خبر بعض كلمات إلى الأسير طارق قعدان...

الساعة 11:48 ص|25 فبراير 2013

بقلم: غادة زقروبة - تونس -
يا دمه الناظر إليّ من تحت ذراع، هل تودّعُ فيَّ ما تبقى من وهن في كرامتي المسروقة غدرا من عروبة تسقط أكثر؟

يا دمه السائل عن سهونا المركّز على كذبة باقية، أَتُواعد الغضب منيّ عليَّ؟ 

لا تنظر إليّ أكثر فلن أقوى على احتمال سطوة نظرتك الغاضبة إليّ. 

الجوع بقاؤك الحيوي، وختامي.

تتقن الجوع بعطف الوطن على الجسد ولا أتقن غير كرامة تنتعش من شبعها البيولوجي.

يا جسده المرميُّ على طرف الحياة تقدّمْ إلى وطنك أكثر فلا الأسر حصار ولا الموت ختام..

يا موتُ حاربهُ إن شئت فلن تأخذ غير ذلّكَ مكسوًّا بسخرية جسده.

تدثّر بجسدك يا طارق، يا سيّدا على أسرك، يا من تحاصر موتك جوعا.

تدثّر بجسدك إلى أبد ينحني عند قامتك فلا عضوا يسقط عن إرادته.

لا تكتب رسالتك الأخيرة ففي كل وقت أخير سينبت جسدك عزّا من جديد.

ظنوا أنهم كسروك ولكن لسوء فهمهم ما أدركوا أنهم ينكسرون كل يوم على صلابة جوعك.

سيسقط جدار عدوّك أمام قسوة جسدك الذي يحفر خندق الموت بسلام شريد..

وفي مزبلة عابرة ستُلقي عدوّك.

يحدث المشترك في جسدك، فما صار أنت بعد جوعك بل صار بوصلة الوطن التي يُقاس على مدى اتجاهاتها ثقل القضية، ثقل الحرية، ثقل الأرض وصوت سماء تنظر بصمت مقهور.

بإرادتك وإرادة رفاق أسرك وجوعك دفعتم الوطن من بين سلاح وحقد عدوّ الى عالم لم ينتبه يوما الى الجسد الفلسطيني الا وهو قتيل، و اليوم ينتبه قسرا للجسد الفلسطيني وهو مقاوم بلا سلاح ولا ذخيرة.

بجوعك ورفاقه، دخل الاسرائيلي منطقة الخوف فلم يعد يقدر على إقناع العالم انك ارهابي.. سيضحك العالم منه لو تلفّظ بذلك، فأي إرهابي هذا الذي يجوع وطنا على وطن ويُدمي القيد دما من حديد على جلده.

سقطت أوسلو عن ذراعك فلا تلتقطها وسقط سلام غادر ذات سَادات، فآرتفع بجوعك أكثر حتى يعرف حجم سقوطه.

سينتحر الموت على ساعديك يا قويا بجوعك، فالموت لا يقصد غير أجساد شبعة أو تلك التي جاعت قسرا، أما الجسد الذي اختار الجوع رمزا لوطن فالموت يستحي اذا ما اقترب.

يتوجّه الوطن بثقل كرامته داخلك وعلى امتداد جسدك.

ربما نحن اللذين لا نعرف غير الخطابة نسقط حين جوع قليلا عن خطابتنا ولكنك ترتفع بلغة جسدك وخطابته كلّما زاد جوعك.

"أهدي أليكم جوعي وبعضا من دموعي" هكذا قلت مخاطبا أبنائك من بين جسد وروح..

أهديت إليهم عزما على افتكاك الوطن جوعا وبعض دمع..

هو الاب الذي ترهقه أبوّته وضعف جسد ولده المريض وتدمع لقهر البعد القسري عنهم عيونه فيهدي لهم جوعه مقاومة تُذلُّ عدوّهم وعدوّه..

من خلف جدار الحصار كان يخاطبهم حتى لا يعاتبه القدر اذا ما كبروا بأرضهم ولم يعرفوا كبر أرض جسد سيفتخرون ذات وطن بأنهم أبناء هذا الجسد/الأرض: "طارق قعدان".

يا من صنعت عروقك التي تنسى كيف تعشق دمائها، شرايينا للحياة خارج الزنزانة الباردة..

وباتت ترتجف طلقات العدوّ وهي مشرّدة بين خوف من جسد يُؤلّب عليها العالم الذي ما كانت تهتمّ يوما اليه، وبين شعب ماعاد ينتظر كرامة تُسترجع بالمفاوضات.

تواصل داخل جسدك وارتفع حتى ندرك سخف اعتقاداتنا التي ما قارعتْ يوما حصار الجوع وهو يتحوّل جلاّدا لعدوّ ما عرف كيف يليق بلقبه.

أيها الاسرائيلي تعلّم كيف تكون عدوّا أولا... لتليق بجسد مقاوم.