خبر التقاط اللحظة- هآرتس

الساعة 09:39 ص|21 مارس 2013


بقلم: ايلي فوده
بروفيسور يدرس في دائرة الدراسات الاسلامية والشرق الاوسط في الجامعة العبرية في القدس
تؤكد الزيارة المرتقبة للرئيس براك اوباما الى اسرائيل، ولا سيما قبل الفصح، الفرق بين زيارة هذا الرئيس الامريكي عن باقي زيارات الرؤساء الامريكيين. ويبدو أن الجواب على هذا السؤال لن يتضح الا بعد الفصح، وذلك لان الجانب الامريكي يبقي حتى الان على الغموض في كل ما يتعلق بأهداف الزيارة. في ضوء خيبات الامل الكثيرة التي كانت من نصيب اسرائيل، الفلسطينيين والولايات المتحدة يبدو أن كل الاطراف لا تطور توقعات في هذه المرحلة بأفق سياسي جديد. غير أن زيارة اوباما في التوقيت الحالي، فضلا عن البحث في النووي الايراني – تنطوي على امكانية كامنة للشروع بخطوة أوسع.
أولا، انتخاب اوباما لولاية ثانية يضمن ان يكون أكثر تحررا من الضغوط الداخلية، سواء من الكونغرس، من اللوبي اليهودي ايباك أم من محافل مؤيدية للعرب. ثانيا، تشكيل ائتلاف جديد في اسرائيل، يضم يئير لبيد وتسيبي لفني، يبعث على أمل بسياسة نشطة أكثر في الساحة الفلسطينية. وخلافا لحزب البيت اليهودي، فان مشاركة يوجد مستقبل والحركة في الحكومة كفيلة بان "تحفز" نتنياهو على أن يعرض على الطرف الفلسطيني اقتراحات اكثر جاذبية من الماضي. وللمفارقة، فان الزعيمين، اوباما ونتنياهو، اللذين لا يوجد بينهما استلطاف زائد، القيا خطابين ذوي أهمية في حزيران 2009 – خطاب القاهرة من جهة وخطاب بار ايلان من جهة اخرى – وعدا فيهما بامور كثيرة ولكنهما حققا القليل جدا. لقد أعطاهما التاريخ فرصة اخرى لمحاولة حث مبادرة سياسية تخلف أثرها.
ثالثا، تستدعي أحداث الربيع العربي تحريكا للمسيرة السياسية. فمن شأن الطريق المسدود أن يؤدي بالفلسطينيين الى محاكاة أخوانهم في مصر، في تونس وفي سوريا فيشرعوا بانتفاضة ثالثة، توجه ضد الاحتلال. التفكير الاسرائيلي التقليدي، الذي يرى في الربيع العربي شتاء اسلاميا، يجب أن يخلي مكانه لمحاولة رؤية الفرص التي تعرضها التغييرات في العالم العربي على اسرائيل.
رابعا، تاريخ التدخل الامريكي في المسيرة السلمية يفيد بان المبادرات تكون اكثر نجاحا اذا ما عرضت في بداية الولاية الرئاسية، وليس مع اقتراب نهايتها. هكذا مثلا نجح جيمي كارتر في تحقيق اتفاق كامب ديفيد في السنة الثانية من ولايته (1978) واتفاق السلام بين اسرائيل ومصر في السنة الثالثة (1979)، بعد تدخل مكثف في المحادثات منذ زيارة الرئيس المصري في حينه، أنور السادات، الى القدس في 1977؛ ونجح بيل كلينتون في تحقيق اتفاق اوسلو (1993) واتفاق السلام بين اسرائيل والاردن (1994) في السنتين الاوليين لولايته.
الاخفاقات الاخيرة في المسيرة السياسية بالمقابل، وقعت في أواخر الولاية الرئاسية الامريكية. هكذا مثلا في السنة الاخيرة لرئاسته (2000) فشل كلينتون في محادثات شبردستاون وجنيف مع سوريا (كانون الثاني واذار على التوالي)، في مؤتمر كامب ديفيد (تموز) وفي المبادىء التي عرضها على ايهود باراك وياسر عرفات (كانون الاول). اما جورج بوش الابن فلم ينجح في المساعدة في التوقع على تفاق بين ايهود اولمرت ومحمود عباس في 2008، تماما قبل أن ينهي ولايته الثانية. واسباب الاخفاقات لا تكمن فقط في حقيقة أنها حصلت في اواخر ولاية الرؤساء الامريكيين ولكنها لو بدأت في وقت ابكر لكان محتملا ان تجسر خلافات الراي في الزمن الكبير المتبقي. وادعى موظفون في الادارة الامريكية في مذكراتهم بانه لو كان كلينتون تقدم بمبادئه في مرحلة مبكرة أكثر، لكان احتمال اكبر في أن يقبلها الطرفان.
في بداية رئاسته رفع اوباما مستوى التوقعات بعد أن وعد في اثناء الانتخابات باتخاذ سياسة فاعلة وتأكيدية في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. وفي نظرة الى الوراء لا يمكن ان نشخص استراتيجية أمريكية واضحة في الولاية الاولى، باستثناء خطوات تكتيكية لم تعطي نتائج. ومن شأن زيارة اوباما القريبة أن تكون خطوة تكتيكية اخرى، مثل الزيارتين الهامتين للرئيس بوش في العام 2008 (الثانية على شرف احتفالات الستين) واللتين لم تستغلا لتقدم الزخم في المحادثات بين اولمرت وعباس.
دان كيرتسر، السفير الامريكي السابق في اسرائيل وفي مصر، نشر مؤخرا كتابا اى جانب عدة باحثين امريكيين عن "لغز السلام" في الشرق الاوسط. بين الدروس التي يحصيها بالنسبة للولايات المتحدة يشير الى أهمية "التقاط اللحظة". حين تنشأ الفرص، كما يشدد، على الولايات المتحدة أن تكون سريعة ومصممة على استغلال اللحظة؛ فالفرص لا تنتظر بل ثمة حاجة لتطويرها. زيارة اوباما يمكن أن تكون مثل هذه اللحظة.