافع اتخاذ القرار موجودة -والكلام لابن أرشيد- هي: التهديد الإسرائيلي المستمر للمسجد الأقصى، والاعتداء على الشعب الفلسطيني، وعدم احترام الاتفاقيات الموقعة مع الأردن، إلى جانب دوافع مستجدة، تتمثل في اعتداء المستوطنين على المسجد الأقصى، لكن بشكل عام ينسجم قرار البرلمان مع توجهات ووجدان الشعب الأردني الرافض للتطبيع مع الاحتلال.

 

ومع هبوب رياح "السلام" المزعوم التي يحملها وزير الخارجية جون كيري، إلى المنطقة، في زيارة مرتقبة له، فإنّ قرار البرلمان يضع الأردن بمجمله في حرج شديد بين الإرادة الشعبية والسلطة التشريعية، من جهة، ومراكز القوة والسلطة الرسميّة، التي تحرص على العلاقات مع (إسرائيل) وعدم إغضاب الولايات المتحدة- يقول القيادي الأردني- واصفًا المشهد بأنه "شديد التعقيد".

 

ثم يتابع بن أرشيد:" إذا لم تنفذ الحكومة قرار البرلمان، فسيكون بإمكان الأخير حجب الثقة عنها"، لاسيما أنه لم يتخذ قرارات سابقة كهذا، لسبب بسيط هو أن المجالس والسلطات التنفيذية السابقة لا تعبّر عن الشعب الأردني وتوجهاته، كما أن المؤسسات الرسمية مشوهة ولا تعبر عنه".

 

ويرى أن استدعاء الحكومة الأردنية للسفير الإسرائيلي، لم يكن مقدمةً لطرده، بل "نوع من المجاملة لقرار مجلس النواب، والكيان الصهيوني لا يمانع أن يتم استدعاء السفير لأن العبرة في التنفيذ، والموضوع ليس قضية شجب واستنكار بقدر ما هو قرار يجب تنفيذه".

 

وفي حال تم طرد السفير الإسرائيلي؛ يقول ابن أرشيد:" إن ثمة تغيرات حقيقية في السياسة الأردنية ستكون قد حدثت، وأن الأردن بدأ يدرك تغيير قواعد اللعبة السياسية"، مشيرًا إلى أن اتفاقية "السلام" الأردنية الإسرائيلية تشكّل غطاءً عربيًّا للجرائم الإسرائيلية بحق القدس.

 

لذا فإن المطلوب كي "تنتصر" الإرادة الشعبية؛ هو استمرار الفعل الشعبي الضاغط والمواقف السياسية، والجماهيرية، إذ يقول نائب مراقب "الإخوان المسلمين":" إن هذا زمن الشعوب وإذا أرادت الشعوب لابد من الاستجابة لها وإلا فسنة التغيير قادمة لا محالة".

 

"قرار صاحبة الولاية" !

من وجهة نظر الأكاديمي والدبلوماسي الأردني السابق، د. خالد عبيدات، فإن دوافع قرار البرلمان الأردني في هذا التوقيت بالذات، إنما تتمثل في اعتداء الإسرائيليين على المسجد الأقصى، وممارسة التصرفات التي تمت بصلة إلى الأعراف والقوانين الدولية، عادًّ ذلك بأنه "خرق لمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية".

 

ومن حقّ مجلس النواب الأردني الذي "هو سيد نفسه" أن يتخذ القرارات- يقول عبيدات لـ"فلسطين"- كونه يمثل الشعب الأردني بشكل عام، ولكن قراراته "غير ملزمة للحكومة من جهة التنفيذ"، لأنها صاحبة الولاية والمسؤولة عن إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، "ولا تناقض في ذلك".

 

ويتابع:" ذلك لأن القرارات السياسية المهمة هي من اختصاص الطبقة المسؤولة من الناحية الدستورية في الدولة، والشعب له أن يعبر عن إرادته كما لهذه الطبقة أن تقرأ تعبيرات الشعب قراءةً مسؤولة تتحلى بالحرص على الوطن والاتفاقيات التي عقدتها الدولة وأقرها مجلس النواب".

 

لكن أليست الإرادة الشعبية واجبة التنفيذ؟ يجيب عبيدات:" هذا يعتمد على الشخص الذي يقيّم الرد المناسب، فهناك طبقات شعبية أعلنت الحرب على (إسرائيل)، وهناك من نادى بإلغاء اتفاقية السلام، في وقت طالب فيه عقلاء بالتريث والتصرف بحكمة".

 

ذلك مع أن الدبلوماسي الأردني السابق، يؤكد أن (إسرائيل) تخترق اتفاقية "السلام" مع بلاده، ولا تلتزم بها، قائلاً:" إن الاحتلال يلعب بالنار خاصة وأن الأجواء في المنطقة تتجه بشكل إجمالي نحو إحياء محادثات السلام، فهذه تصرفات حمقاء، ومجلس النواب معذور في رده".

 

ويعبّر عبيدات عن قناعته بأنّ "استدعاء الحكومة الأردنية للسفير الإسرائيلي والاحتجاج لديه، إضافة إلى تكليف السفير الأردني بالاحتجاج لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية يمثل قمة العقلية الدبلوماسية في التعامل على الصعيد الدولي".

 

ثمّ يدلل على صحة قناعته، بأنه في غضون الحرب بين العراق وإيران، كان السفير الإيراني لا يزال في بغداد، والعكس، ما يعني انه حينما تكون العلاقات متوترة بين بلدين، ترتفع الحاجة إلى السفراء والسفارات، فـ"السفير رسول ينقل وجهة نظر دولته إلى الطرف الآخر"، وفق قوله