خبر المصلحة التي توجد في نهاية النفق - هآرتس

الساعة 08:47 ص|07 ابريل 2013

ترجمة خاصة

المصلحة التي  توجد في نهاية النفق - هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: توضح الرافعة الاقتصادية – الامنية التي يستخدمها الجيش المصري حيال حماس بالتالي لمرسي حدود قوته، حتى في ادارة علاقاته مع الفلسطينيين بشكل عام ومع حماس بشكل خاص - المصدر).

أعادة انتخاب خالد مشعل لمنصب رئيس المكتب السياسي لحماس لم تأتي مفاجئة، على الاقل بالنسبة للمخابرات المصرية التي كان رئيسها الجنرال رافت شحاتة بين الضاغطين الاساسيين لتنفيذ التعيين. حاكم قطر هو الاخر، التي اصبحت احدى الدول الممولة للمنظمة في العصر ما بعد انقطاعها عن سوريا، وكذا الملك عبدالله الذي اقام في الاشهر الاخيرة علاقات جديدة مع زعيم حماس، عملوا كي يتراجع مشعل عن نيته بالاستقالة التي ليس واضحا كم كانت جدية منذ البداية.

وحسب مصادر مصرية، فقد "اصبح مشعل شخصية لا يمكن التنازل عنها في هذا الزمن. فقد اثبت زعامة وقدرة على التحكم بالمجريات على الارض، ولديه حضور ليس لدى خصومه، بمن فيهم موسى ابو مرزوق او اسماعيل هنية، وهو ملتزم بالخط العربي وليس بايران". وبينما تجتهد مصر ايضا لتحقيق المصالحة بين فتح وحماس، فان مشعل هو الشخصية الاساس التي يمكنها أن تهدىء الاصوات المتطرفة داخل المنظمة، اولئك النشطاء الذين اداروا في حينه الصراع الفتاك ضد نشطاء فتح. كما أن مشعل لم يعارض ادارة مفاوضات مع اسرائيل شريطة أن يكون محمود عباس (ابو مازن) هو التي يديرها وليس هو شخصيا. بل انه كان هو الذي وافق، بعد ضغط مكثف، على المبادرة العربية. اذا ما توجه الفلسطينيون الى الانتخابات وانتصرت حماس، فان الدول العربية تفضل مشعل على اي من  النشطاء الكبار الاخرين في القطاع.

ولكن العلاقة الوثيقة بين رئيس المخابرات  المصرية وبين مشعل لا يمكنها أن تشهد على ان الاوضاع بين حماس والجيش المصري – خلافا للعلاقة مع الرئيس المصري محمد مرسي – تجري على مياه هادئة. فبينما ادار مشعل وهنية في نهاية الاسبوع الماضي محادثات مع قادة المخابرات المصرية، واصل الجيش المصري تدمير الانفاق التي تربط بين غزة وسيناء. وبعد أن دمر الجيش في الشهر الماضي نحو 250 نفقا، أغرق الان بالمياه العادمة 76 نفقا آخر، يعثر عليه من المعلومات التي تصل من الاقمار الصناعية، على ما يبدو ثمرة التعاون مع الامريكيين. عشرات الشاحنات التي وصلت الى منطقة الانفاق كي تخلي شحناتها اضطرت الى العودة الى العريش مخلفة وراءها ليس فقط تجار غزيين ومصريين محبطين بل وايضا موجة من ارتفاع الاسعار في القطاع والضرر الاقتصادي لحكومة حماس التي تجبي رسوما على عبور البضائع في الانفاق.

وأوضح وزير الدفاع المصري، الجنرال عبد الفتاح السيسي، هذا الاسبوع بان الجيش سيواصل نشاطات واسعة يقوم بها ضد الارهاب في سيناء وان "ليس للجيش المصري اي حاجة لمساعدة حماس أو اي جهة اخرى. فالجيش المصري قادر على التصدي للارهاب بنفسه". وجاء هذا الايضاح بعد أن اقترح قادة حماس مرة اخرى مساعدتهم في احباط تهريب السلاح والعمليات الارهابية التي مصدرها سيناء. وكانت بداية هذا الشرخ العميق بين الجيش المصري وحماس في العملية التي قتل فيها 23 ضابط مصريا على حدود رفح – العملية التي يتحمل مسؤوليتها، حسب المصريين، نشطاء في حماس. ولم يجدِ نفعا في مشعل وهنية، ورفض السيسي طلباتهما للقائه أو لقاء ضباط كبار آخرين، وحتى جهود الوساطة من مرسي لم تغير موقف السيسي، الذي علاقاته مع الرئيس المصري بعيدة عن ان تكون حميمة. ولم يوافق السيسي الا على لقاءات رئيس المخابرات مع مشعل وهنية وذلك على حد تعبيره "لان هذه شؤون سياسية خارجية وداخلية تتعلق بالمصالحة الفلسطينية – التي تتحمل مسؤوليتها قيادة المخابرات المصرية".

وقال مسؤولون كبار في الجيش المصري لصحيفة "التحرير" ان "الجيش المصري يقيم علاقات مع جيوش نظامية لدول وليس مع منظمات سرية". و "منظمات سرية" هو تعبير معتدل نسبيا اكثر من التعابير التي تستخدمها مصادر مصرية تجاه حماس لغير الاقتباس. ورفض اللقاء مع قادة حماس ومواصلة تدمير الانفاق ليست فقط اعمال ترمي الى تعزيز الامن في سيناء او المحاسبة مع قادة حماس، فالسيسي يستخدم هذه الاعمال، التي تحظى بدعم جماهيري، كي يوضح للرئيس مرسي ايضا بان الجيش هو من يحدد ما هو التهديد الوطني وهو الذي يحدد سبل العمل ضد هذا التهديد، سوى كان هؤلاء مهربين في سيناء أم منفذي عمليات في بورسعيد. وبهذا الشكل يرسم وزير الدفاع، الذي عينه مرسي نفسه، خط الفصل بين صلاحيات القيادة السياسية وبين القيادة العسكرية.

ومع ذلك، فان مثل هذا الفصل بين السلطات العسكرية والحكم من شأنه أن يتشوش على اي حال حين يتخذ الجيش أعمالا تؤثر على ما يجري في غزة، على اقتصادها وعلى قدرة حماس على ادارة القطاع. لا توجد معطيات رسمية عن الضرر الاقتصادي الذي الحقه تدمير الانفاق التي تمر عبرها نحو 30 في المائة من بضائع الاستيراد من القطاع. ويفهم من التقارير من غزة بانه منذ بدأ الجيش المصري في شهر شباط بهدم الانفاق، ارتفعت اسعار مواد البناء بعشرات في المائة. وهكذا مثلا، فان سعر طن الاسمنت ارتفع بين ليلة وضحاها من 350 شيكل الى 650 شيكل، وتوقف بناء منازل للسكن، وتوقفت خطط لشق طرق واضيف الاف العمال الى مخزون العاطلين عن العمل. وتوضح الرافعة الاقتصادية – الامنية التي يستخدمها الجيش المصري حيال حماس بالتالي لمرسي حدود قوته، حتى في ادارة علاقاته مع الفلسطينيين بشكل عام ومع حماس بشكل خاص. وفي الجبهة الداخلية ايضا يتعرض مرسي لضغوط شديدة وليس فقط من جهة المعارضة العلمانية. وأوضح المسؤول الكبير السابق في الاخوان المسلمين، د. عبدالمنعم ابو الفتوح، الذي كان بنفسه مرشحا للرئاسة بان "المعارضة الوطنية مصممة على اسقاط النظام الحالي بوسائل ديمقراطية"، وأن "الرئيس، حزبه وقبيلته غير قادرين على الحكم في مصر أو اكمال اهداف الثورة".

ويضاف الى الانتقاد على الاخوان المسلمين نشر تحقيق طويل ومفصل لصحيفة "الوطن" المعارضة عن مصادر دخل الحركة. وحسب هذا التحقيق، يتمتع الاخوان المسلمون بتبرعات بعشرات ملايين الدولارات، تدار في فروع للبنوك وشركات التمويل في سويسرا، في ايطاليا، في جزر البهاما وفي دول عربية. وذلك اضافة الى استثمارات مدرة للربح بحجم مليارات الدولارات قام بها رجال أعمال الاخوان المسلمين في الدول العربية والتي تشكل مصدرا دائما لتمويل نشاطاتهم.

في تحقيق استغرق خمسة اشهر واعتمد على وثائق تذكر الصحيفة أحد رجال الاعمال الهامين للحركة الا وهو يوسف الندى الذي اقام في التسعينيات "بنك التقوى" في جزر البهاما، والذي يندرج ضمن قائمة الارهاب لدى الولايات المتحدة للشك بدوره في تمويل عمليات القاعدة في 11 ايلول 2001. في التحقيق اياه نقل عن المرشد العام السابق للحركة، محمد مهدي عاكف الذي صرح بان الاخوان المسلمين يعملون في 72 دولة ويديرون عشرات الجمعيات الخيرية في أرجاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. كما أن رجل الاخوان المسلمين السابق، ثروت الحرباوي، في لقاء مع الصحيفة روى أن الحركة تتمتع بتبرعات شهرية تأتي عبر هذه الجمعيات الخيرية، بحجم 100 مليون دولار. ولا يصل كل المال الى مصر. بعضه ينتقل على حد قوله الى فروع اخرى من الاخوان المسلمين في ارجاء العالم وبعضه موجه الى الاستثمارات التجارية. وحين تكون مصر في أزمة اقتصادية عميقة وتبحث عن مصادر تمويل لتشغيل خدمات الحكم، فان مثل هذا التقرير لا يضيف الى سمعة أو شرعية الحركة وزعيمها السياسي محمد مرسي اللذين لا يرون في هذه الاثناء نهاية للتمرد ضدهما.