خبر لم يعد « ماما » الوطنية- يديعوت

الساعة 10:16 ص|16 سبتمبر 2012

لم يعد "ماما" الوطنية- يديعوت

مقابلة مع مؤسس ورئيس حزب "يوجد مستقبل" (يش عتيد)

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: مقابلة مع مؤسس ورئيس حزب "يوجد مستقبل" يئير لبيد يتحدث فيها عن احتمالات فوزه في المعركة الانتخابية القادمة وقدرته على تغيير الواقع الاسرائيلي – المصدر).

كنت حبيب الجمهور، ماما الوطنية، قلت.

قال لبيد: لم أعد كذلك، وعلمت أنني سأكف عن كوني كذلك في اللحظة التي دخلت فيها الحياة السياسية. هذا لا يخيفني. فأنا أعلم أنه بمعنى ما اذا أحب الجميع ما تقوله فانك سياسي سيء جدا وزعيم غير جيد، وعملي ان أقود اشياء حتى لو لم تعجب الناس. وقد تخليت عن مسألة "المامي" بسهولة كبيرة.

قلت: ربما تشعر بأنك تخليت عن المامي، لكن ليس هذا ما يعتقده كثيرون من اولئك الذين يأتون للاستماع اليك، فأنت عندهم "مامي".

قال لبيد: "يوجد عنصر عاطفي قوي في هذا الامر كله. ان الناس يريدون ان يصوتوا لشخص ما يحبونه ويُجلونه ويشعرون بصلة به. فالسياسة ليست مهنة باردة بل هي مهنة حارة".

قلت: هناك ساسة يكرهون لمس ناخبيهم وأن يتصببوا عرقا معهم وأن يُقبلوا أولادهم وان يتبادلوا التربيت معهم. وحينما يعودون الى بيوتهم من مناسبة سياسية يُسرعون الى الاستحمام. وهناك آخرون يحبون الاحتكاك بالناخب كثيرا. فكيف أنت، هل تحب اللمس؟.

قال: "اجل، جدا. ان هذا الجزء كله من السياسة الذي فيه احتضان وقُبل ومصافحة يلذ لي كثيرا، فأنا من أصل هنغاري من الطرفين. والهنغاريون أقوياء جدا بالقُبل. حينما جاءوا الى البلاد اضطروا الى الانخفاض من سبع قُبل الى ثلاث".

قلت: ان المقارنة الملحة هي بينك وبين أبيك. فقد تميزت حياة أبيك يوسف لبيد السياسية بشجارات شخصية. فقد عرف كيف يكون لاذعا وشريرا ايضا. والسؤال هو هل فيك ما يكفي من الشرارة واللذع كي تنجح كما نجح؟ وهل جلدك ثخين بقدر كافٍ؟.

قال: "أريد قبل كل شيء ان أدافع عن أبي ووالدي. لم تكن فيه شرارة. فقد كان صارما ولاذعا لا شريرا. وأنا أعتقد أن انسانا يشهد أبناؤه عليه بعد موته أنه كان أبا جيدا جدا، يُعتد بشهادتهم. ويجب ان تكون لمصلحته. لست فظا، فالفظاظة تبدو لي من الفضول. وليس عندي هذا الميل. ولا يغير هذا حقيقة أنه ليست لي أية مشكلة مع المواجهات، ومن الصعب جدا ردعي أو إخافتي".

قلت: ربما يُحتاج في السياسة الاسرائيلية الى نوع من الشدة التي لم تميزك إذ كنت صحفيا.

قال: "أنا انسان مهذب. وهذا في اسرائيل يعتبر ضعفا، لكنني أرفض ان أنظر اليه باعتباره ضعفا. فأنا أعتقد أن اقامة علاقات مهذبة جيدة مع الخلْق حتى مع اولئك الذين يعارضونك، هو قوة. وحينما أرى كيف يقف اعضاء الكنيست ويصرخون من فوق المنبر أرى أنهم يُظهرون الضعف لا القوة.

"أعتقد أن الناس يفهمون هذا عني رويدا رويدا. فهم يفهمون ان هذا جزء مما نحتاج اليه باعتبارنا مجتمعا. فنحن لا يُحسن بعضنا الى بعض وسيطرت علينا ثقافة تصفح الانترنت القبيحة بحيث يحل ان تقول معها كل شيء. وبرعاية الصراحة التي كانت قديما أصبحنا مجتمعا عنيفا. هناك صلة بين وجود عضوتي كنيست تضرب بعضهما بعضا فوق المنصة وبين اولاد سُكارى من الفودكا يطعنون في بئر السبع أباً يُنبههم. هذه ثقافة عنف. وأنا أرى أنه يجب كي أستطيع الوقوف من وراء عبارة "سياسة جديدة" أن أناضل وأن أقول للناس انه يمكن عدم الاتفاق بطريقة حضارية وإن هذا لا يعتبر ضعفا".

قلت: قالت أمك إنك قمت بعمل شجاع باتجاهك الى السياسة. هل تشعر بأنك ضحيت من اجل الأمة؟.

قال: "ضحيت بحياة مريحة جدا. وتخليت عن موقع تأثير تمتع بأشياء يعرف الصحفيون تقديرها وهي الحق في ان تُسمع صوتك من غير ان تضطر الى تحمل مسؤولية. يشعر كل صحفي قديم وكلانا صحفي قديم بهذا الشيء احيانا – فنحن نقول ما هو الصحيح وما هو غير الصحيح من غير ان يلزمنا البرهان على ذلك. ضحيت اذا بحياة مريحة وبالكثرة شبه المطلقة من ايراداتي. وقد كان لي موقع مدلل في الاعلام الاسرائيلي. لكنني أستطيع ان أقول بعد ذلك بثمانية اشهر من المكان الشخصي ان هذا الامر يستحق ذلك، فهذه حياة مع معنى وهذا ذو مردود قوي وذو قوة.

"غاب جيل كامل في اسرائيل عن السياسة وهذه مشكلة. فهي قبيحة في نظرنا ومؤلفة من مجموعة ناس غير ظريفين يتجولون ويقولون كلاما غير ظريف ويلعبون لعبة لا تتضح قوانينها إلا لهم. ويبتعد ناس نزيهين وأسوياء العقل عن السياسة. وهذا سيء جدا لأن السياسة ليست هي اللعبة السياسية فقط. يجب ان نتذكر أنها في النهاية ايضا مستوى التربية الذي يحصل عليه أبناؤنا ومسألة أي علاج طبي ستتلقاه جدتي.

"يفهم الساسة الاسرائيليون ان طريقة البروز هي ان يلعبوا اللعبة الشخصية، وان يشغلوا أنفسهم بالنميمة أكثر من ان يشغلوها بالجوهر، وان يتحدثوا عما سيأسر العين في الغد. هناك تسطيح للنقاش العام. وهو يشتغلون من غير ان يفكروا. خُذ الشهر الأخير الذي أصبح فيه النقاش في قانون طال – الذي هو نقاش في مستقبل الدولة – ثرثرة سياسية من أدنى نوع. تحدثنا فيمن ربح وفيمن خسر. ومن خرج ومن بقي، ومن جمع نقاطا ومن لم يجمع، ولم يرفع أحد رأسه ليقول ان أكثر من 50 في المائة من طلاب الصفوف الاولى هذا العام هم في التربية الحريدية أو العربية، واذا لم نفعل شيئا في هذا الشأن فلن يُجند بعد 12 سنة أكثر من 50 في المائة من أبناء الثامنة عشرة ولن يخدموا خدمة مدنية ولن يكون جزء كبير منهم في سوق العمل كما نفهمها. هذا هو المهم".

واحد في الفم وواحد في صندوق الاقتراع

سألته: ما الذي تعلمته من موجة احتجاج صيف 2011، وما الذي تعلمته عن الاسرائيليين وما الذي تعلمته عن السياسة.

قال لبيد: "تبين لي أمران. الاول ان الاسرائيليين يشبه بعضهم بعضا أكثر مما اعتدنا الاعتقاد. فلا فرق حقيقيا بين الحوار في تل ابيب أو اوفكيم أو القدس أو كريات شمونة. وهم أكثر اهتماما بالجوهر من اهتمامهم بالاعلام. وهم يقولون أنا أسكن بيتا وحول بيتي توجد مدرسة وعيادة ومحطة نقل عام. وهذا ما يشغلني. فتعالوا نتحدث عن هذا. وهم ذوو علم ومبالاة وهم يائسون شيئا ما. وهناك بُعد شبه يائس بينهم وبين الجهاز السياسي. فنحن الدولة الوحيدة في العالم التي يشعر فيها أكثر المواطنين بأنهم أقلية".

قلت: جملة جميلة لكنني لست على يقين من أنها صحيحة.

"يقولون ويعدوننا بشيء ما ثم يتبين ان أحد القطاعات قفز تحت الطاولة وأمسك بالكرة قبلنا، فهم من جهة يائسون من هذا وهم من جهة ثانية يتمسكون بكل اقتراح أمل".

قلت: في رحلاتي في مدى عدة معارك انتخابات تبينت لي ظاهرة مختلفة. فالذي يقوله الناس لا يشهد بالضرورة على ما سيصوتونه في صناديق الاقتراع. فالناس يرونك ممثلا للمؤسسة وجزءا من الحلقة الاجتماعية التي تتخذ القرارات. وهم يبسطون أمامك مشكلاتهم. وبعد ذلك يتجهون الى صناديق الاقتراع ويصوتون لا بحسب حاجاتهم بل بحسب اعتقادهم.

أجاب: "هذا صحيح في حالات كثيرة، وغير صحيح في حالات كثيرة. بحسب نظريتك يفترض ان يصوتوا آخر الامر دائما لليكود. ولو كان هذا صحيحا لما انخفض الليكود في 2006 الى 12 نائبا".

قلت: قال كديما كلاما كثيرا تطمح أنت ايضا اليه. فلماذا تعتقد أنك ستنجح في المكان الذي فشل فيه كديما؟.

قال: "كانت لكديما مشكلة في التكوين البشري. فهو حزب أُسس بصفة قسم مع شارون مع مجده ولم يكن شيئا خُطط لانشائه سنين كثيرة. فقد جمعوا كثيرا من اعضاء الكنيست من اجل الحصول على تمويل احزاب".

لم يكن تابعا لشارون فقط. كانت الفكرة ان كديما سيحيا الى الأبد حزبا يكون في المركز دائما وفي الحكم دائما، وكانت الفكرة أنه سيحطم الى الأبد القسمة بين يمين ويسار.

قال لبيد: "تبين أنه توجد مشكلة في انشاء حزب ديغولي من غير ديغول. نحن اليوم في الحقيقة حزب المركز الوحيد. فبعد كل اخفاق الائتلاف الكبير لنتنياهو حدث وضوح، فميرتس والعمل هما اليسار الاشتراكي، والليكود الذي ابتلع أو سيبتلع كديما هو اليمين، وكل المركز خالٍ. ماذا يقول المركز؟ اذا استثنينا مجموع القيم الأساسية للصهيونية وحب اسرائيل، فان السياسة لا يجب ان تكون مطلقة سلفا وان يُقال ان الاشتراكية وحدها على حق أو الرأسمالية وحدها على حق. لأننا ندرك ان الاقتصاد والمجتمع والسياسة يجب ان تكون نتاج المورثات الجينية للدولة التي تحدث فيها. ويقول حزب المركز إننا سنفحص عن الامور وسنرى ما هو الأفضل لدولة اسرائيل. أنت تحتاج بالطبع الى مجموعة قيم أولية تقف من ورائها".

قلت: ان ما تقوله هو ان الناخب يشتري هراً في كيس.

قال لبيد: "لا على الاطلاق، فالمركز ليس أقل التزاما وهو يلتزم بدولة تهتم بمواطنيها وهي صهيونية. فهو مركز اسرائيلي لا نرويجي. وهو حزب يشغل نفسه بالفرد ويمثل من جهة اخرى اعتقادات تتعلق بحقوق المواطن وواجباته. نحن نحيا اليوم في جو تعدد ثقافي للمواطنين فيه من الحقوق أكثر مما عليهم من الواجبات. وأحد أدوار حزب المركز ان يُذكرهم بأنه ليس كل من نجح في ان يجر المائدة اليه يجب ان يحصل على كل شيء فورا. ان المركز يُتيح مجال مداورة. والجدل الاقتصادي في اسرائيل لاهوتي أكثر من ان يكون عمليا. فشلت الرأسمالية، تقول احزاب اليسار، وليس هناك سوى الاشتراكية. فيقول اليمين: ماذا دهاكم، لا شيء سوى الرأسمالية. ان نتنياهو رأسمالي متدين. وأنا أقول ان ساعة الحضور في شركات الهاي تيك فكرة غير جيدة لأن هذا يعمل ضد قاعدة سوق الهاي تيك، ومن جهة ثانية فان المعلمين التابعين لمقاولين مأساة وطنية ولا يجوز ان ندع هذا يحدث. أنا أفحص عن الامور بالنسبة للمورثات الجينية للدولة".

قلت: آمن أبوك بالرأسمالية ايمانا قويا.

قال لبيد: "لست أنا هناك".

قلت: أنت معني جدا بأصوات الشباب. والشباب يعيشون اليوم في عدم أمن اقتصادي وهو شيء لم تعرفه. ان البحث عن عمل هو جزء مركزي جدا في حياتهم وكذلك ايضا الخوف من فقدان العمل. وهم مذعورون جدا من التفكير في ألا يصلوا الى مستوى حياة آبائهم ورفاهتها.

لم يوافقني لبيد على رأيي وقال: "انهم يريدون حياة تختلف عن حياة آبائهم. وهم ينظرون اليهم ويفكرون بأن الجري الدائم وراء المال لم يجعل جيل الآباء سعيدا. وهم يبحثون عن طريقة للعيش والارتزاق ايضا. وأنا أعتقد أنهم أكثر قلقا لكنهم أكثر وعيا ايضا. على سبيل المثال يحتاج الاسرائيلي الى 127 أجرة شهرية كي يشتري شقة في مقابل 31 أجرة شهرية في بريطانيا. وهذا عدم أمن اقتصادي. لكنهم يرون في نفس الوقت أنه يوجد ناس تشبه أعمارُهم أعمارَهم لهم شقق لأنه يوجد حزب رتب لهم شققا.

"استنتاجات لجنة تريختنبرغ، كان المعيار المركزي للمساعدة على السكن هو استنفاد القدرة على الارتزاق أو بعبارة اخرى العمل. وآنذاك وصلت التوصيات الى مائدة اريئيل اتياس الذي طرح هذا المعيار وأدخل معيارا غير موجود في أي مكان في العالم وهو أقدمية الزواج. لأن جمهوره يتزوج وهو الأصغر سناً. ان الشباب اذا ينظرون ويقولون انه لن يكون لي عدل فوق أنه لن تكون لي شقة.

"لا أريد ان يُفهم عني أني معاد للحريديين، فالحريديون الشباب ايضا يحتاجون الى السكن في مكان ما، لكن حينما يتبين لشاب خدم في الجيش وتعلم مهنة وبدأ طريقه في سوق العمل ويدفع الضرائب انه أصبح الأخير في صف الانتظار بسبب هذه الامور لا يمكن سوى ان يمتليء غضبا ويأسا، ويمكن ان أكرر هذا المثال في ثلاثين مجال حياة آخر".

سألته: ألا تخشى ان تصبح رافع راية كراهية الحريديين.

"لا وسأعتقد ان لشاس مصلحة واضحة في تصويري كذلك، وإلا فليس عندهم ما يمضون معه للانتخابات. ولن أدع هذا يحدث لأنني ببساطة لست ضد الحريديين. ذهبت الى المعاهد الحريدية للحديث معهم ونالني غير قليل من النيران، منك ايضا لأنني اقترحت منحهم خمس سنوات اعفاء من الخدمة كي يندمجوا في سوق العمل قبل ان يُطبق نموذج خدمة عسكرية متساوية على الجميع.

"لا نستطيع ان نطلب منهم ان يندمجوا في سوق العمل وألا نُلزم أنفسنا بصدق وعدل بمحاولة مساعدتهم. هناك جيل كامل من الشباب الحريديين يعيشون تحت نعل العاملين ويأملون ان تساعدهم دولة اسرائيل على التخلص من الفقر المدقع الذي يعيشون فيه. وأنا أقرب الى التراث مما كان أبي ايضا".

الشأن الايراني

قلت: خطبت في المدة الاخيرة معترضا على الهجوم على ايران. ويثير هذا عدة اسئلة أحدها: ما الذي يؤهلك لابداء رأي في هذا الشأن؛ والثاني كم يعنيك هذا حقا؛ والثالث الى أي حد يجعلك الانتقال عن موضوعات من المجال المدني الى موضوعات أمنية، غير ذي صلة.

فأجاب: "تلقيت توجيهات في الشأن الايراني من ناس كثيرين. فقد كان عدد من ناسنا ضباطا كبارا. جلست اليهم. وأنا أُكثر من مشاورة ناس هذه مهنتهم لأن السياسي ذا المسؤولية يجب ان يسلك هذا السلوك في رأيي، أي ان يجلس الى ذوي الاختصاص وان يقوم بعمل مقر قيادة منظم وان يصوغ موقفا. ان نتنياهو يقوم بعمل مقر قيادة منظم ويتجاهل عمل هذا المقر، وهذا جزء من مشكلته. قبل أكثر من اربعين سنة كان نتنياهو جنديا أفضل كثيرا مما كنت، فماذا يهم هذا اليوم".

قلت: جمع سنين من التجربة.

قال لبيد: "لن نُدخل بحسب هذا التصور أبدا ناسا جددا الى القيادة. نحن الدولة الوحيدة في العالم التي اذا فشلتَ فيها مرات كافية يُعد ذلك لكَ تجربة ناجحة. أنا أعرف كيف أقوم بعمل مقر قيادة. فكل انشاء "يوجد مستقبل" هو نتيجة عمل مقر قيادة منظم. وأنا أنطلق دائما من نقطة الصفر وهي أنني لا أفهم وابدأ التعلم.

"فيما يتعلق بسؤالك، علمت أنه سيكون في برنامج العمل تحرك دائم بين المدني والأمني. ولم يخب أملي لأنه تغير برنامج العمل لأن عندي ما أقوله ايضا في الشؤون الاخرى ومنها ايران. أنتَ تريد قرب المائدة ناسا أسوياء ونزيهين بقدر لا يقل عن رغبتك بوجود ناس كهؤلاء قرب المائدة الاقتصادية والاجتماعية. وتريد ناسا ينظرون الى الواقع ويتخذون قرارات مع الاصغاء للمستويات المختصة.

"في الشأن الايراني يتجاهلون المستوى المختص وهذا عدم مسؤولية. ان الهجوم فكرة سيئة جدا. وأنا أعتقد انه يجب علينا العمل في هذا الشأن صدورا عما يُسميه عاموس يادلين منحدرا خلفيا، لكن نتنياهو اختار ان يُمسك الناس من أعناقهم وان يُخيفهم بأنه اذا لم تحدث عملية فورا فـ ...".

قلت: فـ سيكون اوشفيتس.

قال لبيد: "بالضبط. فقد تحول النقاش في التهديد الايراني ليصبح غير عقلاني. ماذا يعني ان تفعل اسرائيل ما تريد؟ ان الطائرة التي سترسلها الى ايران امريكية، والقذيفة امريكية وحاملة الطائرات امريكية وكذلك القمر الصناعي. ولهذا ايضا ثمن اقتصادي. فالاجانب لا يستثمرون في دولة يعلن رئيس وزرائها أنها ستحترق بعد قليل".

سألته: هل يقلقك ما يحدث في المناطق.

قال: "المأساة الكبرى هي ان كل انسان طبيعي يعلم كيف سينتهي الصراع – فنحن سننسحب من المناطق وستبقى الكتل الاستيطانية. وقد سمى شارون هذا تنازلات مؤلمة وعلمنا جميعا ما الذي تحدث عنه، وسماه اولمرت انطواءا وقال نتنياهو الذي هو رئيس وزراء مع ائتلاف يميني في المؤتمر وفي خطبة بار ايلان: دولتان للشعبين.

"كان يجب على حكومة ذات مسؤولية ان يمر أقل قدر من الوقت وان يموت أقل عدد من الناس. وبدل ذلك وتحت شعار لا يوجد شريك الغامض، تتهرب الحكومة من الحاجة الى محاولة حل الصراع. أخذوا المشكلة الأكثر تعقيدا والأكثر نزفا والأكثر تفجرا في حياتنا وقالوا نحن نخاف كثيرا من الكين وفايغلين بحيث نفضل ان نطرحها على رؤوس أبنائنا. وهذا عدم مسؤولية.

"يجب علينا التوصل الى صيغة مرحلية. لن نتجه مرة اخرى الى تجميد الاستيطان لأن الفلسطينيين استغلوا ذلك استغلالا سيئا، لكن لن نبني مستوطنات جديدة. وسنعود الى مائدة التفاوض ونجلس هناك الى أن ينضج الطرفان وقد يحتاج ذلك الى سنة أو الى خمس أو الى عشرين".

سألته: أهذا ما قلته للاسرائيليين الذين انتقلوا ليسكنوا هناك.

"كنت في اريئيل وفي أورانيت وقلت لهم نفس الكلام"، قال. "قلت في اريئيل: لم يأت أبي من الغيتو كي يعيش في دولة ثنائية القومية بل جاء ليعيش في دولة يهودية".

قلت: ربما تسلك سلوك النعامة. فالثمن السياسي لحل الدولتين باهظ جدا على الساسة من الطرفين، وفي الاثناء يتغير الواقع على الارض.

قال: "لا تغضب اذا اتهمتك بالاستخذاء. فقد فقدتَ الايمان بقدرة الدولة على ان تؤدي عملها مثل دولة.

"لا نريد ان نُجلي 360 ألف مستوطن، وسيكون الاجلاء آخر الامر لـ 70 – 80 ألف نسمة. أنا جئت من بيت المعسكر الوطني وهذا فظيع من جهة شعورية بالنسبة لي، لكن لن يكون لنا مناص. وستعرف الدولة كيف تمسك بشعرها وتُخلص نفسها.

"ان احدى جرائم اليسار هي انه لم ينتظر المُجلين من غوش قطيف وهو يحمل اللحف وأطباق المرق والدموع في العيون. ان الشماتة بناس خربت حياتهم أحدثت ضررا عظيما بكل من يعتقد ان الحل الضروري سيكون الانفصال عن الفلسطينيين. كان يجب علينا ان نقنعهم بأن هذا مؤلم لنا ايضا، وبالعناية بهم ايضا. وهذا يؤلمني حقا".

جزء من كل حكومة

سألته: ما هي فكرتك عن بنيامين نتنياهو.

قال: "أعتقد انه رئيس وزراء غير جيد، لكن لا في كل شيء. فأنا لا أحب معارضته الآلية فهي سطحية. كان قد قام بعمل جيد جدا حتى آخر جولة بأن وضع ايران على المائدة؛ ومن الصحيح القول ايضا انه قام باجراءات صحيحة من جهة اقتصادية قبل ثلاث سنين قبل ان يخشى شركاءه في الائتلاف.

"أعتقد ان المشكلة عند حكومته وعنده أنه بدل ان يكتب قوانين اللعبة يستسلم لقوانين اللعبة. وهو يحيا بين شركاء يبتزونه ويستسلم لهم بلا توقف. وعنده وزير خارجية يُدبر سياسة خارجية خاصة به، ووزير اسكان يُدبر سياسة اسكان خاصة به، ووزير داخلية يُدبر سياسة خاصة به، وليس واضحا هل يُدبر هو سياسة اسرائيل الامنية أم يُدبرها وزير الدفاع. عُدنا الى تصور عاموس عوز الذي يثير الكآبة في الولاية السابقة وهو أن نتنياهو يشبه مشاغبا ينقر نافذتنا من الخارج. فهو يُحدث ضجيجا يوميا في حياتنا لأنه لا يوجد هناك سكينة وهدوء نفس".

قلت: هل يفرحك ان تصبح وزير التربية في حكومته.

"أحاول ان أفهم كيف ولدت هذه القصة ولا أنجح. أُقدر ان تكون الانتخابات في شباط – آذار وأعتقد ان نتنياهو أكثر قابلية للاصابة مما يبدو للناس. لم يُنقش في أي حجر أنه سيكون رئيس الوزراء القادم ولن أدخل تفاوضا افتراضيا قبل انتخابات لا يعلم أحد ماذا ستكون نتائجها. فليس هذا حكيما ولا مسؤولا".

قلت: لا أطلب تنبؤاً. سألتك ما الذي تعتقده اليوم. هل اخطأت تسيبي لفني في رأيك حينما لم تنضم لهذه الحكومة؟

قال: "أعتقد ان ذلك كان خطأ بيقين. فلا يستطيع حزب مركز مع 28 نائبا ان يقرر ان تكون سياسته شعورا بالمرارة.

"لم آتِ الى السياسة بغرض ان أجلس في المعارضة. فأنا أريد ان اؤثر في برنامج عمل الحكومة. وهذا ما يجب ان تفعله احزاب المركز، أعني ان تدخل الحكومة وتؤثر. واذا كان عندك عدد كاف من النواب فتستطيع ان تحدد أكبر قدر من برنامج عمل الحكومة. هذا هو الطموح".

سألته: عن أي حكومة تتحدث أعن حكومة بلا حريديين؟ أم بلا يمين؟ أم بلا يسار؟ اتجه شارون مع أبيك الى حكومة بلا حريديين، لكن نتنياهو ليس شارون.

قال لبيد: "من المؤكد أني اؤمن بأنه قد يوجد ائتلاف مع برنامج عمل رسمي. لم تكن عندنا حكومة كهذه وقتا طويلا جدا. ومع ذلك لست أعلن سلفا أنني أستعمل القطيعة، فالقطيعة هي شيء يستعمله الحريديون. اذا اعترفت شاس ويهدوت هتوراة بأنه يجب عليهما ان يغيرا قواعد اللعب فسيكون من الممكن العمل معهما. ان أحد الاشياء السيئة التي حدثت عندنا هو ان سيطرت علينا ثقافة كاملة لناس يقولون ان ذلك لن يحدث أبدا. فحينما تقول شيئا كهذا تستطيع ان تكون على ثقة بأنه لن يحدث شيء".

لنفترض أنك عضو في المجلس الوزاري المصغر وجاءتك مكالمة هاتفية في الساعة الثالثة صباحا عن عملية عسكرية كبيرة. والطائرات تسخن المحركات ويجب اتخاذ قرار. أأنت مؤهل لذلك؟

قال: "فكرت في هذا تفكيرا غير قليل قبل ان أقرر الاتجاه الى السياسة. وسألت نفسي هل استطيع ان أكون في مواقع يأمرون فيها بعملية تعرض البشر للخطر أو ان أتخذ قرارا يمكن ان يؤثر في قدرة الناس على اطعام اولادهم. أعتقد أنني استطيع ان أكون هناك ويجب ان أكون هناك. فأنا أعرف اتخاذ القرار. وأنا أستمع لناس كثيرين وأستمع دائما لرأيين متناقضين. وأنا مستعد لأن يقولوا لي انني مخطيء لكنني أعلم آخر الامر كيف أتخذ قرارا، لا يمكن ان أفعل ما فعلته لو لم أكن أعرف اتخاذ القرار".

سألته: هل تشاور اهود اولمرت.

قال: "كان اهود اولمرت معي في أصعب محطات حياتي، حينما قُتلت أختي واحتضر أبي. لن أُضر به لا بكلمة ولا بجملة. فهو صديق العائلة وهو ليس مستشاري ولا المتوكل عليّ".

قلت: استقر رأيك على ألا تأخذ ساسة الى قائمتك.

قال: "أنا لا أرفض الجميع. ان ما أقوله هو ان نفس الناس يتجولون هنا منذ سنين. أنت ترى الكين في الليكود وتتذكر انه كان قبل ذلك في كديما؛ وترى داليا ايتسيك في كديما وتتذكر أنها كانت قبل ذلك في العمل. ان السياسة الاسرائيلية تحتاج الى نقل دم عاجل.

"لست أقارن نفسي باوباما الذي كان سناتورا جديدا أو بـ كامرون الذي كان قبل بضع سنين رجل علاقات عامة. لكنني أطالب بأن يوجد ناس جدد وطاقة جديدة وقواعد لعب جديدة. فالسياسة في اسرائيل تعفنت. ولا يستطيع انقاذها من العفن سوى ناس جدد".

قلت: تميل الاحزاب الجديدة غير الجذرية الى التحطم.

قال: "اجل. انتبهت الى أن احزاب المركز في اسرائيل تتجه الى السقوط وقد سقط أحدها عندي في البيت في الصالون. وان جزءا كبيرا من اشتغالي هو بهذا. أنا أقول للناس ان انتخابي هو المرحلة الاولى فقط. وأهم شيء هو بناء شيء ما يصمد في الأمد البعيد. لا نريد ان نؤول الى ما آل اليه شينوي أو كديما.

"ويوجد شيء آخر. صحيح ان شينوي تحطم لكنه قبل ذلك صنع اشياء كثيرة جيدة فقد مكّن من انشاء حكومة بلا حريديين، ووقف ثقافة المخصصات قبل ان تجرنا بلحظة الى ان نصبح مثل الارجنتين، وأغلق وزارة الأديان وضمن أكثرية للانفصال، ولا يهم ما تعتقده في ذلك. وآنذاك فشل الامر وأصبحت عصا الرسل هذه موضوعة الآن على الارض وعملنا هو ان نرفعها ونستمر في السير لأن دولة اسرائيل ليست مشروعا يوجد عليه تاريخ نهاية".