خبر في السادسة بعد الفصل العنصري- هآرتس

الساعة 09:10 ص|21 ابريل 2013

بقلم: جدعون ليفي - جوهانسبرغ

        (المضمون: دعوة اسرائيل (والفلسطينيين) الى التعلم من دروس جنوب افريقية حيث حل العدل محل الظلم والتعايش محل الفصل العنصري - المصدر).

        حينما سُجل أدام هفيف للدراسة في جامعة ويتفيترسرند في جوهانسبرغ احتاج الى إذن حكومي كي يُقبل: فهفيف "ملون" وكانت الجامعة بيضاء. وكان هذا قبل نحو من ثلاثين سنة. في الشهر القادم سيتولى البروفيسور هفيف منصبه الجديد، وهو نائب مستشار الجامعة التي قبلته للدراسة بصعوبة، وهو منصب يوازي رئيس جامعة عندنا. والمؤسسة التي درس فيها هي الآن واحدة من الجامعتين المتقدمتين في جنوب افريقية، وأكثر طلابها سود ورئيسها ملون، ولم يمر سوى ثلاثين سنة.

        مرت ثلاثون سنة فقط منذ كان رولف ماير نائب وزير النظام العام في نظام الفصل العنصري، ووزير الدفاع ووزير الدستور. وفي الشهر القادم سيقدم ماير تقرير الامن القومي الى حكومة جنوب افريقية. إن هذا الرجل الذي حارب المؤتمر الوطني الافريقي لنلسون مانديلا ورآه منظمة ارهابية وسجن نشطاءه أصبح مستشار أمن الحكومة التي ترأسها تلك المنظمة. وفي خلال ذلك حضر أمام لجان الحقيقة والمصالحة واعترف بنصيبه من الفصل العنصري.

        إن هذين الشخصين المؤثرين هفيف وماير هما وجه جنوب افريقية الجديد. وحكايتهما كحكاية بلدهما من أعجب ما في التاريخ الحديث. مع غير قليل من التحديات والمشكلات الشديدة – البطالة والجريمة وجهاز تربية فاشل وعدم مساواة اقتصادي من اسوأ ما في العالم – ما زالت زيارة جنوب افريقية تثير مشاعر تأثر عميقة. وكانت أعجوبة جنوب افريقية يمكنها ان تهب لأعجوبة حديثة اخرى وهي اسرائيل فصلا آسرا. فقد ولدت في نفس السنة التي ولد فيها الفصل العنصري – فأين اسرائيل اليوم من جهة الاخلاق والعدل وأين جنوب افريقية. ولندع لحظة المقارنة الفاشية في العالم بين الفصل العنصري ونظام احتلال اسرائيل. يحسن بنا بدل ذلك ان ندرس دروس جنوب افريقية الجديدة. فلو ان اسرائيل (والفلسطينيين ايضا) تصرفت مثل جنوب افريقية لأصبح عندنا دولة مختلفة، فقد برهن جنوب افريقية ان هذا الامر ممكن خلافا لجميع الاحتمالات، فهل يوجد شيء يبث الأمل أكثر من ذلك؟.

        إن معجزة جنوب افريقية وإحلال نظام عدل محل نظام الشر مع مسار مصالحة مدهش يجب ان يُدرس في اسرائيل. وبدل ان نكافح قراراتها على تأشير منتوجات من المستوطنات بعلامات والقطيعة مع الجامعات كان يجب ان نرسل اليها وفود دراسة. علّمونا يا سكان جنوب افريقية كيف يصبح عدو الأمس شريك اليوم. وكيف نُبعد المخاوف ونمحو الكراهية ونُكفر عن الظلم وننشيء عدلا جديدا.

        إن قائمة الدروس طويلة. حينما انتُخب ماير أول مرة لبرلمان الفصل العنصري نظر حوله وخشي ان يكون شيء ما ليس كما ينبغي. "شعرت بأنني لا أمثل شعبي"، قال في نهاية الاسبوع في مزرعة افريقية سابقة في ظاهر بريتوريا. فهل نظر عدد من اعضاء الكنيست الجدد حولهم وشعروا مرة بأن شيئا ما ليس كما ينبغي؟ ثم استمر ذلك بعد ذلك بتجنيد البيض المدهش أنفسهم وفيهم يهود غير قليلين من اجل النضال ضد السود. فقد مكث عضو البرلمان اليهودي بن توروك سنين في السجن وجلا عن بلده؛ وفقد القاضي اليهودي ألبي ساكس عينه ويده في محاولة اغتيال وجلا هو ايضا؛ ومثلهما ايضا روني كريسلز وهيلين زوسمان وكثيرون آخرون دفعوا ثمنا شخصيا باهظا في النضال لاحراز عدالة للغير. فأين يوجد عندنا ناس كهؤلاء؟.

        لكن الدرس الرئيس لاسرائيل هو في اللحظة التي تغلغل فيها وعي أنه ما عاد يمكن الاستمرار في الفصل العنصري، فقد قال الجيش والاقتصاد والعقوبات والعزلة: حسبُنا. وحينما صيغ هذا الوعي أصبح الطريق قصيرا. فلو ان اسرائيل كانت أشد وعيا لوضعها لكانت الآن ايضا في مكان يقول ما عاد يمكن الاستمرار. صحيح انه كان للسود نلسون مانديلا وللفلسطينيين محمود عباس؛ وكان للبيض ديك ليرك ولنا بنيامين نتنياهو. ومع كل ذلك انظروا الى جنوب افريقية لتروا ماذا كان يمكن ان يكون هنا.