خبر صبيح: أرحب بكونفدرالية بين الدولة الفلسطينية والأردن بشروط

الساعة 09:55 ص|02 يناير 2013

وكالات

على طاولته في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، حاورته "الأناضول" حول جملة من القضايا أهمها القضية الفلسطينية، باعتبار أنه الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية لشئون فلسطين والأراضي العربية المحتلة.. قضايا لم نلمس منه تفاؤلاً كبيراً بقدر تشاؤمه الذي ظهر من بين ثنايا تصريحاته وجمله، إزاء ما هو قائم وقادم للمستقبل سواء على الساحة الفلسطينية أو العربية.

وعند الولوج في سبر القضايا المطروحة، أوقفنا السفير الفلسطيني محمد صبيح، عند سؤالنا إياه عن عودة الحديث عن إقامة كونفدرالية فلسطينية أردنية، ورأيه في هذا الشأن، حيث جاءت إجابته المرنة المشروطة، عبر ترحيبه بالفكرة، شرط أن تقوم الدولة الفلسطينية وتتمكن من سيادتها تماماً على أرضها وحدودها، إلى جانب استفتاء عام عليها من الشعبين الأردني والفلسطيني.

السفير الفلسطيني يرسم أيضاً خارطة خطيرة لما هو وراء الوضع الفلسطيني الحالي، وخاصة ما تتعرض له السلطة الفلسطينية من حصار مالي خانق، وتقاعس من قبل "العرب" بخصوص الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه الشعب الفلسطيني، والتي قطعوها خلال قممهم واجتماعاتهم أمام مرأى ومسمع العالم.

 فالوضع خطير جداً، كما يصفه السفير الفلسطيني، وشديد الخطورة، لاسيما إن قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمام هذه الضغوطات والتقاعس العربي، أن يتخلى عن السلطة.

البديل للسلطة الفلسطينية، هو الرفض الفلسطيني للاحتلال الاسرائيلي، وبكافة الطرق المشروعة، "سواء بالعصيان المدني أو المقاطعة"، والأمر كما يقول "صبيح" مفتوح أمام الشعوب التي تقاوم من أجل استرجاع حقها وأرضها.

وأمام كل هذا تبقى المصالحة الفلسطينية والقضاء على الفرقة بين الأشقاء الفلسطينيين هي الأمل والحائط الصادم لكل ما هو قاتم في الصورة، بحسب السفير الفلسطيني.

فإلى نص الحوار:

 لماذا لم يلتزم العرب بتنفيذ شبكة الأمان العربية للسلطة الفلسطينية وفق قرارهم الذي اتخذ على صعيد اجتماعات الجامعة العربية؟ والأمين العربي للجامعة العربية وعد خلال زيارته لرام الله وعد بمتابعة الموضوع  مع الدول العربية؟

تشكيل شبكة الأمان العربية تمت عبر قرارات سيادية اتخذت على مستوى القمة العربية، ووزراء الخارجية، واللجان الوزارية في الجامعة العربية، والأمر خطير وواضح، والرئيس الفلسطيني محمد عباس عندما سار في مسيرة السلام لمدة 16 عاماً وهو يرى أن حل الدولتين يتآكل وأن مستقبل السلام مظلم، وأننا نسير في حلقة مفرغة لا تفضي الى شيء ، قرر أن يذهب الى الأمم المتحدة ، ويطالب بقرار ضد الاستيطان الاسرائيلي.

وهنا استخدمت أميركا حق النقض "الفيتو"، فلم يكن أمام سيادته إلا أن يذهب للحصول على عضوية فلسطين في المنظمة الدولية، إما عن طريق مجلس الأمن أو الجمعية العامة، فالأولى توقفت بسبب الضغوطات، وخيار الذهاب الى الجمعية العامة قوبل بالتهديدات.

ومن هنا طلب الرئيس من الدول العربية شبكة الأمان لأنه يعلم أن هناك من لا يريد حل الدولتين في إسرائيل، وأن هناك من يريد أن يضرب السلطة الوطنية في أكثر من مكان،  يريد أن يضربها في الوضع الأمني والمالي، والانتهاكات عبر مشاريع الاستيطان، والخروقات في القدس والمسجد الأقصى، ثم حجب الأموال عن السلطة حتى لا تستطيع مواصلة أدائها اليومي للحياة الاقتصادية، وبالتالي هذه القرارات قُدمت للدول العربية، ووافقت عليها بالإجماع.

وأعتقد ان كافة الدول العربية وخاصة القادرة منها، ملزمة بالوفاء بالتزاماتها لحماية المشروع الفلسطيني وحماية حل الدولتين، وحماية السياسة العربية للسلام.

- هل تتعرض الدول العربية لضغوط خارجية لعدم الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه السلطة الفلسطينية؟

لا نريد الدخول في السياسات الداخلية للدول العربية، فسواء كان هناك ضغوط أم لم يكن، أعتقد أن المسؤولية هي الوفاء بالالتزامات المالية، والرئيس "أبو مازن" تعرض لضغوط أكثر من أي قائد آخر، وهو في وضع الآن أضعف من قادة آخرين، وبالتالي أي ضغط لا اعتقد ان القيادات العربية في حِل أن تستجيب للضغط أمام هذا الطلب القومي والوطني والانساني أيضاً


- إذاً هل السلطة الفلسطينية تدفع ثمن ذهابها للأمم المتحدة، خاصة وأنه تم تهديدها قبل التوجه إلى هناك؟

نحن جميعا ندفع الثمن سواء الفلسطينيين، أو العرب، لأنه إذا ضُرب المشروع الفلسطيني سيكون هناك ثمناً باهضاً، سواء علينا نحن الافراد أو على الدولة، وبالتالي الرئيس "أبو مازن" ليس وحده.


- هل ترى أن القضية الفلسطينية توارت عن الأنظار مع ثورات الربيع العربي، مع أن هذه الثورات يفترض أن تكون داعمة للحق الفلسطيني؟

لا أعتقد أن هناك تواري عن الأنظار للقضية الفلسطينية، بالعكس القضية الفلسطينية وُضعت في مكانها الصحيح، والآن هي في المقدمة أكثر من أي وقت مضى، وعندما تُعطي القضية الفلسطينية اهتمام الرأي العام العربي ، اعتقد أنها وضعت في المكان المناسب.

والقضية الفلسطينية هي قضية الأمة والجماهير العربية، والارتباط بفلسطين ليس ارتباط عاطفي أو ترفي أو مجاملة، الفلسطينيون في العقيدة العربية، وهم أمن قومي لكل فرد فينا، مسلم كان أم مسيحي، وبدون حل للقضية الفلسطينية سيبقى الوضع العربي في هذه الخطورة التي نراها.

 - تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة، حول نيته تسليمه السلطة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، برأيك ما تداعياتها وأسبابها؟

 أسبابها معروفة، أولاً أن الانتخابات التي ستحصل قريباً في اسرائيل قد تأتي باليمين المتطرف عبر مقاعد أكثر في الكنيست، وهؤلاء جميعاً بمن فيهم الحكومة الحالية برئاسة "نتنياهو" ووزير خارجيته "افيغدور ليبرمان" لا يؤمنون بحل الدولتين، ولا بحل الدولة الواحدة، لكنهم يفهمون فقط بحل الدولة الواحدة القائمة على التطهير العرقي، دولة يهودية ثم "ترانسفير" كما يتحدث ليبرمان وغيره من الوزراء الآخرين.

أستطيع القول أن هذا الوضع خطير جداً، والرئيس "ابو مازن" لا يتحمل ولا يقبل أي عربي معه هذا الأمر، والقضية الأخرى أن الاسرائيليين يريدون من الرئيس عباس أن يتحول إلى أداة لحفظ الأمن الاسرائيلي، وهذا لا يقبله سيادته ولا أي فلسطيني آخر أو أي عربي.

الأمر الآخر أنه عندما ذهب الرئيس الى الأمم المتحدة أراد دولة مراقبة في الأمم المتحدة حتى يقول أننا دولة تحت الاحتلال على حدود الرابع من يونيو والمتعارف عليه دولياً، ووفقاً للقرار 242 الذي تم تطبيقه على الأراضي المصرية والأردنية ومبادئ على الجبهة السورية، لكنه عندما جاء الأمر لفلسطين لم يُطبق منه شيئاً.

الرئيس عباس في حلٍ عندما يرى هذا التقاعس الدولي والعدوان الاسرائيلي، وهنا قرر أن يتخذ موقفاً شريفاً واضحاً مع شعبه ومع نفسه، بأنه لا يستطيع أن يستمر في هذا الطريق كما تريد هذه القيادة الاسرائيلية.

- وما هو البديل برأيك؟

أن تتحمل إسرائيل مسؤولياتها كدولة احتلال، وهي مسؤولة عن كل شيء، هذا البديل من الناحية الظاهرة، أما البديل من الناحية الأخرى فسيكون هناك رفض فلسطيني كامل للاحتلال الإسرائيلي، وعلى العالم أن يتعامل مع هذا الرفض الفلسطيني للاحتلال الاسرائيلي وسيكون بكل الطرق (العصيان المدني، المقاطعة وإلي غير ذلك) فالأمر هنا مفتوح أمام الشعوب التي تحاول وتقاوم من أجل استرجاع حقها وأرضها.


- هناك أطراف فلسطينية قالت بأنها أولى من إسرائيل بتولي زمام السلطة، إن أراد الرئيس عباس تسليمها لإسرائيل،  هل ترون ذلك واقعيا؟

من كان لديه القدرة على ذلك فليتقدم، والرئيس "أبو مازن" فتح هذا المجال أمام الجميع، وهنا لا أتحدث باسمه، فهو ينادي ليل نهار، ويدعو إلى انتخابات، ومن ينجح بالصندوق "فأهلاً وسهلاً" ، برأيي يتفضل من يأتي بالديموقراطية".

- ين دور الجامعة العربية في ملف المصالحة الفلسطينية؟

الجامعة هي أول من تعاونت مع الملف منذ الفرقة الفلسطينية التي بدأت في عام 2007، وكان هناك اجتماع وزاري بعد أحداث الفرقة بثلاث أيام، وقمنا بوضع مسَيِر ما زلنا نسير عليه حتى الآن، والجامعة العربية أوكلت هذا الامر لجمهورية مصر العربية، كونها القادرة والمطلعة على الملف بكامله، وهي تبذل جهودا غير عادية، وفي تقديري هناك جهداً مصرياً سيبدأ خلال الشهر الجاري من أجل اتمام المصالحة التي أصبحت هي الورقة الذهبية للقضية الفلسطينية الآن، وتعتبر حجر الزاوية في أي تحرك قادم.

آن الأوان الآن، وعلى القيادات الفلسطينية أن تضع القضية الفلسطينية والمصالح الوطنية فوق أي تنظيم وأي شخص".

- هل ترون أن تعثر تحقيق المصالحة، مرتبط بمشروع شرق أوسط جديد، أم ان الأمر مرتبط بحسابات فلسطينية داخلية تنظيمية؟

أعتقد أنها حسابات داخلية فلسطينية، وهناك تراكم حدث بعد الفرقة الفلسطينية، وأنا أرى أن الفرقة بين الأهل والأصدقاء والأشقاء يمكن اعادة اللحمة فيها بشكل سريع وسهل، وأستطيع القول أيضاً أنه لا يوجد هناك أي مانع أو أي عقبة سوا التراكمات التي حدثت هنا وهناك ويمكن حلها في منتهى السهولة، والمشروع الفلسطيني أهم من كل شيء.

وصمود الشعب والمقاومة وهزيمة اسرائيل في اجتياح غزة الأخير، وهزيمة اسرائيل في الأمم المتحدة بـ 138  صوت مع فلسطين، يجب أن يدفع الدول العربية إلى تقييم ذلك، ويدفع الفرقاء الفلسطينيون إلى أن ينهوا هذه الفرقة ويعودوا الى اللحمة الفلسطينية، لأننا في أمس الحاجة إليها، والقادم "خطير جدا".

و"الشرق الأوسط يتعرض الى ضغط وتقسيم وخطورة بالغة الشدة".

- هل ترى العودة للحديث عن الكونفدرالية عبر ضم فلسطين والأردن أمر جدي في ضوء المتغيرات التي تشهدها المنطقة، وهل هذا الحل مقبول للشعبين؟

عندما نتحدث عن الكونفدرالية نتحدث عن دولتين، الأردنية والفلسطينية، فعندما تقوم الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية بكامل السيادة، للشعب أن يقرر ما يريد، والشعب الأردني يقرر أيضاً ما يريد، فإذا جاءت هذه الكونفدرالية طوعاً وبالاستفتاء الحر فـ"أهلا وسهلاً"  لكن لا يجوز أن تقفز الى أمور غير مدروسة، وبالتالي أنا مع "الكونفدرالية" فقط عندما تقوم الدولة الفلسطينية وتتمكن من سيادتها تماماً على أرضها وحدودها وشعبها ومصادرها وسيادتها".

- البعض يطرح أن تقوم الدولة الفلسطينية على غزة وجزء من الضفة الغربية اعتماداً على اعتراف الأمم المتحدة كنقطة انطلاق أخرى نحو استعادة الدولة الفلسطينية كاملة على حدود 1967، ما رأيكم في هذا الطرح؟

 هذا مرفوض شكلاً وموضوعاً ، الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67 على حدود الرابع من يونيو، وعاصمتها القدس الشريف المحتلة هي الدولة الفلسطينية التي أجمع عليها العرب، من خلال مبادرة السلام العربية التي أقرت في بيروت عام 2002 ، وتتكرر كل عام، وهي المبادرة المقبولة على المستوى الدولي، ودخلت حيز القرارات الدولية ويجمع ويقبل بها العالم أجمع.

جربنا كافة الطروحات التي هي عبارة عن بالونات اختبار، وبرأيي هذا السلام يجب  أن يتم بالكامل على الأرض الفلسطينية المحتلة وفق مبادرة السلام العربية، وما عدا ذلك مرفوض، ولا نريد أن نبدأ بالتفاوض على جزء من هنا وجزء من هناك، وندخل قضية الدولة المؤقتة.

- كيف تقرأ المستقبل الفلسطيني إلى جانب العربي في ظل المتغيرات الحالية التي يشهدها الشرق الأوسط؟

الوضع خطير وشديد الخطورة، والترتيبات حول الشرق الأوسط قديمة متجددة، والاستراتيجيات الموضوعة من الخارج ليست في مصلحة الشعوب العربية، وللأسف هناك ظلم من الحكام العرب لشعوبهم، ولأرضهم ولتاريخهم ولمستقلهم، العالم كله نهض إلا هذا الإقليم الذي يتعرض الى مخططات خطيرة جداً، ومن هذه المخططات قضية التقسيم، فالعدالة والديموقراطية، والمساواة في العيش والاعتراف بالآخر هو الذي سيقف أمام مشاريع التقسيم.

وقد يكون الربيع العربي هو الرد والصد لما يجري على الأرض العربية، نحن الآن في مرحلة مخاض ومرحلة صعبة قد تكون فيها ضبابية، لكن دائما الشعوب تسير في المسار الصحيح، والقضية الفلسطينية على محك، والحفاظ عليها  هو الحفاظ على شعبها وصمودهم في ارضهم ودعمهم بكل موجبات الدعم والصمود، وخاصة في مدينة القدس، وبالتالي التفكير الاستراتيجي العربي لابد من تغييره في المرحلة القادمة، ولابد من إتمام الوحدة الفلسطينية.