خبر تثاؤب اسمه انتخابات- هآرتس

الساعة 09:40 ص|14 أكتوبر 2012

تثاؤب اسمه انتخابات- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: لن تغير الانتخابات الاسرائيلية القريبة شيئا في السياسة الاسرائيلية فالوجوه هي نفس الوجوه والرسائل هي نفس الرسائل وتكاد تنعدم الفروق بين اليسار واليمين - المصدر).

        الحديث بادي الرأي عن واقعة تأسيسية اخرى هي تقديم موعد الانتخابات. لكن الحديث في واقع الامر عن علامة تُنذر بالسوء: فالاشهر الثلاثة القريبة قد تصبح مُملة حتى الموت. ولن تساعد جميع محاولات الإحياء الصناعية للجثة التي اسمها السياسة الاسرائيلية. وقد أصبح المحللون يحاولون نفخ روح الحياة بعناوين صحفية حادة عن تطورات حاسمة، وأصبح المستطلِعون يأتوننا في بيوتنا، وأصبح المستشارون "الاستراتيجيون" يُعدون موظفي مصارفهم. لكن اذا استثنينا جيش الرابحين من كل انتخابات، فلن يستريح كثيرون منها ولن يهنأوا بها. فما كان هو ما سيكون، ولا يقل عن ذلك سوءا ان ما كان هو ما سيكون مع تغييرات غير ذات معنى.

        أصبحت تُسخن نفسها "الوعود الجديدة" التالية، وكلها تقريبا ليست وعودا وليست جديدة. فسيكون الشيء التالي في السياسة الاسرائيلية هو الشيء السابق. قد يعود اهود اولمرت وربما يُتعش اهود باراك نفسه وسيرجع الينا آريه درعي؛ وسيضعف شاؤول موفاز، وتقوى شيلي يحيموفيتش، وتفاجيء لفني، ويصعد نجم يئير لبيد؛ ويحافظ افيغدور ليبرمان على قوته، ومثله الحريديون والعرب، وقد تقوى ميرتس ولن نتحدث عن بنيامين نتنياهو – أنظروا من جاء، انه رئيس الوزراء القادم. ويصاحب الفكرة (المثيرة للكآبة) انه تنتظرنا (وتنتظر العالم) اربع سنين اخرى من حكم نتنياهو، يصاحبها الاعتقاد الغامض في ان الحديث عن قضاء وقدر وعن قوة عالية أو عن كارثة طبيعية. فلا أحد يحب نتنياهو (سوى زوجته) وسيكون موجودا. ولا يتحمس أحد لاربع سنين اخرى من حكم الليكود وسيحكم. أما الباقون، كما يعتقد الجميع، فلا احتمال لهم ولا قدرات أو تجربة، ولهذا فحكمهم واحد. فنحن نفضل التجربة والقدرات واحتمالات ما هو موجود.

        يبقى أكثر الساسة الاسرائيليين معنا الى الأبد مثل قبلتين على الجبين. هل هُزم رئيس الوزراء؟ سيرجع الينا مرة ثانية. وينضم بين الفينة والاخرى وجه جديد – يقولون ان اليعيزر شتيرن سينضم الى لبيد وان يحيموفيتش تبحث عن جنرال – لكن هذه شخصيات شاحبة. فلم يولد بعد براك اوباما الاسرائيلي ولا يوشك ان يولد ايضا. وستبقى الأفكار هي نفسها ايضا. ستكون الاشهر القريبة هي زمان الاجترار فما ستسمعونه قد سمعتموه من قبل؛ وما سترونه قد رأيتموه من قبل، فهناك الشعارات نفسها والكليشيهات نفسها والوعود نفسها والمشاهد المنفوخة نفسها والرياء نفسه والكذب نفسه. واحتمال ان يثير أحد ما فكرة صغيرة جديدة أو شيئا من تفكير تأليبي جديد ثوري يشبه احتمال ان ينتهي الاحتلال.

        سيكون ذلك مُملا. سيكون مُملا لأنه لن يجدد أحد ولن يتجدد. وسيكون مُملا لأن أكثر لاعبي المستقبل هم لاعبو الماضي، ولأن فجر اليوم الجديد الذي سيعدوننا به لن يكون أكثر من فجر أمس. لكنه سيكون مُملا فوق كل ذلك لأنه لا توجد في الحقيقة فروق عقائدية في اسرائيل بين اليمين غير المتطرف واليسار غير المتطرف، وبين اليمين "الصهيوني" واليسار "الصهيوني"، هل كتلة اليمين وكتلة اليسار؟ انه تضليل تقريبا. فقد كان عندنا في السنين الاخيرة كل شيء من كل شيء، حكومات "يسار" و"مركز" و"يمين" – فما الذي تغير بالضبط؟ فقد أنشب هؤلاء واولئك الحروب، وتحدث هؤلاء واولئك عن دولتين، ولم يفعل لا هؤلاء ولا اولئك شيئا للدفع بهما الى الأمام. سيصعب عليكم ان تجدوا الفروق حتى بالمجهر. لن يتحدث نتنياهو عن السلام وستتحدث لفني، بل انها قد تجتمع مع محمود عباس – فما معنى ذلك؟ وسيُخيف نتنياهو ويتحدث آخرون عن أمل، لكن الواقع في أساسه لن يتغير. صحيح ان الفروق أكثر وضوحا في الاقتصاد والمجتمع والحفاظ على الديمقراطية، لكن الموضوع السياسي الذي هو شأن اخلاقي أعلى في اسرائيل، يغطي كل شيء مثل سحابة قاتمة – وقد انطمست الفروق فيه منذ زمن.

        لن تكون المفاجآت (الصاخبة) للاسابيع القريبة كذلك حقا حتى لو وسمتها وسائل الاعلام بهذه السمة. "تأهب" في الليكود، و"توتر" في العمل، و"غضب" في اليمين، و"خيبة أمل" في اليسار. لكن أكثر الاسرائيليين لن يتأهبوا ولن يغضبوا ولن تخيب آمالهم فالسياسة الاسرائيلية عندهم ليست أكثر من حقيبة أكاذيب. وهم في هذه المرة على حق في تشخيصهم.