خبر المرأة.. بين التأثير السلبي والمطالبة بالتحرر!!.. ميرفت الشريف

الساعة 04:21 م|04 ابريل 2013

تسود حالة من اللغط في فهم المعنى الحقيقي لدور المرأة في المشاركة السياسية و الاجتماعية في المجتمع، فيرى فريق من المنتسبين للإسلام، أو بمعنى آخر العلمانيون و دعاة تحرر المرأة، بأن المشاركة النسائية تقوم على أساس أن العلاقة بين الرجل و المرأة هي علاقة تنافسية وليست تكاملية كما يرى الفريق الآخر، أي الفريق الإسلامي الذي يستند في مواقفه إلى دلائل من القرآن الكريم و السنة النبوية.

كما تشهد مجتمعاتنا في هذه الأيام صراعاً فكرياً وعقائدياً على صفحات الجرائد والمجلات، وتعقد المؤتمرات وورش العمل التي تطالب بمساواة المرأة بالرجل في مجالات العمل المختلفة، وذلك بسبب تعالي الأصوات العلمانية المدعومة من الغرب في هذه الأيام بمثل هذه المطالبات، والترويج لها، خدمة وتطبيقاّ للنظرة العلمانية الغربية في الدعوة إلى المساواة بين الرجل و المرأة في كافة الحقوق والواجبات، و التي ترى بأن المساواة تعني أن يتساوى دور الرجل و المرأة في كافة الجوانب الحياتية.

إن النظرة الإسلامية الحقيقية المدعومة بدلائل حقيقية تؤكد أن المساواة بين الرجل والمرأة هي مساواة في الأهمية، أي أن لكل منهم أهمية لا يستغني عنها أي منهما، كعلاقة الليل والنهار التكاملية، والمرأة لها دور في الحياة تقوم به، والرجل له دور يقوم به ولا يستطيع كل منهما أن يقوم بدور الآخر.

و لقد ذهلت لما رأيت و سمعت في إحدى ورش العمل التي عقدت بغزة للحديث عن دور المرأة، وما شاهدت من تخلف المرأة المعاصرة المنتسبة للإسلام عن المستوى السامي الوضاء الذي أراد الله لها أن تكون فيه، وإنه لعجب العجاب أن يصدر هذا التناقض من نساء يحسبن أنفسهن على الجيل الواعي والمثقف اللاتي نهلن من مشارب الثقافة الإسلامية، و ذهب البعض منهن للمطالبة بأن تزاحم المرأة الرجل في ميادين العمل التي لا تناسب طبيعتها الأنثوية ذات الصفات الفيزيائية و الطاقة التحملية التي تختلف عما يمتلك الرجل، كأن تكون سائقة سيارة أجرة مثلاً، ربما هي غفلة أو عدم وعي بفكرة التوازن التي قامت عليها نظرة الإسلام الكلية للإنسان و الحياة وطبيعة الدور المناط بكل من المرأة و الرجل، بحيث أعطى لكل شيء حقه دون هضم جانب على حساب الآخر.

 و من هنا أرى بان بلوغ المستوى العالي للمرأة لا يكون إلا إذا فهمت شخصيتها الأصيلة التي صاغها القرآن الكريم و السنة النبوية، و التي جعلت منها امرأة واعية مستنيرة و مميزة بمشاعرها و أفكارها و معاملاتها، فالإسلام لم يجعل من المرأة قعيدة للبيت، و حاضنة أطفال و مدبرة منزل فقط، وإنما هي مخرجة أجيال ومعدة أبطال يقودون الأمة نحو صلاحها، فهي في عهد النبوة كانت أول شهيدة، وكانت تشير على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويأخذ بما يراه مناسباً من رأيها، وشاركته الغزوات والهجرة والدعوة، وفي فلسطين برز دورها في كل الميادين، ففي الماضي شاركت الرجل الزراعة والرعي و مهنا أخرى كانت تمارس في حينها، و اليوم هي تشاركه أيضاً في ميادين العمل التي تتناسب و قدراتها و كينونتها الجسمانية، و تزاحمه في مسيرة النضال ضد الاحتلال، و دليل على ذلك هي اليوم أسيرة و هي شهيدة وأم شهيد أو أسير أو زوجة شهيد أو أسير، كذلك هي نائبة في المجلس التشريعي و تدير مؤسسات أهلية و مجتمعية، و معلمة وطبيبة و مهندسة و مفكرة،..الخ. و تسابقه إلى ميادين الجهاد و التضحية، بالإضافة إلى أنها رائدة دعوة و عنصر وعي و نهضة و بناء في شتى شؤون الحياة، تؤدي رسالة سامية تحت مظلة الإسلام السمحة.

أمام كل هذا، فإن المرأة الواعية فكرياً وعقائدياً هي امرأة تعي واجبها نحو نفسها مدركة بأنها مكون من جسم و عقل و روح  لكل منهم متطلباته ومكوناته، و لذلك عليها أن توازن بينها ولا تجنح للعناية بواحد على حساب الآخر، بل تعطي كل واحد من هذه الجوانب حقه من العناية المطلوبة لتحقيق شخصيتها الإنسانية المتوازنة التي رسمها لها الإسلام، وأظهرها في أحسن صورها.