خبر لن نتخلص ولن ننفصل.. هآرتس

الساعة 11:27 ص|23 أكتوبر 2012

بقلم: إيال مغيد

(المضمون: يجب على الاسرائيليين اذا أرادوا الاستمرار في العيش في هذه البلاد التسليم لجيرة الفلسطينيين من الداخل لا من الخارج - المصدر).

سألت صديقا كيف نرد على بشرى يئير لبيد الجديدة فأجاب: "أُكتب ما كتبته عن درعي لكن بالعكس". وسألت نفسي ماذا يعني ذلك؟ هل أكتب انه بخلاف درعي لن يُصالح بين المتدينين والعلمانيين، لكن بالعكس؟ وانه بخلاف درعي لن يُهديء الغول الداخلي لكن بالعكس؟ أو باختصار أنه بخلاف درعي غير محتاج اليه ببساطة؟ الحقيقة ان هذا لا يبدو لي لأن هذا لن يكون دقيقا.

قد يكون عند يئير لبيد خصوصا قدرة على المصالحة؛ وقد يكون ضروريا لجهاز التربية مثلا. وربما يكون في جعبته عدة أفكار أكثر صوابا من "نصب قامة الشرقيين". لكن من المؤكد انه لم يبرهن حتى الآن على انه "محنك وحكيم". وهو لم يفعل ذلك على أية حال في يوم السبت في كريات موتسكين، لأنه يبدو لي ان درعي ما كان لينطق بجملة بائسة تثير الغضب مثل "يجب ان نتخلص من الفلسطينيين في نهاية الامر".

أفترض ان مستشاري لبيد اللغويين قد أصبحوا ينصحونه بأن يستبدل بكلمة "التخلص" كلمة "الانفصال" في أسرع وقت ممكن. لكنه حتى لو فعل ذلك فان زلة لسانه (اذا كانت هذه زلة لسان حقا) ستظل تدوي. وستطارده من هذا الجانب من جانبي جدار الفصل الى جانبه الثاني لأنه لا شك في أنها تعبر عن هوىً في القلب. وليس هو هوى خاصا ليئير لبيد بل هو هوى قومي مصيري ومُدمر يعرف ميرون بنفنستي التعبير عنه جيدا في كتابه الجديد الذي يهز أركان الكون "حلم الصبار الابيض".

ان هذا الهوى السريالي هو المسؤول عن أننا لم ننتصر على الفلسطينيين فقط، لحسن الحظ، بل ورثناهم ايضا، لسوء الحظ. وهذا الهوى مسؤول عن أنه فنيت مع النصر ثقافة عيش كاملة ايضا هنا. فنيت وأُنكرت. وهذا الهوى هو المسؤول عن أننا في أعقاب اقتلاع القرى والحقول والبساتين حصلنا على أحياء قبيحة ومجمعات تجارية ومواقف سيارات. لم نحقق حلم "الاستيطان العامل" بل حققنا أشواق المقاولين.

ان نصيحتي للبيد ليست ان يستبدل "الانفصال" بـ "التخلص" بل ان يتخلص وينفصل عن الحلم المشوه الذي سيُدخلنا جميعا الى الجحيم. وقد كنا حلمنا من قبل كثيرا بأننا تخلصنا واعتقدنا كثيرا أننا انفصلنا وفعلنا كل شيء للتخلص والانفصال وبرغم ذلك لم نتخلص بل لم ننفصل، ولن نتخلص من الفلسطينيين بل لن ننفصل عنهم في المستقبل ايضا.

ربما يجدر بدل التخلص من الفلسطينيين ان نتخلص قبل ذلك من عدد من الآراء المسبقة. فبدل ان نتخلص منهم يجدر ان نتخلص من الوهم الذي أورثنا إياه آباؤنا وهو ان توجد هنا اوروبا جديدة. لن تكون هنا اوروبا جديدة بل سيكون في أحسن الحالات شرق اوسط جديد – قديم. ان الحلم بـ ألتنويلاند (الارض القديمة الجديدة) يعني تخليد فتح لاند (ارض فتح).

اذا أردنا البقاء هنا (وليس هذا مؤكدا ألبتة بحسب الكمية المخيفة من جوازات السفر البولندية والرومانية والهنغارية التي يتم اصدارها من اجل مواطني اسرائيل)، فعلينا ان نُسلم لحقيقة أننا سنضطر برغم أنوف أكثرنا الى التسليم لجيرة الفلسطينيين. الى التسليم لجيرة من الداخل لا من الخارج. واذا أخذنا في الحسبان الثقافة المجيدة التي تحيط بنا في الوطن العبري المتجدد فقد لا يكون هذا كابوسا كبيرا جدا كالذي يراه لبيد في خياله.