خبر إسرائيل تجري تدريبات في كل واد..! .. بقلم: أكرم عطا الله

الساعة 09:03 ص|21 أكتوبر 2012

ما بين العشرين من أيلول الماضي والعشرين من تشرين الأول الحالي تكون إسرائيل قد أجرت ستة مناورات، وهذا هو العدد الأكبر في تاريخ الدولة العبرية خلال هذه الفترة القصيرة جدا، وتغطي المناورات الست كافة الجبهات وعلى كل المستويات بما فيها الجبهة الداخلية.
 اليوم تبدأ إسرائيل مناورة الجبهة الداخلية الأضخم نقطة "تحول 6" وهي المناورة التي اعتادت على إجرائها سنوياً منذ الحرب على لبنان، وتهدف إسرائيل من ورائها معرفة مدى مناعة الجبهة الداخلية أمام الصواريخ وقدرتها على الصمود وخاصة بعد أن اكتشف عام 2006 أن الجبهة الداخلية مكشوفة تماماً أمام صواريخ حزب الله، إذ يشكل الصمود الإسرائيلي في الداخل عنصراً مهماً من عناصر انتصار إسرائيل في حروبها، والأهم من ذلك أن العقيدة العسكرية الإسرائيلية كانت إلى ما قبل تلك الحرب قائمة على أن إسرائيل تقود كل معاركها خارج حدود الدولة والمدن الإسرائيلية، لكن ذلك تغير منذ ست سنوات وأصبح الداخل الإسرائيلي جزءاً من حروب إسرائيل القادمة، وكما قال وزير الجبهة الداخلية السابق والجنرال الذي أصبح سفيراً لإسرائيل في الصين "متان فلنائي" أثناء مناورة "نقطة تحول 4" قبل أكثر من عامين معلقا "لم يبق واد في إسرائيل وإلا ستصله الصواريخ".
 اعتادت إسرائيل إجراء هذه المناورة في الربيع وبالتحديد بداية أيار كل عام، لكن هذه المرة تأخرت بسبب الأزمة المالية التي أحاطت بالدولة ونقص التمويل في الجيش الذي شهدت موازنته جولات من النقاشات العاصفة في الكنيست والحكومة بعد مقترحات البروفسور الاقتصادي تراختنبيرج الذي استدعاه نتنياهو للبحث عن حلول للأزمة المالية بعد تظاهرات صيف 2011 في إسرائيل، ليطلب تخفيضاً في موازنة الجيش، ولكن الحكومة لم تأخذ بنصيحته ليتم الاتفاق على زيادة الموازنة نهاية العالم الماضي.
المناورة التي تبدأ اليوم هي الخامسة في الداخل الإسرائيلي هذا الشهر والتي ستستمر لمدة أسبوع تتحدث عن سيناريو متطرف جدا كما يقول أفي ديفيد الذي سيقود المناورة، ولكنه باختلاف كل عام يتحدث عن هزة أرضية وانهيار عدد كبير جدا من المباني ودفن جثث مع الأنقاض، هذا الحديث يتناقض تماما مع أهداف المناورة والتي أقرت بعد تقرير لجنة فينوغراد التي تشكلت للبحث عن إخفاقات الحرب على لبنان وأوصت باستمرار أجراء مناورات سنوياً وإشراك الجبهة الداخلية في الحرب، ومنذ يومها سميت المناورة السنوية "نقطة تحول" أي للحرب وليس للكوارث الطبيعية..!
 في العشرين من ايلول الماضي أجرت إسرائيل مناورة في قاعدة "ريمون" العسكرية والتي تبعد خمسة عشر كيلو متراً عن الحدود المصرية وتم خلالها محاكاة اقتحام القاعدة وقتل جنود وأسر آخرين وقصف مدفعي مكثف على القاعدة بشكل مباغت تحسباً لهجوم من الجبهة الجنوبية.
 وفي نفس الفترة قامت إسرائيل بمناورة مفاجئة في الجولان المحتل أشرف عليها قائد الأركان بيني غانتس، وبلغت السرية بتلك المناورة أن المشاركين فيها تم استدعاؤهم على عجل، وفقط من عرف بالمناورة هم جنود جهاز الرقابة الذين استدعوا الساعة السابعة مساء، وبعد منتصف الليل انطلقوا نحو الشمال ومعهم قوات إسرائيلية من الضفة كانت لا تزال ترابط هناك استدعيت فجراً دون أن تعرف طبيعة المناورة التي ضمت في معظمها قوات مدفعية واستخدمت فيها كل أنواع الآليات تحت تصرف قوات المدفعية، وقد أطلقت إسرائيل على تلك المناورة اسم "ذخيرة قومية" أو كنز قومي.
 وفي نفس الفترة أجرت إسرائيل مناورة بالذخيرة الحية داخل مزارع شبعا شاركت فيها مختلف القطاعات العسكرية الجوية والبرية وسلاحا المدفعية والدبابات، وحلقت الطائرات في الجنوب اللبناني وقد سمعت أصوات تلك المناورة في المناطق القريبة.
وقد أجرى الجيش أيضاً وفي نفس الأسبوع مناورة على إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية شاركت فيها قوات من الجيش المرابطة في الضفة، ولكن هذه المرة كان رأس حربتها مختلفاً "وحدة الدوفدوفان" الخاصة "وهي وحدة من المستعربين" بالتعاون مع جهاز المخابرات (الشين بيت).
 المناورة السادسة وهي التي تجري أيضا هذا الأسبوع بالمشاركة مع قوات أميركية ستختبر فيها اسرائيل شبكات المضادات الجوية الإسرائيلية، وكذلك بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ وهي اكبر مناورة مشتركة مع الجيش الأميركي.
 التقشف الذي أوصى به الخبير الاقتصادي الذي وضع حلولاً للأزمة وجد لدى نتنياهو آذاناً صاغية ما عدا التوصيات بخصوص الجيش والذي يطالب لموازنة العام 2013 بإضافة نصف مليار على موازنته لتصبح 15.4 مليار دولار بدل 14.9 مليار لهذا العام، وهو رقم هائل قياساً بعدد أفراد تلك الدولة. ولكن الحكومة تمكنت من حل المشكلة من خلال فرض ضرائب على بعض السلع ورفع قيمة الضريبة المضافة لتؤمن 14 مليار شيكل، ما يعادل 3.5 مليار دولار، وبذلك استطاعت أن تؤمن للجيش متطلباته بالإضافة للدعم الأميركي الذي أمدته الولايات المتحدة مقابل "عدم توجيه ضربة لإيران".
 الجبهة الأكثر تهديداً لإسرائيل حسب ما يقرأ من المتابعات الإسرائيلية هي الجبهة اللبنانية سواء دخلت إسرائيل في حرب معها "وهي بحاجة لذلك لأسباب عديدة بعضها عاجل وبعضها استراتيجي" أو حتى إن دخلت في حرب مع إيران فإن التهديد اللبناني هو الخوف الأكبر أيضا، وبكل الحالات تبدو الجبهة اللبنانية هي الهاجس الذي يؤرق القيادة الإسرائيلية، وهنا تبدو التدريبات أقرب لمواجهة حرب مع لبنان وهذا ربما يفسر الدور الأكبر لسلاح المدفعية في معظم المناورات.
 بالتأكيد أن حزب الله قرأ بدقة تلك التدريبات ليطلق هو الآخر مناورته الأضخم في تاريخه والتي امتدت لثلاثة أيام وشارك فيها أكثر من عشرة آلاف عنصر معظمهم من قوات النخبة، وهذه المناورة مختلفة فهي ليست دفاعية فقط كما اعتاد الحزب أن يجري تدريباته بل تحمل طابعاً هجومياً بالسيطرة على مناطق في الجليل، وهي خطة كان قد أشار إليها موقع "تيك دبكا" العسكري الإسرائيلي قبل أكثر من عام ونصف، ثم قام حزب الله بمناورة أكثر تقدماً حين أرسل طائرة استطلاع سارت في الأجواء الإسرائيلية، فهل ستكون المناورات المتقابلة وجهاً لوجه والمكثفة والأكبر في تاريخ الخصمين مقدمة لشيء ما..؟!