صادرة عن مركز اطلس للدراسات الإسرائيلية

تحليل مخاطر المعركة الحالية في لحظة الحسم

الساعة 08:47 ص|20 نوفمبر 2012

غزة

اشرنا في تقديرات سابقة  الى ان هدف اسرائيل الدائم من وراء سلسلة الاعتداءات على غزة هو اجبار المقاومة على فك الاشتباك بشكل دائم والتسليم بالأمر الواقع الذي تريده اسرائيل وهو غزة جزء منفصل وقائم بذاته بدون صلة بفلسطين، والى هذا المح وزير خارجية الاحتلال مؤخرا بمطالبته  بمعاقبة محمود عباس على ارسال وزير خارجيته الى غزة .

انه لأمر بالغ الدلالة ان نرى ان اسرائيل لا تمانع كل زعماء العالم من الوصول الى غزة وتعترض فقط على زيارة مسئول من رام الله.

 

مخاطر سياسية

اسرائيل ترغب في تعزيز غزة سياسيا واضعافها امنيا وعسكريا،  في المقابل فإنها- اسرائيل- تسعى الى اضعاف رام الله سياسيا وتقويتها امنيا.

وهذا يتم عبر الاتي:

1-     هدنة متجددة او طويلة الامد

وهذا يعني خروج غزة من دائرة الكفاح الوطني فيما تستمر اسرائيل في مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية. ويعني كذلك خطوة في تحقيق المشروع الصهيوني الذي يرى في وجود كيان سياسي فلسطيني في غزة وجزء من اراضي سيناء مخرج وحيد للمأزق السياسي الصهيوني  الغير القادر على تقديم إجابة للعالم حول  حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة.

فإسرائيل لا تقبل مشروع دولة على أراضي 67, ولا تقبل بمشروع الدولة الواحدة, وإنما تقبل بدولة فلسطينية في قطاع غزة والحاق ادارة المناطق ذات الكثافة السكانية في الضفة للحكم الاردني حتى لو جرى استبدال النظام . وبالتالي فكلما طالت مدة الهدنة فان هذا  يعطي مزيد من الوقت والفرصة للمشروع الصهيوني لإلتهام المزيد من أراضي الضفة الغربية وتهويد القدس، بينما تنهمك غزة في مشاريعها الإقتصادية والإجتماعية مقابل خروجها من ساحة الصراع وفقدان حركات المقاومة فيها مبرر وجودها الوطني والأخلاقي والديني. وعليه فلن يكون لحركات المقاومة في حال الهدنة طويلة الامد, ان تكون قادرة على ممارسة دورها في مواجهة المشروع الصهيوني الذي سيسير  بخطى مكثفة في الضفة الغربية والقدس واستهداف الاسرى في سجون الاحتلال؟ 

2- رفع الحصار عن قطاع غزة بإتجاه مصر.

ان رفع الحصار بإتجاه مصر وفتح معبر رفح هو مطلب إسرائيلي , فرفع الحصار الذي يخدم المشروع الوطني الفلسطيني يجب أن  يعني فتح المنافذ بشكل كامل مع الضفة الغربية والتبادل التجاري مع الضفة.

 

توصيات لإحباط المشروع الصهيوني:

1-     تقصير مدة الهدنة.

2-     ربط الهدنة بما يجري في الضفة الغربية ( وقف الإستيطان).

3-     ربطها بقضية الأسرى (إطلاق سراح وتحسين ظروف الحياة)

4-     إيقاف الاجتياحات اليومية للجيش في الضفة الغربية

5-     فتح المعابر من خلال السماح بالتبادل التجاري بين الضفة الغربية وغزة.

 ومن أجل تحقيق الشروط السابقة كلها فإنه نطالب بضرورة التعالي على الجراح من كلا الجانبين في غزة والضفة ؛ لان القضية اكبر من غزة ومن الضفة، فهي قضية وطن وقضية شعب ومستقبل امه وهنا يجب إشراك الرئيس محمود عباس كخطوة رمزية في المفاوضات الجارية الأن والإتفاق النهائي على التهدئة وذلك لكي يفهم الإسرائيليون أن غزة هي جزء من المشروع الفلسطيني وليست جزءً مستقلا ( ونذكر  هنا أن حزب الله لم يوقع أي اتفاقية مع الاحتلال ولكن كان يترك الشكل الرسمي النهائي للرئيس اللبناني ولرئيس الحكومة اللبنانية).

مخاطر عسكرية

اسرائيل خططت لضربة  جوية خاطفة لردع المقاومة وشلها ومنعها من تنفيذ هجمات خارج حدود قطاع غزة  ، وعندما فشلت خطتها و فوجئت بصمود المقاومة وقدرتها على تجاوز الصدمة الجوية بهذه السرعة، عندها لوحت اسرائيل بخيار الحرب البرية ، واستدعاء 75 الف جندي لتخويف المقاومة واجبارها على وقف صواريخها بما يعطي الجيش الاسرائيلي الفرصة  للانسحاب مع حفظ ماء الوجه .

 

 وفي تقديرنا أن دولة الاحتلال لن تنجر لحرب برية للمعضلات التالية :

  • المحيط الدولي : الامريكان والاوربيون غير داعمين لهذه الخطوة الان.
  • الوضع العربي الحالي لا يحتمل
  • المقاومة الفلسطينية استخلصت الدروس  من الحرب السابقة وبالتالي ستكون الخسائر بين الجنود الاسرائيليين اعلى بأضعاف عما كانت عليه في الحرب السابقة
  • القلق من اشتعال انتفاضة ثالثة في الضفة تأكل الاخضر واليابس
  • الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين ستكون كبيرة جدا .
  • شبح تقرير جولدستون  مازال يلاحق اصحاب القرار في إسرائيل في المستوى السياسي والعسكري.
  • غالبية المجتمع الإسرائيلي لا يدعم الحرب لإدراكه لثمنها الباهض وعدم جدوى  العملية نتيجة تجارب سابقة .
  • قلق نتنياهو وباراك على مستقبلهم السياسي
  • الجيش الإسرائيلي يعتبر انه قد استوفى اهداف المعركة.

 

 

 

 

العقل ثم العقل ثم العقل

 ومع ذلك محظور الاستخفاف بقوة اسرائيل، فاسرائيل في هذه المعركة بالذات وفي هذه اللحظة بالذات وعينها على حزب الله وسوريا وايران،  لا يمكن ان تقبل ان تخرج من هذه المعركة بهزيمة – صفر اليدين.

فإسرائيل قد تجد نفسها مضطرة لان تقوم بخطوة جنونية تدميريه – حملة برية او شيء اخر يضمن لها صورة انتصار تنهي بها المعركة وتحقق قدرة ردع:  كتدمير جزء من قطاع غزة ، احتلال محور فيلادلفيا و تقسيم القطاع الى اجزاء.

 عندها لا سمح الله سنقع في مشكلة و ورطة كبيرة،

 وسنغرق في كيفية حل هذه المشكلة وستبدأ إسرائيل في مقايضتنا من جديد .

 ليس لدينا مشكلة في الموافقة على  ان نترك لنتنياهو ان يحقق بعض المطالب التي يريدها لاجتياز الانتخابات، في مقابل ان نحقق نحن هدف الاستراتيجي يتمثل في استعادة الوحدة الفلسطينية،  فالوحدة الفلسطينية من منظور استراتيجي اخطر على اسرائيل  بشكل يفوق   الصواريخ التي تسقط على تل ابيب.  

 

من الضروري التروي والحكمة وعدم استفزاز الخصم، وعدم اعطائه فرصة لإخراج مخبوء الشر الكامن في صدره  تجاه شعبنا واطفالنا ونساءنا.

في هذه المرحلة الدقيقة من عمر المواجهة المشتعلة الان مطلوب  خفيض مستوى النشاط المقاوم الى حده الادنى مع المحافظة على المفاوضات الدبلوماسية . 

 

كلمة اخيرة ونداء...

 ونختم تقريرنا للموقف بنداء حار جدا لكل حكومات الربيع العربي والثوار والمخلصين للامة وللإسلام ولفلسطين ، ان اخطر ما يواجه القضية الفلسطينية هو الانقسام الذي اساء به الفلسطينيون لأنفسهم وقضيتهم. 

 وعلى حكومات الربيع العربي ان تنهي هذا الانقسام واخذ الحذر في التعامل مع طرفي الانقسام، وان لا تسمح لطرف من اطراف الانقسام بتطويع الربيع العربي لصالحها نكاية بالأخر.. لان هذا ان وقع -لا سمح الله - يعني ان المخطط الصهيوني الغربي نجح  في  تطويع الربيع العربي لتدمير القضية الفلسطينية.