خبر الأكاذيب الصهيونية لاستعادة الأملاك اليهودية

الساعة 10:12 ص|09 نوفمبر 2012

الصباح المصرية

رافعة شعار «الكذب يصنع تاريخ»، فى محاولة منها لابتزاز عدوتها اللدود التى أذاقتها مرارة الهزيمة فى حرب أكتوبر المجيدة، شنت إسرائيل هجمة شرسة على الحكومة المصرية، مطالبة باستعادة أملاك «مزعومة»، تركها اليهود الذين سكنوا القطر المصرى فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى، وهى المحاولة التى دأب الكيان الصهيونى على استخدامها للضغط على الدولة المصرية، للنيل من صورتها أمام المجتمع الدولى.

ولم تكن الهجمة الأخيرة التى شنتها إسرائيل هى الأولى لابتزاز المصريين، حيث سبق أن طالب مناحم بيجن، رئيس وزراء إسرائيل فى عام 1978م، الرئيس الراحل أنور السادات، عندما التقاه بفندق «مينا هاوس الجيزة»، أثناء مناقشة بنود اتفاقية كامب ديفيد، باسترداد ما قال إنها «ممتلكات لليهود» فى مصر.

مطالب «بيجن» لم تنته عند استرداد أملاك اليهود فقط، لكنه طالب بفوائد استغلال هذه الأملاك لمدة 7 آلاف سنة، زاعما أن أجداده اليهود خدموا المصريين منذ بداية حضارتهم، وهو ما رد عليه «السادات» بالموافقة على مطلبه شريطة أن يدفع «بيجن» وحكومة إسرائيل ثمن المسروقات التى «نهبها» اليهود من المصريين أثناء وجودهم فى مصر، وقاموا بتهريبها لخارج مصر بفائدة سبعة آلاف سنة.

غير أن الأيام الأخيرة شهدت محاولات «سافرة» من قبل الكيان الصهيونى لإعادة فتح «ملف أملاك اليهود» بهدف ابتزاز الحكومة المصرية، عقب قرارها بمنع تصدير الغاز لإسرائيل، حيث طالبت وبشكل صريح بصرف تعويضات عن «أملاك اليهود» الذين خرجوا من مصر فى نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات.

إسرائيل تطالب بتدخل الأمم المتحدة

ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن دانى أيالون، نائب وزير الخارجية الإسرائيلى، سلم الأمم المتحدة ملف الأملاك اليهودية فى مصر والدول العربية خلال مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى عقد فى سبتمبر الماضى، مطالبًا باستعادة هذه الأملاك التى قال إنها تخص يهودا هاجروا فى فترة الأربعينيات والخمسينيات، وطالب الرجل بحسب «معاريف» بصرف تعويضات عن استغلالها حال تعذر إعادة هذه الأملاك.

وكشفت الصحيفة العبرية عن مشاركة عدد من الخبراء والقانونيين اليهود بالإضافة إلى الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، بهدف رد ممتلكات اليهود «المسروقة» منذ خروجهم من مصر وبقية الدول العربية، وهو ما دفع الحكومة الإسرائيلية لشن حملة دولية واسعة النطاق منذ عدة أشهر للاعتراف بأملاك مئات الآلاف من يهود مصر والدول العربية، الذين تركوا بيوتهم وهاجروا لإسرائيل من الدول العربية منذ إعلان قيام الدولة عام 1948.

وبحسب وسائل إعلام الإسرائيلية، فإن المرحلة التالية من الحملة ستكون محاولة الدخول فى مفاوضات مع بعض الدول العربية، للحصول على تعويضات عن الأملاك التى أممتها السلطات وتقدر بمليارات الدولارات.

ابتزاز للحصول على حقوق «مزعومة»

وصف الدكتور إبراهيم البحراوى، أستاذ الأدب العبرى بكلية الآداب بجامعة عين شمس، قضية استعادة أملاك اليهود، بمحاولة من الكيان الصهيونى لابتزاز واغتصاب حق مزعوم ليس من حق إسرائيل المطالبة به، مضيفًا أن هذا ما تعودنا عليه من قبل إسرائيل.
وقال الدكتور طارق فهمى، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، إن أملاك اليهود الذين تركوا مصر والدول العربية فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى، تنقسم لعدة أقسام منها المقابر والمعابد اليهودية سواء فى مصر أو فى الدول العربية، أما حقوقهم التى يدعون الاستيلاء عليها وضياعها فتتمثل فى المشروعات اليهودية فى الدول العربية»، مشيرًا إلى أن الغرض من إثارة هذه القضية، وعقد المؤتمرات داخل إسرائيل وخارجها هو محاولة الضغط على الدول العربية للتخلى عن القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن إسرائيل تسعى للحصول على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة للتعتيم على موضوع اللاجئين الفلسطينيين.

وأضاف «فهمى»: «على مصر أن تأخذ حذرها من هذه المحاولات الإسرائيلية، حيث إن الكيان الصهيونى قادر على فعل أى شىء لتسويق فكرته غير الصحيحة»، موضحًا أن «الجالية اليهودية الموجودة فى مصر تتمتع بكثير من الامتيازات، حيث تمتلك رئيسة الجالية اليهودية فى مصر كارمن واينشتاين، جميع مفاتيح المعابد اليهودية ومنها المعبد اليهودى بشارع عدلى».

وأكد أن الحل الوحيد لمقابلة الضغوط الإسرائيلية فى هذه القضية، هو الضغط على الكيان الصهيونى من خلال فتح الكثير من الملفات واتباع نفس النهج الذى تسير عليه إسرائيل، بحيث يتم المطالبة بتعويضات عن احتلال إسرائيل سيناء، وسرقتها المياه الجوفية، إضافة إلى فتح ملف حقوق الأسرى، وتدمير البنية التحتية على الحدود المصرية الإسرائيلية، وهى الملفات التى توقفت بعد إبرام اتفاقية «كامب ديفيد».

وشدد على ضرورة فتح ملف مدينة أم الرشراش «المصرية» واستعادتها من إسرائيل، مدللا على ذلك بوجود كنيسة «دير السلطان» بها، بالإضافة إلى أن تعيين المسئولين والموظفين بها من قبل مصر، غير أنها تخضع للإشراف اليهودى، لافتا إلى أن فتح هذا الملف سيمثل محاولة جيدة للضغط على إسرائيل.

جوازات سفر مصرية

كشف منير محمود، رئيس تحرير موقع أخبار مصر باللغة العبرية، عن أن جميع اليهود الذين خرجوا من مصر فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى كانوا يحملون الجنسية المصرية، وخرجوا بجوازات سفر مصرية، الأمر الذى يجعل محاولات إسرائيل المستميتة للحصول على تعويضات لا يخرج عن كونه مزاعم «فاشلة» لأنهم فى النهاية «مصريون».

وقال «محمود» إن ملف «أملاك اليهود» يعتبر «شائكًا» ويحتاج لإدراك تام لملابسات خروج الطائفة اليهودية من مصر فى الخمسينيات من القرن العشرين، وذلك حتى لا تتم المزايدة بهذا الملف على مصر، سواء من إسرائيل أو غيرها، الأمر الذى يتطلب الاعتراف بحدوث ممارسات «غير سليمة» من قبل مجلس قيادة الثورة، وأجهزة الأمن المصرية آنذاك للتضييق على بعض يهود مصر، إلى جانب هجرة بعض اليهود الذين يعتنقون الفكر الصهيونى، مضيفًا أن: «إسرائيل ليس لها علاقة باستعادة أملاك اليهود، وليس لها الحق فى المطالبة بصرف تعويضات، لأنهم خرجوا من مصر بجوازات سفر مصرية، وهو ما يعنى حملهم الجنسية المصرية».

وإن كانوا يريدون تعويضا عن أملاكهم التى تركوها قبل خروجهم من مصر فليأتوا ومن له دكان أو منزل فليعرضه للبيع أو يجلس ليدير أملاكه إذا توافرت معه المستندات التى تثبت ملكيتها له.

وأكد أن إسرائيل استغلت هذا الملف فى محاولة لابتزاز مصر، لأن من يطالب بهذه التعويضات هم أحفاد اليهود الذين سكنوا مصر فى تلك الفترة، ولا يعلمون أى شىء عن هذه الأملاك، وهو ما تحاول الحكومة الإسرائيلية تضخيمه، موضحًا أن معظم اليهود لم يخرجوا فى الخمسينيات من مصر على إسرائيل مباشرة، ولكن أكثر من 75% منهم خرجوا إلى فرنسا وإيطاليا، باستثناء الربع «الغلبان» فقط الذى ذهب لإسرائيل، ومنحتهم الدولة العبرية الجنسية الإسرائيلية لأهداف أخرى- حسب قوله.

ورفض «محمود» المحاولات الإسرائيلية للمطالبة بحقوق اليهود المصريين، قائلا: «بأى حق وأى صفة قانونية تطالب إسرائيل بتعويضات؟ فإسرائيل ليست مسئولة عن اليهود لا فى إسرائيل ولا فى أى دولة فى العالم».

ممتلكات اليهود في مصر تضم معابد وشركات بترول ومحلات ملابس وأراضي زراعية


لسنوات عديدة حاولت إسرائيل الضغط على مصر لاستعادة أملاكها المزعومة فى الأراضى المصرية، رغم انتهاء علاقة اليهود الذين عاشوا فى مصر بها منذ العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 الذى شاركت فيه إسرائيل دون سبب مقنع، الأمر الذى تسبب فى هجرة اليهود الذين كانوا يعيشون فى مصر إلى بلادهم فى الفترة من 1956 وحتى 1960، ولم يتبق منهم فى مصر سوى أعداد فردية لا تتخطى المائتى شخص.
ويؤكد الكاتب محمد أبوالغار فى كتابه «يهود مصر من الازدهار إلى الشتات» أن «إثارة هذه القضية كل فترة تكون لسبب سياسى أكثر منه واقعيا»، وبحسب الكتاب فإنه فى بداية العشرينيات سيطر اليهود على الاقتصاد المصرى فإلى جانب إنشائهم عددا من البنوك امتدت سيطرة اليهود لمجالات أخرى هامة مثل قطاع البترول، فقد قام إميلى عدس بتأسيس الشركة المصرية للبترول برأسمال 75000 جنيه فى بداية العشرينيات، فى الوقت الذى احتكر فيه اليهودى «إيزاك ناكامولى» تجارة الورق فى مصر، كما اشتهر اليهود بتجارة الأقمشة والملابس والأثاث حتى إن شارع الحمزاوى الذى كان مركزا لتجارة الجملة كان به عدد كبير من التجار اليهود، كذلك جاءت شركات مثل شركة شملا، وهى محلات شهيرة أسسها «كليمان شملا» كفرع لمحلات شملا باريس، وتحولت إلى شركة مساهمة عام 1946 برأسمال 400 ألف جنيه مصرى.
وكشف «أبوالغار» أن عائلة «شيكوريل» أسست محلات الملابس الشهيرة عام 1887 ورأس مجلس إدارتها «مورنيو شيكوريل» عميد العائلة، وكان رأسمال الشركة 500 ألف جنيه، وعمل بها 485 موظفا أجنبيا و142 موظفا مصريا، كما أسس موريس جاتينيو سلسة محلات جاتينيو واحتكر أيضا تجارة الفحم، ومستلزمات السكك الحديدية، وقد كان لموريس جاتينيو دور فى دعم الحركة الصهيونية ومساعدة المهاجرين اليهود.
وأسست عائلة «عدس» مجموعة شركات مثل بنزايون، عدس، ريفولى، هانو، عمر أفندى، وواصل اليهود سيطرتهم على الاقتصاد المصرى حيث ساهمت عائلة «موصيرى» فى تأسيس شركة فنادق مصر الكبرى برأسمال 145.000 جنيه وضمت فنادق كونتيننتال ميناهاوس سافوى سان ستيفانو.

الأراضى الزراعية

يقول «الكاتب» إن اليهود نشطوا فى تلك الفترة فى امتلاك الأراضى الزراعية وتأسست شركات مساهمة من عائلات احتكرت بعض الزراعات مثل شركة وادى كوم أمبو التى تأسست عام 1904 بامتياز مدته 99 عاما، ورأسمال 300000 جنيه مصرى وامتلكت 30000 فدان فى كوم أمبو غير 21000 فدان وشقت 91كم من المصارف والترع و48 كم من السكك الحديدية، كذلك شركة مساهمة البحيرة التى تأسست فى يونيو 1881 برأسمال 75.000 جنيه مصرى وامتلكت 12.000 فدان.
المعابد اليهودية فى مصر

معبد القاهرة الكبير

تمتع يهود مصر بحريتهم فى ممارسة شعائرهم الدينية واستفادوا من مساندة الحكومة المصرية لهم والتى تمثلت فى تزويدهم بأراضى البناء وأموال لإقامة المعابد، أشهر تلك المعابد والموجودة حتى الآن «معبد القاهرة الكبير» فى 17 شارع عدلى، وشيدته عائلة موصيرى عام 1903، ويعد من أجمل المعابد اليهودية فى القاهرة، تم تجديده عام 1981 بأموال تبرع بها المليونير الصهيونى «نسيم جاعون»، ويحرص السائحون اليهود على زيارته، وقام شيمون بيريز بافتتاح تجديدات المعبد رسميا عام 1990.
معبد فيثالى مادجار

معبد فيثالى مادجار بشارع المسلة يقع على بعد خطوات من قصر الرئاسة المصرية بمنطقة مصر الجديدة.

معبد مائير أنائيم

وفى منطقة المعادى يوجد معبد مائير أنائيم فى 55 شارع 13 وكان المحامى اليهودى يوسف سلامة مقيما به حتى وفاته فى سبتمبر عام 1981.

معابد الإسكندرية

جميع المعابد الموجودة بمحافظة الإسكندرية عبارة عن معابد صغيرة أشبه بالزوايا التى تقام فيها صلوات المسلمين، وبحسب الكاتب فإن عدد اليهود بمدينة الإسكندرية 24 فردا فقط.
معبد «الياهو حنابى» ويقع فى شارع النبى دانيال، وهو من أقدم وأشهر معابد اليهود فى الإسكندرية، وشيد عام 1354 تعرض للقصف من قبل الحملة الفرنسية على مصر عندما أمر نابليون بقصفه لإقامة حاجز رماية للمدفعية بين حصن كوم الدكة والبحر، وأعيد بناؤه مرة أخرى عام 1850 بتوجيه ومساهمة من أسرة محمد على.

معبد «منشه»

أسسه البارون يعقوب دى منشه، عام 1860 بميدان المنشية، وهو مبنى بسيط مكون من طابقين.
كما تضم المحافظة عددا من المعابد الصغيرة منها معبد «الياهو حزان»، ويقع فى شارع فاطمة اليوسف بحى سبورتنج الذى أنشئ عام 1928، ومعبد «جرين» الذى شيدته عائلة جرين بحى محرم بك عام 1901، ومعبد «يعقوب ساسون» وأنشئ عام 1910 بمنطقة جليم، ومعبد كاسترو الذى أنشأه موسى كاسترو عام 1920 بحى محرم بك، ومعبد نزاح إسرائيل الإشكنازى عام 1920، ومعبد «شعار تفيله» الذى أسسته عائلتا «إنزاراوت» و«شاربيه» عام 1922 بحى كامب شيزار.


الأشعل: إسرائيل ليست ولى أمر اليهود المصريين

قال الدكتور عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق: «ليس لإسرائيل الحق فى مطالبة مصر بتعويضات، لأنها لا تعتبر ولى المال أو الأمر على هؤلاء اليهود، كونهم يهودا مصريين خرجوا من مصر لإسرائيل حاملين الجنسية المصرية ولا علاقة لهم بإسرائيل»، موضحًا أن «اليهود الذين تركوا مصر إذا أرادوا أن يحصلوا على أملاكهم فليعودوا ليأخذوها، ولكننا لن ندفع تعويضات لإسرائيل، لأنها ليست وسيطة وليست مسئولة عن القضية، وعلى أى يهودى مصرى انخرط فى المشروع الصهيونى أن يعود لمصر ويدير أملاكه بنفسه».

وأرجع «الأشعل» السبب فى إثارة هذه القضية إلى وصول الرئيس محمد مرسى لسدة الحكم بديلًا عن مبارك، وهو ما جعل إسرائيل فى توتر دائم وترقب لتغيير سياسة مصر، لافتا إلى عدم قدرة إسرائيل على الدخول فى نزاعات قانونية فى هذا الشأن، وذلك لأنها لا تمتلك أى سند قانونى لتطالب مصر بتعويضات عن أملاك اليهود المصريين، الأمر الذى جعلها تلجأ لطرح القضية على هامش مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشكل أشبه بـ«الودى».

وزير الآثار: لا توجد أملاك لليهود فى مصر

قال الدكتور محمد إبراهيم، وزير الآثار: «إن يهود مصر الذين تركوا البلاد منذ سنوات عديدة ليس لهم أى أملاك فى مصر، وأنه فى حالة حدوث تفاوض فى هذه القضية أو تدويلها فإن وزارة الخارجية المصرية ستكون هى المسئولة عن هذا التفاوض بالتنسيق مع وزارة الآثار».
من جانبه أكد محسن ربيع، رئيس هيئة الآثار اليهودية بوزارة الآثار، أن اليهود المطالبين بالحصول على أملاك فى مصر ليس لهم أى حقوق مشروعة، أو قانونية فى هذه المطالب، مشيرًا إلى أن هناك 11 معبدا يهوديا، فقط، على مستوى الجمهورية تشرف عليها السيدة المصرية «كارمن واينشتين»، رئيسة الجالية اليهودية فى مصر، وهى الآثار التى تخضع لولاية وزارة الآثار المصرية، وفقًا لقانون حماية الآثار، مضيفًا: «ليس هناك أى حق لأى دولة فى المطالبة بالتعويض عن تلك الآثار لأنها مصرية».
من جانبه أوضح مختار الكسبانى، المستشار السابق لوزير الآثار، أن يهود مصر، كانوا يقطنون «المنازل والمحال» كحق انتفاع فقط، وليس كأملاك شخصية لهم، وعند خروجهم من مصر، فى فترة حكم الرئيس الراحل عبدالناصر، تركوا «منازلهم و محالهم» لأصحابها، وليس لهم أى حقوق فى مصر حتى يطالبوا بها عبر المحاكم الدولية.
على الجانب الآخر، قال الدكتور عبدالفتاح البنا، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة: «جميع المحال التجارية الشهيرة فى فترة خمسينيات وستينيات القرن الماضى، مثل سلسلة محلات صيدناوى و شيكوريل وغيرهما، كانت ملكًا لتجار يهود، غير أنه عند تأميم قناة السويس، تم تأميم جميع هذه الممتلكات، وهى الفترة التى شهدت تضييقات أمنية على اليهود من قبل نظام الرئيس الراحل عبدالناصر، ما دفعهم لبيع ما تبقى من ممتلكاتهم للمصريين، والرحيل لدول أوروبية، ومنها إلى إسرائيل».
وأضاف «البنا» أن الثابت تاريخيًا أن «اليهود يفضلون أن يعيشوا على أطراف المدن بحيث يكونون على استعداد للرحيل عند حدوث أى قلاقل أو صراعات فى البلاد، لافتًا إلى أنه قبل تطوير القاهرة كانت حارة اليهود، بمنطقة الحسين، تقع على أطراف محافظة القاهرة، غير أنه بعد التوسعات التى شهدتها محافظة القاهرة انتقل اليهود إلى منطقة مصر الجديدة، قبل هجرتهم إلى أوروبا.

قانونيون: ليس لإسرائيل الحق فى المطالبة بأملاك اليهود

أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى العام، أنه لا يحق لإسرائيل المطالبة بممتلكات مواطنيها إلا بعد لجوئهم إلى القضاء المصرى أولاً، موضحًا أن القانون الدولى يقر مبدأً قانونيّا وهو «الحماية الدبلوماسية» التى تعنى أن «إسرائيل لا تستطيع أن تتدخل لدى السلطات المصرية، للمطالبة بالممتلكات اليهودية المزعومة، إلا عقب استنفاد الإسرائيليين المطالبين بحقهم فى ممتلكات فى مصر؛ جميع الوسائل القضائية الوطنية المصرية.
وأضاف «سلامة» إن لجوء إسرائيل للقضاء الدولى لا يكون إلا باشتراطات قانونية، وهو مرهون فى هذه الحالة بموافقة الدولتين طرفى النزاع، حتى يكون للقضاء الدولى المتمثل فى «محكمة العدل الدولية» أو «هيئات التحكيم الدولى» المختلف ولاية على القضية.
ومن الجانب القانونى المصرى، قال عبد الفتاح حامد، رئيس منظمة الشرق الأوسط للسلام وحقوق الإنسان، إنه إذا نجح اليهود فى إثبات ملكيتهم «المزعومة» لمنشآت فى مصر، فإنها تكون سقطت- طبقًا للقانون المصرى- الذى ينص على أن «العقار أو الممتكلات التى يمر على عدم استعمالها 15 سنة تسقط بالتقادم عليها، حيث تنص المادة 874 على أنه «إذا زرع مصرى فى غير مزرعته لمدة 15 سنة تملكها، وتسقط ملكية المالك الأصلى»، بالإضافة إلى أن المادة 968 نصت على «أن من حاز منقولا أو عقارا دون أن يكون مالكا له، أو حاد حقّا على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصا به كان له أن يكتسب ملكيته إذا استمرت حيازته دون انقطاع 15 سنة»، وهو ما يسقط حق إسرائيل فى المطالبة بأى أملاك لها فى مصر.
وانتقد استخدام إسرائيل لـ«فزاعة أملاك اليهود» التى «تتشدق بها كثيرًا للمطالبة بحقوق وهمية». مؤكدًا أن الكيان الصهيونى يعلم جيدًا أن أغلب اليهود الذين تركوا مصر فى القرن الماضى، باعوا ممتكلاتهم الخاصة، أو تنازلوا عنها لمصريين نظير مبالغ مالية، الأمر الذى يؤكد أن تلك الممتلكات المزعومة ما هى إلا حجة واهية يحاولون من خلالها إثبات أحقيتهم فى العودة لمصر».