خبر يبحثون عن صورة النصر - يديعوت

الساعة 09:25 ص|16 نوفمبر 2012

 

بقلم: اليكس فيشمان

صاروخا فجر 5 اللذان اطلقتهما أمس حركة الجهاد الاسلامي على تل أبيب، اطلقا من مخابيء توجد في قلب منطقة مأهولة جنوبي مدينة غزة. وكانت هذه المخابيء معروفة في اسرائيل ولكن معالجتها تأجلت الى مرحلة لاحقة منعا لاصابة السكان المدنيين في موجة الهجوم الاولى.

نار أمس نحو تل أبيب سرعت الانتقال في مراحل العمل التي أعدها الجيش الاسرائيلي، ووجه وزير الدفاع الجيش لتوسيع حجم وطبيعة الاهداف التي ستتعرض للهجوم منذ المرحلة الحالية، الجوية. والمعنى هو أنه اضيف الى بنك الاهداف ايضا مخابيء الصواريخ التي توجد في المناطق المأهولة. ويدور الحديث عن  عدة عشرات المخابيء، ولا سيما لصواريخ غراد الى مسافة 40كم. وهذا هو السبب الذي انطلق فيه منذ أمس نداء الى السكان المدنيين في القطاع لترك الاماكن المرشحة للاضطرابات.

ويتضمن توسيع الاهداف أيضا ضرب أهداف سلطوية، وليس فقط عسكرية. كما أن قائمة المرشحين للاحباط المركز عدلت ووسعت، ولن نفاجأ اذا ما ظهرت فيها أيضا اسماء شخصيات سياسية. نار أمس من سفينة سلاح البحرية نحو منزل رئيس وزراء حماس في غزة، اسماعيل هنية، لم تكن صدفة. كما أن عدم اصابة البيت لم تكن صدفة هي الاخرى. هذه كانت اشارة. اليوم الثالث لحملة "عامود سحاب" يشهد تصعيدا للقتال في قطاع غزة وموجات الصدى التي تنطلق من غزة نحو القيادات في مصر، الاردن وفي الضفة. وهذه تطورات من شأنها أن تحدث مصاعب لاسرائيل على المستوى السياسي – الامني منذ المرحلة الفورية.

الرد الاولي لحماس على تصفية أحمد الجعبري وعلى ضرب الصواريخ بعيدة المدى لديهم كانت الصدمة والتشويش. وفي اسرائيل لاحظوا حتى ظاهرة اليأس الشديد في أوساط القيادة في غزة. وكان في حماس احساس بان المصريين، الاسرائيليين – أو الطرفين معا – خدعاهم، وذلك لانه في اليوم الذي سبق الهجوم الاسرائيلي ترك المصريون لديهم انطباعا بان اسرائيل وافقت على وقف اطلاق النار. اما الان فقد باتت حماس أكثر تشككا قبل الموافقة على مبادرة مصرية لوقف النار.

وابل النيران التي انطلقت من غزة حتى يوم امس في ساعات الظهيرة اطلقت حسب خطة اعدت مسبقا لحالة الطوارىء. لم تكن أوامر محددة لوحدات الصواريخ في الميدان، لم تكن يد مركزية موجهة. كمية النار التي أنتجتها وحدات اطلاق الصواريخ هذه كانت أصغر بكثير من القدرة. ففي غزة يوجد اليوم أكثر من 10 الاف صاروخ، منها أكثر من 2.000 بمدى يصل حتى 40كم. وتيرة النار حتى عصر أمس كانت متدنية نسبيا سواء كنتيجة للضربة الشديدة أم لقرار يقضي بمحاولة التحكم بمستوى اللهيب.

ومساء أمس بدأت الصورة تتغير. فقد جمعت حماس نفسها، فعلت منظومات التحكم البديلة، وزعت القيادات في أماكن مختلفة وبدأت تجري مداولات في أساسها استمرار المقاومة، مع غمزة نحو صورة انهاء للقتال. وتبحث حماس الان بكل القوة عن صورة نصر ترمز الى نهاية المعركة التي فرضتها عليها اسرائيل. وعليه فمن الان فصاعدا فانها تعطي كل ما يوجد لديها: محاولة لضرب الطائرات، الدبابات، النار نحو غوش دان وحشد الجهود في شكل نار كثيفة على بلدات معينة.

منذ قبل شهر اطلقوا صاروخ كتف من طراز "ستريلا" نحو طائرات اسرائيلية، وأمس اعلنوا عن اسقاط طائرة غير مأهولة. وهم يريدون صورة. إن لم تكن طائرة اسقطت، أو تل أبيب المقصوفة، فإن حماس تريد أن يرى الناس عندها في البيت انهيار مبانٍ في اسرائيل مع كثير من القتلى. هذه هي مرحلة حرجة من ناحية اسرائيل وذلك لان هذا الجهد من جانب حماس للوصول الى صورة انتصار- تستمر حتى السبت على الاقل – يضع رباطة جأش الجبهة الداخلية والقيادة السياسية الاسرائيلية في اختبار أعلى.

وبالمقابل تلوح اسرائيل الان بسوط الخطوة البرية التي ما هي والا حماس ترغبان فيها. وصادق وزير الدفاع على تجنيد 30 ألف من رجال الاحتياط. والمئات جندوا منذ الان في صالح قيادة الجبهة الداخلية وتعبئة الشواغر. وبين المجندين يوجد اولئك الضباط الذين يشاركون في الواحدات البرية المختصة للعناية بالسكان المدنيين المحتلين. وأمام قطاع غزة آخذة في الانتظام الان قوة برية بحجم فرقتين: فرقة غزة وفرقة نظامية اخرى. كل هذه الاقوات تدربت، قبل بضعة اسابيع، على الدخول الى قطاع غزة.

وفي هذه الاثناء تبدأ حملة "عامود سحاب" الخروج من حدود قطاع غزة وتحريك تطورات غير مرغوب فيها لاسرائيل في الدول المجاورة: فقد عزز الجيش المصري في اليومين الاخيرين قواته على طول الحدود الاسرائيلية لمنع انتقال العمليات الانتحارية من سيناء الى اسرائيل. وذلك لان القتال في القطاع أيقظ المحافل الاصولية للقيام بجهد مركز لتنفيذ نشاط ارهابي من سيناء. وأعلن زعيم الاخوان المسلمين في مصر عن يوم غضب لكل الاخوان المسلمين في المنطقة، والمعنى الفوري قد يكون اضطرابات في الحرم تشعل النار في بؤر اخرى في الضفة.

كقاعدة، يتعرض الرئيس المصري مرسي لضغط الامريكيين والاوروبيين، الذين يطالبونه باقناع حماس بانهاء هذه الجولة، وهذا هو السبب الذي يجعل رئيس وزراء مصر يصل اليوم في زيارة غير مسبوقة الى القطاع. وقد طلب المصريون من اسرائيل الاذن بوصول رئيس الوزراء، والذي يعني أنه في زمن بقائه في غزة فان الطرفين ملزمان بالحفاظ  على وقف النار، الامر الذي من شأنه أن يشكل لاحقا مدخلا لبداية اتفاق على التهدئة.

ساحة تغلي اخرى هي الاردن، كانت فيها في الايام الاخيرة مظاهرة كبرى ضد الملك. ومع ان هذه كانت مظاهرات ضد اسعار الوقود، ولكن خلفها وقف الاخوان المسلمون. يوم غضب الاخوان المسلمين واستمرار القتال الاسرائيلي في القطاع هما وقود للاضطرابات في الاردن، من شأنها ان تنتقل الى الضفة. ولن نفاجأ اذا ما اضطر الملك الاردني الى اعادة سفيره من اسرائيل، مثلما فعل المصريون. واذا لم يكن هذا بكافٍ، فان رئيس وزراء تركيا اردوغان سيهبط في مصر يوم السبت القريب القادم. ومن غير المستبعد أن يسعى الى زيارة قطاع غزة هو الاخر، مثلما خطط في الماضي. فماذا ستفعل اسرائيل اذا ما حصل هذا؟ هل ستوقف الحملة؟

احتمال أن توافق اسرائيل على مبادرة مصرية لوقف القتال في اليومين القريبين ليس عاليا. بالعكس. فابتداء من يوم امس في ساعات المساء الاتجاه هو نحو التصعيد. يبدو أن هذه المواجهة توجد فقط في الثلث الاول من الطريق.