خبر للحظة، اسرائيل التي كانت ذات مرة ..اسرائيل اليوم

الساعة 09:46 ص|15 نوفمبر 2012

بقلم: دان مرغليت

       (المضمون: بدأت عملية "عامود سحاب" بخطوة صحيحة لكن النهاية ستكون صعبة فيجب الاستعداد لها استعدادا جيدا - المصدر).

       تمت تصفية احمد الجعبري أمس في تأخر ملحوظ، وفعل ذلك متأخرا أفضل من ألا يكون. كان يُحتاج الى طلقة البدء وما جاء بعدها بالهجوم على صواريخ فجر ومسؤولين كبار آخرين في حماس كي تُعاد الى اسرائيل قوة الردع التي سُحقت في الاشهر الاخيرة. ان الثمن الذي يجبيه الجيش الاسرائيلي و"الشباك" من حماس هو الاحتمال الوحيد لوقف اطلاق النار فترة طويلة. وهذا هو الهدف. وليس هو أمرا لا أهمية له لكنه أقل من حل شامل.

          ظهرت للحظة اسرائيل التي كانت ذات مرة، في دهاء وسرعة ولطافة. فقد أعلن الوزير بني بيغن ان جولة المعارك قد انقضت. وصدرت عن بنيامين نتنياهو واهود باراك اقوال بدت مثل كليشيهات ومن اجل استكمال خديعة حماس طارا أمس الى الشمال وحينها وجه بني غانتس النيران الى قطاع غزة.

          لم يكن سهلا امكان بدء عملية "عامود سحاب" بتصفية مسؤولين كبار آخرين من حماس، لكن يورام كوهين و"الشباك" جاءا بمعلومة تفيد أنه هناك احتمال لاعتقال الجعبري، واستقر الرأي على انتظاره قبل الانقضاض على خرائط مواقع صواريخ فجر الدقيقة التي جاء بها رئيس "أمان"، أفيف كوخافي.

          فوجئت حماس لأنها قدّرت ان الحكومة في القدس لن تتجرأ على الرد على تحرشها، بل ظهر ذلك أمس في كلام اسماعيل هنية الذي قال انه لو كانت الادارة المصرية الحالية تحكم القاهرة في ايام "الرصاص المصبوب" لما حدثت العملية السابقة.

          ما كانت حماس قادرة على تخمين ان "عامود سحاب" واقف عند بابها. صحيح ان مصر ردت أمس بحزم دبلوماسي باستدعائها سفيرها للمشاورة في البيت. وهذا يعني في المعجم الدبلوماسي تنديدا شديدا باسرائيل.

          اخطأت حماس تقدير ضعف اسرائيل. ومع ذلك امتنع نتنياهو وباراك أمس عن كل اظهار للصلف ورفع متكلف للروح المعنوية من النوع الذي ميز بدء حرب لبنان الثانية. بالعكس، أكدا هما ومتحدث الجيش الاسرائيلي يوآف (بولي) مردخاي أنه تنتظرنا ايام قاسية.

          حددت الحكومة سقف أهداف واقعيا بل انه رمادي مفهوم من تلقاء ذاته عن ادراك ان هذه العمليات لا تحل المشكلة حلا كاملا لأنه لا يعقبها اتفاق سلام ولا هدنة ايضا بل يتم احراز ردع لبضع سنوات، وهو – وفقط هو – يمنح سكان البلدات في الجنوب هدوءا نسبيا.

          لكن الطريق من هنا الى احراز الأهداف الواقعية هذه طويلة. ستكون ايام مد وجزر؛ وايام حيرة مع "ماذا سيكون" و"هل نعيش على السيف الى الأبد؟" وستكون مشكلات سياسية صعبة في الشرق الاوسط وفي الدائرة الصديقة البعيدة في الولايات المتحدة واوروبا؛ وصواريخ غراد تصيب أهدافها بل ربما يُطلق صاروخ فجر على غوش دان، ويجب الامتناع عن الهستيريا، وهذا سيء لكنه سيقوي التكافل مع المواطنين – الأخوة في بلدات غلاف غزة؛ ووحدة المعسكر السياسي ايضا هي شأن لوقت قصير، وستُمكّن صعوبات وأخطاء لا يمكن منعها فصائل معارِضة من الانشقاق عن الاجماع الواسع على نحو طبيعي.

          لا شك في ان "عامود سحاب" قد انطلقت في طريقها بخطوة صحيحة، لكن من المفهوم ان النهاية ستكون قاسية بصورة مميزة. آنئذ ستأتي مرحلة المساومة مع تدخل جهات دولية صديقة ومعادية. ويستحق القرار تأييدا واسعا لكن يجب ان يتم ملء الرئات بالهواء فالصبر وبرودة الأعصاب هما امتحان الجبهة الداخلية. وكذلك ادراك ان كل انجاز محدود في الوقت ظاهر للعيان.