خبر حظ اسرائيلي - هآرتس

الساعة 10:19 ص|04 ابريل 2013

ترجمة خاصة

حظ اسرائيلي - هآرتس

بقلم: آري شبيط

(المضمون - الكشف عن حقلي الغاز الطبيعي قرب سواحل اسرائيل أهم واقعة تحدث في العقد الحالي وقد تستغله اسرائيل لتحسين مكانتها وعلاقتها بدول الجوار - المصدر).

نحن آخر الامر شعب ذو حظ. صحيح ان موسى قادنا اربعين سنة في الصحراء ليأتي بنا الى بلد من البلدان الوحيدة في المنطقة ليس فيه نفط. وصحيح أنه حينما أخرج هرتسل عددا منا من اوروبا أتى بنا الى أكثر المناطق تطرفا وصراعا وعنفا في العالم. وصحيح أن قيادتنا الوطنية ليست شيئا ذا بال، وان جهازنا السياسي ليس شيئا ذا بال وأن طبقتنا الوسطى غير مطوية على ذاتها. لكن حينما ننظر الى الوراء، الى السنين الـ 65 التي سنحتفل بها بعد عشرة ايام، لا يمكن ألا نلاحظ أننا ذوو حظ مع كل ذلك. فقد كان حظنا حسنا مرة بعد اخرى وأحسنت الينا مرة بعد اخرى يد خفية لقضاء مؤيد. وطوال سنواتنا كلها حينما كان يُخيل إلينا أن جدران التاريخ تحاصرنا، كانت تقع حادثة ما غير متوقعة تُخرجنا الى الفضاء.

في منتصف خمسينيات القرن الماضي دُفعت اسرائيل الى ازمة استراتيجية صعبة، فقد هدد مستقبلها التعاون بين الاتحاد السوفييتي والقومية العربية الحديثة. وجاء الحلف المفاجيء مع فرنسا ومنحنا طائرات ألمستير وميراج ومفاعل ديمونة وجعلنا قوة صغيرة من القوى العظمى. وفي منتصف ستينيات القرن الماضي أدارت فرنسا ظهرها لاسرائيل وتركتها وحيدة بصورة خطيرة فجاء الحلف المفاجيء مع الولايات المتحدة ومنحنا طائرات سكاي هوك وفانتوم والقطار الجوي – ومكّننا من الصمود في حرب الاستنزاف وفي حرب يوم الغفران. وفي أواخر سبعينيات القرن الماضي كان السلام المفاجيء مع مصر هو الذي خلّصنا من اكتئاب ما بعد صدمة الاخفاق. وفي أواخر ثمانينيات القرن الماضي كانت الهجرة المفاجئة من الاتحاد السوفييتي السابق هي التي حررتنا – وقتا ما – من الكابوس السكاني. وفي تسعينيات القرن الماضي كانت مفاجأة الهاي تيك الكبيرة هي التي جعلتنا أمة مشروعات ابتدائية مليئة بالطاقة، وهي التي مكّنتنا من مواجهة الازمة السياسية لانكسار اوسلو.

في كل عقد وقعت هنا حادثة لم يكن من الممكن التنبؤ بها مسبقا، أحدثت تحولا حادا ايجابيا في وضع دولة اليهود. ومكّن الحظ اسرائيل من ان تفعل عددا من الافعال التي حررتها من قيود واقع ثقيل هدد باغراقها.

لا يوجد أي شك في أن حادثة الحظ الأكبر في العقد الحالي هي الكشف عن حقول الغاز الطبيعي في الحوض الشرقي للبحر المتوسط. إن الغاز الاسرائيلي في هذه السنة سيضائل نفقات الصناعة الاسرائيلية ويُحسن أرباحها. وفي غضون زمن قصير سيمنح اسرائيل استقلال طاقة يجعل النمو كبيرا. والى نهاية العقد سيُدخل تصدير الغاز الاسرائيلي الى خزانة الدولة العامة أرباحا تُمكّنها من النفقة على الأمن الاسرائيلي والتربية الاسرائيلية والعدالة الاجتماعية الاسرائيلية.

لكن المعنى الدراماتي لحقلي "تمار" و"لفيتان" ليس اقتصاديا فقط. لأن أنبوب الغاز الاسرائيلي – التركي قد يُقر العلاقات اللطيفة بين القوتين الاقليميتين غير العربيتين اللتين تصالحتا من قريب. وأنبوب الغاز الاسرائيلي – الاردني قد يُثبت العلاقات الحيوية بين المملكة الهاشمية والحركة الصهيونية. وأنبوب الغاز الاسرائيلي – الفلسطيني قد يخفف قليلا الصراع مع جيراننا ويضائل خطر تدهور عنيف في الضفة الغربية. والتعاون الاسرائيلي المصري في مجال الغاز قد يكون قاعدة اقتصادية صلبة للسلام الهش مع مصر. وهكذا تصبح هدية حظ الغاز الاسرائيلي بازاء التحولات الاقليمية، كنزا استراتيجيا لا تقل قيمته السياسية عن قيمته الاقتصادية.

إنه حظ، إنه حظ حقا. إن العصر الجديد في الشرق الاوسط مشحون بالأخطار، واحتمال التوصل الى ذلك السلام الذي كنا نحلم به في تسعينيات القرن الماضي قد ضاع تقريبا. لكن استعمالا خلاقا للفيتان – الأمل الذي ظهر فجأة قريبا من سواحلنا قد يساعد اسرائيل على مجابهة الواقع الاستراتيجي المتحدي. واذا تصرفنا بحكمة فسيُمكّننا الغاز الاسرائيلي من ان نقوم بأعظم عمل في العقد الحالي.