خبر أخرجوا ايها العرب- هآرتس

الساعة 09:10 ص|25 ديسمبر 2012

 

بقلم: ديمتري شومسكي

صحيح أن لجنة الانتخابات المركزية استبعدت ترشيح النائبة حنين الزعبي في الانتخابات للكنيست الـ 19، ولكن الى جانب ذلك قرت السماح للقوائم العربية التجمع والموحدة والتغيير بالتنافس. هذا الخليط من القرارين كفيل بان يرضي الاسرائيليين الذين تعز على قلوبهم الصورة الذاتية لاسرائيل كدولة ديمقراطية. وها هم بالتالي كما يقول اولئك الاسرائيليون لانفسهم، بينما استبعد ترشيح نائبة عاقة واحدة، فان عموم الهيئات السياسية التي تمثل الجمهور العربي في اسرائيل تأهلت بل وتأهلت جدا.

ولكن حذار أن نوهم أنفسنا: فاستبعاد ترشيح النائبة الزعبي يمثل محاولة اسكات جارفة لصوت الاقلية القومية العربية – الفلسطينية في اسرائيل بعمومها. ينبغي الافتراض بانه في ضوء القمع القومي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، فان الاغلبية الساحقة من الفلسطينيين في أوساط مواطني اسرائيل يشعرون بان كرامتهم الوطنية هي أيضا تداس كل يوم. غير أنه منذ محاولة العصيان المدني في تشرين الاول 2000، والتي كلفتهم ضحايا في الارواح، لا يتجرأ الفلسطينيون من مواطني اسرائيل على أن يخرجوا الى حيز التنفيذ احتجاجا مدنيا منظما ضد استمرار الاستعباد القومي لابناء شعبهم خلف الخط الاخضر.

صوت الاحتجاج هذا بالضبط تعبر عنه النائبة الزعبي بشجاعة وتصميم استثنائيين. وهي تفعل ذلك وحدها تقريبا. كل نشاط النواب العرب الاخرين معا لا يوازن نشاط هذه النائبة الوحيدة.

وحسب التفكير الاستعماري الذي تتميز به اجزاء واسعة من القيادة الاسرائيلية، فانه يجمل بالفلسطينيين الاسرائيليين ان يكونوا ممتنين لصاحب السيادة الاسرائيلي اليهودي لمجرد مواطنتهم الاسرائيلية، فيقللوا من الانشغال "القومي المتطرف" بمصير الفلسطينيين في الضفة وفي القطاع وان يركزوا على اصلاح المجاري في قراهم العربية وبالميزانية التي تتجمل عليهم بها دولة القومية اليهودية  السخية. فلو تكلفت تلك المحافل الاسرائيلية بقراءة المراسلات القومية لبينسكر، هيرتسل، نورداو او إحاد هعام – في أن الدعوة الى اعادة الاعتبار للكرامة الوطنية للشعب اليهودي المقموع في المنفى تمر فيهم كعامود فقري ثانٍ – فلعلهم كانوا سيفهمون بانه لا يمكن مطالبة ابناء الاقلية القومية المهانة الا تقاتل ضد اهانتهم القومية. لو كان اولئك الذين يقفون خلف محاولة التصفية الجماهيرية المركزة للنائبة الزعبي يعرفون التاريخ الاقرب للحركة الصهيونية، فلعلهم كانوا يستطيعون ان يروا في مشاركة النائبة الشجاعة في اسطول الاحتجاج ضد الحبس الخانق لابناء شعبا في غزة، عملا بطوليا قوميا؛ فعل يوازن، بالمفهوم العميق، احتجاج صهيونيي الاتحاد السوفييتي في السبعينيات من القرن الماضي ضد حبس اليهود السوفييت خلف الستار الحديدي.

ولكن القيادة الاسرائيلية الحالية التي كان لمواقفها تمثيلا معتبرا في اللجنة التي استبعدت ترشيح النائبة الزعبي، غير معنية بتذكر تراث الماضي للصهيونية كحركة تحرر قومي لشعب مقموع ومهان. وبالعكس، فانها تركل كل يوم بيومه هذا التراث وتسعى الى ان تغرس بدلا منه في الاجيال القادمة من الاسرائيليين تراثا مختلفا في جوهره – تراث القومية المتطرفة ذات نزعة السيد لشعب يقمع ويهين الاخرين.

ليس مناسبا لابن أغلبية قومية قامعة، ان يسدي المشورة لابناء أقلية قومية مقموعة. ولكن بصفتي باحث في حركة قومية لشعب مضطهد بين الشعوب، وكإبن اقلية قومية مضطهدة في بلاده الاصلية يشعر كل يوم على جلدته بالاهانة على خلفية قومية، سأسمح لنفسي بان اقول ذلك ايضا للنواب العرب الفلسطينيين.

إذا ما قررت لا سمح الله المحكمة العليا الانضمام الى عصبة الراكلين للتراث الصهيوني الاصيل كحركة اقلية قومية مقموعة، فصادقت على الاستبعاد المرفوض للنائبة حنين الزعبي، فيجدر بكل النواب العرب من كل الاحزاب الاسرائيلية أن يسحبوا ترشحيهم الى الكنيست الـ 19. نظيف من التمثيل للاقلية القومية الفلسطينية، كما يسعى اليمين القومي الاستعماري اليهودي الحالي، سيكشف مجلس النواب الاسرائيلي بامانة عن ميل اسرائيل الثابت في سنوات الالفين لان تشبه بروحها أكثر فأكثر دولة عرقية لا سامية في شرقي اوروبا ووسطها في القرن السابق. لعل هذا التشبيه الباعث على الصدمة سيكون فيه ما يوقظ من سباتهم اولئك اليهود الاسرائيليين الذين لا تزال قيم الصهيونية كحركة لشعب مضطهد عزيزة على قلوبهم.