مركز اطلس للدراسات الاسرائيلية

خبر المشهد « الاسرائيلي » عقب انتخابات دولة الكيان التاسعة عشر

الساعة 12:46 م|24 يناير 2013

غزة

 نتائج الانتخابات الاسرائيلية تشير الى ان زعيم الحزب الصهيوني الجديد "يوجد مستقبل " يئير لبيد" هو العنصر الرئيسي والحاسم في تشكل الحكومة القادمة بعد ان شكل مفاجأة الانتخابات للكنيست التاسعة عشر  بحصوله على 19 مقعدا ليكون بذلك الحزب الثاني في قائمة الاحزاب الاسرائيلية. فقد كانت الاستطلاعات التي اجريت قبيل الانتخابات تمنحه 12 مقعدا وتضعه في المركز الرابع بعد احزاب: "الليكود بيتنا"،  "العمل"، و "البيت اليهودي".

 نتائج الانتخابات المعلنة بعد فرز اكثر من 99.8% من الاصوات تشير الى حصول تكتل احزاب اليمين والاصوليين على نسبة تتراوح بين ( 60 -61) مقعدا مقابل ( 59-60) مقعدا لصالح احزاب الوسط واليسار. هذا النتائج  وضعت نتنياهو في ورطة من حيث القدرة على تشكيل حكومة تعتمد اساسا على احزاب اليمين لأنها ستكون هشة وقابلة للسقوط بشكل كبير. وبالتالي ليس امام نتنياهو سوى اللجوء الى استقطاب حزب لبيد الى جانبه لتشكيل حكومة وهذا يوجب على نتنياهو تقديم تنازلات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ففي المجال السياسي طالب لبيد بدعم مساعي العودة للمفاوضات والتوصل الى سلام على قاعدة "حل الدولتين" اما على الصعيد الاجتماعي فهو ينادي  بالمساواة وتجنيد المتدينين وتوزيع العبء في المجتمع الاسرائيلي .

في مقابل ذلك فان فرص احزاب الوسط واليسار التي تتألف من "يوجد مستقبل" بزعامة " يئير لبيد" و"الحركة" بزعامة "تسيفي ليفني" و"العمل بزعامة "يحيموفيتش" وحركة "ميرتس" بزعامة " زهافا غلؤون"   في تشكيل حكومة تبدو مستحيلة لان الامر يتطلب في هذه الحالة ضم حركة شاس الدينية وهنا من الصعب التوفيق بين المتناقضات الواسعة بين هذه الاحزاب العلمانية وحزب شاس الديني . كما ان الاعتماد على الاحزاب العربية امر غير  مألوف في السياسة العنصرية المتبعة في الكيان الاسرائيلي. ايضا فان أي ائتلاف يشكله نتنياهو سيجمع بين متناقضات كبيرة مما يهدد قدرته على الصمود والبقاء . زعيمة حزب "العمل"  شيلي يحيموفيتش قالت " ان ميزان القوى بين تكتلي احزاب اليمين واليسار في الكنيست في اعقاب هذه الانتخابات اصبح هشا وان نتنياهو يجد نفسه صباح اليوم غير قادر على البقاء رئيسا للحكومة ورات ان نتائج الانتخابات تعد حجب ثقة بصورة مطلقة عن نتنياهو وان هناك قوى قادرة على سد الطريق امامه،  وفي حال تشكيل نتنياهو لحكومة فان حزبها- العمل- سيصبح معارضة تناضل للإطاحة به في اقرب وقت ممكن"

 

من هو يئير لبيد؟

 

"يئير لبيد"؛ صحفي، كاتب، موجه برامج تلفزيونية وإذاعية وهاوي ملاكمة، لا يحمل الشهادة الثانوية، تم وقف دراسته للدكتوارة  في جامعة بار إيلان اليمينية، بقرار من مجلس التعليم العالي الإسرائيلي، بسبب عدم استيفاء الشروط، ومنها عدم حصوله على الشهادة الجامعية الأولى، كذلك الثانوية العامة "البغروت"، إبن ليوسف تومي لبيد، هنغاري الأصل، ناجٍ من المحرقة النازية، معروف كصحفي ليبرالي يميني، انخرط في العمل السياسي في بدايات الستينات في الحزب الليبرالي اليميني لفترة قصيرة، عاود بعدها العمل السياسي كرئيس لحزب التغيير "شينوي" عام 1999، وعمل وزيراً للعدل في حكومة شارون وكان أيضاً نائباً لرئيس الوزراء، كان حادا في مواقفه، صاحب لسان سليط وناقد قاسي، عارض المتدينين بشدة وترك الحكومة بسبب ما يحظون به من نسب في الميزانية، عاد بعدها للممارسة مهنة الصحافة وتقديم البرامج الإذاعية حتى وفاته عام 2008 إثر مرضٍ عضال. العائلة تعتبر من الأشكناز، وعرف عن الأب أنه متعصب لأصوله الهنغارية الأشكنازية، حتى أنه في إحدى البرامج، وبعد سماعة لأغنية عبرية شرقية، سأل مقدم البرنامج: "هل نحن من احتل طولكرم أم طولكرم احتلتنا؟"، تعبيراً لعدم رضاه عن هذا الشكل من الفن لدى اليهود الشرقيين، في حين أنه كان مولع بالفن الغربي مثل الجاز والموسيقى الغربية، ويعتبر أن إسرائيل جزء من الغرب وثقافتها.. الابن تربى في بيت يحمل كل هذه الصفات، وتشرب القيم التي حرص والده أن ينشأ عليها، فهو غربي المزاج والطباع، يحاول أن لا يكون نسخه طبق الأصل عن والده، لكنه في الأصول والأساسيات كذلك، حتى أنه سياسياً يحمل نفس القيم والأهداف، أولوياته التعليم، وتغيير نظام الحكم بتحديد عدد الوزراء بـ 18 وزيراً، المساواة في تحمل الأعباء، الخدمة الوطنية الإلزامية للجميع، منهم العرب والمتدينين اليهود، وتحسين الخدمات للجمهور وتعزيز سلطة القانون، هي نفس الأهداف تقريباً التي رفع والده لواءها خلال مراحل حياته السياسية والتي لم تدم طويلاً. الابن يئير، يميني أولاً كما والده، وليبرالي ثانياً، وهنا يكمن التعارض، فالحريات والحقوق – من وجهة نظره- تسير في اتجاه واحد، ومن حق شعب واحد – هو الشعب اليهودي- لا مساوة في الحقوق ولا عدالة في الحقوق ، ولا حقوق للغير، لذلك هو يطالب بالتمسك بالمواقف فيما يخص القدس.

الغريب أنه اعلن عدم استعداده للمشاركة في حكومة لا تعود للمفاوضات، وبشروطه هو مع الفلسطينيين، في برنامجه الانتخابي الذي القاه  من مستوطنة "أريئيل" ، التي أُقيمت على أراضٍ خاصة لمواطنين فلسطينيين!! . في مقال نشرته صحيفة هارتس للكاتب الاسرائيلي جدعون ليفي بعنوان " نتنياهو افضل" يقول ليفي"  لو هُددت بالقتل في أن اختار ما بين يئير لبيد وبنيامين نتنياهو لاختار الأخير" ويوضح " أن نتنياهو سيكون أكثر دهاءاً في التعبير عن مواقفه، ليس كيئير لبيد الذي لم يأتي بجديد حتى أنه يعبر عن نفس سياسات ومواقف السبعينات، كأنه يعيد عجلة التاريخ للوراء".

 يتساءل الكاتب جدعون ليفي أي مستقبل هذا الذي يعد به لبيد واي حلم .. ويضيف ان التفاوض والحديث مع لبيد هذا هو حديث مع جدار اصم ، فمن هم المواطنين الفلسطينيين الذين يريد ان يحادثهم؟ هم في نظره من الدرجة التسعين في سلم البشرية!!، يضيف الصحفي جدعون ليفي" يبدو أن فشل الابن سياسياً لن يكون أقل وطأة من فشل والده، لأن العمل الصحفي والبرامجي، أبداً لا يصلح لسحبه بقواعده على العمل السياسي، وهو لن يستطيع أبداً أن يحقق ما فشل في تحقيقه ممن يُعتبرون لدى الإسرائيليين كبار هامة، بنوا دولة إسرائيل لبنةً لبنة، هذا فقط مع الفلسطينيين، فما بالنا بوعود أخرى قطعها على نفسه أمام الناخب الإسرائيلي، فهو مستعد لأن يكون في حكومة مع نتنياهو دون ليبرمان وزيراً للدفاع، لكنه على ما يبدو يقبل به وزيراً للخارجية، أو للبنى التحتية  والاستيطان، وهو لن يدخل حكومة لا تعود للمفاوضات بنتائج مضمونه كما يريد، تكون بها القدس فقط "يروشليم" موحدة للغربيين، هذا عدا عن شروط والده الذي تبنى، تغيير نظام الحكم وتحديد عدد الوزراء، وغيرة من القضايا الخاصة بالمجتمع الإسرائيلي، التي كانت ولا زالت وستبقى سمة مميزة لمجتمع فسيفسائي غريب عجيب، لا يقوم سوى على المصالح ومعاداة الغير من أصحاب الأرض الشرعيين".  يضيف الكاتب " موضة الأحزاب الموسمية والظرفية في إسرائيل. لبيد الأب يغيب بلا رجعة، ولبيد الابن يطل ولو إلى حين، تماماً كما الكثير من الأحزاب السابقة وما سيليها من لاحقة