خبر سلاح وفير وسياسة ضائعة... هآرتس

الساعة 08:53 ص|29 مارس 2013

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: دول عديدة تدفع الان بالسلاح الى سوريا ولكنها لا تعترف بتدخلها - المصدر).

فروع الثورة في سوريا وصلت هذا الاسبوع حتى تونس. الوزير التونسي للشؤون الدينية، نور الدين الحامدي، حذر بنبرة حادة من الانصات الى الفتوى التي نشرها فقيه سعودي هام، هو محمد العريفي يدعو فيها النساء المسلمات الى الانضمام الى مقاتلي الجيش السوري الحر كعشيقات، وليس أقل.

"زواج الجهاد"، هكذا يسمى تجنيد النساء من أجل المقاتلين، والذي يخصص فيه للنساء دور هام: توفير الخدمات الجنسية "للرجال العزاب الذين ليس لهم فرصة للزواج او للرجال المتزوجين الذين بسبب المعارك لا يمكنهم أن يمارسوا الجنس مع زوجاتهم".

وقد خرجت الصرخة بالذات من تونس لانه اشتكت هناك بعض العائلات من أن بناتهم سافرن الى سوريا لاداء الفريضة. ومع أن العريفي نفى أن يكون نشر فتوى كهذه، ولكن القصة جعلت لها جناحين واصبحت احدى الاساطير التي ترافق الثورة السورية.

قد يكون الجيش السوري بحاجة الى "المتعة" ولكن ليس من النوع الذي يعرضه العريفي ولا الفتوى التي تسمح للمقاتلين بعقد "زواج مؤقت". وتجدر الاشارة الى أنه حسب الفتوى موضع الحديث يمكن للمقاتل أن "يطلق" الزوجة المؤقتة وان ينقلها الى رفيقه.

قصص تبعث على الصدمة عن اعمال اغتصاب يقوم بها جنود ورجال الميليشيات تملأ تقارير نشطاء حقوق الانسان ومواقع الانترنت والشهادات التي فيها لا بد ستستخدم لاحقا وقودا لحملة تصفية الحسابات.

ولكن المطلب الاساس لرئيس أركان الجيش السوري الحر، سليم ادريس، ليس النساء، بل ذخيرة اخرى من النوع الذي يمكن أن يحسم المعركة امام جيش النظام.

الجامعة العربية التي انعقدت هذا الاسبوع في الدوحة عاصمة قطر قررت بان تكون كل دولة من الان فصاعدا حرة في أن تورد السلاح لقوات الثورة. وهذه هي المرة الاولى التي يتخذ فيها قرار عملي، جارف وعلني، لتوريد السلاح للقوات المقاتلة. ولكنه بالاجمال يؤكد الوضع القائم.

حسب بحث نشرته هذا الاسبوع "نيويورك تايمز" فما لا يقل عن 160 رحلة جوية نقل فيها سلاح الى الجيش السوري الحر تمت منذ بداية 2012. ارسالية السلاح هذه، التي اشتري بعضها في كرواتيا وبعضها في دول اخرى، نفذتها طائرات سعودية، قطرية واردنية، هبطت في المطار في اسطنبول ومن هناك نقلت عبر الحدود الى سوريا.

وحسب هذا التقرير، فان السي.اي.ايه هي شريك في تخطيط الارساليات، العثور على مصادر لشراء السلاح ورسم خريطة للقوات التي يجدر تسليحها. والجميع بالطبع ينفي كل تدخل في ارسال السلاح الى المقاتلين، ولكن لا خلاف في أن نوعية السلاح الذي وضع مؤخرا تحت تصرف قوات الجيش الحر – صواريخ متطورة مضادة للطائرات، المعدات الالكترونية الحديثة المعدة لجمع المعلومات الاستخبارية وكميات الذخيرة – يدل على تخطيط لوجستي واسع النطاق لا يمكن أن تقوم به القوات المحلية وحدها. وتذكر بعض مواقع الانترنت للمعارضة اسرائيل كمصدر آخر لتوريد السلاح.

ومع ذلك، فان عمليات توريد السلاح بعيدة عن أن تكون ضمن تخطيط أعلى يخضع لرقابة موحدة. لكل واحدة من موردات السلاح – السعودية، الاردن، قطر او تركيا – يوجد "زبائن" خاصين بها، بواسطتهم تأمل كل دولة في أن تكسب قدرا من النفوذ في الفترة التي ستلي سقوط بشار الاسد.

وحسب تقارير لمحافل المعارضة، فان قطر تفضل تسليح الكتائب المقربة من الاخوان المسلمين، منظمات ومتبرعين خاصين في دول الخليج يمولون المنظمات الاسلامية المتطرفة، والسعودية تساعد القوى العلمانية والمنظمات الاسلامية الخاضعة لتأثيرها، ولكن ليس "جبهة النصرة" المتماثلة مع القاعدة. تركيا هي الاخرى تساعد بالاساس كتائب الاخوان المسلمين، اما الاردن فيغض النظر عن تهريب السلاح لمحافل المعارضة في درعا القريبة من الحدود الاردنية.

من الجهة الاخرى تواصل ايران، العراق وروسيا تسليم وتمويل النظام السوري ومنظمات المعارضة الكردية التي اقامت قوة قتالية خاصة بها لا تنسق مع الجيش السوري الحر، فيمولها  ويدربها الحكم الذاتي للاقليم الكردي في العراق.

جملة المصالح التي توجه توريد السلاح تجد تعبيرها ايضا في دعم الحركات السياسية والايديولوجية التي تتشكل منها المعارضة المدنية. فعندما انتخب قبل اسبوعين غسان هيتو في منصب رئيس الحكومة المؤقتة، أعلن اعضاء في قيادة المعارضة عن استقالتهم أو عن تجميد عضويتهم. "هيتو هو رئيس وزراء بتكليف من قطر"، اعلن اعضاء في المعارضة، "تعيينه يأتي لدق اسفين في عيني السعودية، التي تؤيد معاذ الخطيب (رئيس الائتلاف الوطني الذي يجمع كل حركات المعارضة)، وجعل قطر صاحبة النفوذ".

لقد أعلن الخطيب عن استقالته من منصب الرئيس، ولكن هذا الاسبوع أعلن بانه مستعد لان يتراجع عن استقالته شريطة توسيع قاعدة تمثيل مزيد من الحركات في سوريا في اطار الائتلاف. ومع أن الخطيب يتحدث عن تمثيل النساء والعلويين، ولكن اساس نيته تتجه الى اضعاف قوة الاخوان المسلمين الذين ضغطوا على انتخاب هيتو.

في أعقاب تعيين هيتو- الذي احرج السعودية، التي تعارض في هذه المرحلة اقامة حكومة مؤقتة – أعلن رئيس اركان الجيش السوري الحر بان "ولاء الجيش الحر للحكومة الجديدة سيكون منوطا بتركيبتها". اصابع السعودية التي تمول عمل الجيش، واضحة جيدا في هذا التصريح.

كما أن السعودية ضغطت كيف يكون الخطيب، وليس هيتو هو الذي يلقي الكلم امام مؤتمر القمة العربية بصفته الممثل المعروف للمعارضة. وسيكون تشكيل الحكومة المؤقتة التحدي الاقسى لهيتو الذي كمواطن امريكي، يعيش منذ أكثر من 30 سنة خارج سوريا، لا توجد له خلفية جماهيرية داعمة. ويضاف الى ذلك ايضا الصعوبة في تمويل عمل مثل هذه الحكومة، اذا ما تشكلت، وذلك لانه حسب تقديرات المعارضة سيكون مطلوبا نحو نصف مليار دولار في الشهر لادارة المناطق التي توجد تحت سيطرة قوات الثورة. مثل هذه المبالغ ستستدعي تنسيقا بين الدول العربية المانحة وذلك لان المساعدات الامريكية، التي تبلغ الان 60 مليون دولار، هي قطرة في بحر.

الخلاف بين السعودية والولايات المتحدة من جهة وبين قطر وتركيا من جهة اخرى لا يتعلق فقط بتعيين هيتو، بل يعكس فهما استراتيجيا مختلفا. في هذه المرحلة تؤيد السعودية والولايات المتحدة، الى جانب معاذ الخطيب، المحادثات بين المعارضة والنظام، بينما قطر وهيتو يعارضان بشدة كل اتصال مع ممثلي الاسد. هذه الفوارق تنبع من المسعى الامريكي لمنع تحول سوريا الى عراق ثانٍ مثلما حصل بعد سقوط صدام في العراق.

واشنطن، التي في المرحلة الاولى بعد حرب الخليج أيدت حل جيش صدام وتطهير الادارة من كل نشطاء حزب البعث، وجدت نفسها في غضون وقت قصير دون قوى محلية يمكنها أن تقدم الخدمات الحيوية او تساعد الجيش الامريكي في الحفاظ على القانون والنظام. مرت سنوات وعشرات الاف القتلى الى أن اصلح هذا الخطأ الجسيم. ولمنع وضع مشابه في سوريا تجتهد الولايات المتحد والسعودية لاقناع قيادة المعارضة بتقريب ابناء الاقلية العلوية والضمان للضباط العلويين الذين يعلنون عن معارضتهم للنظام بانه لن يحصل لهم اي شر حين يسقط النظام.

ومع أنه من المشكوك فيه أن يؤثر هذا الضغط على استعداد الجيش السوري الحر لان يدمج فيه الجيش السوري الذي سيبقى بعد سقوط الاسد أو يمنع معركة فتاكة لتصفية الحسابات والحرب الاهلية، ولكن قيادة سورية جديدة تعترف بهذه الحاجة هي حيوية لتقليل حجوم الكارثة المتوقعة.