خبر لم تكن مفاجأة- يديعوت

الساعة 11:11 ص|24 سبتمبر 2012

بقلم: زئيف تساحور

في هذه الايام الفظيعة تُعاودنا الذكرى المُرة لحرب يوم الغفران وتضرب من كان هناك. في السنة التاسعة والثلاثين بعد الحرب جعلتنا الرقابة نحظى بالنظر الخاطف لمحاضر جلسات لجنة اغرينات. وتنحصر الشهادات التي كُشف عنها في المفاجأة الكبرى وهي كيف خدعتنا مصر وكيف لم نستعمل "الخبر الذهبي" لجاسوس أبلغنا عن موعد الهجوم القريب.

تقول محاضر الجلسات ان الكارثة وقعت علينا بسبب غفوة رئيس الموساد وبسبب حماقة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وبسبب موظفين خشوا تنبيه رئيسة الحكومة من نومها. ولولا أخطاؤهم البائسة لما كانت مفاجأة ولكان كل شيء مختلفا. وقد نجحت لجنة اغرينات التي كانت لجنة سياسية عينها ساسة ليصرفوا النيران عنهم الى المستوى العسكري، نجحت في حرف الخطاب العام من الشيء الأساسي الى الشيء الهامشي. فعلى أثرها أصبحت دروس الكارثة محصورة في نوع الردع لا في وضع الجيش، وفي أخطاء الجنرالات لا في اخفاق الساسة.

نُذكركم بأنه بحسب التحقيقات التي تمت بعد الحرب في قسم التاريخ في هيئة القيادة العامة، ربما لو أن "الخبر الذهبي" وصل قبل ذلك بيوم لتغير الوضع لكن الى اسوأ لأننا كنا سنستعمل آنذاك خطة الصد ونُقدم عشرات الدبابات الى القناة وكانت هذه الدبابات سيُبيدها المصريون الذين كمنوا لها. فمن حسن حظنا ان هذه الدبابات لم تُصب في مرحلة الصد وأصبح لها دور حاسم في النصر في مرحلة الهجوم. وعلى كل حال فان قصة الحرب المريرة لا تكمن في المفاجأة التكتيكية لأن مصدرها العمى الاستراتيجي.

يُمكّن النظر في محاضر جلسات لجنة اغرينات من نظر الى ما وراء أستار سلوك اولئك الذين وُضع مصيرنا في أيديهم، فنرى ترتيبات نقل الأنباء بين الجيش والحكومة، والعلاقات بين المستوى المختص والمستوى السياسي، والحسابات الشخصية في القيادة العليا – لكن أهمية هذه المعلومات هامشية. ان الامور التجميلية تُماس التاريخ دائما بل تكون احيانا أكثر اثارة للاهتمام منه، ومن المؤسف أنها هي التي تُنقش في الذاكرة. ولا يجوز ان يحدث هذا بالنسبة لمكانة حرب يوم الغفران في وعينا اليوم. ليست المفاجأة هي التي ضربتنا بل القيادة السياسية هي التي أحدثت الكارثة. في كتاب صدر في الفترة الاخيرة عنوانه "1973 – الطريق الى الحرب" يتحدث الدكتور يغئال كيبنس عن ان كيسنجر حذر الحكومة قبل الحرب ببضعة أشهر من أنها اذا رفضت اقتراح سلام رئيس مصر السادات فان مصر ستبدأ حربا. ولم يكن هذا التحذير جديدا فقد نُقل اقتراح السادات للسلام الى اسرائيل في 1971 على يد وزير الخارجية الامريكي روجرز الذي ألح على غولدا مئير ان تجيب بنعم. وحينما فشل جند بن غوريون وأرادوا ان يستعملوا تأثيره عليها. وحذر بن غوريون غولدا من ان رفض اقتراح السادات سيترك له امكانية واحدة هي الحرب. ورفضت غولدا الاقتراح.

كانت الكتابة على الحائط وقرأها وأشار اليها وسيط الامم المتحدة يارينغ، ووزيرا الخارجية الامريكيان روجرز وكيسنجر، وبن غوريون وكثيرون منا ايضا. لكن تصريح ديان "شرم الشيخ من غير سلام أفضل من سلام من غير شرم الشيخ" غطى على الكتابة على الحائط. وسبّب الصلف أن كانت مستودعات طواريء الجيش الاسرائيلي فارغة وأن الجيش حصر عنايته في السيطرة على المناطق المحتلة ولم يُعد للحرب. ان النشوة أعمت عيون غولدا وديان. ان كارثة حرب يوم الغفران لا تكمن في سلسلة الأخطاء التي أحدثت المفاجأة لأنه لم تكن مفاجأة ألبتة.