خبر دون آثار تقريبا إذن من حقا سمم عرفات؟.. هآرتس

الساعة 08:47 ص|31 أغسطس 2012

بني تسيفر

(المضمون: أنا نفسي، لعلمكم، مت منذ زمن بعيد، من انكسار القلب، بسبب الموت غير العادل قبل الاوان، لقيصرنا المحبوب، ميسو ياسر نابليون بونابرت، الله يحفظ روحه - المصدر).

هل حقا لم يمت عرفات موتا طبيعيا، بل سمم بمادة اشعاعية من نوع بولونيوم 210، الزعم الذي يفحصه الان الادعاء العام في فرنسا، بعد نحو ثماني سنوات من وفاته؟ الكسندر ديما ما كان يمكنه أن يفكر بموضوع أفضل لرواية. أولم يكتب هو في "الملكة مارغو" عن تسميم بالدهون السامة صفحات كتاب يرسل الى مان داهو لقتله ويسقط بالخطأ في يد شخص آخر؟ ونابليون! منذ مائتي سنة لا يكفون عن التحقيق في الشبهات بانهم سمموه بالزرنيخ والمرة تلو الاخرى تنشر مكتشفات جديدة عن ذلك.

بودي أن أقول: لا يوجد شيء فرنسي أكثر، غامض عجيب باريسي أكثر، من هذا التعمق بلا حدود في التحقيقات في تسميم شخصيات تاريخية. واذا تبين الان بانه سممت عرفات عميلة موساد شقراء تخفت في زي ممرضة رحيمة وحقنته بذلك البولونيوم تحت غطاء المادة لزيادة القدرة الجنسية، فإن الخيال التاريخي سيحتفل بأضعاف.

إذ هذا ما يجب أن نعرفه: لا شيء فرنسيا أكثر من فتح تحقيق متأخر في مسائل ضائعة مسبقا أو هزيلة من النوع الذي يسمونه "قضايا ضائعة" causes perdues. مع جملة المسائل الضائعة هذه يمكن أن نحصل التحقيق الذي أجراه جهاز القضاء الفرنسي للاعلان بان قتل الشعب الارمني على ايدي الاتراك كان بالفعل! في البداية بدا الامر كاختراق شديد المعنى. ولكن إلى أين اخترق الطريق؟ الى اللا مكان باستثناء الى مزيد من تطرف تركيا في موقفها الرسمي. نكتة بائسة لا تقل عن ذلك هي محاكمة غايدماك، الذي عرفت في فرنسا كجزء من قضية "أنجولا غيت" حيث كان يفترض أن تنكشف مؤامرات رشوة دولية يمكنها أن تغذي مسلسلا روائيا طويلا. وكل شيء انتهى بهمسة، مع تبرئة أركادي غايدماك من التهم الموجهة له.

هيا نفترض أنه سيتبين بانه كانت مؤامرة للتخلص من عرفات العجوز بوسائل كيماوية، وقادت خيوط التحقيق الى اسرائيل والموساد سيء الصيت والسمعة. فريق من المحققين سيرسل الى هنا من النيابة العامة الفرنسية. عملهم لن يكون صعبا. برأيي سيسر مندوبو الموساد ان يجلبوا لهم على طبق، مباشرة الى كراسيهم المريحة على شاطيء نتنياهو او اسدود (الشاطئان اللذان يحبهما الفرنسيون) كل التفاصيل التي يريدونها. وذلك لانه في حالة الموساد اليوم، بعد قضية التصفية المحرجة لمحمود المبحوح في دبي، وقصص الاروقة الغريبة الاخرى التي تنكشف مؤخرا، سيسارعون جدا الى اصدار معلومات ايضا حتى عن عمليات ناجحة، حتى لو لم تقع على الاطلاق.

بمعنى، انه لا ينبغي الاستخفاف بالتقدير – الذي يطرح هنا في كشف حصري أول حقوقه محفوظة لي – بان سهى عرفات، الارملة ذات الشخصية الحزينة، هي في واقع الامر أجيرة للموساد الاسرائيلي! وبالفعل أنا أقول لكم، صدقوني! الموساد يدفع لها راتبا دائما كي تواصل البث في العالم لفكرة أن الموساد سمم زوجها. كل هذا كي يخرج أن الموساد نجح على الاقل في عملية تصفية واحدة بشكل نظيف ودون أن يبقي أثرا، أو تقريبا.

لا تصدقونني، أليس كذلك؟ وبالفعل إعلموا أني أنا أيضا يحاول الموساد تسميمي منذ سنين. واضح أيضا لماذا: لانه يعتقد بأني أعرض للخطر أمن الدولة بارائي التآمرية التي أعبر عنها في الملحق الادبي الذي أحرره. اذا كنتم لا تريدون، فلا تصدقوني. ولكن لمن يريد أن يسمع الحقيقة اقول فقط هذا، إن الموساد يبعث بشكل خاص أناسا يهاتفون رقمي الهاتفي النقال  في النهار وفي الليل، في مسائل مثل "متى ستنشر قصيدتي" أو "لماذا لم تنشر مقالي"، أو أيضا "ينقص التنقيط في الكلمة الثالثة، في السطر الثاني من البيت الرابع لقصيدتي"، وما شابه. هناك من يصر على ان يتلو علي قصيدته على الهاتف، مع التنقيط الاضافي. ولماذا؟ لانه كون جهاز الهاتف الخلوي يبث اشعاعا، وكلما تحدثت فيه أكثر، ازداد الاحتمال في أن أموت بذات الطريقة التي سمم فيها عرفات.

ولكنهم لن ينجحوا في مؤامرتهم. فأنا أجعل هذا صعبا عليهم، ها ها ها! إذ من يرد عليهم في الهاتف ليس أنا، بل مندوب الادعاء العام الفرنسي، الذي اُرسل بناء على طلب أرملتي للتحقيق في قضية التسميم الاشعاعي البطيء لي من قبل شعراء الموساد وكُتّابه.

أنا نفسي، لعلمكم، مت منذ زمن بعيد، من انكسار القلب، بسبب الموت غير العادل قبل الاوان، لقيصرنا المحبوب، ميسو ياسر نابليون بونابرت، الله يحفظ روحه.