مركز اطلس للبحوث والدراسات

تحليل نهاية المعركة ومحاذير يجب اخذها بالحسبان

الساعة 03:25 م|18 نوفمبر 2012

غزة

مدخل

الاعتداءات التي تشنها  اسرائيل بين الفينة والاخرى على قطاع غزة منذ ما عرف بالانسحاب احادي الجانب كانت بهدف كسر مشروع و إرادة المقاومة  واجبار ها على القبول بالأمر الواقع الذي تريده اسرائيل بان تصبح غزة خارج  دائرة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وتتحول الى وحدة جغرافية يسرى بينها وبين دولة الاحتلال حالة فك اشتباك (تشبه الوضع القائم مع سوريا منذ 67).

المواجهات المتتالية بين فصائل المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال كانت تنتهي بالإعلان عن تهدئة او هدنة وراء هدنة.  اسرائيل من جانبها ترى في الهدنة انجازا ضئيلا على امل ان تصل بالفلسطينيين الى القبول  بالتسليم بواقع غزة وحدة جغرافية منفصلة تحكمها علاقة فك اشتباك طويل المدى مع الاحتلال في اطار المشروع الاستراتيجي الاسرائيلي الذي يتمثل في حل القضية الفلسطينية على اساس الحاق الكتل السكانية الفلسطينية الى اقرب دولة عربية من الناحية الجغرافية.

وفي هذا السياق يمكن ان نفهم سياسة الاغتيالات للقادة والزعماء الفلسطينيين، وليس اخرهم الشهيد القائد احمد الجعبريرحمه الله.

مصطلحات تخدم المشروع الاستراتيجي لإسرائيل

اننا ومن خلال هذه المقدمة اردنا ان نشير الى ان جزء كبير من صراعنا مع الاحتلال انما هو صراع على "الوعي" وحول ما تعنيه "المفاهيم" ذلك ان "الوعي" و "المفهوم" هو ما يحدد ما يمكن ان يحصل عليه كل طرف من مطالبه..!

من هذا المدخل نشير الى المصطلحات التي يستخدمها الوسطاء بين حماس وقوى المقاومة من جانب واسرائيل من جانب اخر  . فالمصطلحات المستخدمة من قبل الاخوة المصريون والاتراك من قبيل " اسرائيل هي من خرق الهدنة"، " السعي للوصول الى تهدئة تعزز السلام الحقيقي والعادل". مثل هذه التعابير والمصطلحات على ما تبدو عليه من براءة تحمل في طياتها خطورة كبيرة بما توجهه من رسائل خطيرة الى "لاوعي" القارئ والسامع ، فهي تشير بشكل ضمني الى ان مخترق التهدئة هو الآثم والمعتدي وانه لولا هذا الخرق لبقيت الهدنة الى الابد.. وهذا يحمل في طياته ان الفلسطينيين سيكونون مدانين ومعتدين اذا لم يحافظوا على الهدنة..!

خطورة هذه المصطلحات والمفاهيم انها تخاطب "اللاوعي" والعقل الجمعي للجماهير وتساهم في صياغة "الوعي الجديد" الذي تريده اسرائيل وامريكا..!

ماذا تريد اسرائيل من مصر؟

·       اسرائيل تعي جيدا الوضع المصري الجديد. مصر خارجة للتو من ثورة، مثقلة بأعباء اجتماعية واقتصادية وامنية خاصة سيناء. والحكم الجديد بحاجة ماسة الى شرعية ودعم دولي خاصة من الدول الغربية .

·       اسرائيل تحاول استغلال هذه المعطيات كما العلاقة المميزة بين مصر تحت حكم الاخوان المسلمين وحركة حماس من اجل -على الاقل- ان تلعب مصر دورا في اقناع حماس وبقية الفصائل بالتزام حديدي بهدنة طويلة الامد مع الاحتلال .

·       اسرائيل تريد ان تدخل مشروعها ضمن اطار الواقع الذي تشكل في العالم العربي جديدا.

·       حصار غزة ورقة في يد اسرائيل للتفاوض والمقايضة مع من يأخذ على عاتقه تنفيذ مشروع اسرائيل الاستراتيجي فيما يخص غزة.

·       في هذا السياق اسرائيل عبرت عن رغبتها في منح انهاء جولة الصراع الحالية الى المصريين والامريكيين.

·       من جهة الولايات المتحدة فان مصر هي الجهة المعتمدة للحديث مع حماس لكل ما يتعلق بغزة.

معايير للحكم على تقدم المخطط الاسرائيلي:

بعيدا عن التصريحات والخطابات هنا وهناك حول الانجازات والاهداف ... الخ ، فان الامور تقاس في ضوء التالي:

·       اسرائيل طلبت هدنة بعيدة المدى بعكس ما درجت على المطالبة به سابقا.

·       اسرائيل طلبت التزام كافة الفصائل الفلسطينية بوقف اطلاق نار بشكل كامل ومطلق بضمانة مصرية تضمن حتى الفصائل الصغيرة .

·       اسرائيل تعمل على عرقلة وافشال  سعي الفلسطينيين للحصول على عضوية دولة ولو كانت بصفة مراقب في الامم المتحدة.

·       انتصار اسرائيل او فشلها في هذه المعركة يتوقف على نسبة نجاحها في انجاز النقاط السابقة.

مستقبل نتنياهو- باراك في المشروع الاستراتيجي الاسرائيلي

خطة الهجوم الحالي على غزة اعدها الجيش الاسرائيلي منذ فترة وتم ركنها الى اللحظة المناسبة. تنفيذها في هذا الاوان قبيل الانتخابات، جرى بإرادة الجيش حيث لم يكن بمقدور الجيش ضبط النفس بعد  عمليات المقاومة المتلاحقة والمتميزة- خصوصا قصف جيب اسرائيلي بصاروخ كورنيت، وهذا الامر ينطوي على قدر من المخاطرة على مستقبل كلا من رئيس الوزراء نتنياهو ووزير دفاعه باراك. حيث رفض حماس والفصائل المقاومة لتلبية الحد الادنى من المطالب الاسرائيلية قد يضطر الجيش للانتقال الى مرحلة هجوم بري  مما يعني تورط في معركة لا تحمد عقباها على الاسرائيليين فضلا عن خسارة نتنياهو وباراك الانتخابات القادمة.

اخيرا:

 بقي ان نشير الى ان التخوفات التي بسطناها في هذا التقدير للموقف لا تنفي حقيقة ان المقاومة الفلسطينية- حماس والجهاد وكل الفصائل والتنظيمات الاسلامية والوطنية- خاضت معركة مشرفة فريدة بكل المقاييس. ولعل التاريخ يسجل ان معركة غزة الثانية والجارية الان هي المعركة التي لم ولن تقم لإسرائيل بعدها قائمة بإذن الله. ودافعنا الى بسط هذه المخاوف من اجل دفع القادة الفلسطينيين والعرب الى التفكير مليا في المرامي البعيدة للسياسة الاسرائيلية.