خبر خبير مالي: الهاوية المالية للسلطة – خارطة طريق بداية النهاية

الساعة 08:30 ص|21 يناير 2013

بقلم / أمين أبو عيشة*

 أستاذ الاقتصاد والمحلل المالي

حرص الكيان الصهيوني منذ احتلاله الضفة والقطاع عام 1967 ، على تدمير أي مقومات حقيقية لوجود اقتصاد فلسطيني مستقل ، كما جير الموارد الطبيعية الشحيحة أصلاً  لصالح المستوطنين ودولة الاحتلال ( معادن البحر الميت والمحاجر والرخام ومؤخراً الغاز الطبيعي والنفط في وسط الضفة الغربية وسواحل القطاع ) ، لقد انخفضت أعداد الأيدي العاملة الفلسطينية في الكيان الصهيوني من 105 ألف عامل عام 1987م إلى أقل من 40 ألف عامل عام 2012 م ( على الرغم من أن الزيادة الطبيعية السنوية تفرض وصولهم إلى 250 ألف عامل ) ،

لقد تم استبدالهم بعمالة من رومانيا وتايلاند ويصل عدد العمال الأجانب اليوم بالكيان الصهيوني 400 ألف عامل ، في مقابل ذلك تضخم عدد الموظفين في القطاع الحكومي للسلطة ليصل إلى 160 ألف موظف في الضفة والقطاع أكثر من 77 ألف  في قطاع غزة وحدة  غالبيتهم موظفين غير منتجين ( بطالة مقنعة ) ،

 فمن أين تغطي السلطة رواتبهم ؟ إن المصدر الأساسي لرواتب السلطة هي الضرائب بمختلف أشكالها حيث تشكل العائدات الجمركية حوالي 70% من حجم الإيراد العام للسلطة وتشمل ( ضريبة القيمة المضافة ، وجمارك سيارات وتبغ ، وضرائب المحروقات ) وتشكل ثلثي دخل السلطة تقريباً بمبلغ قدرة ( 1,5 مليار دولار سنوياً ) ، تستلمها حكومة فياض في نهاية كل شهر بعد أن يستقطع الكيان عمولة جباية قدرها 3% ، تم إقرارها حسب بروتوكول باريس الاقتصادي ، ( ترتبط السلطة من خلال اتفاقية باريس الاقتصادية بوجود ما يعرف بالاتحاد الجمركي والذي بموجبة تخضع جميع البضائع للإشراف الأمني والمالي من قبل الكيان الصهيوني ) ، كما تعتمد حكومة فياض على مصادر دخل آخري تتنوع بين الضرائب المباشرة مثل ( ضريبة الدخل ) والمساعدات الخارجية المباشرة وغير المباشرة ، إضافة لشبكة الأمان العربية أو مظلة الأمان العربية وهي مبالغ غير عاملة ، في أغلب الحالات لا تحول فعلياً لخزينة السلطة وقدرها حالياً 100 مليون دولار شهرياً ، تبدأ الأزمة المالية للسلطة مع بداية العام 2005 م ففي هذا العام اصدر الاتحاد الأوربي تحذيراً للسلطة بضرورة ممارسة السلطة نوع من الانضباط المالي الداخلي على موازنتها لوجود نوع من الترهل الإداري والمالي وطالبها علناً بتخفيض أعداد الموظفين وتحديداً المنتسبين لأجهزتها الأمنية ، فبدلاً من الإذعان لذلك التوجيه والقيام بإجراءات فعلية للتطبيق قامت حكومة أبو علاء قريع  وقتها بتعيين أكثر من 30 ألف فرد في أجهزتها الأمنية ( دفعة تفريغات 2005 م) ، أكثر من 60%  في قطاع غزة ، وذلك أملاً في استقطاب أصوات انتخابية لصالح حركة فتح وكنوع من الرشوة الانتخابية للفوز بانتخابات 2006 م

 

، كذلك تم إحالة ألاف المنتسبين للمؤسسة الأمنية  للتقاعد وبشروط ( راتب تقاعدي يساوي نفس الراتب الأصلي ) ، وتراكم العديد من الديون أبرزها ديون الأدوية والعلاج بمبلغ إجمالي قدرة 1.5 مليار دولار أمريكي والدين العام للمصارف الداخلية بمبلغ إجمالي 1.6 مليار دولار أمريكي ودين العلاج بالخارج بمبالغ قدرها 1 مليار دولار أمريكي . إنني وكناظر ومتفحص لحجم الأزمة المالية للسلطة فإنني اقترح الحلول الآتية ربما لن تكون حلولاً كاملة بقدر ما تكون محاولة للحل

( أنصاف حلول في أسواء الأحوال ) والتي تتمثل في الآتي :

1- ضرورة بناء قاعدة إنتاجية  تشغيلية معتمدة على الاستثمار الحقيقي وليس الاستثمار الوهمي ( غير المنتج ) ، وذلك من خلال دعم المشاريع الخاصة والعامة في قطاعي الزراعة والرخام.

2- إعادة هيكلة سلم الرواتب وتحديداً السلم المالي لرواتب الأجهزة الأمنية التي تستنزف أكثر من 50% من الموازنة العامة للرواتب  وضرورة وجود تقييم جديد للرواتب.

3- إعلان السلطة الفلسطينية انسحابها من اتفاقية باريس الاقتصادية ، على اعتبارها تعطى الكيان الصهيوني أحقية القرصنة على أموال المقاصة والمنع مرات والمنح مرات أخرى .

4- التركيز على البعد العربي وتحديداً شبكة الأمان الاقتصادية ، لان المظلة العربية ستساعد السلطة في التخفيف من عبئها المالي وبدون شروط وأجندة سياسية على اعتبارها بديلاً للدعم الخارجي .

5- ضرورة تحديد سقف أعلى للرواتب ، وخصوصاً الوزراء والمستشارين والبعثات الخارجية ، ولسنا هنا للتشهير ولكن نقول أن راتب15000دولار شهرياً  لمستشار ألا يعتبر ذلك  مبلغاً كبيراً .

6- ضرورة وجود خطة تقشف معلنة تشمل السفريات والنثريات والمحروقات وتحديداً لأجهزة الأمن ووكلاء الوزارات والوزراء وكبار الموظفين ، والقيام بخطوات عملية لمعالجة الفساد الإداري والمالي.

وفي الختام نقول : إن المال عصب الحياة وهو محرك الدولة نحو التنمية والنمو ، بدونه تفقد الدولة ركناً وجداراً هاماً من مبرر وجودها وبقاءها ، فهل ستبقي السلطة تعزف هذا اللحن وبدون وجود المايسترو ( المنظم ) ، أم أن لكل بداية نهاية .