خبر ما هو اليسار المتطرف هنا.. هآرتس

الساعة 11:28 ص|23 أكتوبر 2012

بقلم: غابي شيفر

استاذ كرسي متقاعد في قسم علوم السياسة في الجامعة العبرية

(المضمون: ان الفروق غير واضحة بين الاحزاب فالجمهور الاسرائيلي لا يعرف معنى اليسار المتطرف واليسار المعتدل والمركز وما أشبه، فيجب على قادة الاحزاب وعلى الاحزاب نفسها ان ينشروا برامج احزابهم بوضوح - المصدر).

يعلم كثيرون من مواطني الدولة ان الديمقراطية الاسرائيلية متعثرة إن لم نقل انها مضعضعة حقا. لكن تتبين بين الفينة والاخرى جوانب في هذا التعثر من الضروري ان نصرف انتباه الجمهور العريض والساسة اليها، ولا سيما الآن وقد أصبحت الانتخابات على الأبواب. يتبين من جملة ما يتبين ان ناسا كثيرين يستعملون تعريفات وتشبيهات سياسية تبدو غريبة غير مناسبة. وقد برز ذلك في استطلاع صحيفة "هآرتس" ("حزب مركز برئاسة اولمرت سيتغلب على الليكود"، "هآرتس" 18/10). وأُبلغ هناك من جملة ما أُبلغ "الوضع العقائدي" للساسة، أي كيف يراهم الجمهور على مصفوفة اليمين – اليسار.

يُبين استطلاع الرأي ان أكثر المستطلعة آراؤهم يرون ان افيغدور ليبرمان "يمين متطرف" ويعتبر بنيامين نتنياهو "يمينا معتدلا" – وليس هذا مفاجئا. أما المفاجأة فهي في الصورة السياسية التي نُسبت الى ثلاثة ساسة قد يؤدون دورا مركزيا في التنافس الانتخابي وفي الانتخابات نفسها. فقد عُرفت زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش بأنها "مركز" من قبل 19 في المائة من المستطلعة آراؤهم، لكن 13 في المائة يرونها "يسارا متطرفا". وعرّف 16 في المائة يئير لبيد، الجديد في السياسة بأنه "يسار متطرف" ويراه 25 في المائة "يسارا معتدلا". بل ان 9 في المائة من المستطلعة آراؤهم عرّفوا اهود اولمرت بأنه "يسار متطرف" وعرّفه 16 في المائة بأنه "يسار معتدل". وهذه التعريفات قد تجعل كثيرين يحجمون عن التصويت لهؤلاء الاشخاص برغم أنها بعيدة عن ان تكون دقيقة.

قد تكون هذه نتيجة فشل سياسي جوهري لم يعد الجمهور يعلم بسببه ما هو معنى اليسار المعتدل أو المتطرف، لكن الجمهور لا يتحمل تبعة الفشل لأن ساسة كثيرين من الطيف السياسي كله لا يُجهدون أنفسهم في ان يوضحوا للجمهور مواقفهم الأساسية، بل يوجد من يحاولون طمسها. ومن المهم ان نذكر في هذا السياق ان برامج الاحزاب المختلفة في السنين الاخيرة ايضا غير شاملة وتُصاغ في احيان متقاربة بلغة غير واضحة. وهكذا يصعب جدا حتى على القليلين الذين يقرأون البرامج أصلا وضع الساسة في اماكنهم ووضع احزابهم على الخريطة الاجتماعية والسياسية. وتكون النتيجة انه لا توجد في واقع الامر تصورات واضحة يستطيع المواطنون بحسبها ان يقرروا من ينتخبون.

وهناك صعوبة اخرى لا تقل أهمية هي ان أكثر الاسرائيليين ومنهم كثير من الساسة لا يفهمون الفروق الجوهرية بين مواقف الساسة الكبار ولا يولونها أهمية، وقد يُفسر هذا صورة ميل الجمهور الى تعريفهم كما بيّن استطلاع الرأي.

لا أحد من الساسة الاسرائيليين في الواقع ينتمي الى "اليسار المتطرف". فهذا اليسار لم يعد موجودا في العالم – لا في الصين ولا في كوبا فكيف يكون في اسرائيل. ان هذا اليسار كان يدعو الى توجه شيوعي قد زال وانقضى ولم تعد الأكثرية المطلقة من الساسة في اسرائيل من اليهود والعرب تتمسك بهذه الآراء، وينبغي ألا ننسب اليهم الانتماء الى اليسار المتطرف.

ان "اليسار المعتدل" بمعناه الواسع تصور اشتراكي – ديمقراطي يولي دولة الرفاه بكامل معناها أهمية كبيرة. وفي اسرائيل يرى التصور الاشتراكي الديمقراطي أهمية ايضا لمعاملة متساوية لجميع مواطني الدولة ولحل الصراع مع الفلسطينيين بحسب مبدأ دولتين للشعبين في حدود 1967. وعدد الساسة الاسرائيليين المتمسكين بهذا التوجه قليل جدا ومن المؤكد انه لا يشمل يئير لبيد واهود اولمرت.

من المهم ان نذكر ان معاني "اليمين المتطرف" و"اليمين المعتدل" و"المركز" غير واضحة وضوحا كافيا، لا للجمهور العريض ولا لكثير من الساسة في اسرائيل.

توجد طريقة واحدة فقط لمنع التلاعب السياسي وسلب الساسة شرعيتهم بالصاق سِمات من هذا النوع بهم وهي عادة شائعة عندنا، وهي: ان نطلب الى جميع الساسة والى جميع الاحزاب ان ينشروا بوضوح مواقفهم في جميع المجالات – الامني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وعلى هذا النحو فقط يمكن ان نفهم ما هي تصورات الساسة وكيف ستسلك الاحزاب. أما من لا يفعل ذلك فلا يجدر ان نصوت له.