خبر من يغمز أولا؟- يديعوت

الساعة 10:07 ص|24 فبراير 2013

بقلم: عمانوئيل روزان

كان يجب على السياسي ذات مرة منذ زمن ان يتلوى ويفسر لماذا تعوج ولماذا لم يفِ بما وعد به وكيف اتصل فجأة وبسهولة بمن كان الى أمس فقط يعيبه ويرفضه في كل شيء وكل حلف. واليوم في السياسة الحديثة في سنة 2013 أصبح ذلك أبسط كثيرا. لأنه يكفي استعمال الكلمتين الغالبتين من جهة والغامضتين من جهة اخرى وهما "هذا الوقتَ"، من اجل تنقية كل قذارة وإحلال كل سوء.

استقر رأينا "هذا الوقتَ" على أن نُنحي الاختلافات جانبا. فشعب اسرائيل محتاج "هذا الوقتَ" الى حكومة واسعة والى اتفاق وطني. ويجب "هذا الوقتَ" التعاضد لمواجهة الأخطار التي ترصدنا جميعا. ويقول نتنياهو أنا محتاج "هذا الوقتَ" في الحكومة الى تسيبي لفني كل تُدير من أجلي التفاوض السياسي وإن كنت قد قلت قبل شهر انها فعلت ذلك في الماضي بصورة سيئة عرضت أمننا للخطر. وتقول لفني أنا مستعدة "هذا الوقتَ" لأن اؤيد نتنياهو وإن علمتم جميعا ما الذي أعتقده في سلوكه وشخصيته ومواقفه التي تُعرض أمننا للخطر.

كان الفرق بين الكلام والفعل موجودا في السياسة دائما. لكن حينما تفقد الكلمات معناها تماما لا تعود توجد طريقة للنظر الى ما يُقال في جدية أو للنظر فيه أصلا. يتهم "مسؤولون كبار في الليكود" بينيت بأنه يعمل في اسقاط حكومة يمين. فعن أية حكومة يمين بالضبط يتحدثون؟ هل عن تلك التي تعرض على لفني ان تجري المفاوضات مع الفلسطينيين وعلى شيلي يحيموفيتش ان ترأس وزارة المالية مع تصورها العام؟.

توجد في هذا الحشد من الكلمات الفارغة الجوفاء جملة واحدة فقط تخرج من القلب وتعبر في الحقيقة عما يعتقده رئيس الوزراء فهو يقول "انهم يحاولون اسقاطي" ويقصد الحلف الغريب بين يئير لبيد ونفتالي بيني. ولا شيء أخطر من هذا التهديد، لا الذرة الايرانية ولا السلاح الكيميائي في سوريا ولا الازمة الاقتصادية العالمية ولا عدم التساوي في عبء الخدمة بالطبع ايضا. ليس مؤكدا انه يوجد أصلا من يريد أو يستطيع، وهذا صحيح الى الآن، ان يسقط الملك بيبي. فهذا عند لبيد مبكر جدا ويقول بينيت عن نفسه انه غير أهل لذلك ويبدو ان يحيموفيتش ايضا لا تُدبر للاستيلاء على رئاسة الوزراء حقا. لكن الخوف من السقوط يوجه كل شيء ويقود كل شيء وكل شيء يجوز في الطريق الى هذا الهدف لأنكم تعلمون انه "هذا الوقت"...

إن السؤال الأكبر هو بالطبع هل يقدر بينيت ولبيد اللذان أصبحا كابوس نتنياهو أو يستطيعان كسر صيغة "هذا الوقت". يمكن ان نرى الحلف بينهما بقدر ما مقطوعا عن السياق وعن الواقع وأنه إيهام تساوي قيمته الكلمات الفارغة من المضمون التي تُصب في التفاوض الائتلافي. لكن يوجد امكان آخر وهو ان لبيد وبينيت ربما يقصدان حقا ما يقولانه لنا وما يقوله أحدهما للآخر، وإن لبيد غير خبير في الحقيقة بما يسميه "سياسة قديمة" وهي تلك التي توجد فيها للكلمات والوعود والقيم فيها قيمة مع تاريخ نفاد مرن ولحظي.

في المحادثات المغلقة التي أجراها بينيت هذا الاسبوع كرر قوله انه لن يدخل حكومة مع شاس ولفني. ووعد ايضا بأنه اذا دخل فان لفني تستطيع ان تحفظ للتذكار الصحف التي بشرت بتعيينها وزيرة للعدل ومديرة للتفاوض السياسي. واقتُبس من كلام لبيد يقول ان صورة مشتركة في بيت الرئيس للوزير لبيد الى جانب الوزيرين يشاي ودرعي ستكون نهاية حياته المهنية.

اذا كانا يقصدان حقا ما يقولان فسيضطر نتنياهو الى الانضمام للعالم الجديد للسياسة الجديدة التي يُحتفظ فيها باستعمال كلمتي "هذا الوقتَ" للطواريء. ويستطيع نتنياهو بالطبع ان يفضل مع كل ذلك السياسة القديمة ويقود نفسه الى انتخابات جديدة يُشك في ان يخرج فائزا منها.

ويوجد امكان ثالث وهو ان يُسقط بينيت أو لبيد واحد منهما أو كلاهما في آخر لحظة قطعة الجبن من أفواههما مباشرة الى حلق الثعلب نتنياهو الذي ينتظر في الأسفل. وكل شيء يمكن ان يحدث أو لا يحدث ايضا "هذا الوقتَ".