خبر «ساندي وإيرن وكاترينا».. ثلاثة أسماء يقذفن الرعب في قلوب الأمريكيين

الساعة 05:58 م|30 أكتوبر 2012

وكالات

ساندي"،"إرين"،"كاترينا"..ثلاثة أسماء للنساء تقذفن الرعب في قلب المواطن الأمريكي، ولا يمكن أن يمحوها من ذاكرته لما تخلفه من دمار.. فهي أعاصير شديدة الضراوة لصعوبة التنبؤ بمداها وبطشها، فغضب الطبيعة أشد قسوة وأكثر فتكا من غضب النساء اللاتي أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية أسمائهن علي الأعاصير المدمرة التى تجتاحها.

و"ساندي": الإعصار الأحدث في سلسلة الأعاصير التي تعرضت لها السواحل الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية وأجبرت الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إعلان حالة الكوارث في عدد من الولايات الأمريكية وآخرها ولاية نيويورك، وذلك لما للإعصار من تأثير مدمر على شبكات النقل والكهرباء والاتصالات والإنترنت، وقد تأثر به حوالى20% تقريبا من سكان الولايات المتحدة.

وكانت السلطات الأمريكية قد أعلنت في وقت سابق ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار "ساندي" إلى 13 قتيلا، في حين أصبح ما يقرب من 5 ملايين و500 ألف مواطن أمريكي بدون كهرباء، فيما تشير التوقعات بأن تصل الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الإعصار إلى ما بين 10 مليارات دولار إلى 20 مليار دولار بحسب شركة "إكيكات" لاستشارات مخاطر الكوارث، وذلك مقابل 10 مليارات دولار خسائر خلفها إعصار "إيرين" فى العام الماضي و45 مليار دولار خلفها إعصار "كاترينا" فى عام 2005.

والإعصار عبارة عن عاصفة دوارة هائلة تدور حول مساحة من الضغط الجوي المنخفض وسرعتها لا تقل عن 74 ميلا في الساعة، ويتم إطلاق اسم على عاصفة ما عندما تصل سرعتها إلى 72 كم في الساعة، وتتحول إلى إعصار إذا ما وصلت إلى 114 كم في الساعة، وتحدث دوريا وبشكل خاص في مناطق أمريكا الوسطى والجنوبية، إضافة إلى بعض مناطق الولايات المتحدة الأمريكية.

 وأسماء الأعاصير لها مواصفات خاصة، كما أن إصدار قائمة أسماء الأعاصير له معايير في مركز الأعاصير الأمريكي.. فالأسماء يجب أن تكون قصيرة وسهلة النطق ولها ترتيب أبجدي، وتتكون القائمة من 21 اسما وتوضع ست قوائم لست سنوات، ويعاد استخدامها مرة أخرى بمعنى أن الاسم الواحد يتكرر مرة أخرى بعد مرور ستة أعوام.

ويلاحظ أنه إذا ما كان الإعصار قويا ومدمرا لدرجة أنه يخلف وراءه خسائر فادحة، فإن اسمه يشطب من قائمة مركز الأعاصير الأمريكي مثل إعصار "كاترينا"، الذي خلف دمارا هائلا، حيث أن الأعاصير التي يعيشها الإنسان تترك لديه أضرارا نفسية وهذا ما تريد منظمة الأرصاد الجوية تفاديه من أجل ألا يتذكر الأشخاص أهوال الإعصار عند سماعهم هذا الاسم مرة أخرى، وبالتالي سيحل محل اسم "كاترينا" اسما جديدا لاستخدامها مرة أخرى.

ولم تكن للأعاصير أسماء قبل ذلك بل كانت تسمى حسب التاريخ الذي وقعت فيه مثل إعصار (1898)، وإعصار (1906)، أو بحسب المكان الذي ضربته مثل إعصارى (ميامي، وهيوسن)، أو بحسب فالمنطقة مثل إعصار (جالفستون، وميامي)، كما أن الأعاصير تسمي على أسماء رجال الدين والسياسة مثل أعاصير (هرقل، وسانت بول، وسانت لويس، وسانتا ماريا).

وكانت هذه التسمية تتم بشكل عشوائي، لذلك قام عالم الأرصاد الإيطالي كلمنت وراغى بتسمية الأعاصير بأسماء الأفراد، فاختار أسماء ذات أبعاد متناقضة وكانت تطلق على سياسيين كان يكرههم ونساء كان يحبهن، بيد أن قوة اليد السياسية استطاعت أن تبعد نفسها عن التسمية وظلت ملتصقة بظهر العنصر النسائي الأضعف، فأضحت سنة متبعة.

وبعد الحرب العالمية الثانية، طورت القوات الأمريكية المسلحة تسمية الأعاصير لمتابعتها ورصدها ولمنع تعدد الأسماء والاختلاف حولها، وأيضا لمنع التضارب الحاصل في وسائل الإعلام حينها، فقامت إدارة الطقس الفيدرالية ووضعت جداول الأسماء حسب الحروف الأبجدية النسائية.

وقد أثار هذا الأمر حفيظة المجتمع النسائي الأمريكي، فأخذت حركات تحرير المرأة تطالب إدارة الطقس بخلخلة هذه الأسماء وإعادة صياغتها من جديد ورفض إلصاق الأسماء الأنثوية بالأعاصير المدمرة والعنيفة، كما طالبت بالمساواة مع الرجل في التسمية، فاضطرت إدارة الطقس الدولية المسئولة عن تصنيف الأعاصير إلى إدخال أسماء مذكرة في ثنايا القائمة.

ويعتقد البعض أن أسماء تلك الأعاصير لها مدلول أو معنى، إلا أن الأمر أبسط من ذلك، حيث أن هذه الأسماء سهلة النطق وتمنع حدوث أي لبس إذا ما نشأ أكثر من إعصار في آن واحد، وقد أثبتت الخبرة في مجال الأرصاد الجوية أن الأسماء والتعبيرات القصيرة كوسيلة اتصال بين المئات من مراكز الأرصاد يقلل من إمكانية الوقوع في أخطاء قد يكون لها آثار لا تحمد عواقبها.

وبدأ استخدام الأسماء الشخصية في الولايات المتحدة الأمريكية لتعريف أعاصير الباسيفيك عام 1950، وكانت بالترتيب الأبجدي إلا أن الاستخدام المتكرر لتلك الأسماء الأبجدية أحدث الكثير من الحيرة.

وابتداء من عام 1953 أصبحت الأعاصير تحمل أسماء نسائية، حيث أصدر مركز الأعاصير الوطني في الولايات المتحدة قائمة رسمية بتلك الأسماء واستمر الحال على ما هو عليه حتى نهاية السبعينيات، وبهدف ألا تكون أسماء الأعاصير قاصرة على الأسماء النسائية تم وضع قائمة تتضمن أسماء نساء ورجال بالتتابع.

وهناك ثلاثة أوجه لإطلاق أسماء النساء على الأعاصير، الأول هو وجود تقاطعات بين الأعاصير والنساء، فالمرأة يصعب التنبؤ بعنفها وصاحبة مزاج متقلب وذات بطش عندما تكره وتظهر غضبها ولا تكتمه كحال الإعصار، والثاني هو أن الأسماء النسائية تذكر تيمنا بأن تكون الأعاصير ناعمة ولطيفة غير مخربة كحال النساء، والثالث هو أن كلمة إعصار باللغة الإنجليزية (هيوريكين) مؤنثة، مثلها مثل "سفينة" مما جعل السياق اللغوي يحتم وضع أسماء أنثوية لجميع الأعاصير المتوقعة.

وتقرر في عام 1979 طرح قوائم جديدة كل ست سنوات تتضمن أسماء مذكرة ومؤنثة على التوالي فتوضع أسماء مسبقة للأعاصير المتوقعة، على أن تطلق هذه الأسماء تباعا وبحسب قائمة أبجدية، وغالبا ما تكون الأسماء المختارة مألوفة بين الناس في المناطق التي تمر بها الأعاصير شريطة ألا يكون الإعصار مدمرا.

وإذا زاد تدميره يشطب الاسم من القائمة المستقبلة ويستبدل بآخر من النوع نفسه، ويبدأ بالحرف ذاته، وهذا ما انطبق على الإعصار "أندرو" الذي ضرب جنوب الولايات المتحدة في أغسطس 1992 مخلفا 23 قتيلا وخسائر بقيمة 21 مليار دولار، وكذلك إعصار "ميتش" الذي أهلك الحرث والنسل، وإعصارا "تشارلي، وإيفان" اللذان ضربا فلوريدا وكوبا بين شهري أغسطس وسبتمبر 2004، فهذه أسماء أعاصير لن تتكرر مرة ثانية في القوائم المستقبلية.