خبر التفاوض الذي لم يكن بدأ في الشارع- هآرتس

الساعة 10:02 ص|24 فبراير 2013

بقلم: تسفي برئيل

إن موت السجين عرفات جرادات في سجن مجدو، واضراب سامر العيساوي الطويل عن الطعام (216 يوما) وثلاثة سجناء آخرين، ومظاهرات "يوم ذكرى" المجزرة التي نفذها باروخ غولدشتاين في الخليل سنة 1994، والمواجهات مع المستوطنين قرب قرية قصرة في محافظة نابلس – كل هذه في ظاهر الامر "أحداث محلية" فقط تستطيع ان تتغلب عليها بضع قنابل دخانية واطلاق رصاص مطاطي واعتقالات.

لا يُعرفها أحد حتى الآن بأنها انتفاضة، وبحق. فهذا المصطلح محفوظ لحرب يواجه فيها الجميعُ الجميع، وسلاسل عمليات ارهابية وتجنيد قوات الاحتياط واغراق الميدان بالقوات. لكن صورة الامور في الضفة ما زالت ليست كذلك.

تعلن قيادة فتح وعلى رأسها محمود عباس أنها لن تسمح بنشوب انتفاضة جديدة وبخاصة قُبيل زيارة رئيس الولايات المتحدة براك اوباما التاريخية، وفي وقت يُجري فيه ممثلا عباس صائب عريقات ومحمد اشتية مباحثات في برنامج الزيارة مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري. لكن يكفي ان يموت أحد السجناء المضربين عن الطعام أو يُقتل عدد من الشباب بنار قوات الجيش الاسرائيلي كي تفقد السلطة الفلسطينية قدرتها على الصد المعلقة أصلا على الكوابح.

تعمل في الضفة جهات كثيرة منها منتقدو عباس وخصومه في داخل حركة فتح الذين يُقدرون انه لا يستطيع ان يغير في سياسة اسرائيل. ويطلب فريق منهم "اعادة المفاتيح الى اسرائيل" وحل السلطة الفلسطينية. ويخشى آخرون في المقابل من ان اجراءات عباس السياسية مع حماس قد تُبعد فتح عن مواقع السيطرة والمال. وإن اشعال الساحة قد يخدم هذه الجهات ويسجن عباس في موقع قتالي لم يقصده.

ليست هذه معضلة عباس فقط. ان المظاهرات والصدامات قد أحرزت الى الآن هدفا مهما واحدا وهو ان قضية السجناء قد أحدثت مظاهرات تأييد وتصريحات تأييد في بيروت ومصر والاردن وأحدثت "قلقا جديا" عند الامين العام للامم المتحدة بان كي مون. وأثارها للمناقشة في واشنطن المبعوثان الفلسطينيان، وتنوي الجامعة العربية ان تحول هذا الموضوع الى الجمعية العمومية.

لكن النشاط الدولي لا يستطيع ان يؤثر في النشطاء على الارض – أو في السجناء – من غير مقابل أو تنازل اسرائيليين. والسؤال كالعادة هو هل ستنجح اسرائيل في ان تبادر الى خطوة مهمة قبل ان تخرج الامور عن السيطرة أم تنتظر ضغطا آخر من الميدان والمجتمع الدولي. فهمت اسرائيل في عدة مناسبات في الماضي انه لا داعي لمواجهة الاضرابات عن الطعام في عناد وهي التي لا تحصد التأييد فقط بل تُعمل ضغطا دوليا لا داعي اليه عليها. وكانت حالة خضر عدنان، نشيط الجهاد الاسلامي الذي استقر رأي اسرائيل على الافراج عنه من السجن الذي مكث فيه معتقلا اداريا بعد 67 يوم اضراب، مثالا واحدا فقط.

إن علاجا صحيحا وسريعا لشأن السجناء المضربين عن الطعام وإن كان يتطلب تنازلا أدنى ثمنا بكثير من تصعيد قد تنتشر على أثره الاضرابات عن الطعام في جميع السجون وتُغذي الصدامات في شوارع المدن. وفي وضع ما زالت لا توجد فيه حكومة في اسرائيل قادرة على اتخاذ قرارات سياسية وبدء تفاوض مع السلطة الفلسطينية وعرض خطة سياسية عملية، فان القليل الذي تستطيع اسرائيل ان تفعله هو ان تُهديء مناطق قابلة للاشتعال. وأهمها وأكثرها حساسية السجناء الأمنيون.