خبر العروس السنية.. هآرتس

الساعة 09:17 ص|08 فبراير 2013

بقلم: اساف جبور

(المضمون: زيارة احمدي نجاد وان كانت تمت بمراسيم احتفالية الا انها لم تمنع المصريين من توجيه رسالة حادة اللهجة للايرانيين في تأكيد الخلافات بين الشيعة والسنة ولا سيما في مسألة سوريا والخليج - المصدر).

34 سنة لم تطأ قدم رئيس ايراني أرض مصر. يوم الثلاثاء الماضي انتهت القطيعة. منذ العام 1979، حين وقعت الثورة الايرانية بقيادة آية الله الخميني وبالتوازي وقع اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر، نشأ صدع عميق بين الدولتين الاسلاميتين. وبأمر من الخميني، ابتداء من العام 1981 قطعت العلاقات بشكل رسمي.

قبل سفره الى مصر اجري لقاء صحفي مع احمدي نجاد في قناة الميادين اللبنانية، المقربة من حزب الله وتحدث عن التعاون الناشيء بين ايران ومصر: "آمل أن تشق الزيارة الطريق لاستئناف العلاقات بين الدولتين. فالعلاقات بين الدولتين هي علاقات تاريخية، يوجد قاسم مشترك ثقافي عميق بين الدولتين وتوجد حاجة الى استئنافها. لو تعاون الدولتان في المسألة الفلسطينية، لكانت فلسطين محررة منذ زمن بعيد. مصر وايران يمكنهما ان تغيرا المعادلة بشأن فلسطين وبشأن الشعب الفلسطيني". وردا على سؤال المراسل اذا كان يريد أن يزور غزة ايضا، اجاب الرئيس الايراني: "اريد أن ازور غزة وأن اصلي في القدس".

بعد وصوله الى القاهرة اقترح الرئيس الايراني على مصر "استغلال حقيقة أن ايران هي قوة عظمى نووية من أجل الحصول على العلم والمعرفة في هذا المجال". وفي مقابلة مع صحيفة "الاهرام" المقربة من المؤسسة الرسمية، اشار احمدي نجاد الى أن المحادثات بين مصر وايران ازدادت بعد الثورة في مصر وقال ان "الخطوات البطيئة تسير في الاتجاه السليم". ودعا الرئيس الايراني الى اقامة وحدة اسلامية: "في اوساط الدول الاوروبية ايضا توجد خلافات عديدة ولكنها حبذت الوحدة. ايران تمد يدها لكل من يرغب في ذلك". كما أنه لم يفوت الفرصة لمهاجمة اسرائيل: "هذا كيان يسلب، يحتل ويظلم العالم كله. فهم يسيطرون على مراكز الثراء، المال والسياسة العالمية ويسلبون الشعب الفلسطيني حقوقه".

والى اقوال الرئيس الايراني انضمت اقوال مشابهة من محمد صبيح، مساعد الامين العام للجامعة العربية لشؤون فلسطين، الذي تحدث عن المؤتمر الاسلامي الذي وصل احمدي نجاد للمشاركة فيه في القاهرة وقال: "يمكن لمصر ان توحد الدول العربية ضد اسرائيل. هذه القمة هامة. توجد حاجة للخروج منها باعلان واضح وجلي ضد اسرائيل. هناك حاجة لايضاح مقاومتنا لاحتلال القدس واقامة المستوطنات".

وخلافا لاحمدي نجاد، فقد تحدث مساعد الامين العام المصري عن الوحدة الاسلامية فقط في سياق اسرائيل: "56 دولة يمكنها أن توقف العلاقات الدبلوماسية، الاقتصادية والصناعية مع الدولة التي تتصرف فوق القانون الدولي وتستخف به. اسرائيل هي دولة مجرمة لا تحترم القانون الدولي ولا تحترم الاتفاقات التي وقعت عليها. اذا لم تكن سياسة حازمة تجاه اسرائيل بانها ستواصل بناء المستوطنات وتؤدي الى القضاء على حل الدولتين. يمكن لمصر ان تحدث تغييرات وتطورات في المسألة الفلسطينية. عليها أن تمر على الدول واحدة واحدة وأن تسأل ممثليها عن مواقفهم من أعمال اسرائيل وما ينبغي عمله لتغيير الوضع".

كفوا عن التدخل

الموقف الموحد حول المسألة الفلسطينية بشر ظاهرا بزيارة هادئة وايجابية من ناحية الدولتين، ولكن الاجواء الطيبة تغيرت دفعة واحدة عندما التقى احمدي نجاد إمام جامعة الازهر، المركز الاسلامي السني العالمي.

ولم ينتظر الإمام احمد الطيب قبل أن يفتح هجوما جبهويا على رئيس الجمهورية الشيعية الاكبر في العالم: ممنوع على الشيعة ان يحاولوا التأثير على مؤمني الدول السنية. ممنوع على ايران أن تتدخل في الدول المحيطة بها في محاولة لادخال المعتقد الشيعي اليها".

وتناول الطيب بشكل مركز ما يجري في الخليج ومحاولات ايران منع اتحاد البحرين مع العربية السعودية. "حذار على ايران أن تتدخل في شؤون دول الخليج. عليكم أن تحترموا البحرين كدولة عربية صديقة والا تحاولوا التدخل في شؤونها. أنا اعارض بشكل قاطع محاولات الشيعة التسلل الى الدول السنية وأرفض نشر المتعقد الشيعي بين الشعب المصري وشبابه". وطلب الشيخ من احمدي نجاد السماح للجاليات السنية في ايران العيش بسلام وامان وطلب منع العمل على وقف سفك الدماء في سوريا.

وقال احمدي نجاد من جهته في اللقاء انه يحترم وجود السنة في مصر واشار الى ان هناك "حاجة لتقدم الوحدة الاسلامية والعمل على التقريب بين الشيعة والسنة لحل المشاكل التاريخية بين التيارين".

واضيف الى الطعم المرير للقاء، الذي نقل بالبث الحي والمباشر في قنوات الاتصال دعوة السلفيين الى عدم السماح لاحمدي نجاد بزيارة الاماكن المقدسة للشيعة. احد الفصائل البارزة في التيار السلفي، "الدعوة السلفية" نشر بيانا رسميا جاء فيه انه اذا سمح لاحمدي نجاد بزيارة الاماكن الشيعية فسيكون هذا "سقوط تاريخي للدبلوماسية المصرية". وعارض السلفيون ايضا زيارة الرئيس الايراني الى ميدان التحرير وحذروا من أنه قد يزرع رسائل شيعية سلبية: "على مصر واجب الدفاع عن الدول السنية من كل تسلل سياسي او حزبي. هذا جزء من التزامها الدولي وجزء من البرنامج الانتخابي للرئيس محمد مرسي". وهاجموا الرئيس الايراني على تأييده للنظام السوري واتهموه "بالمسؤولية عن قتل النساء والاطفال في سوريا، من خلال الدعم الاقتصادي والعسكري".

ورغم مطالب الحركات السلفية، زار احمدي نجاد الاماكن المقدسة للتيار الشيعي بل والتقى بكبار القيادة الشيعية في مصر في مسجد يحمل اسم الإمام الحسين. وتحت حراسة شديدة دخل الرئيس الى النطاق واستقبلته يافطات كتب عليها: "نريد الايرانيين هنا". وأحاط المؤيدون باحمدي نجاد الذي شعر بانه في بيته. وفي حرارة اللقاء خرج الرئيس برفقة حراسة مشددة نحو سيارته، ولوح للجمهور وعندها التقطت الكاميرة حذاء يتطاير نحوه.

شخص تحدث بلكنة سورية حاول ضرب رأس الرئيس الايراني احتجاجا على تأييده لنظام الاسد. وفور القاء الحذاء، الذي يعتبر غرضا حقيرا في الاسلام، هجمت قوات الامن على الشاب واعتقلته. احمدي نجاد اهين مرة اخرى.

عداء تاريخي

"تاريخ المواجهات بين ايران ومصر يعود الى الوراء نحو ستين سنة"، يقول يوسي منشروف، باحث في القسم الايراني في معهد بحوث الاعلام في الشرق الاوسط "ممري" ود. في مركز عزري للبحوث الايرانية والخليج في جامعة حيفا. "وهو يتضمن الكثير ممن الدم الفاسد، الاحتكاكات والمؤامرات. ومنذ الخمسينيات عندما قام جمال عبدالناصر بثورة الضباط التي أدت الى اسقاط الملك فاروق، اعرب الشاه الايراني محمد رضا بهلوي عن تخوفه من الاسلام المتطرف وحاول التأثير على البريطانيين للتخلص من ناصر.

"بعد الثورة في ايران وصعود الخميني"، يواصل منشروف، "في الجانب المصري ثار الخوف من أن تكون ايران تحاول تعزيز الشيعة على حساب التيارات السنية. وفهم المصريون بسرعة شديدة أن النظام في ايران يستغل كل بؤرة شيعية كي يعزز سيطرته ولهذا فلم يسمح للايرانيين بموطيء قدم.

"في العام 1997، فور تعيينه، التقى الرئيس محمد خاتمي مع حسني مبارك في جنيف. وتم اللقاء بشكل ايجابي وكانت افكار عن التعاون، ولكن عندها كشفت مصر عن شبكة تجسس ايرانية تعمل في الدولة ومرة اخرى وقعت قطيعة. المصريون يشكون كل الوقت بالايرانيين، ولا يشترون تصريحاتهم".

منشه أمير، المحلل في صوت اسرائيل للشؤون الايرانية ومحرر موقع الانترنت بالفارسية في وزارة الخارجية يشدد هو ايضا على المسافة بين الدولتين ويقلل من أهمية الزيارة الحالية: احمدي نجاد جاء الى المؤتمر الاسلامي. ولم تدعه مصر. هذا كان لقاء مفروض، مثلما فرض على محمد مرسي الوصول الى ايران قبل سنتين. هذا لا يدل على تحسن العلاقات بل ربما العكس. اقوال امام الازهر، التي كانت انتقاداته شديدة تثبت بان مصر لا تريد أي علاقة مع الايرانيين. وللحقيقة فانهم يريدونهم بعيدين قدر الامكان عن مصر. كما ان الاستقبال العاطف لم يكن الا للبروتوكول فقط. هذه السفرية تعمق الشرخ بين الشيعة والسنة وتؤكد الفوارق بين النهجين".

ويشير أمير الى أن الخلاف في المسألة السورية لا يساهم في استئناف العلاقات. "عندما يعرب الرئيس المصري محمد مرسي بشكل قاطع عن تأييده للثوار السوريين وانهاء نظام بشار الاسد بينما تؤيد ايران النظام لا يمكن القول انه من المتوقع تسخين في العلاقات بين الدولتين".

ويضيف منشروف بان الكثيرين في ايران تحفظوا من سلوك احمدي نجاد في مصر. "في ايران يوجد انتقاد على الرئيس من الداخل. والعديد من السياسيين والشخصيات العامة قالوا لاحمدي نجاد ان تزلفه لمصر لا يجدي ويؤدي الى اهانة ايران. يجدر بالذكر ان الايرانيين شعروا بالاهانة جدا في أنه في اثناء حملة "عمود السحاب" لم يسمح الرئيس المصري مرسي لوفد ايراني بالوصول الى القطاع. بل انهم في ايران اتهموا مرسي بالخيانة لانه عمل على وقف النار بين اسرائيل وحماس. وفي الصحف الايرانية كتب انه بسبب وقف النار منع الرئيس المصري حماس من احتلال اسرائيل ومواصلة اهانة العدو الصهيوني الذي استسلم بسبب الصواريخ الايرانية".