خبر بعثة قاتلة في أرض العدو.. هآرتس

الساعة 08:40 ص|12 ابريل 2013

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: يقول رئيس مديرية تطوير وسائل القتال أوفير شاهم انه ستستعمل في غضون سنوات قليلة مركبات لا يشغلها بشر في ميدان البر في الجيش الاسرائيلي - المصدر).

حينما يُطلب الى أوفير شاهم خبير التكنولوجيا الرئيس في جهاز الأمن ان يرسم شكل إدماج منظومات لا يشغلها بشر في القتال البري للجيش الاسرائيلي في المستقبل، يعرض وصفا قد يبدو خياليا قليلا: "إننا ننفق الكثير جدا من الوقت والجهد على تطوير رجال آليين لمهام برية"، يقول شاهم. "في غضون بضع سنوات سيكون عدد من المهام العملياتية ذات طبيعة معروفة نستطيع ان ننفذها بعدد قليل من الوسائل التي لا يشغلها بشر. لن يحل الرجال الآليون محل المقاتلين فهذا بعيد جدا شيئا ما. لكننا سنستعمل على الارض مركبات لا يشغلها بشر في مواجهة أهداف ذات خطر كبير يمكن ان نرسل اليها من بعيد في داخل ارض العدو ما يشبه الحرس المتقدم – أي مركبات تراقب وتطلق النار ايضا. وسيحدث هذا في المستقبل القريب".

إن شاهم، وهو عميد في الخمسين من عمره، انتقل بعد حياة عسكرية غنية الى وزارة الدفاع وهو يرأس في السنوات الثلاث الاخيرة "مديرية البحث وتطوير وسائل القتال والبنية التحتية التقنية" (مبات)، يقول ان هذا المستقبل ليس بعيدا كثيرا. "إننا نتحدث عن سنة 2020 تقريبا. إن تحدي استعمال الرجال الآليين في البر أصعب من التحدي في الجو، فقد توصلنا الى ذلك في الجو قبل سنين مع منظومة الطائرات بلا طيارين الواسعة التي يستعملها سلاح الجو والقوات البرية. والاتصال في البر بالوسائل أصعب بسبب تضاريس الارض ولأن تثبيت خط رؤية مباشرة أصعب. وعندنا الآن مركبة لا يشغلها بشر تستعمل في الدوريات الاستطلاعية على حدود قطاع غزة لكن قدرتها محدودة وتتعلق بالتخطيط المسبق لمسار الرحلة. في 2020 سيملك الجيش الاسرائيلي وسائل لوجستية تستعمل من بعيد ووسائل تخترق العوائق ووسائل استطلاع. لن تكون عندنا سرية دبابات لا يشغلها بشر لكن يمكن التوصل الى مهمة محددة مثل الاختراق الى منطقة مهددة وجمع معلومات استخبارية ومساعدة لوجستية. ونحن بين المتقدمين في العالم في هذا المجال بفضل التجربة التي اكتسبت في تطوير الطائرات بلا طيارين".

يعرض شاهم الذي يقلل من اجراء المقابلات الصحفية جدا في حديثه الى صحيفة "هآرتس" قُبيل يوم الاستقلال سلسلة طويلة من المشروعات التقنية تشرف عليها "مبات". ويُنفق على أكثرها من ميزانية سنوية غير كبيرة بصورة خاصة تبلغ نحوا من 760 مليون شيكل، وتوجد مخصصات اخرى لمنظومات ما منها القبة الحديدية. وقد أعلن وزير الدفاع الذي تولى عمله قريبا، موشيه يعلون، أن البحث والتطوير سيبقى له التفضيل الأعلى لكن شاهم ذو خبرة كافية كي يعلم انه لا شيء قد حُسم الى أن تُصاغ الميزانية العامة للدولة بصورة نهائية.

إن دُرة التاج الاعلامية على الأقل، للنشاط التقني في السنوات الاخيرة، تتصل بالمنظومات الاعتراضية. ويعترف شاهم ان "هذا المجال قد تطور أكثر مما كنا نستطيع التخمين". ويقول في صياغة حذرة انه "كان للقبة الحديدية في بدء ايامها مؤيدون أقل. ويوجد اليوم غير قليل من كبار المسؤولين في جهاز الامن يعترفون بأنهم غيروا رأيهم في الاعتراض. لكنني حذر من جعل هذا الامر هو المشهد العام، فهذه وسيلة تُمكّن القادة الكبار من مجال مداورة وتُمكّن الدولة من مواجهة ارهاب القذائف الصاروخية التي يستعملها أعداء يئسوا من احتمال المس بنا في معركة يحارب فيها جيش جيشا. وينبغي ألا نخطيء فنعتقد ان القدرة الاعتراضية ستحل محل الحاجة الى الهجوم والقضاء على تهديد القذائف الصاروخية والتوصل الى حسم في مواجهة عسكرية تقليدية، لكنه يوجد اليوم مستوى عال جدا من الثقة عند متخذي القرارات بالقدرة الاعتراضية التي طورتها الصناعة الامنية".

في الشهر الماضي نشر البروفيسور تيد بوستل، وهو خبير امريكي من المعهد التقني في ماساشوسيتس (إم.آي.تي) مقالة زعم فيها ان معطيات النجاح التي تنشرها اسرائيل بشأن اعتراضات القبة الحديدية مخطئة. بل إنه أشار اعتمادا على تحليل أفلام قصيرة صورها مواطنون في جنوب البلاد وقت عملية "عمود السحاب" أن المعطيات قد زُورت على عمد مع تضليل الادارة الامريكية وقدر أن نسبة الاعتراضات لا تزيد على 5 – 10 في المائة من حاصل محاولات الاعتراض، وبرغم أن المزاعم التي لا تعتمد على بحث فعلي تُذكر في الأساس بنظرية المؤامرة التي زورت ناسا بحسبها هبوط مركبة الفضاء "أبولو 11" على القمر في 1969، فانها حظيت بصدى واسع.

"سيعارض كثيرون القبة الحديدية ولا يهم ما يحدث حتى حينما ثبت بيقين أنها ناجحة"، يقول شاهم. ويقول: "هذه مزاعم لا أساس لها فنجاحات الاعتراض موثقة مصورة بتجارب وبالاستعمال العملياتي للمنظومة. ويُدار المشروع كله تحت رقابة ملاصقة من الادارة الامريكية. وحينما يدفع الامريكيون عن شيء ما – والولايات المتحدة تساعد في الانفاق على جزء كبير من المشروع – يريدون ان يعرفوا ان المال يتجه الى المكان الصحيح".

يزنون الآن كما يبدو في جهاز الامن عرض معلومات اخرى على خبير خارجي لكنهم يرفضون ان ينشروا معطيات وأفلاما قصيرة اخرى على الملأ بحجة ان ذلك قد يساعد الأعداء. "لم نبالغ في عرض معطيات النجاح في عمود السحاب. ولم نعرف هل سنصل الى النسب التي وصلنا اليها في التجارب، لكننا بصراحة راضون عن الـ 84 في المائة من النجاح الذي سُجل وقت العملية"، يقول شاهم.

فاجأ التصعيد الاخير مع حماس في شهر تشرين الثاني، اسرائيل وهي في ذروة التسلح بمنظومة القبة الحديدية حينما نُشرت البطارية الخامسة بصورة مرتجلة لحماية غوش دان في اثناء اطلاق القذائف الصاروخية. وليس شاهم نادما على المنظومات الناقصة لكنه يوافق على انه يجب تعجيل ايقاع انتاجها في رفائيل. وقد أُتم خط انتاج آخر للصواريخ في المدة الاخيرة في مصنع رفائيل في الجليل وسيدخل العمل قريبا. ويقول شاهم انه برغم الزعزعة التي تمر بها الميزانية الامنية الامريكية الآن "تؤيد جميع الجهات ذات الصلة الحفاظ على المساعدة الميزانية لاسرائيل من اجل الدفاع الفعال والقبة الحديدية ومستويات الاعتراض الاخرى. وهم يبذلون كل جهد للحفاظ على ذلك وهذا ناجح كثيرا".

يتوقع شاهم انه سيمكن ان يُنقل الى الجيش الاسرائيلي خمس بطاريات اخرى من القبة الحديدية في غضون سنتين، ويُقدر ان يُعلن ان المنظومة الاعتراضية للمدى المتوسط "الصولجان السحري" سيُعلن أنها عملياتية في نهاية 2014 أو في مطلع 2015. "أجرينا تجربة اعتراض ناجحة في تشرين الثاني في وقت قريب من العملية في غزة"، يقول، "وحينما تُستكمل المنظومات يكون القصد الى ان يسيطر سلاح الجو على المستويين من مركز اعتراض واحد ينسق بينهما".

وفي غضون اربع سنوات سيُستكمل ايضا المستوى الأعلى لاعتراض صواريخ بعيدة المدى، وهو الطراز المتقدم من صاروخ "حيتس" وهو "حيتس 3". ويقول شاهم: "أتممنا في شباط تجربة اطلاق ناجحة لحيتس 3 لكننا لم نتقدم بعد هناك الى تجارب اعتراض. ويجب ان نتذكر ان الدفاع الجوي ليس مُحكم الاغلاق فتوجد دائما نسب فشل. لكنك اذا أبعدت مدى الاعتراض الأول وزدته عُلوا فانك تتيح فرصة اخرى متأخرة لاعتراض صاروخ يُطلق من بعيد وتزيد في احتمالات الاعتراض. واذا كان عندك وقت كاف لتجربة اخرى فانك تضائل احتمال فشل الاعتراض". وهذا التشخيص ذو صلة خاصة بالتهديد من ايران التي يغطي مدى صواريخ شهاب التي تملكها كل مساحة اسرائيل.

إن التقدم في مجال اعتراض الصواريخ هو بقدر كبير اجراء تكميلي للتطويرات التقنية السابقة في اسرائيل في مجال الطائرات بلا طيارين والاقمار الصناعية. ويفخر شاهم بـ "نضج عملياتي خارج عن المألوف" لوسائل الطيران التي لا يشغلها بشر. "أصبح يوجد في السنوات الاخيرة عدد أكبر من طلعات طائرات بلا طيارين في سلاح الجو من طلعات الطيارين. وقد تحطمت "إيتان" وهي أكبر طائرة بلا طيار نملكها وذات أبعد مدى طيران، قبل سنة. وحقق سلاح الجو في الحادثة بصورة عميقة وأظهر مشكلة انتاج ما في الجناح، لكن طائرة إيتان عادت للطيران منذ ذلك الحين وتعمل اليوم تشكيلة عملياتية أولى من الطائرات من هذا النوع أصبحت تشارك في العمليات. ولا يتخلى أمير إيشل قائد سلاح الجو عنها في أية عملية. وُجد بعد الحادثة شعور بأنه "ماذا حدث هنا؟" لكنه منذ اللحظة التي تبين لنا فيها ماذا حدث عاد سلاح الجو الى استعمالها في العمليات ونحن ننطلق قدما. إن هذه الطائرة تستطيع ان تحمل أنواعا كثيرة من الأحمال ذات الوزن الثقيل (مثل معدات استخبارية)، لتطير زمنا طويلا وعلى ارتفاع عال. ويوجد لذلك طاقة كامنة ضخمة"، ويشير شاهم مرة اخرى الى ميادين بعيدة.

ويقول شاهم: "الولايات المتحدة ونحن فقط موجودون الآن في مقدمة التطوير وإن كان الامريكيون قد سبقونا منذ زمن في هذا الميدان بسبب استعمال الطائرات بلا طيارين في الحرب في افغانستان والعراق". وبحسب تقرير صحفي في صحيفة "نيويورك تايمز" هذا الاسبوع شمل هذا الاستعمال قتل أكثر من 3 آلاف انسان في عمليات اغتيال قام بها الامريكيون بواسطة طائرات بلا طيارين على نشطاء ارهاب. ويرفض جهاز الامن التطرق الى سؤال هل عند اسرائيل قدرة كهذه من الطائرات بلا طيارين الاغتيالية كما زُعم في تقارير كثيرة في وسائل الاعلام الاجنبية.

كان تطوير الطائرات بلا طيارين واحدا من أفضل استثمارات اسرائيل، يقول شاهم. "أفضى هذا الى تطوير بنية تحتية تقنية ضخمة في الدولة. ومن المهم لنا ان نحافظ على مكانتنا في مقدمة التقنية العالمية فهذا مفتاح التطوير في الحقب التالية ايضا". وتبذل اسرائيل جهدا تسويقيا كبيرا لتصدير طائرات بلا طيارين أو للانتاج المشترك لها مع دول اجنبية. وأُبلغ الى اليوم عن وجود صفقات مع دول كثيرة منها الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا واستراليا وتركيا والهند وكندا وبريطانيا واسبانيا وسنغافورة. وكانت اسرائيل في مجال الاقمار الصناعية الدولة الثامنة في العالم التي أطلقت قمرا صناعيا الى الفضاء الخارجي في 1988. ومرت 21 سنة اخرى كما يلاحظ شاهم الى ان انضمت دولة اخرى الى القائمة وهي ايران في 2009.

"توجد أهمية عملياتية للوجود في الفضاء الخارجي. ولنا استقلال مطلق في هذا المجال، وهذا مهم جدا. وقد صُغنا قدرة على التغطية في النهار والليل بمختلف المجسات في كل المناطق التي تهمنا. وفي السنة الماضية تم توقيع صفقة مع ايطاليا ان تشتري من اسرائيل قمرا صناعيا استخباريا. وهذه حقنة منشطة ستُمكّننا من العمل على الأجيال التالية ومنها الاقمار الصناعية في مجال النانو. وسنتقدم في الأجيال التالية في تحسين نوع الصور وتوسيع التغطية والمكان والزمان وتطوير قدرة على العمل في الليل وفي ظروف جوية صعبة".

إن "مبات" مثل كل جسم أمني يحترم نفسه مشغولة في المدة الاخيرة بمجال حماية السايبر، وقد أعلن في الشهر الماضي المدير العام لوزارة الدفاع، الجنرال (احتياط) أودي شني، عن انشاء مديرية سايبر جديدة في الوزارة ستكون كما يقول شاهم قسما من "مبات" كما يبدو.

"إن الفكرة هي توثيق الصلة بالصناعات في اسرائيل لتطوير وسائل دفاعية تخدم الجهات الامنية، كالجيش الاسرائيلي و"الشباك" والموساد، وقد أدركنا ان الصناعة عندها الكثير مما تسهم فيه ويوجد الآن زيادة حادة في التعاون معها يعبر عنها ربح كبير. وهذا مغناطيس للتطوير والاختراعات. إن ما حدث في الحوار بين الوحدة 8200 وصناعة الهاي تيك قبل نحو من عشرين سنة حينما ساعد خريجو الوحدة على نمو الشركات الابتدائية سيحدث في السايبر في السنوات القادمة".

إن شاهم خريج الدورة الثانية من مشروع "تلبيوت" الذي يستوعب الجيش الاسرائيلي به شبابا ألمعيين في وظائف بحث وتطوير بعد ارسالهم لدراسات اكاديمية في العلوم الدقيقة. لكنه في حياته المهنية والى جانب الوظائف الرئيسة في سلاح البحرية ووظائف رفيعة المستوى في قسم التخطيط في هيئة القيادة العامة، استطاع ان يخفض الرتب ويُتم دورة ربابين واستطاع ان يخدم قائدا لسفينة صواريخ.

قد يكون هذا هو السبب الذي يجعله يهتم بأن يُبين أنه برغم الفخر بانجازات التطوير من القمر الصناعي الى الرجل الآلي في البر، فانه لا يُسوّي بين العاملين في التقنية وخبراء السايبر التابعين للجيش الاسرائيلي وبين المقاتلين على الارض الذي يُعرضون حياتهم للخطر. "يجب تفضيل التقنية تفضيلا ما في تجنيد الجنود القليلين ذوي المعطيات الملائمة وتصنيفهم، لكن من المهم حفظ تفضيل المقاتلين في جميع الجوانب الاخرى"، يقول.