خبر الدكتور مرسي ومستر هيد.. اسرائيل اليوم

الساعة 03:53 م|25 نوفمبر 2012

بقلم: بوعز بسموت

(المضمون: ان من اعتقد على أثر تقريب محمد مرسي بين وجهتي النظر الفلسطينية والاسرائيلية انه نشأ زعيم عربي براغماتي طالب للسلام حصل فورا على مرسي الحقيقي الذي يعمل في دأب على تقديم رؤياه وهي تحويل مصر الى دولة اسلامية - المصدر).

استكشف الغرب الدكتور مرسي بعد ان أسهم في وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحماس. فقد أصبح السيد هيد بعد 24 ساعة. فماذا سيفعلون الآن في واشنطن؟ انهم ينتقدون ويرجون الخير. فهم في البيت الابيض لا يريدون زعزعات ويُوضحون ذلك للجيش المصري. فالديمقراطية تكون احيانا قيمة عليا ويكون الاستقرار والمصالح كذلك مرة اخرى. بيد أنهم سيلتقون مرة اخرى في ميدان التحرير في يوم الثلاثاء، سيكون هناك من جهة الاخوان المسلمون والرئيس والباقون من جهة اخرى.

في سنة 1982 حصل الدكتور مرسي من جامعة جنوب كاليفورنيا على شهادة الدكتوراة في هندسة المواد. وفي الواحد والعشرين من تشرين الثاني 2012 حصل مرسي نفسه من الامريكيين على لقب سياسي بعد ان ساعد صديقه الجديد اوباما على هندسة اتفاق في غزة. لكن الدكتور مرسي مختص أصلا بهندسة الاجهزة: فبعد ان سيطر ديمقراطيا على الجهازين التنفيذي والتشريعي، جعل السلطة القضائية تركع.

قبل 22 شهرا بدأ الاحتجاج الكبير في مصر الذي أفضى الى خلع مبارك. ولم يكن مرسي ورفاقه في أحداث الافتتاح بل تركوا الشباب الليبراليين وناس الحكم القديم والجيش ينغمسون في الوحل. ووصل الاخوان المسلمون في الوقت بالضبط لقطف ثمرات السلطة الناضجة.

ان المواجهات التي نشبت هذه المرة في مصر هي على القوة والشرعية والرؤيا. وعند خصوم الرئيس وهم ناس الحركات العلمانية والليبرالية وعلى رأسهم اشخاص مثل محمد البرادعي، وعمرو موسى، وحمدين صباحي، مشكلة: فلمرسي الشرعية الأهم لأنها جاءت من الشعب بعد انتخابات ديمقراطية ودعم غربي من البيت الابيض وهو ما لم يكن لمبارك. لكن الذي لا يوجد عند مرسي هو ميراث التحرير لأن الاخوان المسلمين فازوا بسبب الفساد.

وهذا هو ما جعل مرسي يختار ان يلف في يوم الخميس القرارات الرئاسية غير المقبولة بقرارات منطقية. ان إقالة المدعي العام القديم وهو من ناس مبارك وقرار ان تُفتح من جديد ملفات مشتبه بتورطهم في قتل متظاهرين ليست مشكلة بل بالعكس. لكن المشكلة هي الاضافة، أعني تلك الأوامر التي تجعل مرسي فوق القانون.

هل كان من النافع لمرسي – البراغماتي والباحث عن السلام والسياسي – ان يُفسد في يوم واحد كل الاطراءات التي حصل عليها يوم الاربعاء؟ نعم من جهته لأن المصلحة الاولى بالنسبة إليه هي الدفاع عن لجنة صياغة الدستور التي ستُشكل وجه مصر الجديد.

عمل فريق من 100 عضو في مصر في الدستور الجديد الذي عمله في الأساس ان يصوغ المكانة الاسلامية لمصر الجديدة. وقد استقال كثيرون من الليبراليين واليساريين من اللجنة لنفس السبب بالضبط. وتفحص المحكمة الدستورية طلب فض اللجنة لأنها لا تمثل جميع طبقات الجمهور وفيها أكثرية ساحقة للحركات الاسلامية. ولا يوجد في تلك اللجنة أي تمثيل للأقباط أو لحركة شباب 6 ابريل الذين أفضوا الى ثورة التحرير.

لم يُقدر مرسي تقديرا صحيحا الضغط العام وغضب جهاز القضاء عقب أوامره غير الديمقراطية. بل انهم في مدن مثل الاسكندرية والاسماعيلية وبور سعيد أتلفوا مكاتب لحركة الاخوان المسلمين. وربما يكون مرسي من جهة اخرى قد حصل على شهادة تأمين تُمكّنه من ان يتصرف كما يتوقع منه بالضبط، أي مثل "فرعون مستبد جديد".

لقد استوعبوا كما يبدو في البيت الابيض ان مستبدا اسلاميا حل محل مستبد علماني في مصر. وربما بسبب هذا جاء انتقاد مرسي في نهاية الاسبوع من وزارة الخارجية الامريكية لا من البيت الابيض.

هناك من اعتقد انه على أثر تقريب مرسي بين وجهات النظر نشأ زعيم عربي سيدفع الى الأمام باسم الشعب السلام ويُقرب بين اسرائيل والفلسطينيين. وكان يجب ان نرى انتقاد مرسي من الداخل على أثر تقريبه بين وجهات النظر حينما سموه "دمية امريكا كمبارك".

أصبح واضحا اليوم ان مرسي سيدفع الى الأمام برؤياه قبل كل شيء. ان الشيء المشترك بين رؤياه ورؤيا هرتسل لأسفنا الشديد هو شيء واحد فقط هو اللحية.