اقتصادي: الاجدر دراسة السوق قبل المنع ..

تقرير بغزة .. بعض الفواكه « تلبس طاقية الإخفى » بقرار حكومي

الساعة 08:39 ص|10 نوفمبر 2012

غزة (خاص)

يشتكي المواطن الفلسطيني، من شح بعض الفواكه في الأسواق الغزية على النقيض من بعضها–التفاح و الموز- التي امتلئت بها محلات وبسطات الباعة حتى ملَ أكثر المواطنين من شرائها, ويأتي ذلك نتيجة قرار وزارة الزراعة بالحكومة الفلسطينية بغزة منع استيراد الفواكه من خارج القطاع.

كما يشكو المواطن من رداءة محصول الفاكهة المنتج محلياً نتيجة عدم صلاحية زراعته داخل قطاع غزة, علاوة على عدم استطاعة ذوي الدخل المحدود شرائها لارتفاع أسعارها.  

امتعاض ..

المواطن محمد النبيه (42 عاماً) والذي أوضح أنه يمتعض كثيراً عند نزوله للتسوق خاصة عند المرور بالقرب من محلات الفواكه, نظراً لشح بعض الفاكهة الموجودة بالأسواق الغزية وإن وجدت كانت رديئة أو بسعر لا يناسب جودتها.

النبيه الذي أشار الى أنه من فترة ليست بالقليلة لم تدخل لبيته العديد من الفواكه التي تشتهيها عائلته والتي هي بالنسبة لهم فاكهتم المفضلة يقول :"للأسف أغلب الفواكه في السوق إما موز وإما تفاح وبلح وغير ذلك لا نجد الكثير من الفواكه, وإن وجدت كانت غير مرغوب بشرائها لأسباب تتعلق بجودتها نتيجة زراعتها محلياً, ولا يتناسب مع الطبيعة التي تحتاجها والجو المناسب لزراعتها".

ويضيف النبيه :"كنا في أوقات سابقة نجد فواكه شتى في السوق بأسعار معقولة وبجودة عالية, ولكن نتيجة للقرارات الحكومة بغزة منعت عنا بعض الفواكه الغير متواجدة بالسوق المحلية".

ولفت الى أنه من أكثر الاشخاص بالقطاع دعماً للمنتوج الوطني ولكن عندما يكون القرار مدروس وخطط له ويعمل على سد الحاجات اليومية واللازمة للأفراد داخل المجتمع.

ودعا النبيه الحكومة بغزة الى أن تقوم بدراسة أوضاع واحوال السوق بالطريقة المثلى لكل صنف على حدة, والاستفادة من الاستيراد وإن لم يكن من جانب الاحتلال ليكن على الاقل من بعض الدول العربية أو الضفة الغربية.


فاكهة الاجاص "تلبس طاقية الاخفى"!!

أما المواطن أكرم الدردساوي (50 عاماً) الذي كان يبحث جاهداً عن فاكهة الاجاص التي أوضح أنها –لابسة طاقية الأخفى- وبحرارة يقول من فترة كبيرة عزفت أنا وعائلتي عن شراء الفواكه نظراً لعدم وجودها, وعزوفهم عن الموز والتفاح الذي كثيراً ما جلبته.

ويؤكد الدردساوي، أن المواطن بغزة أصبح لديه عزوف عن بعض الفواكه المحلية نظراً لترويجها منذ أشهر كبيرة كالموز والجوافة والتفاح.

الدردساوي أبدى استياءه الشديد نتيجة منع الحكومة بغزة عدة أصناف من الفواكه والتي أعتبرها أنها تشاركه في مزاجه عند الاختيار وشراء الفواكه.

واتهم الحكومة بغزة بالترويج للمنتوج الوطني بشكل غير لائق على الاطلاق, والترويج فقط للسلع محلية لأسباب تجارية بحتة, على حد قوله.

 

مع المنتج الوطني .. ولكن

تاجر الفواكه والخضار نعيم أبو ريالة (35 عاماً) أكد أن قرار وزارة الزراعة يفتقد الى الحنكة الاقتصادية ويتحمل تبعات ذلك بعض التجار والمواطن ذوي الدخل المتوسط وأرجع السبب في ذلك لعدم وجود منافس للمنتج الوطني ليجعل الكمية أكبر في السوق وجودة تتنوع –تدخل سلع افضل- بأسعار تنافسية أقل.

وقال :"عند وجود منتج واحد وهو الوطني يصبح المواطن فريسة سهلة للمزارع المحلي, الذي يتحكم بسعر بطريقته نهيك عن جودة المنتج الوطني التي لم ترقى للمستورد".

وأشار الى أن القرار إذا كان غير مدروس وغير مخطط يعتبر قرار غير وطني لأنه يخدم شريحة معينة ويتجاهل شرائح أخرى مثل "شريحة ذوي الدخل المتوسط".

وأوضح أبو ريالة الى أنه مع المنتج المحلي والوطني ولكن قبل أن يكون مع المنتج فهو مع الموطن الذي يحتاج الى جودة وسعر معقول.

وأضاف :"حتى لا يتضرر المنتج الوطني لابد وأن تدخل الكميات بأرقام محددة على الاقل لحماية المواطن والمزارع لا أن تمنع هكذا".

وقال :"يجب أن يكون بالسوق أكثر من منتج واحد وأن يكون بأسعار مختلفة لتناسب جميع الشرائح, كأن يكون منتج محلي ومنتج مستورد وذلك يخدم جميع الطبقات لا أن يقع المواطن فريسة للمحصول واحد".

وطالب أبو ريالة وزارة الحكومة الفلسطينية بغزة بضرورة منح الحرية الكاملة للاستيراد من الخارج والسماح بتعدد استيراد جميع اصناف الفواكه.


الزراعة تقول .. !!

جميع تلك التساؤلات والشكاوى نقلتها "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" شفوياً الى مدير عام التسويق في وزارة الزراعة تحسين السقا الذي نفى غياب بعض أصناف الفواكه من اسواق القطاع موضحاً في الوقت ذاته أن السوق المحلي بغزة مليء بشتى الاصناف وتضاهي الفواكه المستوردة.

وقال السقا "إن الوزارة قررت منع دخول الفواكه من "الجانب الإسرائيلي" إلى قطاع غزة ما عدا الموز والتفاح وذلك لحماية المنتج الوطني".

وأوضح "لدينا اكتفاء ذاتي في الفواكه مثل الجوافة والبلح والحمضيات والعنب، لذلك تم اتخاذ هذا القرار لإتاحة الفرصة للمنتج الفلسطيني"، مشيرا إلى إن الخضروات ممنوعة من دخول القطاع منذ سنوات عديدة.

وكان م. علي الطرشاوي وزير الزراعة عقب في وقت سابق على قرار الوزارة بمنع استيراد الفواكه بالقول :" إن القرار جاء لدعم وتسويق المنتج المحلي.

ويبلغ حجم إنتاج القطاع من الفواكه حوالي 70 ألف طن، منها 25 ألف حمضيات، و7آلاف عنب، و20 ألف زيتون، و10 آلاف جوافة، و5 آلاف بلح، علاوة على 300 ألف طن خضروات.

 وقال: "نطمح من قرارنا إلى تسويق المنتج المحلي إلى المستهلك الفلسطيني، خاصة في ظل حالة الاكتفاء الذاتي الذي يحققه المزارعون في غالبية أصناف الفواكه والخضروات".

 ونوه الطرشاوي إلى أن الزراعة تمنع منذ نحو 10 سنوات إدخال الخضروات إلى غزة، كون القطاع –وفق تأكيده- لديه اكتفاء ذاتي بنسبة 98%.

 وأضاف: "يفتح قرار منع استيراد الفواكه آمال المزارع الفلسطيني في تسويق منتجاته محلياً وزيادة الطلب عليها، ونحرص على تحسين مستوى دخل المزارع وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة".

يذكر أن القطاع الزراعي يغطي حوالي 11% من نسبة القوى العاملة في قطاع غزة، أي ما يقارب 44 ألف عامل، والنسبة مرجحة للارتفاع. وفق إحصاءات الزراعة.

 


قبل المنع .. دراسة وتخطيط

الأكاديمي والخبير الاقتصادي معين رجب أكد أن السوق بحاجة لجميع الاصناف وأن الحكومة بغزة عليها قبل أن تقرر منع استيراد الفواكه يجب ان يكون لديها خطة مدروسة, والاجدر أن يكون هناك دراسة واعية للسوق داخل القطاع.

وأوضح رجب لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" أن القطاع لا يمكنه أن يكتفي ذاتياً مما لديه بسبب أن مساحات الاراضي الزراعية بالقطاع صغيرة مقارنة بأعداد السكان, والجرف العمراني الذي طغى على المساحات الخضراء.

كما قال :"لا يوجد بالعالم منطقة تستطيع الاكتفاء ذاتياً من الفاكهة, وذلك بسبب الطبيعة التي يحتاجها نبات وشجر عن أخر".

وأضاف :"من الممكن أن  نستورد فواكه للسوق المحلي أقل تكلفة مما هي عليه عند زراعتها وتربيتها محلياً بجودة أعلى, ولا ضير في الاستيراد ما دام يراعي السوق المحلي ولا يضر بالمنتج الوطني".

وعن أسعار السوق أشار الى أن الاسعار نتيجة عدم وجود منافس والاعتماد على المحصول المحلي متوسطة, ولكنها لا تتناسب مع ذوي الدخل البسيط والمتوسط والمحدود.

وطالب وزارة الزراعة أن تدرك خطورة منع الاستيراد الخارجي وان تراعي وتقوم بدراسة واعية للسوق, حتى تخفف عن كاهل المستهلك, داعياً الوزارة الى ان تجعل هدفها الاوحد هو معيار الجودة وسعر المنتج بحيث يلائم المشتري بكافة طبقاته.

وأختتم رجب حديثه قائلاً :"غزة جنة بالنسبة للزراعة ولكن على الحكومات استثمارها بالطريقة الاقتصادية الأكثر حنكة والأدق تخطيطاً".