تقرير فدوى البرغوثي تقاوم الانتظار ولا تيأس من تحرير زوجها

الساعة 11:00 ص|28 مارس 2013

وكالات

ارتد إليها حنينها فافتدت دمع قلبها بما اكتسبه فؤادها كزوجة وأمٌ لها.. في ابنتها ربا حسرة الفتاة التي تزوجت في غياب والدها، وعما قليل ستضع طفلها الأول بعيداً عن جده الأسير والقيادي الفلسطيني مروان البرغوثي..

فدوى البرغوثي، زوجة أشهر أسير فلسطيني يصعب قراءة مستقبله، تعيش أملها برداء الانتظار الثقيل، وتمشي في كل اتجاه لكي تصل لمبتغاها.

و"كان الرجاء كما تقول لـ"الأناضول" في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة التي تمت بعيداً عن قيادات الحركة الأسيرة"، ومن بعد ارتخاء مبهم مارسته القيادة الفلسطينية وباقي مؤسسات المجتمع الفلسطيني للضغط على إسرائيل لتستجيب لصوت الحياة في حنين كل أسرة لأسيرها، وكذلك مروان الأب والجد عما قريب.

وربما نجلها البكر "القسام" الذي سماه والده تيمناً بالشيخ السوري الجليل عز الدين القسام الذي قاد المجاهدين من بلاد الشام للقتال في فلسطين في النصف الأول من القرن الماضي، وافتخاراً بالمقاومة، لم يشفع لأصحاب القرار في صفقة التبادل الأخيرة أن يشملوا "أبو القسام" فيها ليكون حراً كما يشتهي كل فلسطيني".

لا تخفي البرغوثي خوفها على مروان لما يسود من "غموض موحش في الواقع الفلسطيني لطالما بقي الانقسام بقت مصائر الأسرى حبيسة الاجتهادات الفصائلية"، وهو الخوف عينه أن تفوت مروان نمو حفيدته الآتية في تموز القادم كما فاته يانعة ربا ابنته وإلى جانبها شقيقيها عرب وشرف.

عند الحديث عن الزوج - وليس الثائر مروان البرغوثي - فإن فدوى الزوجة وليست المحامية كغيرها من نساء العالم يأخذها الحنين والشوق إلى لحظات كانت عاشتها في كنف بيتها مع مروان الأب والزوج الحنون الذي لطالما حافظ على حبه وتقديره واحترامه وتسامحه ودعمه لها، من منظور فكره الذي يؤمن بقدرات المرأة ويشجع على إعطائها الدور لأن تكون شريكة بشكل متكامل مع الرجل في بناء المجتمع الفلسطيني" كما تقول فدوى.

ورغم معاناتها من حرمانها لزوجها ولأسرة متكاملة كغيرها إلا أنها مدركة ومؤمنة أن "مروان الأسير ضحى بحياته من أجل فلسطين وأبنائها الذين يستحقون منه هذه التضحية".

الولوج إلى المسؤولية التي تتحملها فدوى الأم أطلق عنانها من جديد ولكن هذه المرة أمام كاميرا وكالة الأناضول للأنباء، فدفعها لأن تقول" أنتظر أنا وأولادك عودتك يا مروان عد إلينا" فالمسؤولية كبيرة وعظيمة" كما تصفها، كيف لا وهي الناهي والآمر والناصح والموجه والمرشد في غياب الأب مروان الذي غيّبه الاعتقال قسراً عن أبنائه طوال 18 عاماً قضى 11 منها وراء القضبان الحديدية الإسرائيلية فيما تنقل في السبع الأخريات ما بين النفي والإقامة والجبرية.

فدوى البرغوثي التي مُنعت من زيارة زوجها في الأربع سنوات الأولى من اعتقاله تخاف وتحرص وتتوتر من أجل أولادها الذين تمكنوا أخيراً من رؤية والدهم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد منعهم لسنوات طويلة لحين بلوغهم سن السادسة عشر، وهو السن الذي تجيز السلطات الإسرائيلية استخراج تصاريح زيارة له.

خوف الأم على أبنائها وأسرتها لم يكن بقدر ذلك الهاجس والخوف على فلسطين الوطن، فالخوف من ابقاء الانقسام بين أبناء فلسطين أكبر من الجميع لدى فدوى التي تخاف أن "يؤجل الانقسام تحرير فلسطين التي اعتقل زوجها واخرون مثله في سبيله".

خلال اللقاء الذي جرى معها في أحد فنادق العاصمة المصرية القاهرة حيث تشارك في ندوة حول الوضع الفلسطيني، على ظروف اعتقال الأسير مروان البرغوثي، أطلعتنا زوجته على ظروف اعتقاله التي قضى سنواته الأربع الأولى منها "داخل عزل انفرادي لم يكن يُسمح له بلقاء أي من رفقاء قضيته الذي كانوا يقبعون هم الأخرون إلى جوار منه، او بلقاء عائلته، ناهيك عن الـ100 يوم التي خضع خلالها لأبشع وسائل التعذيب النفسي والجسدي". أما الآن - تضيف الزوجة - "فمروان يقضي أيام اعتقاله في العزل الجماعي برفقة 100 من المعتقلين الفلسطينيين في سجن "هداريم" دون السماح له بالتنقل بين السجون الأخرى وذلك لعزله عن الأسرى لضمان عدم تأثيره السياسي على معنوياتهم وحياتهم".

قراءة الأسير مروان البرغوثي للمشهدين الفلسطيني والإقليمي كانت حاضرة من خلال زوجته التي نقلت عنه قناعاته وادراكه بعدم وجود شريك إسرائيلي للفلسطينيين في عملية السلام، وأن "إسرائيل تسعى للالتقاء مع الفلسطينيين من أجل الحديث عن السلام وليس من أجل صنعه.

تنقل أيضاً عنه قناعاته بأن "الحكومة الإسرائيلية هي حكومة استيطان واحتلال وحكومة عدوان واعتقال واغتيال وليست حكومة سلام"، وتشديده على ضرورة أن لا يتكئ الفلسطينيين على رهان المفاوضات لوحده، وأن "على الفلسطينيين الاستناد على مقاومتهم الشعبية التي يشارك فيها كل أبناء الشعب الفلسطيني".

ويرى أيضا - بحسب فدوى البرغوثي - "أن المفاوضات بدون مقاومة هي استجداء ، ولا يمكن أن تنتج شيئاً ، وأن المقاومة بدون المفاوضات قد تكون في بعض الأحيان مغامرة، وهو لا يريد أن يكون الشعب الفلسطيني مغامر أو مستجدي بل صاحب حق يناضل ويكافح كغيره من شعوب العالم للحصول على حريته وفقاً لما كفلته له قرارات الشرعية الدولية"، ومن هنا يشدد دوما على أنه "لا يجوز الاتكاء على عكاز المفاوضات لوحده، لأنه لا يسند الشعب" كما تنقل زوجته عنه.

أما المصالحة الفلسطينية، فهو يؤكد دوما كما تقول فدوى، "أن الوحدة هي قانون الانتصار للشعوب المقهورة، ولا يمكن للشعب الفلسطيني أن ينتصر بدون الوحدة الوطنية"، وتذكر بأنه "هو أول من بادر بخط يده إلى إصدار وثيقة الأسرى للوفاق الوطني مع رفاقه في السجون الإسرائيلية، وحاول وهو من داخل السجن أن يقود مبادرات كثيرة من أجل انهاء الانقسام، وكان سيتخذ مؤخرا خطوات أخرى كبيرة جداً لولا اضرابات الأسرى عن الطعام والزيارة الاخيرة للمنطقة التي قام بها الرئيس الأمريكي باراك اوباما والتي أجلت تلك الخطوات" التي تفضل عدم الإفصاح عنها.

الحديث الدائم عن امكانية ابرام صفقات لتبادل الأسرى، يدفع لسؤالها عما اذا كان هناك أي حديث يشمل زوجها، فتجيب قائلة: "من الطبيعي أن يشمل مروان، ومن المؤسف أن لا يشمله ، فهو عانى على مدار 18 عاماً، قضى 11 منها داخل السجون الإسرائيلية، وسبع تعرض خلالها للإبعاد والإقامة الجبرية".

وتستطرد قائلة: "مروان عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح ونائب في المجلس التشريعي والوطني، أي أنه يتواجد في أعلي قمة الهرم والقيادة الفلسطينية، ولا أتفهم سكوت القيادة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية على بقائه داخل السجن طوال هذه الفترة".

لكنها في هذا الصدد تعول كثيراً على الدور التركي الذي ترى نجمه يصعد في المنطقة العربية بشكل عام، وفي الساحة الفلسطينية بشكل خاص، لذلك تعول فدوى على "تركيا في العمل على الضغط من اجل تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية".وتعرب عن قناعتها بأن "تركيا بمقدورها عمل المزيد من أجل أبناء الشعب الفلسطيني لاسيما بعد الاعتذار الاسرائيلي الأخير لها، والذي ترى بأنه جاء متأخراً بعد ان استباح الدماء التركية التي باركتها وأبرقت لها ولأبناء شعبها التحية".