خبر الثورة المصرية.. أبهرت العالم ثم أثارت حزنه

الساعة 06:42 م|11 فبراير 2013

وكالات

مع بدايات عام 2011 فاجىء المصريون أنفسهم قبل العالم الخارجي بنجاحهم في الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وذلك عبر ثورة سلمية تعاطف معها العالم وأفردت وسائل إعلامه صفحات لمتابعة أحداثها والإشادة بالشباب المشاركين بها، غير أن هذه الثورة التي أبهرت العالم ما لبثت أن آثارت حزنه، بعد أن اتخذت الأحداث التالية لها خلال عامي 2011 و 2012 مسارا مغايرا شهد وقوع عشرات القتلى.

"الشعب يريد إسقاط النظام".. كان ذلك هو الشعار الذي توحد خلفه المصريون في ثورتهم التي اندلعت شرارتها الأولى في 25 يناير/كانون الثاني 2011 استجابة لدعوات أطلقها نشطاء عبر موقع "فيس بوك"، وتواصلت الدعوات حتى جمعة الغضب في 28 من الشهر نفسه.

وفي الأول من فبراير/ شباط، ومع استمرار المظاهرات المليونية، خرج مبارك على المصريين بخطاب نجح في استعطافهم من خلاله، عبر التأكيد على أنه لن يترشح لولاية جديدة، وذلك قبل أن تأتي موقعة قتل المتظاهرين في اليوم التالي للخطاب، والمعروفة إعلاميا باسم " موقعة الجمل " لتسحب رصيد التعاطف من الرئيس السابق.

وفي 10 من فبراير/ شباط يصدر الجيش بيانه الأول الذي يؤكد فيه أنه لن يتعرض للمتظاهرين، وفي اليوم التالي في 11 فبراير يعلن "عمر سليمان" نائب الرئيس آنذاك تنحي حسني مبارك وتسليم السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

حتى هذا التاريخ الذي تنحى فيه مبارك كان المصريون على قلب رجل واحد، وذلك قبل أن تفرقهم انتماءاتهم السياسية والحزبية مع الجدل الذي أثير حول "الانتخابات أولا .. أم الدستور أولا".

وقف الإسلاميون في هذ الجدل مع إجراء الانتخابات أولا قبل الدستور، بينما مال الليبراليون إلى إقرار الدستور قبل الانتخابات، ونجح الاسلاميون من خلال القاعدة الشعبية التي يتفوقون بها في فرض هذا التوجه من خلال نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي أجري في 19 مارس/أذار 2011.

وشهد الشارع السياسي حالة من الغليان بعد نتيجة الاستفتاء والتي أعطت انطباعا بقدرة التيار الاسلامي على حشد الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، ومن ثم السيطرة على الجمعية التأسيسية التي ستكتب الدستور، وخرجت مظاهرات غاضبة في27 من مايو / أيار عرفت باسم " جمعة الغضب الثانية "، ظاهرها المطالبة بإصلاحات سياسية وسرعة معاقبة قتلة المتظاهرين، وباطنها الخوف من سيطرة التيار الاسلامي على كل شيء.

مرت هذه الفعالية رغم سخونتها بردا وسلاما على الشارع السياسي المصري، غير أن الشارع السياسي لم يهدأ، ولكن هذه المرة بسبب وثيقة المبادئ الأساسية للدستور التي أثارت غضباً عارماً لاحتوائها على بنود تعطي الجيش وضعاً مميزاً بالإضافة لاحتوائها علي مواصفات لاختيار الجمعية التأسيسية التي من المفترض أن يختارها أعضاء مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) الذي سيتم انتخابه بدايةً من 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ودعت حركات سياسية إلى ما سمي بـ " جمعة المطلب الواحد " في 18 نوفمبر 2011 ، والتي شارك فيها بعض الحركات المحسوبة على التيار الإسلامي، مثل حركة حازم أبو إسماعيل.

مرت أحداث الجمعة رغم سخونتها بردا وسلاما مثل سابقتها، غير أن ذلك لم يستمر طويلا، وكان المصريون على موعد يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني مع أحداث ساخنة شهدها شارع محمد محمود القريب من ميدان التحرير، كان سببها قيام قوات الشرطة المصرية بفض اعتصام العشرات من مصابي الثورة في وسط الميدان بالقوة مما أدى إلى إصابة 2 من المعتصمين واعتقال 4 مواطنين.

استمرت المظاهرات حتى تكليف كمال الجنزوري بتشكيل حكومة إنقاذ قبل أيام من الانتخابات التشريعية التي بدأت في 28 من نوفمبر / تشرين الثاني 2011 ، وانتقل بعض المعتصمين من ميدان التحرير إلي أمام مقر مجلس الوزراء المصري احتجاجًا علي تعيين الجنزوري، وفي فجر يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2011 تم الاعتداء على أحد المعتصمين بالضرب المبرح ثم إطلاق سراحه، أدي ذلك إلي تأجيج الغضب وبدء المناوشات والاشتباكات بين قوات الأمن والمعتصمين، في الأحداث التي عرفت باسم " أحداث مجلس الوزراء".

لم تكن هذه الأحداث هي الأولى في ظل قيادة الجنزوري للحكومة، فقد كان المصريون مع حادثة مفجعة شهدتها مباراة كرة القدم بين فريقي الأهلي والمصري البورسعيدي، وهي التي عرفت بأحداث ستاد بورسعيد في 1 فبراير/شباط 2012، والتي خلفت  74 قتيلا.

ومنذ وقعت تلك الأحداث لم يهدأ الشارع المصري بسبب رابطة مشجعي النادي الأهلي المعروفة بـ"ألتراس" الذي نظم العديد من الفعاليات للمطالبة بالقصاص من قتلة جماهير النادي، وتزامن ذلك مع تسريبات تؤكد أن قرارا سيصدر من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب استنادا إلى خطأ في قانون الانتخاب. ويدرك حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين وقتها أنه يتعين عليه طرح مرشحا للرئاسة بعد أن فقد مقاعد البرلمان، فيتم الدفع بنائب المرشد خيرت الشاطر، لكن يتم استبعاده من قبل اللجنة العليا للإنتخابات، بسبب أحكام قضائية صدرت ضده تتنافى مع شروط الترشح، فيتم الدفع بمحمد مرسي رئيس الحزب وقتها.

أجريت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يومي 23 و24 مايو/آيار من عام 2012، وأقيمت الجولة الثانية يومي 16 و17 يونيو/حزيران، وأسفرت الانتخابات عن فوز مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي بنسبة 51.73%، وقبل نتيجة الجولة الثانية كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت قرارا بحل مجلس الشعب.

لم يصبر الرئيس مرسي كثيرا على وجود رموز المجلس العسكري الذي كان يدير شئون البلاد في السلطة، فيقرر بعد فترة قصيرة إحالة المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس للتقاعد ومعه الفريق سامي عنان رئيس الأركان.

وأعطت هذه الخطوة التي كان البعض يظنها صعبة دفعة قوية للرئيس المصري، فأصدر قرارا بعودة مجلس الشعب للانعقاد، غير أنه اضطر لإلغاء هذا القرار بسبب الضغط الشعبي، ليصدر بعدها إعلانا دستوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 بتعيين نائب عام جديد وتحصين مجلس الشورى (العرفة الثانية للبرلمان) والجمعية التأسيسية للدستور، بدعوى أن هناك نية لدى المحكمة الدستورية لحلها أيضا.

وتحت الضغط الشعبي يضطر الرئيس لإلغاء هذا الإعلان – أيضا – بعد أن وقعت اشتباكات خلفت ضحايا بين مؤيديه ومعارضيه أمام قصر الاتحادية الرئاسي، بسبب تأييد أنصاره لهذا الإعلان ورفض المعارضين له.

ويرى مراقبون أن هذا الإعلان ومن بعده الاستفتاء على الدستور في نهاية العام الماضي ساعد على زيادة الانقسام الحاد في الشارع المصري، وهو الأمر الذي تجلى في أحداث العنف بين محتجين وقوات الأمن بالذكرى الثانية للثورة، والتي لا تزال مستمرة على فترات إلى الآن.

وشهدت القاهرة وعدة محافظات مصرية أعمال عنف واشتباكات بين الشرطة ومحتجين على حكم الرئيس محمد مرسي، بدأت عشية الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 المصرية، وأسفرت عن سقوط 61 قتيلاً معظمهم بمحافظات قناة السويس الثلاث (من الشمال للجنوب، بورسعيد، الإسماعيلية، السويس)، بخلاف مئات المصابين.