خبر نهض بالتدبير.. يديعوت

الساعة 08:56 ص|03 مايو 2013

بقلم: سيما كدمون

(المضمون: لماذا انحرف نتنياهو فجأة الى اليسار وأعلن انه يحسن التوصل الى تسوية مع الفلسطينيين؟ - المصدر).

1-             اجتاز الخط

لم يذكر نتنياهو مبادرة الجامعة العربية، فقد طلب بدء التفاوض بلا شروط مسبقة وزعم ان جذر الصراع مع الفلسطينيين ليس على المناطق، ومع كل ذلك وُجد غير قليل من ناس الليكود ممن زعزعهم كلام رئيس الوزراء.

حدث ذلك في يوم الاربعاء في لقاء رئيس الوزراء مع ادارة وزارة الخارجية وقال يجب علينا التوصل الى تسوية مع الفلسطينيين وإلا أصبحنا دولة ذات شعبين.

إن الشأن السكاني هو بدعة جديدة، يقول شخص ما مطلع اطلاعا جيدا على تأريخ نتنياهو. فهو لم يتحدث قط على هذا النحو وهذا هو الكلام الذي كان يحتقره دائما لأن العامل السكاني هو شأن اليسار. بعد قليل سيقول انه لا يمكن ان نحكم شعبا آخر، لا غير. وانتهى الأمر. هل تذكرون ما قاله له عوزي لنداو ذات مرة؟ قال له: أنت تسيبي لفني مع تسريحة مختلفة.

يزعم مسؤول الليكود الكبير انه تبنى دعوى اليسار. واجتاز الخط من جهة خطابية. إن النطق بهذا التعليل على هذا النحو من الحدّة هو أكبر من قول دولتان للشعبين. جادلوا هذا الزعم دائما في الليكود، وكنا نقول انها محاولة اليسار التخويف. وهنا يحدد نتنياهو الامور ويُبين للعاملين في وزارة الخارجية أن انشاء دولة فلسطينية هو مصلحة اسرائيلية.

يقول ذلك المسؤول الكبير إنه في اليمين من جهة المواقف، أما من جهة الخطابة فقد أصبح في اليسار. وقد فاجأني هذا بيقين فهذه دعوى قاسية، دعوى أن التخلي المبدئي مصلحة اسرائيلية. حينما استعملت لفني ذلك سميناها في الليكود "هرتسل الفلسطينيين". إنها دعوى تلائم مريدور. ولفني وشارون واولمرت وناسا من الليكود غيروا مواقفهم. وهذه رتبة أعلى بالنسبة لنتنياهو، إنها رؤيا اوباما التامة، لأن هذا ما يقوله اوباما: إن الدولة الفلسطينية هي مصلحة لكم.

قد يكون اعلان الجامعة العربية أدخل بيبي مرحلة التسلل، يقول شخص ما. فقد قالوا ما قالوا وأوجبوا عليه أن يجري معهم، بل إنهم مستعدون لتبادل اراض مثل اسرائيلي بيتنا تماما. وكان حتى يئير شمير سيوقع على هذا. من حاكم قطر الى عوزي لنداو. إن نتنياهو يريد ان ينحرف شيئا ما الى اليسار وأن يشير الى لبيد بذلك اشارة خفية أن بينيت ليس شريكا. وعلى كل حال، فان هذا تغيير حقيقي في التوجه حقا. لأننا لم نرَ كفرا كهذا منذ تم تجاوز غاية العجز المالي.

ويقول ذلك العنصر الرفيع المستوى في الليكود إن هذا كلام يساري. كان يستطيع ان يقول إن يده ممدودة للسلام وإنه يبارك المبادرة العربية. وكان يستطيع ان يقول كلاما مختلفا. لكنه اختار ان يلمس المشكلة. قد يريد ان يُنشيء جو تفاوض سياسي. وربما يرمي الآن بالكرات جميعا ليرى أيها سيسقط في الأيدي.

لا شك عند أحد في ان نتنياهو عرف جيدا ما يقوله ولمن. فقد كان وزير خارجية، وهو يعلم ان كل عضو ادارة يجلس في غرفة يُسرب الأنباء الى أربعة صحفيين هذا اذا كان اليوم عسيرا. فكل كلمة هناك توزن وتُقاس ولا يكون القول عابثا. وربما أصبح يفكر في الحكومة التالية: فقد اعترفت يحيموفيتش هذا الاسبوع بأن حزب العمل خسر اربعة نواب بسبب الشأن السياسي ودعت رئيس الوزراء ان يرد بالايجاب وبصورة رسمية ومعلنة على كلام رئيس حكومة قطر ومندوبي الجامعة العربية.

هل توميء يحيموفيتش الى نتنياهو ويرد عليها هو بالايماء؟ برّدت رئيسة حزب العمل هذا الاسبوع الحماسة بقولها: استقر رأينا على عدم دخول الحكومة لكنني أقول إننا لسنا في المعارضة في كل ما يتعلق بخفقات في المسيرة السياسية. واذا حدث مسار مهم حقا يسبق تحريكا حقيقيا للامور وهدد بينيت بترك الحكومة فسندخل الحكومة بدلا منه.

اذا ربما يرى نتنياهو ازاء ناظريه السنة القادمة: ففي حزب العمل تُجرى انتخابات تمهيدية سريعة؛ وتعود يحيموفيتش وهرتسوغ ومرغليت وكابل وغيرهم الى الرف ويبدأ كل شيء من البداية. ربما يمكن الحديث بعد سنة عن حكومة مختلفة كالتي أرادها نتنياهو، مع حزب العمل والحريديين. فهو لم يتحرر بعد من الحادثة التي وقعت له وهي ان نفتالي ويئير جلسا أمام وجهه في جلسات الحكومة. بل يقول ناسه إن هذه حكومة سنة. حكومة سنة – لا رئيس حكومة سنة.

في ميرتس وحزب العمل جمعوا هذا الاسبوع 40 توقيعا لتباحث خاص في الكنيست في مبادرة السلام العربية. وسيتم التباحث بعد ان يعود نتنياهو من الصين، فسيُدعى آنذاك الى ان يحضر الى الكنيست ويجيب عن اسئلة في هذا الشأن. وذكر بوغي هرتسوغ هذا الاسبوع ان كلام رئيس قطر نفخ الروح في المعسكر. إن جميع اعضاء الكنيست من حزب العمل تقريبا أبرزوا كلاما على صفحاتهم في الشبكة الاجتماعية وعبروا وتحدثوا عن ذلك، وهو على يقين ايضا من ان حزب يوجد مستقبل سيدعو الى تأييد المبادرة لأن الوزير يعقوب بيري كان من أقطاب "اسرائيل تُبادر"، حينما حاول مع أمنون لبكين شاحك وأناس آخرين ان يحرك مبادرة السلام السعودية والعربية لتكون قاعدة للتفاوض.

2-             اجراءات خفية

سارعت وزيرة التفاوض مع الفلسطينيين، تسيبي لفني، الى مباركة كلام الجامعة العربية. فهي تلاحظ جيدا تغير الموقف الأصلي الذي كان في 2002. فمنذ ذلك الحين لم يحدث تغيير للمواد، وكان يبدو ان العالم العربي موجود في نفس الموقف وان اسرائيل فقط تتحرك.

لكن صدر قول معلن وتصريحي بأن الامور تخضع للتفاوض وكل ذلك في وقت العالم العربي فيه في اضطراب وكل شيء ينتقض، ومع كل ذلك يوجد من تعنيهم مسيرة السلام.

تعتقد لفني ان كلام الجامعة العربية وجه ضربة الى كل من استخف بنشاط جون كيري الحثيث أو احتقره. والى اولئك الذين قالوا انه سيستسلم. وفي شأن الموافقة على تبادل الاراضي ايضا سيوجد من يقولون إن الفلسطينيين وافقوا على ذلك منذ زمن. لكن لفني تقول إنه لا يوجد زعيم فلسطيني يستطيع ان يوقع على اتفاق دون تأييد العالم العربي وها هو هذا التأييد قد أصبح موجودا.

سألت لفني لماذا كان ردها في الحد الأدنى ولماذا باركت فقط، ولماذا لا تطلب اجراء نقاش عاجل لذلك الامر، فهي ليست مجرد وزيرة في حكومة نتنياهو بل هي وزيرة التفاوض.

وتقول لفني إنها لا تطلب أي شيء علنا للحصول على عنوان صحفي فقط بل هي تعمل مع نتنياهو عملا قريبا. وهما على اتصال بكيري ويعملان على نحو مشترك معه بقصد إحداث تفاوض حقيقي. توجد اجراءات وتوجد محاولات وتحدث أمور.

وهي تعارض بشدة المبادرة التي أُثيرت هذا الاسبوع مرة اخرى الى اجراء استفتاء للشعب. وهي تزعم ان القانون يقول ان يتم التوجه الى الشعب بعد ان توافق الكنيست فقط على الاتفاق. آنذاك يستطيع الشعب ان يعترض على ما وافقت عليه الكنيست. لكن الشعب لا يقرر في الحقيقة: فهو لا يستطيع ان يقلب قرارا اذا كانت الكنيست قد استقر رأيها على عدم قبول الاتفاق. واذا لم توافق الكنيست فلا يتم التوجه الى الشعب أصلا. فما الحكمة من سؤال الشعب، تسأل لفني، اذا لم تحتج الكنيست الى الموافقة. ولهذا يفضل في ضوء كل هذه التعليلات، التوجه الى انتخابات.

ترى لفني ان استفتاء الشعب محاولة لاثارة صعوبة اخرى، واحتمال آخر لتعويق الامر. فما العجب من ان بينيت هو الذي أثار هذه الفكرة مرة اخرى: فهذا يُمكّن من التقدم جدا في التفاوض لأنه ستوجد آخر الامر فرصة لاسقاط كل شيء. ومن أراد مثل بينيت ان يبقى في الحكومة وقتا طويلا قدر المستطاع من غير ان يثير غضب جمهوره، فان استفتاء الشعب حل ممتاز.

لم يحددوا الى الآن في حزب يوجد مستقبل موقفا من هذا الشأن، خلافا لأنباء منشورة. فقد بدأ هناك تباحث في الكتلة الحزبية وراء الأبواب المغلقة. وتوصل اعضاء الكتلة الحزبية الى استنتاج أنه يجب دراسة الأمر أكثر واتفقوا على دورة ينظمها عضو الكنيست رونين هوفمان. وبدل ذلك أجروا نقاشا في القانون الأساس: الشعب اليهودي، وهو نفس القانون الفاضح الذي كان آفي ديختر من كديما أحد الداعين اليه في الولاية السابقة. واقترحت عضو الكنيست روت كلدرون بدل ذلك أخذ وثيقة الاستقلال وجعلها قانون أساس. لماذا لا، يتساءلون هناك. إن القانون الأساس: الشعب اليهودي، كتبه ديختر، أما وثيقة الاستقلال فكتبها بن غوريون، أفليست لذلك أعظم قيمة؟.