خبر جاء ليقول سلاما لا ليفعل- هآرتس

الساعة 09:47 ص|20 مارس 2013


بقلم: تسفي برئيل
يأتي رئيس امريكا الى البلدة في أفضل وقت بالنسبة اليه. فهو يأتي قُبيل عيد الفصح مع التنزيلات المديرة للرؤوس في المجمعات التجارية، وحكومة ما زال اعضاؤها لا يعرفون صلاحياتهم أو غرفهم، وجو يمين متطرف مع لمسات يمين معتدل، وحماس لا تطلق صواريخ القسام، وسلطة فلسطينية منهارة. وهذه في الحاصل رتابة مستقرة ومعروفة لا تستدعي درامات. ولا يحتاج براك اوباما الى الالتزام بشيء ولا الى عرض شيء ولا الى الضغط أو الاقناع أو التهديد. وسيحل الرئيس الامريكي ضيفا ويخطب ويصافح ويسجل آخر الامر أنه زار اسرائيل. ولن يضطر الى زيارتها مرة ثانية في فترة ولايته الثانية.
ليس هذا تفضلا امريكيا بل هو سياسة متعمدة. فالولايات المتحدة أخذت تنطوي على ذاتها رويدا رويدا. وليس نجاح اوباما هو في التدخل في اجراءات أو في حل صراعات بل في التهرب منها. ففي كانون الاول 2011 سحب جميع القوات الامريكية من العراق وأخذ يتلاشى تدخل الولايات المتحدة في الدولة التي حررتها من سلطة صدام حسين. وستخرج القوات الامريكية من افغانستان في السنة القادمة وستنتقل الى سيطرة قبائل وحركات اسلامية كما كانت الحال بعد تحريرها من الاحتلال السوفييتي في سنة 1989. فقد أصبحت افغانستان عبئا بعد تصفية اسامة بن لادن. ومرت سنتان منذ بدأ العصيان الدموي في سوريا وما زالت واشنطن حائرة في سؤال هل تُسلح المتمردين أم تكتفي بارسال 200 ألف وجبة جاهزة لمقاتلي الجيش السوري الحر. وتعامل واشنطن مصر كمعاملة شخص لا مأوى له مُلقى على باب البنك الامريكي فهناك شيء من المساعدة الطارئة وتربيت الكتف وفرقعة باللسان. "إن الأمل الكبير الذي جاء به اوباما بخطبته في الرابع من حزيران 2009 في جامعة القاهرة تلاشى"، جاء هذا الاسبوع في مقالة أسرة تحرير صحيفة "الشرق الاوسط".
ليس هذا التحليل دقيقا. فعدم الاستراتيجية هو استراتيجية. وحينما يستقر رأي قوة من القوى العظمى على رفع مرساتها والابحار عن مراكز الصراع فانها لا تحتاج الى استراتيجية تدخل بل الى زيارات وداع أو إظهار تجاهل. إن زيارة اوباما لاسرائيل جزء من رحلة الوداع هذه. فالصراع الاسرائيلي الفلسطيني ليس تهديدا استراتيجيا كالصراع بين كوريا الشمالية والجنوبية، أو بين الهند وباكستان أو بين تايوان والصين. وحله لن يثمر شرق اوسط جديد وذلك خاصة لأن الشرق الاوسط الجديد يبحث هو نفسه عن طريقه في انفصال عن الفلسطينيين. إن السلام بين اسرائيل والفلسطينيين لن يُحدث ردا متسلسلا يجعل السعودية والكويت وقطر والجزائر تبحث عن منزل لسفاراتها في القدس. والجبهة العربية في مواجهة ايران مهما تكن موجودة لا تشترط عداوتها لايران بحل المشكلة الفلسطينية. فلأكثر الدول العربية حساب خاص مع ايران.
تحول الصراع الاسرائيلي الفلسطيني على مر السنين الى اختلاف في الرأي سياسي داخلي في اسرائيل وأصبح واحدا من مراكز الصراع السياسي بين فتح وحماس. ويُقاس اليمين واليسار بحسب مبلغ استعدادهما النظري للتخلي عن اراض لا بحسب تصميمهما على العمل على انهاء الاحتلال. وما زالت المقاومة أو التنازل (أو الكفاح المسلح في مقابل التعاون مع اسرائيل) يُفرقان بين الفصيلتين السياسيتين في الجمهور الفلسطيني. وأصبح هذا الصراع بالنسبة للولايات المتحدة المقياس الرئيس لقوتها ومنزلتها في الشرق الاوسط. ولن تستطيع التحرر من هذا العبء الثقيل ما بقيت تُعتبر ذات تأثير جوهري في سياسة اسرائيل. وستستطيع التخلص من هذه العلاقة بين مكانتها في المنطقة والصراع الاسرائيلي الفلسطيني اذا حلت الصراع فقط أو ابتعدت عنه. إن زيارة اوباما في الوقت الأقل عملية في تحريك المسيرة السياسية تشهد على نحو متناقض بالاختيار الاستراتيجي الذي تبنته واشنطن. إن اوباما لا يأتي لصنع السلام بل أتى ليقول سلاما.