خبر متى تصبح موجة المواجهات في الضفة انتفاضة ثالثة؟- هآرتس

الساعة 10:03 ص|24 فبراير 2013

 

بقلم: حاييم لفنسون

يتجاوز مقدار المواجهات في نهاية الاسبوع في الضفة الغربية ما كان معروفا في ايام الجمعة في أنحاء يهودا والسامرة، بسبب كثرة الاماكن وبسبب عدد المشاركين الكبير. وقد بقي أكثر الأحداث تحت السيطرة ما عدا مواجهة بين مستوطنين من البؤرة الاستيطانية إيش كوديش وفلسطينيين من قصرة بينهما علاقات عكرة منذ نحو من سنتين. فقد جاء الى منطقة البؤرة الاستيطانية 200 فلسطيني وواجههم 25 مستوطنا وأطلقوا النار فجرح فلسطينيان وجُرح فلسطيني آخر باطلاق جنود الجيش الاسرائيلي الرصاص المطاطي. ويحقق الجيش في هذه الأحداث.

ونشبت اضطرابات أمس ايضا في الخليل بسبب موت السجين عرفات جرادات من قرية سعير المجاورة للمدينة، في السجن. وقال بلاغ جهاز الامن العام انه مات بالذبحة الصدرية. وموضوع السجناء يهم الجمهور الفلسطيني جدا وأُثير أمس  سريعا طلب انشاء لجنة تحقيق دولية، وأُثيرت اشاعات ايضا تقول ان السجين مات لأنه ضُرب. ويزيد موت جرادات على التوتر الموجود أصلا في المنطقة بسبب الذكرى الـ 19 على مذبحة باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيمي. ويتذكرها مؤيدوه في عيد المساخر أما الفلسطينيون ففي الـ 25 من شباط، غدا.

إن توالي الأحداث ينشيء جدلا عاما في سؤال هل تنتظرنا انتفاضة ثالثة. لكن الانتفاضة الثالثة ليست أمرا يُجاب عليه بـ نعم أو لا لأنه يوجد وضع أوسط ايضا لموجة احتجاج اخرى من الجمهور الفلسطيني بسبب خيبة الأمل لعدم وجود تقدم سياسي، والازمة الاقتصادية وعلامات انهيار السلطة الفلسطينية وحماسة الجمهور من انجازات حماس في غزة في الـ 12 سنة الاخيرة.

إن سير الأحداث الى الآن يُذكر بالانتفاضة الاولى، لكن ينبغي ان نذكر فرقين جوهريين بين أواخر 1987 ومساخر 2013. ففي 1987 كان الجيش الاسرائيلي يسيطر على كل المدن الفلسطينية وكان مسؤولا عن استعمال جهاز الحياة اليومية. وكان الجيش الاسرائيلي آنذاك محصور العناية في حماية مستوطنين سافروا الى المستوطنات مرورا بالمدن، وفي حماية مباني الادارة العسكرية التي أحدق بها جمهور غاضب، وفي محاولات عقيمة للحفاظ على الحياة اليومية ايضا. وفي الانتفاضة الاولى أضاع الجيش الاسرائيلي طاقة عزيزة على محاربة الاضراب التجاري للتجار واغلاق الجامعات وفتحها.

والمهمة اليوم أكثر وضوحا، فالجيش الاسرائيلي يستعد لحماية الشوارع والمستوطنات ولمنع خروج الارهاب من الضفة الى اسرائيل بالطبع. إن الشوارع طويلة في الحقيقة لكن مهمة الجيش واضحة له. ومهمة الجيش غير معقدة ايضا مع وجود خط يجب رد المتظاهرين عنه.

والفرق الآخر هو استعداد الجيش الاسرائيلي. ففي الانتفاضة الاولى لم يكن الجيش متأهبا ولا مستعدا. ولم يكن من الواضح لأحد ما هي النظرية التكتيكية لعلاج الاخلال بالنظام. ولذلك نشأ أمر "تكسير الأيدي والأرجل" الذي تم تطبيقه بحرفيته.

إن الجيش اليوم خبير بالاخلال بالنظام ويؤكد التدريبات على هذا الشأن تأكيدا شديدا. ليست كل قوات الاحتياط ذات خبرة حقا بتفريق المظاهرات، لكن كان يمكن ان نرى بيقين خبرة رجال شرطة حرس الحدود وقوات الجيش الاسرائيلي النظامية في اخلالات النظام الاخيرة. فلم يعد يُرى جنود يركبون سيارات جيب ويقفزون ثم يركضون مع متاعهم الثقيل في مخيم لاجئين يطاردون أولادا يرشقون الحجارة ويُدفعون الى ضائقة ويطلقون النار خارجين الى الخارج. فالجنود ورجال الشرطة يستعملون الكثير من الغاز المدمع الذي ليس هو لذيذا في الحقيقة لكنه ليس فظيعا. ويصور المصورون المشاغبين من اجل اعمال الاعتقال في الليل.

يقولون في الجيش الاسرائيلي في أحاديث داخلية ان سنة 2013 هي سنة حسم فاما ان يكون انهيار السلطة وإما ان تكون مسيرة سياسية. ويجلس المستوطنون حتى الآن على الجدار ايضا. فقد كانوا في الانتفاضة الاولى والثانية أوائل الدُعاة الى استعمال الصرامة. وقادوا في الانتفاضة الاولى خط اطلاق النار على راشقي الحجارة حتى الموت ودعوا الجيش الاسرائيلي في الانتفاضة الثانية الى الانتصار.

لكن في نظرة الى الوراء تعتقد قيادة المستوطنين ان صورة يهودا والسامرة على أنها بوسنة الشرق الاوسط تجعلهم بغيضين الى الجمهور العريض، فهم يفضلون ان يحصروا عنايتهم في معاصر النبيذ والأكواخ الخشبية والبرك والينابيع وطرق الدراجات الهوائية ونزهات الدراجات النارية – أي في كل ما يفترض ان يؤثر في قلب الاسرائيلي العادي. وهم في اثناء ذلك لا يتظاهرون ولا يدعون ولا يضغطون. وهذا السلوك يُمكّن قادة جهاز الامن من مجال تنفس. ويأملون في الجيش ان يُستغل مجال التنفس هذا من اجل مسيرة سياسية.