خبر صوت سمير عوض الصامتُ- هآرتس

الساعة 10:19 ص|20 يناير 2013

صوت سمير عوض الصامتُ- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الفتى الفلسطيني سمير عوض الذي قتله الجنود الاسرائيليون بلا ذنب وبدم بارد كان يجب ان يزلزل المعركة الانتخابية الاسرائيلية لكنه لم يُثر أدنى شعور عند الاسرائيليين - المصدر).

لن يشارك بعد غد في الانتخابات لا بسبب حداثته – فهو لم يُتم السادسة عشرة بعد، ولا بسبب قوميته – فهو فلسطيني. لن يشارك سمير احمد عوض في الانتخابات (ولن يشارك في أي شيء آخر) لأنه قُتل في الاسبوع الماضي باطلاق جنود الجيش الاسرائيلي النار عليه من مسافة قصيرة، رصاصة في رأسه ورصاصة في ظهره ورصاصة في ركبته. وسيشارك الجنود الذين قتلوه بعد غد في الانتخابات بالطبع – التي هي ديمقراطية أو غير ديمقراطية. وسيصوت بعد غد ايضا كل جيرانه من التلال التي تقابل بيته والذين يسكنون هم ايضا خارج مساحة الدولة السيادية. وسيعطي أكثرهم اصواتهم لاولئك الذين يريدون ان يطردوا عائلته أو ان يستمروا في التنكيل بحياتها. ولن يشارك أبوه الثاكل احمد ايضا في هذه الانتخابات برغم أنه يجاور الاسرائيليين مجاورة ملاصقة وبرغم انه كان يعمل منذ سنين في اسرائيل، يبني بيوتها ويرمم ما تهدم منها.

        هذا هو الفيل القوي الذي يقف ساكنا في غرفتنا. وهذا هو الغول الذي يقف على بابنا فنصرف أبصارنا عنه وكأننا نقول: لن ننظر اليه فهو غير موجود. وهذا أكبر تضليل في هذه الانتخابات التي هي الأكذوبة المريضة للديمقراطية الاسرائيلية التي يشارك فيها جميع الاسرائيليين – منتخِبين ومنتَخَبين.

        لو كنا في ديمقراطية حقيقية لأصبح قتل الفتى سمير موضوعا في المعركة الانتخابية – فقد قُتل اربعة فلسطينيين أبرياء في الاسبوع الذي سبق الانتخابات. ولم يرَ أحد رأيه فيهم وأشك في ان تكونوا سمعتم بهم أصلا. من عوض هذا؟ أهو لاعب كرة قدم في الاتحاد الأعلى؟ وما كان يصعب ان نُخمن ماذا كان سيحدث لو قُتل في الاسبوع قبل الانتخابات اربعة اسرائيليين بطريقة مشابهة: كان موتهم سيزلزل المعركة الانتخابية. لكن حياة الفلسطينيين كالغبار ولا يستحق موتهم حتى الذكر. ووجودهم في الساحة الخلفية للديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط ايضا كالغبار. فلا يسأل أحد كيف تُمنع عائلة عوض من الحق في المشاركة في انتخابات ستؤثر في مصير حياتها في حين يتمتع جيرانهم الملاصقين في المستوطنات التي نشأت على اراضيهم بكامل الحقوق – التي يستطيعون ان يحلموا بها فقط – ويشاركون في هذه الانتخابات وشاركوا في التي سبقتها وفي تلك التي ستأتي بعدها. كيف بحق الشيطان تُسمى هذه ديمقراطية؛ وكيف لا تُسمى فصلا عنصريا وكيف لا يتحدث أحد عن ذلك.

        قُتل سمير بدم بارد ولا سبيل اخرى لوصف قتله لأنه طالب مدرسة ثانوية لم يعرض أحدا للخطر. والجنود الذين قتلوه وهو فار لن يحاكموا أبدا. رأيت في الاسبوع الماضي وجوههم في فيلم فيديو قصير صُور بعد بضع دقائق من قتلهم لسمير الذي حاول ان يتسلق جدار الفصل الذي يخنق قريته: انهم مجموعة شباب اسرائيليين خالصين صارمين في ملابس عسكرية. بعد قليل سيُسرحون من الخدمة في الجيش ويخرجون الى حياتهم يفخرون بخدمتهم العسكرية، أوليسوا هم "أصحاب القيم" بيننا الذين "يحملون العبء"، والذي أُثير هو خاصة باعتباره شأنا في المعركة الانتخابية – جيئونا بأمثالهم فقط. ويجوز لنا ان نفترض أنهم لا تقض مضاجعهم لحظة واحدة بعد أن قتلوا هذا الفتى على هذا النحو وأخربوا عائلته. ولا تقض مضاجع سائر الاسرائيليين بسبب فعل القتل الآثم هذا الذي تم باسمهم ولماذا تقض مضاجعهم؟ أليس يوجد من يهتم بعدم ازعاجهم: فقد أبلغوا في "صوت اسرائيل" أن "الجيش الاسرائيلي منع محاولة دخول الى اسرائيل".

        كان سمير أفتى من قاتليه بسنتين أو ثلاث. ولم ينتظره شيء في حياته فهو ابن لعائلة ذات 17 شخصا، يعولها الوالد بعمل صعب في اسرائيل. وهو في حداده يلبس قميصا وعليه "آدم وحواء، المزرعة البيئية موديعين". ويتذكر في ابتهاج كيف كان يحاضر بعبرية العاملين، طلابا اسرائيليين في الزراعة الفلسطينية. أما قتلة ابنه فينتظرهم مستقبل مختلف تماما – الدراسة وقضاء الاوقات الممتعة والحياة المهنية والمشاركة في الانتخابات لأنهم يهود فقط ولأنهم غير فلسطينيين فقط. صوتوا بعد غد لمن ستصوتون له. لكن من يعتقد ان مصير عائلة عوض، وهو الحياة بلا حقوق، سيستمر على هذا النحو الى الأبد يحيا في أكذوبة هي أبغض أكذوبة في معركة الانتخابات هذه. كان سمير الصوت الصامت لهذه المعركة الانتخابية والذي كان يجب ان يضعضعها ويزلزلها.