خبر طيور مهاجرة.. يديعوت

الساعة 10:58 ص|07 ديسمبر 2012

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: انتقالات من حزب الى آخر حدثت في المعركة الانتخابية الحالية فهل يكون لها تأثير في رسم الخريطة السياسية الاسرائيلية القادمة؟. المنطقة E1 يرى العالم البناء فيها على أنه نهاية حل الدولتين فهل يتجرأ نتنياهو واليمين على تحدي العالم كله؟ - المصدر).

يوجد في الرياضة الجماعية مصطلح نافذة نقل. وقبل العودة الى الملعب بلحظة ينتقل لاعبون من فريق الى فريق في محاولة لتحسين مكانتهم أو أجورهم أو الوجوه التي يرونها في غرفة تبديل الملابس. يخلعون قميص الفريق السابق ويلبسون ولاءا جديدا من يوم الى يوم ومن لعبة الى اخرى. ان انتخابات الكنيست التاسعة عشرة هي الاولى التي تسيطر فيها هذه الثقافة على السياسة. فبعد مئة سنة من السياسة الصهيونية المنظمة على وجه التقريب مع احزاب ذات جذور عميقة ونوى (جمع نواة) من المؤيدين الثابتين، تحولت السياسة الاسرائيلية باجراء سريع الى الخصخصة. في اليمين يلوح الذيل بالرأس. وفي المركز واليسار تنحل الأطر الى عناصر أولية ويحارب الجميع الجميع.

كان أمس آخر موعد لتقديم القوائم الى الكنيست. والى ظهيرة أمس لم تكن تسيبي لفني زعيمة الحركة برئاسة تسيبي لفني تعلم هل يأتي صاحب المكان الثالث في قائمتها عمير بيرتس وحده أم يجب اخلاء مكان في القائمة لواحد أو أكثر من أنصاره. والى صبيحة أمس في العاشرة لم يكن ايتان كابل حليف بيرتس السياسي يعلم ان شريكه اجتاز الحدود الى حزب آخر. فقد حدّثه بيرتس قبل يوم ولم يقل كلمة واحدة، وينبغي ألا نُخرج من جملة الاحتمالات انه هو نفسه لم يكن يعلم.

أصدر يئير لبيد في رد مبالغ فيه شيئا ما اعلانا يتهم فيه تسيبي لفني بأنها "تقود الحيلة الأشد قذارة في جميع الأزمان". وينبغي ألا نتجادل في الطعم والرائحة لكن يُخيل إلينا للوهلة الاولى ان الشيء البارز في اجراء لفني وبيرتس ليس هو الرائحة بل صفتين أخريين هما العرضية واليأس. أما العرضية فلأنه لو كان سياسي رفيع المستوى آخر مثل دان مريدور أو اهود باراك استجاب هذا الاسبوع لاقتراح لفني أو لو كانت شيلي يحيموفيتش أكثر انضباطا في سلوكها في حزب العمل لما حدثت هذه الحيلة. وأما اليأس فلأن لفني قد واجهت في الايام الأخيرة طائفة من الحائرين أجابوها في نهاية الامر بـ لا فاحتاجت بصورة يائسة الى شخص يكسر التعادل. وأما اليأس فلأن بيرتس برغم انجازه الجيد في الانتخابات التمهيدية علم انه لا اجراء منه سيعدل بيحيموفيتش عن قرارها على الانضمام الى حكومة نتنياهو القادمة، أما هو فسترسله الى المطعم. قال والد داني أيلون هذا الاسبوع عن افيغدور ليبرمان انه "ستالين صغير". وتبين لبيرتس ان يحيموفيتش هي ليبرمان صغيرة.

كانت لفني سعيدة بعد بضع دقائق من المؤتمر الصحفي المشترك مع بيرتس. وقالت لي "أنا مبتهجة". وسألتها لماذا أنت كذلك كثيرا. "أنا مبتهجة لأنه في عالم التصورات الذي نعيش فيه تُنسب القدرة على تنفيذ اجراءات سياسية مفاجئة ومركبة الى خريجي دورية هيئة القيادة العامة، لست أنا كذلك في الحقيقة".

ومع كل ذلك اهتمت بأن تذكر بأنها كانت في الموساد ذات مرة.

قالت: "هذه معركة انتخابات قصيرة جدا. والجو هو انه لا يمكن فعل شيء لأن كل شيء قد حُسم. ان انضمام عمير يعطينا تأثيرا".

سألتها: من الذي توسط بينكما، فقالت: "وُجد شخص ما لا من الجهاز السياسي".

وسألتها: هل وُلد هذا من محاولة توحيد قائمتك مع قائمة العمل.

"حاول أمورا كثيرة ربما هذا وربما شيئا آخر"، قالت. ورفضت ان تفصح عن الاسم. "كان هذا يبدو غريبا في البداية"، اعترفت.

حدّثتها عن رد قائمة لبيد: "ليس للفني وأنصارها أي قاسم مشترك سوى الشوق الذي لا يمكن إرضاؤه الى الكرسي".

وكان للفني جواب جيد. "كان بيرتس في المكان الثالث في حزب يتوقع له 20 نائبا وانتقل الى المكان الثالث في قائمة يتوقعون لها 10 نواب. فأين الكرسي بالضبط؟".

لبيرتس سيرة سياسية مدهشة. فقد ألف بين اليسار الاجتماعي واليسار السياسي حينما كان هذا التأليف يعتبر منبوذا في بلدات التطوير. وكان مخلصا لتصوراته طوال السنين وهو شيء لا يمكن ان يُقال عن يحيموفيتش التي انتقلت عن تأييد حداش الى سلوك في رعاية الليكود وحولت حزب العمل الى برنامج عمل مختلف.

ان الخطبة التي خطبها في المؤتمر الصحفي أمس كُتبت من أعماق قلبه. فقد كان فيها كل ما في بيرتس بمقادير كبيرة: ذكريات الطفولة التي تكوي الوعي والشعور الوطني والاهانات الشخصية، والأنا. وكان يمكن ان نفهم من خطبته لماذا ضاق ذرعا بما أصبح يراه سلوكا انتهازيا لزعيمة حزبه. وكان من الصعب ان نفهم كيف سيساعد انضمامه الى لفني على تبديل الحكومة.

ان انضمام بيرتس يحدد التمايز في كتلة المركز – اليسار: فلفني سياسية ويحيموفيتش اجتماعية، وبيرتس يأتي الى القائمة بقوة تنظيمية لا يُستهان بها ايضا. والمشكلة هي انه من جهة التصورات الاجتماعية وربما من جهة الطبيعة ايضا تشبه لفني وبيرتس الزيت والماء. وسيبذلان في الشهر ونصف الشهر القريبين جهدا كبيرا كي يُرتبا الامور بينهما ولا يعلم أحد كيف ستكون الحال في غد الانتخابات.

تَلِفَ الكابح

عزل الليكود دان مريدور عن قائمته الحزبية، وطلب حزبان، حزب لفني وحزب الاستقلال، ان يضماه اليهما، الاول في المكان الثاني والثاني زعيما. واحتار مريدور حيرة شديدة واستقر رأيه آخر الامر على اعتزال السياسة مدة. ولم يكن مريدور هو الوحيد. وتدل التوجهات اليه على مبلغ الحيرة التي سادت الساحة السياسية في الايام الاخيرة. سمّى الكاتب المسرحي الايطالي فيرانديلو ملهاته الكلاسيكية "ستة اشخاص مسرحيين يبحثون عن مؤلف". وفي النص الاسرائيلي شارك أكثر من ستة اشخاص لكن لم يوجد مؤلف.

حينما اعتزل اهود باراك الترشح للكنيست خلّف وراءه حزبا يتيما، فهناك اطار وهناك مال من الدولة ولا يوجد زعيم. وابتدعت رئيسة كتلة الاستقلال في الكنيست عينات ويلف فكرة هي ان تعرض على دان مريدور قيادة الحزب. "نحن حزب صهيوني ليبرالي"، قالت لي. "ومريدور يلائمنا ملاءمة تامة".

توجهت الى مريدور بعد الانتخابات التمهيدية في الليكود فرفض وأصرت وتوجهت مرة ثانية. واستدعت استطلاعا للرأي طُلب الى الناس في اطاره ان يجيبوا عن سؤال هل سيصوتون للاستقلال برئاسة مريدور. وأجاب 7 في المائة بـ نعم. ومال 4 في المائة آخرون الى الاجابة بـ نعم وكان هذا يبدو واعدا.

وكعادة استطلاعات الرأي السياسية كانت العقبة في السؤال لا في الجواب، فلو أنهم عرضوا على المستطلعة آراؤهم كل الخريطة الحزبية وفيها الاستقلال برئاسة مريدور لكان الجواب أقل وعداً.

ان اهود باراك الذي التقى مع مريدور في منتدى "سبان" في واشنطن ألح عليه ان يحل محله. فليس في كل يوم ولا في كل جيل يطلب زعيم حزب الى سياسي من حزب آخر ان يحل محله. وقد كانت هنا فرصة ذهبية لدخول كتاب جينس للارقام القياسية وبرغم ذلك أجاب مريدور بالرفض.

أشارت استطلاعات الرأي عند لفني الى زيادة نائب واحد اذا انضم مريدور الى قائمتها. وهذه زيادة ينبغي عدم الاستهانة بها لكنها ما كانت لتغير الواقع في اليوم الذي يلي الانتخابات.

كان مريدور في الحكومة الذاهبة قوة كبح، فقد عمل على كبح اجراءات عسكرية وسياسية اشكالية وكف جماح اجراءات ضد الديمقراطية. ولم يحب منتسبو الليكود الكوابح فعاقبوا مريدور بنبذه خارج القائمة. والسؤال الذي كان يجب ان يقف أمام ناظريه هل يستطيع ان يؤثر بنفس الطريقة اذا جاء الى الحكومة التالية من الخارج في واحدة من قوائم المركز. وخلص الى استنتاج انه ليس لذلك احتمال حقيقي.

كان مريدور شديد الوحدة في هذه الصراعات. وخرج باراك وبيغن وميكي ايتان الذين انضموا الى بعضها من اللعبة. وصمت جدعون ساعر الذي نمى في الماضي صورة مدافع عن سلطة القانون. فستكون ولاية نتنياهو التالية مع افتراض ان يُنتخب محررة من الكوابح.

أدار نتنياهو هذا الاسبوع حملة الانتخابات من براغ وبرلين. وتبنى ما يُسميه الامريكيون حملة حديقة الورد – وهي حملة انتخابات تُدار كلها من حديقة الورد في البيت الابيض أو بحسب المفاهيم الاسرائيلية من وراء المنصة المحمية التي تطير الى كل مكان مع رئيس الوزراء. سيخطب في كل يوم لكن خطبه ستروج عن طريق الوسائل الرسمية. وسيشتغل خصومه بالسياسة ويحلق هو من فوقهم.

قام بعمله

أخذ افيغدور ليبرمان وزير السياحة ستاس مسيجينكوف الى مطعم كي يُبشره بعزله. واكتفى في حال داني أيلون نائبه بمكالمة هاتفية، فقال ليبرمان "ليس لك مكان في القائمة". ودهش أيلون. واقترح عليه قائلا ربما نرتب لك ان تصبح سفيرا في الامم المتحدة. فقال أيلون دَعْ عنك ذاك. فقد كنت هناك. لماذا لا أُصبح وزيرا أو رئيسا للجنة الخارجية والامن، فقال ليبرمان: سأفحص مرة اخرى مع اللجنة الدائمة. ومن الغد عاد ليبرمان فهاتف نائبه وقال ان القرار لم يتغير.

لا يوجد شيء مرفوض في عزل ثلاثة من الكبار في قائمة اسرائيل بيتنا: فليبرمان أعطى وليبرمان أخذ: هذه قواعد اللعبة. لكن المشكلة هي في طريقة تسويق ليبرمان لهذا العزل بين الجمهور.

كانت الرسائل أولا، فقد أقنع انستاسيا ميخائيلي وميسجينكوف بأن يكتبا رسالتي استقالة يتحملان فيهما المسؤولية عن عزلهما أنفسهما. ان هذه الطريقة استمدت الالهام من المحاكمات التطهيرية في الكتلة السوفييتية. فقد أصر المحققون على استخراج اعترافات من المحقق معهم بجرائمهم الحقيقية والمختلقة وبعد ذلك فقط أعدموهم. وكانت التفسيرات ثانيا. فلأن أيلون رفض ان يكتب رسالة طُلبت تفسيرات. كان التفسير الاول مراسم إذلال السفير التركي. وكان التفسير الثاني ان أيلون مُسرب دائم للأخبار.

والحقيقة ان ليبرمان لم يعد محتاجا الى أيلون بل أصبح متجها الى الليكود وأيلون لا يستطيع ان يساعده هناك. فقد قام أيلون بعمله وهو يستطيع ان يمضي.

الارض والمشاع

هطل أول أمس مطر غزير في القدس. واتجه المطر الى الشرق الى السفوح الشرقية من جبل المشارف والى التلال المحددة في الخريطة بأنها E1 – وهي 12 ألف دونم من الاراضي الصخرية. كان قطيع أغنام يرعى عند أسفل الجبل آكلا القليل من العشب الباقي من الصيف، وكانت على الجبل أكوام من مخلفات البناء تُذكر بأيام حول فيها مقاولو القدس المنطقة الى مزبلة قرصنتهم، وقد شُقت طرق ضيقة يسميها الفلسطينيون طرق سوبارو لتمكين الشاحنات من إنزال حمولتها. ويستعمل أزواج من العشاق اليهود والعرب هذه الطرق لقضاء شهواتهم. ان E1 هي المنطقة المشاعة من القدس. فبرغم أنها جزء من الضفة لا يجوز للفلسطينيين دخولها. وبرغم أنها تربط معاليه ادوميم بالقدس، فلا يجوز لاسرائيل ان تستوطنها.

ان المدخل الى المنطقة من جهة الشرق، جهة معاليه ادوميم، مغلق وهناك لافتة كبيرة حمراء وبيضاء تعلن انه نشأ هنا حي يُسمى "مبسيرت ادوميم". ولا يوجد حي. وفي الطرف الثاني الغربي توجد قرية فلسطينية تسمى الزعيم. وهذه القرية مثل قرى كثيرة على حدود القدس أصبحت بلدة في غضون زمن قصير. فمن فوق الشوارع الضيقة والمختلة والمغمورة بالماء نشأت مبانٍ متعددة الطوابق وكراجات ومسالخ سيارات ومساجد وكل ذلك بلا تخطيط وبلا رقابة. والقرية تقضم من E1 على الدوام.

في فترة حكم رابين صيغت خطة للبناء في المنطقة وتمت الموافقة على الخطة في 1999. وتشتمل على 3500 وحدة سكنية وعلى فنادق ومناطق تجارية وصناعية. انها احتياطي مدينة معاليه ادوميم وهي الى ذلك ايضا الجسر الذي يربط معاليه ادوميم باسرائيل. وتصبح معاليه ادوميم معها كتلة استيطانية أما من غيرها فهي جيب.

توجد مشكلة صغيرة فقط هي ان البناء في هذه المنطقة يقطع الضفة الى اثنتين. فلن يكون اتصال مناطقي للدولة الفلسطينية ولا توجد دولة من غير اتصال.

حينما كان شارون رئيسا للوزراء أراد ان يزور المنطقة. وقد زار ستيف هدلي الذي كان آنذاك نائب رئيس مجلس الامن القومي اسرائيل وسمع التفسيرات وعارض. وسافر وزير الدفاع آنذاك شاؤول موفاز الى معاليه ادوميم وأعلن البناء في المنطقة. وبعد ذلك بزمن قصير سافر شارون الى واشنطن وأثقلت قضية E1 على زيارته.

أبلغ شارون الامريكيين انه سيبني مركز شرطة منطقة شاي هناك. ولم يحبوا ذلك لكنهم سلّموا له. لأنه يمكن نقل مركز الشرطة. بعد ذلك حينما اتجه اولمرت الى البناء احتجت كونداليزا رايس قائلة: ماذا تفعل الجرافات هناك. فوعد اولمرت بألا يُبنى شيء سوى مركز الشرطة وذاك ما كان.

قال الامريكيون اذا بنيتم هناك فسيفجر أبو مازن المفاوضات، فالتزم اولمرت بأنه لن يبني لكنه أصر في التفاوض على ان تكون المنطقة في سيادة اسرائيل، وهي في الخريطة التي أراها اولمرت لأبو مازن مضمومة الى دولة اسرائيل حقا. وأراد ان يعوض الفلسطينيين ببناء نظام أنفاق وشوارع تنشيء ربطا سريعا بين بيت لحم ورام الله.

قبل سنة، في تباحث أمني بين امريكيين واسرائيليين ذكر بعضهم E1 فسارع أحد الامريكيين الى الرد قائلا: "قرروا ما الذي تريدونه، فاما E1 وإما ايران". وقد لمس جذر المشكلة التي تواجهها اسرائيل. فالمنطقة لم تعد تُرى في العالم على أنها خطة اسكان اخرى بل على أنها نهاية حل الدولتين. وقد ضُغط نتنياهو وقال ان الحديث عن تخطيط فقط، والحقيقة ان التخطيط قد استكمل منذ زمن وكذلك الموافقة ايضا. ويمكن البناء على الارض من صباح الغد في الظاهر، أما بالفعل فان اليمين ايضا يعلم انه غير ممكن.