خبر البِركَةُ.. هآرتس

الساعة 11:56 ص|31 مارس 2013

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: تصوير هازل لمبلغ عدم تقبل الاسرائيليين للمخالفين حتى في برك السباحة - المصدر).

كان المكتوب على الجدار منذ زمن وهو ان بركة السباحة ستغلق ثلاثة اسابيع من اجل اعمال ترميم. فالحمامات متداعية والمراحيض متعثر أداؤها وينبغي ترميمها. لكن اسرائيل ليس وحده: فقد اقترحت البلدية بديلا من اجل ايام البؤس وهو بركة بديلة في حي قريب أكثر ثراءا. وفي الموعد المضروب حضر اليها اللاجئون يلتمسون طريقهم في حيرة وعلى غير هدى الى بيتهم المؤقت الجديد.

كان الاستقبال فورا: باردا ومعاديا ولم يكن من الممكن إخطاؤه – فما إن داست أقدام لاجئي الماء الباب الدوار للبركة التي ستحتوي عليهم حتى قابلوا مظاهرها القبيحة. وكانت هناك كلمات الشحناء والصراخ المُضر المعترض على غير المدعوين والتي بدأت في غرف تبديل الملابس وبلغت ذروتها في مسارات السباحة. "سدوم وعمورة"، قال بلغة الاستعلاء واحد من أسياد البلاد وهو صاحب الاشتراك الذهبي في بركة الاستيعاب. وقد سرقوا لهيربارت الفوطة في اليوم الاول؛ وسرقوا من موشيه محفظة ومفاتيح الدراجة النارية. وسُمع حديث في الحمام ايضا عبروا فيه عن فرح لموت 17 فلسطينيا في حادثة سير في الاردن، سمعته الآذان المرتابة على أنه تحرش متعمد مضاد. ومهما يكن الامر فان اجتياح اللاجئين تحول دفعة واحدة الى حديث اليوم في مستودع الثياب المكتظ، في الوقت الذي كثرت فيه في ماء البركة الصدامات العنيفة. جرت معارك على كل مقعد. وحوادث حدودية في كل مسار سباحة وكانت جلبة ضخمة. وزاد أحد اللاجئين الحريق اشتعالا وهو روسي الأصل حينما قال في تهكم ان الاجتياح سيستمر نصف سنة زارعا خوفا وكراهية اضافيين. ولم يفكر أحد فيما سيحدث حينما تُغلق بركتهم من اجل اعمال الترميم.

إتحد اللاجئون وهم أقل من 24 عجوزا وشيخا، دفعة واحدة وأصبحوا معسكرا موحدا في مواجهة دفعهم الى هامش البركة. إن الناس الذين يسبحون معا منذ سنوات ولا يكاد بعضهم يحيي البعض بتحية الصباح، كشفوا عن الأخوة، الأخوة بين الضحايا. ووجدوا إذ أصبحوا أذلاء مضروبين، عزاءا بعضهم في أذرع بعض. واتحد معسكر أصحاب البيت من أسياد البركة ايضا واقترح أحدهم وهو قتالي على نحو خاص جمع لجنة الحي أو لجنة البركة على الأقل والدعوة الى تدخل البلدية العاجل: "لن ننتقل عن هذا الى الحياة المعتادة. يجب ان تجد البلدية حلا". أي حل، وما هو الحل. اجل إن البركة قد أصبحت مزدحمة بصورة أكثر قليلا.

إن ما حصل فيها كأنما أُخذ مباشرة من كتاب روبرت آردري، "الامر الساذج". إن المنطقة كما قال آردري هي مساحة يدفع الحيوان أبناء جنسه عنها. وأراد آردري ان يبرهن على ان الانسان يعمل على حسب نفس قوانين الطبيعة. انها نفس القوى الغريزية التي تُهيج الحيوانات والجنس البشري. فالشعور بالولاء ينبع كما هي الحال في بعض الطيور أو عند القرود من ارتباط مشترك بقطعة ارض خاصة، ومن اجل هذا تنشب حروب دامية وأكثر حماقة من الحرب على بركة.

مرت الايام وهدأت العاصفة. ولم يعد هيربارت الذي تأثر تأثرا عميقا لسرقة فوطته، لم يعد الى البركة بعد ذلك. ولم تعد شولا ايضا في عمل نبيل من التكافل. وبدأ موشيه يأتي ظهرا. وانتقل آخرون الى بركة بعيدة في حي شرقي كان يُعرف في الماضي بأنه حي فقر وجريمة، حيث كان الاستقبال هناك حارا وأكثر عطفا. "إن الصراصير في غرف الثياب هي العلامة المُعرفة بنا"، قال واحد منهم في ود مثل معتذر. لكن الصراصير هناك ايضا هشت أكثر من أغنياء تلك البركة. وأهم من ذلك ان من بقوا في بركة الخصومة تعلموا بالتدريج كيف يتعايشون معا. وتحول التعايش المتوتر بالتدريج الى حياة عادية مشتركة، فهي بركة واحدة للشعبين. لا ينقصهم إلا ان يأتي لاجئون جدد: فاللاجئون القدماء الآن ايضا الذين جاءوا من قريب من المؤكد أنهم سيثورون عليهم ثورة عارمة.

في الاسبوع القادم ستنتهي اعمال الترميم ويعود كل واحد الى بركته والى ارضه المقدسة والى سكينة نفسه. وقد وجد حل لهذه الازمة المناطقية.