تحليل خلف الكواليس (4+1): حلف اقليمي دفاعي

الساعة 11:22 ص|29 ابريل 2013

غزة

خلف الكواليس (4+1): حلف اقليمي دفاعي

جهد أمريكي ينصب على تركيب تحالف جديد يضم اسرائيل، تركيا، الأردن ودول الخليج

 

مركز أطلس للدراسات الاسرائيلية (28/4/2013)

التحركات السياسية الأمريكية المكثفة وجولات المسئولين الأمريكيين المكوكية في المنطقة لم تعد تقتصر على الدفع بمسيرة سلام، فخلف الكواليس ومن خلف الستار وعلى نار هادئة تجرى محاولة بناء حلف دفاعي في مواجهة ما دأبت أمريكا على تسميته بـ "حلف الشر".

الخطة الأمريكية التي يقودها رئيس الدبلوماسية الأمريكية جون كيري ومشاركة وزير الدفاع تشاك هيغل ترمي الى بناء حلف غير رسمي يضم أربع دول من المنطقة إضافة الى اسرائيل في مواجهة ايران، سوريا (نظام الأسد)، وحزب الله كما أوردت صحيفة "يديعوت احرونوت" في مقال كتبه المعلق السياسي والأمني للصحيفة "اليكس فيشمان"، الاسم المشفر لهذا الحلف في وزارة الخارجية الامريكية - كما كتب فيشمان-  هو مجموعة دول "4 +1"، ويشير الى ثلاث دول عربية وكيان سياسي ليس بدولة، والدول هي: السعودية، الأردن، اتحاد الامارات العربية والسلطة الفلسطينية، أما العضو الخامس فهو دولة غير عربية هي تركيا.

فكرة الحلف وضعت قبل بضعة أشهر، والآن بدأت مرحلة التنفيذ بجهد أمريكي ضخم في محاولة للربط بين هذه الدول في اطار عمل أمني واحد بدون معاهدات وتوقيعات وتصريحات معلنة، كل شيء يتم سراً لأن لهذه الرزمة ساق أخرى هي اسرائيل.

وكما يلاحظ فيشمان فإن الطموح الأميركي في هذا المجال، متواضع، لكونه لا يتحدث عن حلف دفاعي اقليمي في الشرق الأوسط مشابه للحلف الاطلسي، فوزير الخارجية جون كيري أخذ على عاتقه تنفيذ هذه المهمة على أنها مشروع شخصي يشاركه في تنفيذه بشكل فعال وزير الدفاع تشاك هيغل، وبناءً عليه، فإن الهدف في المرحلة الأولى على الأقل هو إنشاء تعاون بين هذه الدول في مجال تبادل المعلومات الأمنية والتقديرات واللقاءات.

 

المسار مع السعودية

فيما يتعلق بالمسار السعودي الاسرائيلي؛ يلمح فيشمان إلى الصعوبة التي تواجه الأمريكيين في عقد لقاءات مباشرة بين الجانبين في مجال الأمن بسبب حساسية الأمر للسعوديين، و لا يعلم شيء عن لقاء اسرائيلي من هذا القبيل، لكن كيري وهيغل والعاملين معهما سيتجولون كثيراً في المنطقة الى أن يتشكل هذا اللقاء، وان هناك مؤشرات على "أشياء عميقة بين الدولتين" تجري من وراء الستار، وقد تنتقل الى العلن.

وفي هذا السياق يذكر فيشمان المصافحة الحارة في شباط الماضي بين ولي العهد السعودي سلمان بن عبد العزيز ووزير الدفاع ايهود باراك، خلال مؤتمر وزراء الدفاع في برلين.

ولحساسية التعاون السعودي الاسرائيلي؛ يرى فيشمان أن الادارة الاميركية تدرك أن إمكانية الحوار بين الطرفين تسحر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخاصة أن أي اطار عمل مع مجموعة عربية ترتكز على السعودية، ينطوي على أهمية أمنية لإسرائيل.

 

فيما يتعلق بالأردن

يذكر فيشمان أن التعاون معها، والعلاقات المتبادلة مع الامارات العربية سيمنحان اسرائيل أيضاً العمق الاستراتيجي الذي لا تملكه، ويمكِّنانها من المخاطرة الأمنية.

ويأمل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إقناع نتنياهو بالمخاطرة على المسار الاسرائيلي الفلسطيني، ويلفت فيشمان الانتباه الى أن الأردنيين غيّروا في الشهور الأخيرة سياستهم تجاه سوريا، عندما سمحوا  بتدريب المتمردين على أراضيهم وتعزيز علاقاتهم بهم في مثلث الحدود الاسرائيلي الاردني السوري، وعلى طول الحدود بين الأردن وسوريا، إلى جانب اقامة مخيمات للاجئين داخل الأراضي السورية تحت مسؤولية المعارضة المسلحة وذلك من أجل بناء ربط أمني يسيطر عليه المعارضون في هذا المثلث الحدودي، يؤكد فيشمان أن من المنطقي جداً أن تحتاج الأردن الى موافقة اسرائيل الصامتة، كما أن اسرائيل معنية بأن تعلم من هم اللاجئون والمتمردون الذين سيستقرون قرب حدودها.

هذا الى جانب أن المثلث الحدودي، السوري الأردني الاسرائيلي؛ تحول الى الطريق المركزي لانتقال المتمردين الى سوريا، بعدما كان دخولهم يتم من تركيا، ونظراً لأن مصلحة اسرائيل تقتضي معرفة ما يحدث هناك، تعمقت الحاجة الى تنسيق أمني سياسي بين اسرائيل والأردن، وهو ما يفسر أيضاً الزيارات التي قام بها نتنياهو أخيراً للملك عبد الله في عمان. وخلص فيشمان الى أن الحدود بين سوريا والأردن باتت تنطوي على احتمال عالٍ جداً لنشوب مواجهة عسكرية، الأمر الذي دفع الأميركيين في الفترة الأخيرة الى ارسال قوة تنتمي الى الفرقة المؤهلة الرقم 1، وهو ما دفع الأردنيون للسماح للطائرات بدو طيار الإسرائيلية بالتحليق على طول الحدود الأردنية السورية، كما ذكرت صحيفة "ليفيغارو" الفرنسية.

في موازاة ذلك، يتحدث فيشمان عن مخاوف لدى الأردن من أن يستخدم الإيرانيون العراق "للتآمر" على السلطة في الأردن، هذا الى جانب القلق الاسرائيلي من الاقتراب الايراني من حدود الأردن الشرقية، فيما تعاني أيضاً (تل أبيب) مشاكل جسيمة مع الشيعة في لبنان.

لكن الجديد في هذا المسار - كما شخصته الإدارة الأميركية - أن التقدم وعدم التقدم في المحادثات مع الفلسطينيين لم يعد ذا تأثير كبير، كما كانت الحال في الماضي، في العلاقات بين الأردن واسرائيل، وهو ما يسمح بنظر الأميركيين بتعاون عسكري أردني اسرائيلي أقوى.

 

المسار التركي

أما بخصوص المشاكل المرتبطة بتركيا؛ فترى الإدارة الأميركية أن حلها أسهل، على خلفية العلاقات الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية بين اسرائيل وتركيا، كما كانت في الماضي القريب جداً. هذا الى جانب أن المصلحة الاقتصادية للدولتين دفعتهما للحفاظ على العلاقات الاقتصادية بينهما وتطويرها، كما أن التهديدات المشتركة المتعلقة بسوريا وإيران، تؤدي الى تبادل للآراء بين الطرفين من غير وسيط.
وشدد على عدم أهمية ما يقوله رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، أو وزير خارجيته في العلن.
ويرى فيشمان أن التقارب بين البلدين ينسحب أيضاً باتجاه الجهات الاستخبارية التي سبق أن عملت في تقارب شديد في الماضي غير البعيد، مشيراً إلى أن ما نشرته صحيفة "صانداي تايمز" عن عزم اسرائيل على الطلب من الأتراك السماح لسلاح جوها بالتحليق في الاجواء التركية، وفي المقابل تحصل تركيا من اسرائيل على وسائل قتالية حديثة، ليس سوى عنصر واضح في الاتفاقات الأمنية المختلفة.

 

خارطة المصالح المشتركة

في سياق متصل؛ يقول فيشمان أن الامريكيون دخلوا ملعب "أربع + واحد" بعدما رسموا بحذر خارطة مصالح كل واحدة من هذه الدول واهتماماتها، تبين خلالها أن لها الكثير من الاهتمامات المشتركة، منها منع تهريب الوسائل القتالية من إيران إلى سوريا، ومن سوريا الى الأردن، ومن ليبيا إلى مصر وسيناء، ومن السودان الى سيناء فغزة، ومن ايران الى اليمن، والى سيناء وغزة، ويرى فيشمان أن التعاون الاستخباري بين هذه الدول الخمس واسرائيل يمثل كنزاً مهماً.

ويؤكد فيشمان أن ايران الساعية الى القدرة النووية والمتآمرة على الدول السنية تمثل مصدر اهتمام مشترك بين جميع هذه الدول، الى جانب تعاظم قدرات الجهاد العالمي والقاعدة في سيناء واليمن والعراق والصومال والسودان وسوريا، وانتشار السلاح غير التقليدي، فضلاً عن استقرار النظام في الاردن.

ويضيف الأميركيون أن مزايا هذا الحلف الأمني غير الرسمي ستشمل تبادل المعلومات والحصول على انذار مبكر في الوقت الملائم، على أن يجري في المرحلة التالية التعاون من أجل احباط الارهاب، وفي هذا المجال بلغ الأمر بوزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان تحدث أيضا عن "غرف حرب مشتركة لممثلي هذه الدول".

 

النظرة الى مصر "مرسى"

يقول فيشمان انه بالرغم من أن النواة الصلبة لهذا الحلف غير المكتوب مؤلفة من دول الـ "أربع + واحدة + اسرائيل" إلا انه - بحسب الخطة الامريكية-  سيكون من الممكن ضم دول أخرى لها مصالح مشتركة.

وبالنسبة لمصر؛ يرى فيشمان أن الأميركيين ينظرون اليها - حتى الآن - على أنها نصف دولة، وفي مجال التعاون الأمني يتجاهلون ببساطة الرئيس محمد مرسي والاخوان المسلمين، اذ يوجد للجيش بحسب الدستور المصري استقلال في مجال الاتفاقات الأمنية الاقليمية.

ويحاول الأميركيون أن يُجنّدوا أيضاً البحرين وقطر للاطار الأمني المتكوّن لمواجهة التهديد الايراني في الأساس.

 

فكرة قديمة جديدة

في كل الأحوال؛ فإن فكرة انشاء حلف دفاعي اقليمي ليست غريبة على اسرائيل، فقد سبق لوزير الدفاع ايهود باراك أن روج خطة دفاعية اقليمية للإدارة الأمريكية ولرئيس الوزراء نتنياهو، لكنه تحدث حينها عن تعاون في مجال واحد فقط؛ هو الانذار ومدافعة الصواريخ البالستية، أي أن اسرائيل تستطيع ان تتلقى معلومات من نظم رادار موجودة على أرض البحرين والسعودية وتركيا، وتزود دولاً جارة كالأردن بحماية جوية من الطائرات والصواريخ، وقد نقلت أفكار باراك يومها إلى الأردن والسعودية، لكنها لم تلقَ حماسة ولا قبولاً، لا هناك ولا في القدس أيضاً.