خبر أبو مرزوق: لا يوجد صراع أجنحة داخل حماس

الساعة 05:47 م|12 ابريل 2013

صحيفة فلسطين

دعا عضو القيادة السياسية لحركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق القاهرة إلى إعلان نتائج التحقيقات في ملف "مجزرة رفح"، والكشف عن أي اتهامات تتعلق بتورط الحركة في الشأن الداخلي المصري، إن وجدت.
ونفى أبو مرزوق في حديث لـصحيفة "فلسطين" أن تكون هناك اتهامات رسمية للحركة بالمسئولية عن أحداث ووقائع في مصر.
وقال: "لا أستطيع إلزام الجهات الرسمية بإعلان النتائج في هذا الشأن، أو أن أصرح نيابة عن الأجهزة والمؤسسات المصرية المعنية، ولو كانت الحركة متهمة حقيقة لرفضت القاهرة ضيافة اجتماع مجلس الشورى العام للحركة، وانتخاباتها الداخلية".
وردًّا على سؤال مفاده: "لماذا لا تطلب قيادة حماس من الرئاسة المصرية إصدار بيان يكذب الاتهامات الموجهة للحركة؟"، أوضح أن نفي الرئاسة قد يأتي بأثر عكسي لدى المعارضة، وقال: "نحن لا نريد أن تكون حماس مادة للتجاذب السياسي بين القوى الوطنية المصرية؛ لأن الخاسر في النهاية هو نحن (حماس)".
وبخصوص مقاضاة من يتهمون الحركة دون دليل، بين أن عمليات التقاضي قد تستمر سنوات في المحاكم، "وهي على كل الأحوال لن توقف الاتهامات"، لافتًا إلى أن "هذه الخطوة قد تصنع أبطالًا، وتضع أشخاصًا في مكانة لا يستحقونها".

تدافع سياسي


وأشار "أبو مرزوق" إلى أن الثورة المصرية أفرزت اتجاهين داخل المعارضة التي كانت تواجه النظام السابق، قائلًا: "جزء منها وصل للحكم، والجزء الآخر ظل في المعارضة، قبل أن يتكتل في مواجهة جميع القرارات التي يتخذها النظام الحاكم في البلاد".
أضاف: "نحن لسنا طرفًا في هذا التدافع السياسي، وقد سمعت من أطراف كثيرة في المعارضة المصرية وجهات نظر تتعارض تمامًا مع ما هو مطروح من اتهامات لحماس في الإعلام المصري".
واستشهد "أبو مرزوق" بأن وزير الداخلية المصري الأسبق حبيب العادلي اعترف خلال التحقيقات التي أجريت معه أن جهات عليا أمرته بفتح السجون في أثناء الثورة، تحديدًا أعضاء في لجنة السياسات بالحزب الوطني (المنحل)؛ لزيادة الفوضى وإجهاض الثورة.
واستغرب من "ماكينة الشائعات التي تنتج يوميًّا منذ بداية الثورة المصرية حتى الآن اتهامات متنوعة لحماس، لاسيما اتهامها بـ: إطلاق سراح مسجونين، وإطلاق النار على متظاهرين، وخطف جنود شرطة، وقتل ضباط وجنود عسكريين، وأخيرًا اتهام حماس باستهداف مسيحيين ومسلمين في أحداث الكاتدرائية، ومنطقة الخصوص بالقليوبية".
وبخصوص قضية استشهاد الضباط والجنود المصريين في رفح خلال شهر أغسطس الماضي، أكد أن حماس قدمت للجهات الرسمية كل ما طلب منها، قائلًا: "وأعتقد أن الجهات الرسمية لو نشرت نتيجة التحقيقات في القضية لانتهى الأمر".

مؤسسات رسمية


وبصيغة قاطعة نفى "أبو مرزوق" أن تكون حماس قد طلبت لقاء وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي؛ لـ"تسوية ملف الضباط والجنود المصريين في رفح".
وقال: "حماس لم تطلب في مصر أو خارج مصر لقاء وزير دفاع أو أي مسئول في الجيش".
وشدد على أن الحركة "تتعامل دائمًا مع الجهات والقنوات الرسمية التي تتقاطع معها الحركة، وأيضًا مع السياسيين الموجودين في البلد المعني".
وإذ أشار إلى أن قيادات الحركة يشرفها لقاء الفريق "السيسي"، أكد نفيه السابق مجددًا: "لم يحدث أن طلبنا لقاءه".
وكذّب "أبو مرزوق" ما تردد عن تسريبات إسرائيلية لحركة فتح تتهم "حماس والجهاد الإسلامي" بالمسئولية عن مجزرة رفح، عادًّا "ما يتردد في هذا الشأن تشويهًا وفبركة إعلامية".
وقال: "ليس معقولًا أن أبرئ حماس والجهاد باتهام فتح أو السلطة بتسويق هذه الأكاذيب، هذا شيء غير أخلاقي على الإطلاق".
واستغرب "أبو مرزوق" عدم الإشارة من قريب أو بعيد إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي يعده المستفيد الأول مما يحدث في سيناء، موضحًا أن "محاولات الاحتلال الرامية إلى إلصاق ما يحدث في سيناء بحماس طبيعية، في ضوء عداوته للحركة التي كسرت هيبته قبل أشهر في معركة الأيام الثمانية".
ورأى أبو مرزوق أن الفراغ الأمني في سيناء خلال العهد السابق تسبب في العديد من الأزمات التي شهدتها مصر، لاسيما العبث الإسرائيلي بأمن سيناء، قائلًا: "هم يفعلون ذلك حقيقة"، يقصد الإسرائيليين الذين أشار إلى أنهم "يدخلون سيناء بالبطاقة ودون تأشيرة".
وكشف عن أن مراكز التجنيد والتجسس وعملاء (الموساد) في سيناء "يعبثون في كل المناطق حتى في قطاع غزة، الذي يجندون فيه العملاء للاحتلال من سيناء، تحديدًا من شرم الشيخ وطابا".
واعترف: "هذا ثابت لدينا من واقع التحقيقات التي أجريناها مع العملاء، الذين سلموا أنفسهم في القطاع خلال المدة الأخيرة".

تسويق للقضية


وأكد "أبو مرزوق" أن لقاءات حماس بأطراف سياسية في مصر _لاسيما التيار الشعبي وحزب التجمع_ "لم يكن الهدف منها القيام بجهود وساطة بين هذه التيارات وجماعة الإخوان المسلمين، وجناحها السياسي حزب الحرية والعدالة الحاكم في مصر".
وبين أن "اللقاءات استهدفت توضيح مواقف وأسس ومبادئ حركة حماس في تعاملها مع الآخرين، سواء في الساحة المصرية أم في غيرها"، قائلًا: "وأتت لتأكيد أننا نقف على مسافة واحدة من الجميع، وأنه لا علاقة لنا بكل ما يحدث من قريب أو من بعيد".
ورأى أن الزيارات السياسية لأحزاب وتجمعات سياسية مصرية طبيعية قبل وبعد الثورة، قائلًا: "وقبل الثورة كنا نلتقي كل القيادات السياسية الوطنية، وهو الحال نفسه بعدها، إذ يجمعنا معهم وحدة القضية الفلسطينية التي تجمع ولا تفرق ويتوحد عليها الجميع"، وأضاف: "إن البحث عن تأييد للقضية الفلسطينية وتسويقها في الأوساط السياسية يقتضيان منا إجراءات وتحركات ومد الجسور مع الجميع، هذا شيء طبيعي في مصر وغيرها لمصلحة الشعب الفلسطيني".
وجدد "أبو مرزوق" تأكيده أن حماس تتمسك بسياسة وموقف واضحين فيما يتعلق بالشأن المصري والعربي: "نحن لا نتدخل إطلاقًا، ونرفض الزج بأنفسنا في هذه التدافعات السياسية".
وأكد أن الحركة تقف على مسافة واحدة من كل القوى الوطنية في الساحة المصرية: "لأننا ننشد دعم ومساندة الجميع في قضيتنا الكبرى، المتعلقة بحقوق شعبنا الفلسطيني وعودته لأرضه وتحرير بلاده".

ملفات شائكة


واعترف بأن حماس تتمسك بالبعد عن كل الخصومات والعداءات السياسية، مهما بلغت درجتها وأيًّا كانت مسبباتها، و"حتى لو كانت هذه الخصومات في بعض الأحيان تحمل ظلمًا للحركة".
واستشهد بأن بعض الأقطار التي اتخذت إجراءات ضد الحركة وطردت قياداتها وعناصرها وإغلاق مكاتبها؛ لم تعاد الحركة أيًّا منها، قائلًا: "ذلك لأننا أصحاب قضية، ويجب أن نركز لخدمة هذه القضية، بدلًا من تشتيت الجهد العربي الإسلامي".
ونفى القيادي في حماس وجود أي علاقة بين كتائب القسام وثوار سوريا، قائلًا: "نحن دفعنا ثمن موقفنا السياسي ونحن في أحضان النظام، وخرجنا من سوريا؛ حتى لا تحسب مواقفنا على أي جهة من الجهات؛ تدعيمًا لسياستنا التي تحترم سيادة الدول، وترفض التدخل في الشئون الداخلية؛ لأنها خط أحمر، لاسيما إذا كان هناك صراع داخلي، ولا ننكر وقوفنا إلى جانب الشعب السوري، لكن كتائب القسام لا تدرب، وليس لها أي علاقة بالجيش السوري الحر".
ولم يتفق "أبو مرزوق" مع ما يقال: "إن أيام الرئيس المصري السابق حسنى مبارك أفضل حالًا لغزة من عهد الرئيس محمد مرسي، خاصة على صعيد الوقود والأنفاق".
واستغرب اتهام الحركة بالمسئولية عن أزمة السولار المصرية، قائلًا: "إن مصر تستهلك 37 مليون لتر في اليوم، أما الذي يهرب إلى قطاع غزة _وهذه حقيقة لا ننكرها_ فهو أقل من 250 ألف لتر، فهل هذه الكمية تتسبب في أزمة؟!".
ووصف هذه الاتهامات وكلامًا آخر مفاده أنه ليس من حق حماس تهريب السولار المدعم إلى قطاع غزة بـ"الغريبة"، وأكد أن "الحركة لا تهرب الوقود، لكن التجار المصريين يقومون بهذه العمليات ليس فقط لقطاع غزة، بل لدول محيطة أيضًا: قبرص ولبنان وتركيا، إضافة إلى الكيان الإسرائيلي؛ رغبة في مضاعفة أرباحهم".
وقال أبو مرزوق: "لأننا لا نرضى بهذه الاتهامات؛ طلبنا من الأصدقاء أن يساعدونا في هذه الأزمة، فأرسلت قطر باخرة حمولتها 33 ألف طن من السولار، خزنت في السويس منذ عام تقريبًا، ولم نتسلم منها سوى 10 آلاف طن، وتعطل نقل باقي الكمية؛ بسبب الإجراءات والموافقات".
وبخصوص أزمة الأنفاق بين أن الحركة تعترض على ما يحدث إعلاميًّا، قائلًا: "هدم الأنفاق مستمر على أرض الواقع، والكرة الآن في ملعب أصحاب الأنفاق، لا حماس، نحن لا نستطيع أن نفعل أكثر من ذلك".
وأكد أن "الأنفاق ضرورة حتمية في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة، وأنه "في حال فتح المعبر بشكل رسمي سوف تكون حماس أول من يساعد على إغلاق الأنفاق".
وأعلن "أبو مرزوق" أن معبر رفح تحسن عما كان عليه في السابق، مستدركًا: "لكنه لا يزال حتى الآن مخصص للحالات الإنسانية، والفئات العمرية من 18 إلى 40 عامًا لا تزال ممنوعة من الدخول إلى مصر إلا لحالات المرض أو التعليم".
وبخصوص مصير منطقة التجارة الحرة بين القاهرة وقطاع غزة قال: "هذا الملف مغلق حاليًّا لأسباب سياسية لا أمنية؛ بحجة أن منطقة التجارة الحرة تعمق الانقسام بين القطاع والضفة".

إرادة وطنية


وبخصوص تلكؤ الأطراف المعنية بملف المصالحة في تفعيل ما جرى الاتفاق عليه، وإلقاء مسئولية الإخفاق على الخصم السياسي، أشار "أبو مرزوق" إلى أن هناك أحاديث كثيرة وأفعالًا قليلة فيما يتعلق بهذا الملف، ولابد من ترجمة نتائج الاتفاقيات والاجتماعات بين القوى والفصائل الفلسطينية.
وقال: "الأسباب واضحة، فالتدخلات الخارجية تعوق ملف إنهاء الانقسام، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الاحتلال طرف ثالث معني بتعميق الانقسام؛ كونه يبسط سيادته بالكامل على الضفة الغربية، وإلى جانب التدخل الإسرائيلي في ملف المصالحة هناك الطرف الأمريكي الرافض للتقارب الفلسطيني- الفلسطيني".
وأضاف: "حتى الآن ليس هناك أي لقاءات رسمية مع الإخوة في حركة فتح؛ لاستئناف المفاوضات انطلاقًا من النقطة التي توقفنا عندها سابقًا".
وأشار إلى أن اللجنة العليا للانتخابات انتهت من تقريرها، إلا أن التدخلات الخارجية لا تزال عاملًا سلبيًّا في وجه المصالحة.
ودعا الأطراف الفلسطينية للذهاب إلى المصالحة "بإرادة واضحة، وتفعيل ما اتفقت عليه رزمة واحدة، وعدم الاستسلام للضغوط الخارجية"، عادًّا "موقف حماس اليوم من المصالحة أفضل منه غدًا؛ لأنها ترغب في تسريع وتيرة المصالحة وإنهاء الانقسام".
وأكد "أبو مرزوق" ضرورة تجاوز كل العراقيل التي تواجه هذا الملف؛ "لأنه أولوية وطنية وشعبية"، مشددًا في الوقت نفسه على أن كل طرف _سواء في الضفة أم القطاع_ ليس سعيدًا بوضعه، في ظل المشكلات اليومية والحيوية، التي كلها مرتبطة بإنهاء الانقسام.
وقال: "لا يمكن للمصالحة أن تنجح أو أن نواجه ضغوطًا خارجية إلا بالمصالحة الوطنية والسياسية والمجتمعية"، لكنه قلل من حدوث ثورة شعبية اعتراضية؛ بسبب استمرار الانقسام.

أوراق ضغط


وطالب "أبو مرزوق" القاهرة بممارسة ضغوط على الاحتلال؛ حتى يلتزم ببنود التهدئة التي قادتها مصر قبل أشهر، وجرى خلالها الاتفاق على تفاهمات تشمل: "إنهاء المنطقة العازلة، وزيادة مسافة الصيد المسموح بها إلى 6 أميال بحرية، وفتح المعابر الحدودية للأشخاص والبضائع"، قبل أن يخرق الاحتلال هذه التهدئة ويتلاعب ببنودها.
وردًّا على سؤال يتعلق بأوراق الضغط التي تملكها مصر في هذا الشأن قال: "مصر تملك العديد منها؛ فهي الراعي لاتفاق التهدئة، ولذا تستطيع أن تتحدث بقوة في هذا الموضوع، وأن تفعل الكثير؛ لأن الاحتلال يطلب من الجانب المصري في المقابل التدخل وسيطًا في ملفات أخرى".
وأشار إلى وجود مؤشرات إيجابية (دون الخوض في تفاصيلها) في الجهود المصرية لإلزام الاحتلال بتطبيق ما جرى الاتفاق عليه، فقد أوضح "أبو مرزوق" أن ما أعلنه المتحدث الإسرائيلي بخصوص المعابر، وعدم جدوى إغلاقها بمنزلة "رسالة إلى تركيا التي تشترط لإعادة "تطبيع" العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي؛ فتح المعابر، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة".
وإذ اعترف "أبو مرزوق" بالأزمة المالية لحماس عقب الثورات العربية والأحداث السياسية المتلاحقة في المنطقة، أكد أنه لا صحة لما يتردد عن صراع أجنحة داخل المكتب السياسي للحركة، وأن تأخر إجراء انتخاباتها الداخلية كثيرًا يعود بالأساس إلى اتساع المناطق الجغرافية التي توجد فيها الحركة: (قطاع غزة والضفة الغربية والسجون والخارج)، وكل فئة سياسية تنتخب ممثليها في عضوية المكتب السياسي.
وقال: "طبيعي جدًّا دخول قيادات وخروج آخرين دون أن يفقدوا عضوية المكتب السياسي أو تزول عنهم هذه الصفة، فالتجديد من سنن الحياة، ويجب أن يكون كذلك في المواقع القيادية والملفات"، وأشار إلى أن حماس لديها مؤسسات شورية وسياسية، وأنه لا مكان أو مجال للأهواء.