خبر العمال الفلسطينيون عيدٌ لا يعود وعملٌ منقطع .!

الساعة 03:48 م|01 مايو 2013

غزة (خاص)

 نظرَ في المرآة عن يمينه يراقب خدشاً أحدثته شفرة الحلاقة, ومسح وجهه بعطر الكولونيا وأنهى شُربَ فنجان القهوة, ثم أعطى أطفاله مصروفهم اليومي ضاحكاً من إجازتهم المدرسية بمناسبة الاحتفال بيوم العمال العالمي, واستأذن زوجته بالخروج حاملاً حقيبة الأدوات ومُحمّلاً بدعوات التوفيق والعودة بالسلامة, أغلق بابَ المنزل بهدوء ومضى بسيارته يجمع العاملين معه في أعمال البناء في الأول من مايو.

أبو علاء أحد العاملين في أعمال البناء, لا يعرف ماذا يعني عيد العمال ولا يجد سبباً لذلك, يتساءل عن أي عيد يتحدثون؟! "لا نسمع عنه إلا بالإذاعات, العامل لا يصدق أن يجدَ يوماً يعمل فيه, ويكره الإجازات؛ لأنها بدون أجر, لا يستطيع أن يتدبر لقمة العيش فيها, إنه يعمل يوماً بيوم من أجل مصروف أبنائه وطعام العائلة, أما هذا العيد فهو للموظفين من الناس, لا تتأثر رواتبهم إن عملوا أم لم يعملوا" .

ويجيب مصطفى "21" عاماً في طريقه إلى معمل "البلوك" بالقرب من معبر المنطار عن يوم العمال قائلاً: "ايش يوم العمال؟" نافياً أن يكون هناك يوم إجازة للعامل موضحاً أن العامل يتمنى يوماً إضافياً في العمل ليكسب مزيداً من المال يوفر له حياة كريمة, في الوقت الذي يمنعه انقطاع التيار الكهربائي من إكمال يومه, مضيفاً: "أنا بشتغل نص نهار بسبب الكهربا, بدنا نعيش".

 

"مساعد قاعد وسواق فرشة"

تمر الأيام وتمضي الساعات والعمر يزيد, لكن شيئاً لا يتغير عند كثير من العاملين, هم بلا عمل, ينتظرون بطالة هنا أو مساعدة مالية من هناك, منهم إيهاب البالغ من العمر 26 سنة, غير متزوج, كان يعمل في الأنفاق على الحدود مع مصر, وحين ساءت أوضاعها اعتزل المهنة, يقول لـ"فلسطين اليوم الإخبارية": "مصادر الرزق محدودة ونعيش على المساعدات, وين نشتغل ؟ فش شغل في البلد, اشتغلنا في الأنفاق كي نعيش, وكل يوم تسقط أنفاق وأخرى تتفجر والمصريون بدأوا التضييق علينا", موضحاً أنها لم تعد بالعمل المفيد مع تخفيف حدة الحصار والسماح بدخول البضائع من معبر كرم أبو سالم .

وأحمد "25 عاماً" غير متزوج ويسكن مع والده المريض بالسكري والضغط في منزلهم "الزينقو"  بحي الزيتون في غزة,  يقطن في بيته أحد عشر فردا بالإضافة إلى أخته زوجة الشهيد مع سبعة من أبنائها, من على بسطة المكسرات أمام إحدى الجامعات في غزة يقول: "اشتغلت في دهان السيارات من عمري 18 سنة, وبعد الحصار على غزة توقفت عن العمل بسبب انعدام المواد اللازمة, أبيع هنا لتوفير لقمة العيش ومصروف العائلة, والمساعدات والكابونات ما بنشوفها إلا بالواسطة والحمد لله على كل حال" .

 

العصر الذهبي للعمال

أبو عزمي "45 عاماً" متزوج ولديه سبع بناتٍ وولد وحيد يقول: "اشتغلت في الأرض المحتلة وأنا عمري 15 سنة في القصارة والزراعة وكل شيء وكانت الدنيا بخير, لا يحسب العامل لشيء في الدنيا حساب, يشتري ما يريد ويعمل ما يريد, كان الموظفون فقراء في نظرنا ومساكين مقابل ما يتقاضاه العامل من المال في اليوم الواحد, والآن كل شيء اختلف وصار غريباً, ننتظر الكابونات ولم نعد نراها, الولد أو البنت يطلب مصروفاً, من وين نجيب له ؟, اشتغلنا  شهرين بطالة في كنس الشوارع, وابني توجيهي يعمل قطَّاعي هنا وهناك, من أجل أن يوفر لنفسه المصروف" .

ربيع العمال جاء في عهد الاحتلال ولم يعد, وكثيرون وصفوه بالعصر الذهبي, وآخرون يرون أن الاحتلال استطاع فيه أن يمحوَ أشياءَ كثيرة من الهوية الفلسطينية وعملَ فيها على سياسة التجهيل مقابل المال, أما الآن يحتفل العامل العاطل عن العمل في قطاع غزة محتاراً بين لقمتين إحداهما لبيته والأخرى يبحث عنها لعيده المقبل !