بالصور لأول مرة بغزة .. عروض سركية.. بأسعار خيالية !!

غزة (خاص)

"أنا بحب السيرك كتييييييير, كنت أشاهده على التلفزيون, واليوم بغزة صرنا نشوفه على الطبيعة بلا أية حواجز(..)" هذا ما قاله أحد الأطفال داخل أسوار كرنفال العيد الترفيهي للسيرك والذي يقام بهذه اللحظات وسط مدينة غزة, ولكن والده على الفور قطع حديث الطفل قائلاً بصوت صاخب: "إن شاء الله هادي أول مرة وأخر مرة تشوف السرك" معللاً قوله بسبب ارتفاع أسعار تذكرة الدخول.

مراسل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" تجول في أرجاء خيمة الكرنفال السركي, الذي أقيم  في موقع السرايا الحكومي سابقا, وتؤديه فرقة استعراضية مصرية الجنسية, ليستطلع أراء وانطباع المواطنين الغزيين حول مشاهدتهم الأولى للسرك بغزة وإقبال المواطنين عليه.

المهرج والطفل !!

الطفل احمد الحطاب ( 10 أعوام) والذي كان يلهو بأرجاء الكرنفال يؤكد أنه منذ أن تم الإعلان عنه عقد النية على الحضور ومتابعة كافة العروض.

ما عن انطباعه الأولى عن العروض السركية, يقول الحطاب:"العروض جميلة وشيقة ولم نرى في قطاع غزة مثيلاً لها وأول مرة نشاهد مثلها".

ويشير الحطاب إلى انه أستمتع في أخر فقرة وهي فقر المهرج حيث قال :"المهرج شيء جميل جداً, وهي الفقرة التي استمتعت, بها حيث أنه يقلد الأصوات ويقوم بالتمثيل المضحك" وتركنا الحطاب لمشاهدة باقي العروض.

الحاجة تسابق أحفادها !!

أما الحاجة أم صلاح (60عاماً) والتي كانت تخطو متوكئة على عكازها الخشبي صوب الكرنفال مصاحبة معها أحفادها تقول :"جئنا لنشاهد العروض المسرحية والسركية التي أعلن عنها, حتى نستمتع برؤيتها ونرى ما هي العروض التي ستقدمها الفرقة المصرية, كما وجئنا لنرفه عن أنفسنا من ضنك الحياة وتعبها".

وعن استغرابنا لوجودها بالكرنفال بهذا العمر المتقدم تقول الحاجة بالعامية :"هو أنا ما لي نفس أفرح ولا شو" كما وأضحت الحاجة أنها كانت متشوقة للحضور أكثر من أحفادها والتي كانت تسبقهم بالمسير نحو الكرنفال".

واستدركت الحاجة قائلة:"شيء جميل أن يدخل إلى قطاع غزة عروض وفقرات لم نشاهدها من قبل تدخل علينا الفرحة والابتسامة على أطفالنا".

ومرة أخرى التقينا بالحاجة عند انتهاء العروض فقالت:"العروض جميلة وشيقة للغاية ورفهنا عن أنفسنا, ولكن بالفعل كانت تذاكر الدخول مكلفة للغاية ولم نكن نتوقع انتهاء العروض بهذه السرعة, ولا بد من تخفيض أسعار التذاكر لتناسب جميع المواطنين وتتناسب مع جودة العروض المقدمة".

عروض الكرنفال ..

شهير حيدر (50 عاماً) منسق العلاقات العامة للكرنفال, مصري الجنسية, يقول "لقد تم مجيئنا بناء على دعوة من الأشقاء الفلسطينيين وعليها تم الحضور إلى ارض قطاع غزة ،وجئنا نحمل رسائل عدة منها إثبات أن مواطني قطاع غزة هم مواطنين أسوياء يريدون أن يعيشوا كغيرهم من البشر ويحبون الترفيه..، ومشاركة الأطفال الصغار فرحة العيد ورسم الابتسامة على شفاههم".

حيدر الذي لم نستطع إجراء الحديث الصحفي معه بالشكل الصحيح ،لم يكن يتوقف لإقبال الناس والمواطنين لرغبتهم لالتقاط صورة تذكارية بجانبه, يقول "شعب فلسطين وأهالي غزة على وجه الخصوص ودودين للغاية ونشعر أننا نجلس بين أهلنا بمصر".

وعن الفقرات التي يقدمها الكرنفال يوضح حيدر أن الكرنفال يقدم 16 عرض مثير ومتنوع أبرزها (رمي السكاكين- التهريج – المشي على الحبال- العروض المسرحية-واللعب بالطابة- والألعاب البهلوانية).

ويوضح حيدر والذي تبدو عليها "ابتسامة الارتياح" حجم إقبال المواطنين الغزيين بالكثيف والغير متوقع، فيقول باللهجة العامية المصرية "دانا مبسوط جدا والإقبال مشاء الله رائع والعيال فرحانة جداً من العروض داحنا عايزين نقفل والناس عمال تدخل".

 واختتم حيدر حديثه ليلتفت إلى الجمهور إيذاناً ببدء جولة جديدة من العروض، وقد كان حيدر أكد لنا أن العديد من الفئات العمرية المختلفة حضرت الافتتاح وعروض الكرنفال.

الفكرة .. والاهداف

محمد سلمي (30عاما) منسق وصحاب كرنفال وسرك العيد أوضح أن فكرة المهرجان تراوده منذ تسعة أشهر ولكنه أضاف أن الإمكانيات لم تكن متاحة بالشكل الكامل.

وتجدر الإشارة إلى أن سلمي أحد الاستعراضيين المتقنين للفنون السركية والذي ذهب إلى الجمهورية المصرية واخذ الفكرة عنها.

سلمي تحدث عن أهداف الفكرة التي نفذها حيث قال "الفكرة بجانب أهدافها الاقتصادية الثانوية، هدفها الرئيس هو تفريغ الكبت لدى المواطنين الغزيين, وإدخال نوع جديد من الفن إلى القطاع حتى تكون إضافة إلى الفنون التي تشتهر بها غزة وإدخال السرور على أطفالنا".

ويضيف سلمي :"قمنا أنا والعديد من الشباب بغزة بدراسة جدوى للمشروع وبناء عليه وبالتنسيق معهم جلبنا طاقم السيرك والمكون من 11 فنان والإداريين التابعين لهم, وكانت الفكرة ميسرة من جميع الجهات ولم تواجهنا مشاكل".

سلمي يشير إلى أن نسبة الإقبال من المواطنين الغزيين كبيرة للغاية, حيث قال :"الجمهور الذي  يزورنا يومياً أكثر مما كنا نتوقع ومشروعنا وفكرتنا ناجحة 100 % ".

ويلفت سلمي إلى أن المواطنين بغزة يشعرون بالسعادة والفرحة نتيجة الفقرات والعروض التي تقدمها الفرقة المصرية عازياً ذلك الإقبال إلى أن المواطنين لم يشاهدوا عروض سركية قبل ذلك ،ونتيجة تنوع الفقرات واحتراف الفريق المصري المنفذ للكرنفال.

"اللي معهوووش ما بيلزمووش"

ولكن ..فرح ولعب ولهو داخل حدود الكرنفال السركي وعلى النقيض منه خارجه من الناحية الشرقية كانت مناشدات واستغاثات من بعض المواطنين الذين لم يتمكنوا من الدخول لغلاء ثمن التذكرة الواحدة للشخص المنفرد، وكانوا يرددون بصوت واحد "والله حرام عليكم التذكرة غالية على شو 40 و 30 شيكل" فتجيبهم إدارة الكرنفال بالعامية :"اللي معهوووش ما بيلزمووش".

وتبلغ قيمة تذاكر الدخول إلى الكرنفال حسبما أفادت الإدارة والمطويات الخاصة بالأسعار ،بأن دخول الفرد الواحد للمسرح يبلغ 20 شيكل للمقاعد الخلفية و 30 شيكل للمقاعد الوسطى و40 شيكل للمقاعد الأمامية.

نقلنا تلك الصورة التي يعاني منها بعض المواطنين لمدير الكرنفال سلمي والذي أجرينا حديثنا معه مسبقاً, حيث قال:"نحن قمنا بدراسة جدوى للمشروع ولقيمة التذاكر المحددة ووجدنا أنها مناسبة لفئة معينة ومتوسطة للفئة ولكنها باهظة للفئات الأخرى وذلك ناتج عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها القطاع".

وعلل سلمي غلاء ثمن التذاكر إلى أن الكرنفال مكلف من جميع النواحي ولديه أشخاص يعملون وهم بحاجة إلى مكافآت مالية ،علاوة على أن الفرقة المصرية تتقاضى أجوراً مقابل تلك العروض.

وينتقد المواطنون الذين شاهدوا العروض الاكتظاظ الكبير داخل مكان العرض ، بالاضافة الى أن الكراسي المخصصة للمتفرجين متعبة ويشعر المتفرج أنه "مشبوح" هذا بخلاف الحر الشديد في المكان لأنه يستوعب أعداد كبيرة .

وبهذا يشهد قطاع غزة لأول مرة في التاريخ إنشاء خيمة خاصة بالألعاب السركية من أجل الترفيه عن النفس في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطن الفلسطيني بغزة وفي ظل الحصار الخانق للقطاع.. لكن الأمر الذي يعكر مزاج بعض المواطنين هو ارتفاع الأسعار الجنونية للدخول لساحة الكرنفال من أجل مشاهدة العروض السركية . 

شهير حيدر  (مصري الجنسية) منسق العلاقات العامة للكرنفال السركي بغزة